بسم الله الرحمن الرحيم
القاء الضوء على معنى النفس في اللغة والاستعمال القراني :-
النفس لغويا لها أكثر من معنى، فهي تعني الروح كقولهم خرجت نفسه اي مات، أو الدم كقولهم سالت نفسه اي نزف دمه فمات، أو الجسد كقولهم جلد نفسه او نحر نفسه او عذب نفسا حتى الموت ، أو الحسد كقولهم اصابته نفس، ونفس الشيء بمعنى عينه وذاته كما في قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]. وقوله تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿١٨٥ آل عمران﴾ وقوله تعالىبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴿١ النساء﴾
وكذلك في قوله سبحانه (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴿٣٢ المائدة﴾ ومثله كثير في القران الكريم
.والنَّفْس بمعنى الأخ والاخوان، وشاهده قول الله تعالى: ﴿ فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ [النور: 61]. وجمع النفس: أنفُس ونفوس، أما النَّفَس، فهو خروج الهواء ودخوله من الأنف والفم، وجمعه أنفاس، وهو كالغِذاء للنَّفْس؛ لأن بانقطاعه تلفهاو بطلانَها ،وهذا وجه الصلة بينهما ، فلذلك جاء كل منهما بنفس الاحرف، واختلفا في التحريك، وهذا من عظمة لغة العرب لغة القران الكريم .
فهي من الالفاظ التي تستوعب عدة من المعاني ولاشك انها لها علاقة مترابطة فيما بينها . والنفس تطلق على كل كائن حي من الانس والجن والحيوان ....
ويهمنا هنا النفس الانسانية او البشرية التي تقوم مقام الذات، وهي التي جعلها القران موضع خطابه من حيث التغيير ومن حيث التكليف والثواب والعقاب والحساب، فهي ذات حلت بها نفس تحمل مفاهيم عقليةو عقائد فكرية وقيم سلوكية تحيا بها في هذه الدنيا وبموجبها يصطبغ سلوكها وعملها...فاما ان تكون نفسا مؤمنة زكية زكاها صاحبها وهذبها بمفاهيم وقيم الايمان وعقيدته فكرا وسلوكا ومضمونا واما ان تكون نفسا فاجرة آثمة اوقعها صاحبها باطلاق العنان لها لاتباع الشهوات والملذات والمعتقد والفكر الباطل والسلوك الرديء المشين ..
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }الشمس9)
وهذه هي النفس والذات المستهدفة بالحساب عقابا او ثوابا بناءََ على اعمالها ومفاهيمها وعقيدتها ..(الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿١٧ غافر﴾ .
وعلى هذا الاساس وضع الله تعالى للمؤمنين في كتابه المبين قاعدة تبين لهم سنة كونية واجتماعية عظيمة ، حيث بين لهم ان تغيير احوال البشر لا يكون الا بتغيير ما في الانفس من شهوات وافكار وقيم ومعتقدات فقال سبحانهإِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ )[الرعد:11] ومن هذا قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [الأنفال:53]. فالنفس تجمع بين العقلية والنفسية من ناحية، ومن ناحية اخرى الغرائز بدوافعها، والحاجات العضوية بشهواتها،وفيها تنغرز مفاهيم الايمان والاعتقاد وقيم الشر والخير، وبالتالي هي التي تسول للانسان فعل الخير او فعل السوء عند عمليات الاشباع ،حسب ما يتغلب فيها من فكر، فهي التي تتغلب بشهواتها واهوائها على مفاهيم وقيم الخير وهي التي تتغلب بمفاهيمها وقيمها على قيم الشر و واهواء وشهوات السوء ... وعليه فان النفس هي التي تحمل النفسية الايمانية او النفسية الفاجرة الآثمة بحسب ما يتغلب عليها من مفاهيم وقيم، وبحسب النفس ونفسيتها يكون السلوك والعمل المستوجب للتغيير من الاسوأ الى الاحسن او العكس ..
ولعظم امر النفس وضرورة ادراكها فإن القرآن يخاطب الإنسان في ذات نفسِه، باعتبار أن النفس هي القوة العاقلة المدركة فيه، والمحركة لافعاله وانفعالاته ،فيقول سبحانه: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 7، 8]. فالانفس البشرية مهيأة بالفطرة لاختيار هداها وايمانها، ام ضلالها وفجورها.
ويقول جل شأنهمبينا انواع وحالات الانفس في الحياة : ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].ويقول سبحانه: ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾ [يوسف: 53].ويقول: ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾ [يوسف: 18].
ويقول سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾[الطلاق: 1] .
ويقول سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6].
نسال الله تعالى ان يؤتي نفوسنا تقواها ويزكيها فانه خير من زكاها وان يجعلنا من اصحاب الانفس الراضية المرضية المطمئنة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القاء الضوء على معنى النفس في اللغة والاستعمال القراني :-
النفس لغويا لها أكثر من معنى، فهي تعني الروح كقولهم خرجت نفسه اي مات، أو الدم كقولهم سالت نفسه اي نزف دمه فمات، أو الجسد كقولهم جلد نفسه او نحر نفسه او عذب نفسا حتى الموت ، أو الحسد كقولهم اصابته نفس، ونفس الشيء بمعنى عينه وذاته كما في قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]. وقوله تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿١٨٥ آل عمران﴾ وقوله تعالىبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴿١ النساء﴾
وكذلك في قوله سبحانه (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴿٣٢ المائدة﴾ ومثله كثير في القران الكريم
.والنَّفْس بمعنى الأخ والاخوان، وشاهده قول الله تعالى: ﴿ فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ [النور: 61]. وجمع النفس: أنفُس ونفوس، أما النَّفَس، فهو خروج الهواء ودخوله من الأنف والفم، وجمعه أنفاس، وهو كالغِذاء للنَّفْس؛ لأن بانقطاعه تلفهاو بطلانَها ،وهذا وجه الصلة بينهما ، فلذلك جاء كل منهما بنفس الاحرف، واختلفا في التحريك، وهذا من عظمة لغة العرب لغة القران الكريم .
فهي من الالفاظ التي تستوعب عدة من المعاني ولاشك انها لها علاقة مترابطة فيما بينها . والنفس تطلق على كل كائن حي من الانس والجن والحيوان ....
ويهمنا هنا النفس الانسانية او البشرية التي تقوم مقام الذات، وهي التي جعلها القران موضع خطابه من حيث التغيير ومن حيث التكليف والثواب والعقاب والحساب، فهي ذات حلت بها نفس تحمل مفاهيم عقليةو عقائد فكرية وقيم سلوكية تحيا بها في هذه الدنيا وبموجبها يصطبغ سلوكها وعملها...فاما ان تكون نفسا مؤمنة زكية زكاها صاحبها وهذبها بمفاهيم وقيم الايمان وعقيدته فكرا وسلوكا ومضمونا واما ان تكون نفسا فاجرة آثمة اوقعها صاحبها باطلاق العنان لها لاتباع الشهوات والملذات والمعتقد والفكر الباطل والسلوك الرديء المشين ..
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }الشمس9)
وهذه هي النفس والذات المستهدفة بالحساب عقابا او ثوابا بناءََ على اعمالها ومفاهيمها وعقيدتها ..(الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿١٧ غافر﴾ .
وعلى هذا الاساس وضع الله تعالى للمؤمنين في كتابه المبين قاعدة تبين لهم سنة كونية واجتماعية عظيمة ، حيث بين لهم ان تغيير احوال البشر لا يكون الا بتغيير ما في الانفس من شهوات وافكار وقيم ومعتقدات فقال سبحانهإِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ )[الرعد:11] ومن هذا قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [الأنفال:53]. فالنفس تجمع بين العقلية والنفسية من ناحية، ومن ناحية اخرى الغرائز بدوافعها، والحاجات العضوية بشهواتها،وفيها تنغرز مفاهيم الايمان والاعتقاد وقيم الشر والخير، وبالتالي هي التي تسول للانسان فعل الخير او فعل السوء عند عمليات الاشباع ،حسب ما يتغلب فيها من فكر، فهي التي تتغلب بشهواتها واهوائها على مفاهيم وقيم الخير وهي التي تتغلب بمفاهيمها وقيمها على قيم الشر و واهواء وشهوات السوء ... وعليه فان النفس هي التي تحمل النفسية الايمانية او النفسية الفاجرة الآثمة بحسب ما يتغلب عليها من مفاهيم وقيم، وبحسب النفس ونفسيتها يكون السلوك والعمل المستوجب للتغيير من الاسوأ الى الاحسن او العكس ..
ولعظم امر النفس وضرورة ادراكها فإن القرآن يخاطب الإنسان في ذات نفسِه، باعتبار أن النفس هي القوة العاقلة المدركة فيه، والمحركة لافعاله وانفعالاته ،فيقول سبحانه: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 7، 8]. فالانفس البشرية مهيأة بالفطرة لاختيار هداها وايمانها، ام ضلالها وفجورها.
ويقول جل شأنهمبينا انواع وحالات الانفس في الحياة : ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].ويقول سبحانه: ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾ [يوسف: 53].ويقول: ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾ [يوسف: 18].
ويقول سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾[الطلاق: 1] .
ويقول سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6].
نسال الله تعالى ان يؤتي نفوسنا تقواها ويزكيها فانه خير من زكاها وان يجعلنا من اصحاب الانفس الراضية المرضية المطمئنة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته