سيرة الفاروق رضي الله عنه – الجزء الرابع والأخير:
66- بدأ الخليفة الجديد يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة الأولى وبخاصة الموقف الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على الفور جيشًا إلى العراق بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي الذي دخل في معركة متعجلة مع الفرس دون أن يرتب قواته، ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر نهر الفرات، وأشاروا عليه بأن يدع الفرس يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي النهر أفضل، حتى إذا ما تحقق للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن أبا عبيدة لم يستجب لهم، وهو ما أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة وأربعة آلاف من جيش المسلمين.
67- بعد تلك الهزيمة التي لحقت بالمسلمين "في موقعة الجسر" سعى المثنى بن حارثة إلى رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين في محاولة لمحو آثار الهزيمة، ومن ثم فقد عمل على استدراج قوات الفرس للعبور غربي النهر، ونجح في دفعهم إلى العبور بعد أن غرهم ذلك النصر السريع الذي حققوه على المسلمين، ففاجأهم المثنى بقواته فألحق بهم هزيمة منكرة على حافة نهر البويب الذي سميت به تلك المعركة.
68- ووصلت أنباء ذلك النصر إلى الفاروق في المدينة، فأراد الخروج بنفسه على رأس جيش لقتال الفرس، ولكن الصحابة أشاروا عليه أن يختار واحدًا غيره من قادة المسلمين ليكون على رأس الجيش، ورشحوا له سعد بن أبي وقاص فأمره على الجيش الذي اتجه إلى الشام حيث عسكر في "القادسية.
69- وأرسل سعد وفدًا من رجاله إلى بروجرد الثالث ملك الفرس, ليعرض عليه الإسلام على أن يبقى في ملكه ويخيره بين ذلك أو الجزية أو الحرب، ولكن الملك قابل الوفد بغرور وأبى إلا الحرب، فدارت الحرب بين الفريقين، واستمرت المعركة أربعة أيام حتى أسفرت عن انتصار المسلمين في القادسية، ومني جيش الفرس بهزيمة ساحقة، وقتل قائدهم رستم، وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، فقد أعادت العراق إلى العرب والمسلمين بعد أن خضع لسيطرة الفرس قرونًا طويلة، وفتح ذلك النصر الطريق أمام المسلمين للمزيد من الفتوحات.
70- أصبح الطريق إلى "المدائن" عاصمة الفرس ـ ممهدًا أمام المسلمين، فأسرعوا بعبور نهر "دجلة" واقتحموا المدائن، بعد أن فر منها الملك الفارسي، ودخل "سعد" القصر الأبيض ـ مقر ملك الأكاسرة ـ فصلى في إيوان كسرى صلاة الشكر لله على ما أنعم عليهم من النصر العظيم، وأرسل "سعد" إلى "عمر" يبشره بالنصر، ويسوق إليه ما غنمه المسلمون من غنائم وأسلاب.
71- بعد فرار ملك الفرس من "المدائن" اتجه إلى "نهاوند" حيث احتشد في جموع هائلة بلغت مائتي ألف جندي، فلما علم عمر بذلك استشار أصحابه، فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع الفرس والقضاء عليهم فبل أن ينقضوا على المسلمين، فأرس عمر جيشًا كبيرًا بقيادة النعمان بن مقرن على رأس أربعين ألف مقاتل فاتجه إلى "نهاوند"، ودارت معركة كبيرة انتهت بانتصار المسلمين وإلحاق هزيمة ساحقة بالفرس، فتفرقوا وتشتت جمعهم بعد هذا النصر العظيم الذي أطلق عليه "فتح الفتوح".
الحلقة التاسعة والأخيرة من سيرة الفاروق رضي الله عنه:
71- اتسعت أركان الإمبراطورية الإسلامية في عهد الفاروق عمر، خاصة بعد القضاء نهائيًا على الإمبراطورية الفارسية في "القادسية" ونهاوند ـ فاستطاع فتح الشام وفلسطين.
72- واتجهت جيوش المسلمين غربًا نحو أفريقيا، حيث تمكن "عمرو بن العاص" من فتح "مصر" في أربعة آلاف مقاتل.
73- فدخل العريش دون قتال، واتجه إلى بلبيس فهزم جيش الرومان بقيادة "أرطبون".
74- ثم حاصر "حصن بابليون" حتى فتحه، واتجه بعد ذلك إلى "الإسكندرية" ففتحها، وفي نحو عامين أصبحت "مصر" كلها جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية العظيمة.
75- وكان فتح "مصر" سهلاً ميسورًا، فإن أهل "مصر" ـ من القبط ـ لم يحاربوا المسلمين الفاتحين، وإنما ساعدوهم وقدموا لهم كل العون؛ والسبب: لأنهم وجدوا فيهم الإخلاص والصدق والعدل والنجاة من حكم الرومان الطغاة الذين أذاقوهم ألوان الاضطهاد وصنوف الكبت والاستبداد، وأرهقوهم بالضرائب الكثيرة.
76- من صور الوضوح والشفافية لدى عمر رضي الله عنه هذه القصة التي رواها البخاري:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال له عمر : يا رسول الله لأنت أحبّ إلي من كل شيء إلا من نفسي ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك . فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إليّ من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر .
77- كانت خلافته عشر سنين وسبعة أشهر وأربع ليال .
78- توفي عمر رضي الله عنه سنة ثلاث وعشرين من الهجرة.
79- وقد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي الحاقد على الإسلام وأهله ، وكان عُمر في صلاة الفجر يُصلي بالناس إماماً.
80- ودفن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي بكر في غرفة عائشة رضي الله عنهم.
مع تحيات العميد برهان إبراهيم الذي أقتصر دوره على نقل هذه السيرة للفارق عمر رضي الله عنه,
66- بدأ الخليفة الجديد يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة الأولى وبخاصة الموقف الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على الفور جيشًا إلى العراق بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي الذي دخل في معركة متعجلة مع الفرس دون أن يرتب قواته، ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر نهر الفرات، وأشاروا عليه بأن يدع الفرس يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي النهر أفضل، حتى إذا ما تحقق للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن أبا عبيدة لم يستجب لهم، وهو ما أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة وأربعة آلاف من جيش المسلمين.
67- بعد تلك الهزيمة التي لحقت بالمسلمين "في موقعة الجسر" سعى المثنى بن حارثة إلى رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين في محاولة لمحو آثار الهزيمة، ومن ثم فقد عمل على استدراج قوات الفرس للعبور غربي النهر، ونجح في دفعهم إلى العبور بعد أن غرهم ذلك النصر السريع الذي حققوه على المسلمين، ففاجأهم المثنى بقواته فألحق بهم هزيمة منكرة على حافة نهر البويب الذي سميت به تلك المعركة.
68- ووصلت أنباء ذلك النصر إلى الفاروق في المدينة، فأراد الخروج بنفسه على رأس جيش لقتال الفرس، ولكن الصحابة أشاروا عليه أن يختار واحدًا غيره من قادة المسلمين ليكون على رأس الجيش، ورشحوا له سعد بن أبي وقاص فأمره على الجيش الذي اتجه إلى الشام حيث عسكر في "القادسية.
69- وأرسل سعد وفدًا من رجاله إلى بروجرد الثالث ملك الفرس, ليعرض عليه الإسلام على أن يبقى في ملكه ويخيره بين ذلك أو الجزية أو الحرب، ولكن الملك قابل الوفد بغرور وأبى إلا الحرب، فدارت الحرب بين الفريقين، واستمرت المعركة أربعة أيام حتى أسفرت عن انتصار المسلمين في القادسية، ومني جيش الفرس بهزيمة ساحقة، وقتل قائدهم رستم، وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، فقد أعادت العراق إلى العرب والمسلمين بعد أن خضع لسيطرة الفرس قرونًا طويلة، وفتح ذلك النصر الطريق أمام المسلمين للمزيد من الفتوحات.
70- أصبح الطريق إلى "المدائن" عاصمة الفرس ـ ممهدًا أمام المسلمين، فأسرعوا بعبور نهر "دجلة" واقتحموا المدائن، بعد أن فر منها الملك الفارسي، ودخل "سعد" القصر الأبيض ـ مقر ملك الأكاسرة ـ فصلى في إيوان كسرى صلاة الشكر لله على ما أنعم عليهم من النصر العظيم، وأرسل "سعد" إلى "عمر" يبشره بالنصر، ويسوق إليه ما غنمه المسلمون من غنائم وأسلاب.
71- بعد فرار ملك الفرس من "المدائن" اتجه إلى "نهاوند" حيث احتشد في جموع هائلة بلغت مائتي ألف جندي، فلما علم عمر بذلك استشار أصحابه، فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع الفرس والقضاء عليهم فبل أن ينقضوا على المسلمين، فأرس عمر جيشًا كبيرًا بقيادة النعمان بن مقرن على رأس أربعين ألف مقاتل فاتجه إلى "نهاوند"، ودارت معركة كبيرة انتهت بانتصار المسلمين وإلحاق هزيمة ساحقة بالفرس، فتفرقوا وتشتت جمعهم بعد هذا النصر العظيم الذي أطلق عليه "فتح الفتوح".
الحلقة التاسعة والأخيرة من سيرة الفاروق رضي الله عنه:
71- اتسعت أركان الإمبراطورية الإسلامية في عهد الفاروق عمر، خاصة بعد القضاء نهائيًا على الإمبراطورية الفارسية في "القادسية" ونهاوند ـ فاستطاع فتح الشام وفلسطين.
72- واتجهت جيوش المسلمين غربًا نحو أفريقيا، حيث تمكن "عمرو بن العاص" من فتح "مصر" في أربعة آلاف مقاتل.
73- فدخل العريش دون قتال، واتجه إلى بلبيس فهزم جيش الرومان بقيادة "أرطبون".
74- ثم حاصر "حصن بابليون" حتى فتحه، واتجه بعد ذلك إلى "الإسكندرية" ففتحها، وفي نحو عامين أصبحت "مصر" كلها جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية العظيمة.
75- وكان فتح "مصر" سهلاً ميسورًا، فإن أهل "مصر" ـ من القبط ـ لم يحاربوا المسلمين الفاتحين، وإنما ساعدوهم وقدموا لهم كل العون؛ والسبب: لأنهم وجدوا فيهم الإخلاص والصدق والعدل والنجاة من حكم الرومان الطغاة الذين أذاقوهم ألوان الاضطهاد وصنوف الكبت والاستبداد، وأرهقوهم بالضرائب الكثيرة.
76- من صور الوضوح والشفافية لدى عمر رضي الله عنه هذه القصة التي رواها البخاري:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال له عمر : يا رسول الله لأنت أحبّ إلي من كل شيء إلا من نفسي ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك . فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إليّ من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر .
77- كانت خلافته عشر سنين وسبعة أشهر وأربع ليال .
78- توفي عمر رضي الله عنه سنة ثلاث وعشرين من الهجرة.
79- وقد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي الحاقد على الإسلام وأهله ، وكان عُمر في صلاة الفجر يُصلي بالناس إماماً.
80- ودفن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي بكر في غرفة عائشة رضي الله عنهم.
مع تحيات العميد برهان إبراهيم الذي أقتصر دوره على نقل هذه السيرة للفارق عمر رضي الله عنه,