المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
3/3/2015
Front Line
المؤلف:
بريانكا بوغاني
(ترجمة السورية)
إن الصعود السريع والقاسي "للدولة الإسلامية" قد حول الانتباه العالمي عن الصراع في سورية، وفي تقرير جديد صدر هذا الأسبوع يذكر فيه تذكيراً مريراً بأن الهجمات التي تنفذها الحكومة السورية على مواطنيها لا تزال مستمرة دون انقطاع بينما تدخل الحرب عامها الخامس.
فقد سلط هذا التقرير الجديد الصادر يوم الثلاثاء من هيومن رايتس وواتش الضوء على استمرار استخدام الحكومة السورية للبراميل المتفجرة – التي هي أسلحة رخيصة بسيطة عشوائية تصنع من براميل للوقود وتملأ بالمتفجرات أو الشظايا – ضد المدنيين، على الرغم من القرار الذي أصدره مجلس أمن الأمم المتحدة في العام الماضي لحظر استخدامها تحديداً.
لقد وثقت جماعة الحقوق 450 موقعاً لتفجيرات جديدة على الأقل في منطقة درعا، مهد الثورة السورية، وأكثر من 1,000 في محافظة حلب، والتي تضم ثاني أكبر مدينة في البلاد. وقد توصل التقرير إلى أن أغلب هذه المواقع تظهر دلائل على أنها قصفت بالبراميل المتفجرة، على الرغم من أن بعضها ربما سببته الصواريخ أو الهجمات الجوية الأخرى.
وقد قتل أكثر من 6,000 مدني – بما فيهم 1,892 طفل – بهجمات البراميل المتفجرة منذ أن تم تمرير قرار الأمم المتحدة في شهر شباط من العام الفائت، وفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان، مما يزيد من المخاوف من أن الحملة الدولية ضد "الدولة الإسلامية" قد سمحت لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بالاستمرار بانتهاكاته دون أن تتم ملاحظته. وبشكل كلي، فقد قتل أكثر من 210,000 شخص في حرب سورية الأهلية ونزح أكثر من 10 ملايين، وغادر 3 ملايين البلاد.
"إن تقرير هيومن رايتس وواتش والوضع الذي يصفه يدل على واقع أنه وعلى الرغم من أن الانتباه الغربي يبدو مركزاً الآن على "الدولة الإسلامية"، إلا أن الحرب السورية لا زالت مستمرة بالمستويات ذاتها من الوحشية والدموية،" حسبما قال المحلل المختص بسورية نوح بونسي من مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة غير ربحية تركز على منع وحل الصراعات المسلحة.
وفي مقابلة نادرة مع محطة BBC خلال هذا الشهر، أنكر الأسد أن قواته نفذت هجمات عشوائية على المدنيين، مستبعداً التقارير حول البراميل المتفجرة واصفاً ذلك الزعم بـ"القصة الطفولية." "عندما تطلق، تقوم بالتسديد،" حسبما قال الأسد. "وعندما تسدد، تسدد على الإرهابيين لتحمي المدنيين".
ولكن يقول الخبراء الخارجيين بأن الحكومة السورية استمرت باستخدام البراميل المتفجرة في كافة أرجاء سورية. وقد وثق تقرير هيومن رايتس وواتش القصف بالبراميل المتفجرة قرب المنشآت الطبية، والمناطق السكنية التي تضم المدارس، والجوامع والمتاجر.
"جفف البحر لتقتل السمك"
في تقرير منفصل تم إصداره هذا الشهر، أفاد الضحايا للجنة الأمم المتحدة للتحقيق حول سورية بأن القصف الجوي الذي تقوم به الحكومة كان جزءاً من استراتيجية أوسع في المنطقة التي تخضع لسيطرة الثوار تتمثل بـ"تجفيف البحر لقتل السمك".
إن الاستراتيجية، التي يذكرها تقرير الأمم المتحدة بالتفصيل، تتضمن فرض حصار عبر تطويق المنطقة، ووضع حواجز للتفتيش وإيقاف مرور الموارد الطبية والغذائية. ومن يحاول كسر الحصار سيجازف بالتعرض للاعتقال وللسجن والتعذيب المحتمل، بينما يتعرض السكان العالقون في المنطقة المحاصرة للقصف من قبل الحكومة.
أسوأ استخدام لحكومة الأسد لأساليب الحصار والتجويع كان في حمص واليرموك العام الفائت، مع ورود قصص عن المدنيين الجوعى اليائسين الذين يتناولون أوراق الأشجار والعشب للبقاء على قيد الحياة.
يستخدم النظام البراميل المتفجرة، وأساليب الحصار والتجويع "كعقاب جماعي" ليزيد "من مستويات اليأس في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى أن يضغط السكان المحليين على جماعات المعارضة لقبول اتفاقيات وقف إطلاق النار المحلية،" وفقاً لبونسي.
وإن كلا الأسلوبين يقوض الدعم لجماعات المعارضة، وفقاً لمحللين. "إن لم يكن باستطاعتك إدخال الطعام، لن تستطيع إطعام أهلك. لذا فإن التجويع كان فعالاً للغاية،" حسب تصريح روبن رايت، العضو الرفيع والباحث المعروف في مركز ويلسن لدراسات الشرق الأوسط.
علاوة على أن أثر البراميل المتفجرة ليس جسدياً فحسب، بل نفسي أيضاً.
"إنها مرعبة. البراميل المتفجرة فاعلة جداً في تخفيض قدرة المقاتلين،" حسبما قال رايت. "إن رأيت أحداً قد عانى من برميل متفجر، فإنك ستجد الأمر شنيعاً، إنه دموي للغاية، ويتركك خائفاً مدى الحياة ... ليس بإمكان الثوار محاربتها".
وبينما لا توجد لائحة واضحة للمناطق المحاصرة من قبل الحكومة السورية، إلا أن اللجنة الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية قدرت في شهر كانون الثاني أن 4,8 مليون من السوريين البالغ عددهم 12,2 مليون هم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية وموجودون في مناطق من الصعب الوصول إليها أو ضمن مناطق محاصرة.
تشجيع الأسد
كما سمح صعود "الدولة الإسلامية" للنظام السوري ولمليشياته المحالفة بمضاعفة جهودهم لقتال جماعات ثوار الآخرين، بما فيهم بعض المقاتلين المعتدلين الذين تدعمهم الولايات المتحدة ودول الخليج.
"الثوار على وشك الانهيار" حسبما قال رايت. "لم يعودوا قوة فاعلة للضغط على الأسد لحمله على التفاوض".
لقد كان انهيار الثوار المعتدلين كبيراً، لدرجة أن روبرت فورد السفير الأمريكي السابق لسورية والذي دعم سابقاً تسليحهم بشدة، قد تراجع علناً عن موقفه ذاك. في مقابلة مع McClatchy هذا الشهر، قدر أنه لم يعد هنالك أكثر من 20,000 من الثوار المعتدلين، وقال بأنهم "يخوضون معارك دفاعية في الغالب".
وقد أشار بونسي إلى أن تحول الانتباه العالمي نحو "الدولة الإسلامية" قد شجع الأسد سياسياً لأن البديل – تمدد "الدولة الإسلامية" داخل سورية – سيكون أسوأ بكثير.
"يمثل تهديد "الدولة الإسلامية" مخرجاً (للأسد)، لأن النظام يعتقد أن الولايات المتحدة ودولاً أخرى تدعم المعارضة ستتوصل في النهاية مع الوقت إلى اعتبار النظام شريكاً ضرورياً على الأرض لمواجهة التهديد الجهادي"، حسبما قال بونسي.
وأضاف رايت، "إن قرار العالم الخارجي بالتركيز على "الدولة الإسلامية" أدى إلى تخفيف الضغط على الأسد. كما أنه فعلياً ينجو بالقتل على أساس يومي".
3/3/2015
Front Line
المؤلف:
بريانكا بوغاني
(ترجمة السورية)
إن الصعود السريع والقاسي "للدولة الإسلامية" قد حول الانتباه العالمي عن الصراع في سورية، وفي تقرير جديد صدر هذا الأسبوع يذكر فيه تذكيراً مريراً بأن الهجمات التي تنفذها الحكومة السورية على مواطنيها لا تزال مستمرة دون انقطاع بينما تدخل الحرب عامها الخامس.
فقد سلط هذا التقرير الجديد الصادر يوم الثلاثاء من هيومن رايتس وواتش الضوء على استمرار استخدام الحكومة السورية للبراميل المتفجرة – التي هي أسلحة رخيصة بسيطة عشوائية تصنع من براميل للوقود وتملأ بالمتفجرات أو الشظايا – ضد المدنيين، على الرغم من القرار الذي أصدره مجلس أمن الأمم المتحدة في العام الماضي لحظر استخدامها تحديداً.
لقد وثقت جماعة الحقوق 450 موقعاً لتفجيرات جديدة على الأقل في منطقة درعا، مهد الثورة السورية، وأكثر من 1,000 في محافظة حلب، والتي تضم ثاني أكبر مدينة في البلاد. وقد توصل التقرير إلى أن أغلب هذه المواقع تظهر دلائل على أنها قصفت بالبراميل المتفجرة، على الرغم من أن بعضها ربما سببته الصواريخ أو الهجمات الجوية الأخرى.
وقد قتل أكثر من 6,000 مدني – بما فيهم 1,892 طفل – بهجمات البراميل المتفجرة منذ أن تم تمرير قرار الأمم المتحدة في شهر شباط من العام الفائت، وفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان، مما يزيد من المخاوف من أن الحملة الدولية ضد "الدولة الإسلامية" قد سمحت لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بالاستمرار بانتهاكاته دون أن تتم ملاحظته. وبشكل كلي، فقد قتل أكثر من 210,000 شخص في حرب سورية الأهلية ونزح أكثر من 10 ملايين، وغادر 3 ملايين البلاد.
"إن تقرير هيومن رايتس وواتش والوضع الذي يصفه يدل على واقع أنه وعلى الرغم من أن الانتباه الغربي يبدو مركزاً الآن على "الدولة الإسلامية"، إلا أن الحرب السورية لا زالت مستمرة بالمستويات ذاتها من الوحشية والدموية،" حسبما قال المحلل المختص بسورية نوح بونسي من مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة غير ربحية تركز على منع وحل الصراعات المسلحة.
وفي مقابلة نادرة مع محطة BBC خلال هذا الشهر، أنكر الأسد أن قواته نفذت هجمات عشوائية على المدنيين، مستبعداً التقارير حول البراميل المتفجرة واصفاً ذلك الزعم بـ"القصة الطفولية." "عندما تطلق، تقوم بالتسديد،" حسبما قال الأسد. "وعندما تسدد، تسدد على الإرهابيين لتحمي المدنيين".
ولكن يقول الخبراء الخارجيين بأن الحكومة السورية استمرت باستخدام البراميل المتفجرة في كافة أرجاء سورية. وقد وثق تقرير هيومن رايتس وواتش القصف بالبراميل المتفجرة قرب المنشآت الطبية، والمناطق السكنية التي تضم المدارس، والجوامع والمتاجر.
"جفف البحر لتقتل السمك"
في تقرير منفصل تم إصداره هذا الشهر، أفاد الضحايا للجنة الأمم المتحدة للتحقيق حول سورية بأن القصف الجوي الذي تقوم به الحكومة كان جزءاً من استراتيجية أوسع في المنطقة التي تخضع لسيطرة الثوار تتمثل بـ"تجفيف البحر لقتل السمك".
إن الاستراتيجية، التي يذكرها تقرير الأمم المتحدة بالتفصيل، تتضمن فرض حصار عبر تطويق المنطقة، ووضع حواجز للتفتيش وإيقاف مرور الموارد الطبية والغذائية. ومن يحاول كسر الحصار سيجازف بالتعرض للاعتقال وللسجن والتعذيب المحتمل، بينما يتعرض السكان العالقون في المنطقة المحاصرة للقصف من قبل الحكومة.
أسوأ استخدام لحكومة الأسد لأساليب الحصار والتجويع كان في حمص واليرموك العام الفائت، مع ورود قصص عن المدنيين الجوعى اليائسين الذين يتناولون أوراق الأشجار والعشب للبقاء على قيد الحياة.
يستخدم النظام البراميل المتفجرة، وأساليب الحصار والتجويع "كعقاب جماعي" ليزيد "من مستويات اليأس في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى أن يضغط السكان المحليين على جماعات المعارضة لقبول اتفاقيات وقف إطلاق النار المحلية،" وفقاً لبونسي.
وإن كلا الأسلوبين يقوض الدعم لجماعات المعارضة، وفقاً لمحللين. "إن لم يكن باستطاعتك إدخال الطعام، لن تستطيع إطعام أهلك. لذا فإن التجويع كان فعالاً للغاية،" حسب تصريح روبن رايت، العضو الرفيع والباحث المعروف في مركز ويلسن لدراسات الشرق الأوسط.
علاوة على أن أثر البراميل المتفجرة ليس جسدياً فحسب، بل نفسي أيضاً.
"إنها مرعبة. البراميل المتفجرة فاعلة جداً في تخفيض قدرة المقاتلين،" حسبما قال رايت. "إن رأيت أحداً قد عانى من برميل متفجر، فإنك ستجد الأمر شنيعاً، إنه دموي للغاية، ويتركك خائفاً مدى الحياة ... ليس بإمكان الثوار محاربتها".
وبينما لا توجد لائحة واضحة للمناطق المحاصرة من قبل الحكومة السورية، إلا أن اللجنة الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية قدرت في شهر كانون الثاني أن 4,8 مليون من السوريين البالغ عددهم 12,2 مليون هم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية وموجودون في مناطق من الصعب الوصول إليها أو ضمن مناطق محاصرة.
تشجيع الأسد
كما سمح صعود "الدولة الإسلامية" للنظام السوري ولمليشياته المحالفة بمضاعفة جهودهم لقتال جماعات ثوار الآخرين، بما فيهم بعض المقاتلين المعتدلين الذين تدعمهم الولايات المتحدة ودول الخليج.
"الثوار على وشك الانهيار" حسبما قال رايت. "لم يعودوا قوة فاعلة للضغط على الأسد لحمله على التفاوض".
لقد كان انهيار الثوار المعتدلين كبيراً، لدرجة أن روبرت فورد السفير الأمريكي السابق لسورية والذي دعم سابقاً تسليحهم بشدة، قد تراجع علناً عن موقفه ذاك. في مقابلة مع McClatchy هذا الشهر، قدر أنه لم يعد هنالك أكثر من 20,000 من الثوار المعتدلين، وقال بأنهم "يخوضون معارك دفاعية في الغالب".
وقد أشار بونسي إلى أن تحول الانتباه العالمي نحو "الدولة الإسلامية" قد شجع الأسد سياسياً لأن البديل – تمدد "الدولة الإسلامية" داخل سورية – سيكون أسوأ بكثير.
"يمثل تهديد "الدولة الإسلامية" مخرجاً (للأسد)، لأن النظام يعتقد أن الولايات المتحدة ودولاً أخرى تدعم المعارضة ستتوصل في النهاية مع الوقت إلى اعتبار النظام شريكاً ضرورياً على الأرض لمواجهة التهديد الجهادي"، حسبما قال بونسي.
وأضاف رايت، "إن قرار العالم الخارجي بالتركيز على "الدولة الإسلامية" أدى إلى تخفيف الضغط على الأسد. كما أنه فعلياً ينجو بالقتل على أساس يومي".