بسم الله الرحمن الرحيم
وقفة تفكر وتدبر مع سورة التكاثر
﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ* كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ*كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَاعَيْنَ الْيَقِينِ* ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾
اللهو هو اللعب والانشغال بالخسيس عن الامر النفيس. والتهى بالشيء انشغل به شغلا لاثمرة له ولا قيمة، فلو كنت منهمكا مع اصدقائك بمناقشة حقيقة ما، وسالك احدهم عن الاطفال وهم بلعبون بفناء البيت، لقلت له دعهم ملتهين عنا...فاللهو هو اللعب العبثي الذي لا طائل منه، والمعطل للعقلاء ان مارسوه عن اعمالهم واداء مهامهم و واجباتهم .المطلوبة منهم.
والتكاثر من الاسكثار اي طلب الكثرة والزيادة، ويكون عادة في المال والممتلكات والولد، سواءا بعدد او بنوعية..وهنا يوجد حذف وتقدير لنصل الى الغاية والنهاية التي افادتها الاية، حتى اي انسغلتم متلهين بالتكاثر عن امر ربكم والغاية التي اوجدكم من اجلها -وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون - وكذلك عن الموت والبلى الذي بعده يكون الحساب فاما ثواب او عقاب...حتى زرتم المفابر -اي لغاية ما وصلتم الى المقابر جثة محمولة لا ارادة لها ولا حراك ولا قدرة... وانظر ايها العاقل المتفكر ان ربك جل وعلا، سماها زيارة ولم يسميها مكثا او اقامة، لان الزيارة كما يعبرون عنها غارة، اي مدتها قصيرة سريعة .وذلك ان الميت يتوقف عليه جريان الزمن ويخرج من حوادثه لاتاثرا ولا تاثيرا، وعليه يكون ابيك ادم اقدم الخلق والانس موتا ما زال في زيارة للقبر...ويكون المعنى هنا انكم ايها البشر بقيتم ملتهين فيما لاينفعكم من جمع للاموال والاستكثار منها وطلب الزيادة فيها وفي الولد، لغاية ما جائكم الموت فانتبهتم انكم كنتم في غفلة عن ذكر ربكم وامره، وهيهات تنفع الذكرى يومئذ - الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا -.وتعلمون ان انفس الاموال هي الذهب والفضة ويوم القيامة لن تنفع ولم تعد لها قيمة، ولم تعد نقدا، وستكون منثورة تحت الاقدام فلذلك قال الله تعالى :-(ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من احدهم ملء الارض ذهبا ولو افتدى به...)العمران 91.
كلا ..للردع والزجر..اي ارتدعوا وانزجروا ايها اللاهين العابثين..فسوف تعلمون عاقبة انشغالكم والتهائكم الذي كنتم فيه عند موتكم، وقيل في قبوركم ..- ثم - للعطف مع التراخي اي بعد مدة وفترة، كلا ..اعادلهم الردع والزحر لان العقوبة عنده عدل وحق لمستحقها وليست شهوة له سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا...سوف تعلمون الثانية هنا يوم القيامة عاقية غفلتكم بانشغالكم عن ذكره وطاعته، والهدف الذي من اجله خلقكم، وبه كلفكم، واعطاكم من العمر ما يمكنكم من انجاز ما طلب منكم وما استخلفكم فيه وبه،.لتعبروا معبر الحياة الى الاخرة بسلام وتوفيق ونجاح يكلله رضى الرب العظيم...كلا.. للمرة الثانية ارتدعوا وانزجروا فان الامر جد خطير وما هو لعب ولا لهو ولا مزاح اوهزار...كلا لو تعلمون علم اليقين ..اي لو باشر الايمان قلوبكم مباشرة حقيقية وتيقنتم بعقيدتكم وايمانكم لصور لكم ايمانكم مشهد الجحيم وكانكم تنظرون اليها نظر العين...ثم، اي بعد مدة لترونها عين اليقين..اي سوف تشاهدون بام اعينكم عيانا ما طلب منكم علمه وتيقنه بالخبر ..ثم لتسألن يومئذ عن النعيم..اي هناك في ذلك اليوم الموعود سترى حقيقة وعيانا الحشر والسؤال والحساب على انعم الله عليك ايها الانسان..فهل بعد هذا البيان بقي لك رغبة في غفلة او لهو او انشغال عن ربك، الذي يجب ان يسكن فكرك وعقلك واحاسيس قلبك ومشاعرك، فتكون كلك لله في محياك ومماتك؟؟
اللهم بك امنا وعليك توكلنا واليك انبنا فاسلمنا قيادنا اليك فلا تجعلنا نغفل عنك طرفة عين وتوفنا وانت راض عنا يا اكرم من جاد واعظم من اعطى واحلم من صفح وغفر..
والسلام عليكم ورحمة الله اخواني في الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2019-12-26, 5:19 am عدل 1 مرات