من علوم فطنة العرب ...1..(الحلقة الاولى)
حاول الشعوبيون على مر التاريخ ان يحطوا من شان العرب ومكانتهم ويطمسوا على ماضيهم والناصع من ملكاتهم وصفاتهم ولا يسجلون لهم الا الجانب المظلم من تواريخهم والتركيز على سفاهة جاهليتهم
من علوم العرب الدالة على فطنتهم وذكائهم والتي اهلتهم لان يكونوا اهلا لحمل الرسالة للعالمين وتكون النبوة الخاتمة فيهم ويختارهم الله لحملها للعالمين ويختارهم ربهم الحكيم لتمتزج طاقتهم بطاقة الاسلام الدين الذي ارتضاه الله تعالى للعالمين:-
1= قرع العصا: وافسره لكم اخواني بهذه الحكاية...
لقي النعمان بن المنذر سعد بن مالك، ومعه خيل بعضها يقاد، وبعضها أعراء مهملة، فلما انتهى إلى النعمان سأله عنها، فقال سعد : إني لم أقد هذه لأمنعها، ولم أعر هذه لأضيعها.
فسأله النعمان عن أرضه : هل أصبحت غيث يحمد أثره، ويروي شجره؟ فقال سعد : أما المطر فغزير، وأما الورق فشكير، وأما النافذة فساهرة، وأما الحازرة فشبعى نائمة.
فقال النعمان - وحسده على ما رأى من ذرب لسانه-: وأبيك إنك لمفوه، فإن شئت أتيتك بما تعيا عن جوابه. فقال : شئت، إن لم يكن منك إفراط.
فأمر النعمان وصيفاً فلطمه - وإنما أراد أن يتعدى في القول فيقتله - فقال : ما جواب هذه ؟ فقال سعد : سفيه مأمور؛ فقال النعمان للوصيف : الطمه أخرى.
فلطمه؛ وقال : ما جواب هذه ؟ قال : لو نُهَى عن الأولى لم يعد الأخرى.
فقال النعمان: الطمه أخرى ففعل. فقال: ما جواب هذه ؟ فقال: رب يؤدب عبده. فقال: الطمه أخرى، ففعل. فقال : ما جواب هذه؟ فقال : ملكت فأسجح؛ فقال النعمان: أصبت فاقعد؛ فمكث عنده ما مكث.
ثم بدا للنعمان أن يبعث رائداً يرتاد له الكلأ؛ فبعث عمرو بن مالك أخا سعد بن مالك، فأبطأ عليه فأغضبه ذلك.
فأقسم لئن جاء حامداً للكلأ أو ذاما ليقتلنه.
فلما قدم عمرو دخل على النعمان، وعنده الناس وسعد قاعد لديه مع الناس، وكان قد عرف ما أقسم به النعمان من يمينه، فقال سعد : أتأذن لي فأكلمه ؟ قال: إن كلمته قطعت لسانك. قال : فأشير إليه ؟ قال : إن أشرت إليه قطعت يدك.
قال : فأومى إليه ؟ قال : إذن أنزع حدقتيك. قال : فأقرع له العصا ؟ قال : اقرع.
فتناول عصا من بعض جلسائه فوضعها بين يديه، وأخذ عصاه التي كانت معه وأخوه قائم؛ فقرع بعصاه العصا الأخرى قرعة واحدة؛ فنظر إليه أخوه، ثم أومأ بالعصا نحوه، فعرف أنه يقول له : مكانك، ثم قرع العصا قرعة واحدة، ثم رفعها إلى السماء، ثم مسح عصاه بالأخرى، فعرف أنه يقول: قل له: لم أجد جدباً.
ثم قرع العصا مراراً بطرف عصاه ثم رفعها شيئاً، فعرف أنه يقول : ولا نباتاً.
ثم قرع العصا قرعة، وأقبل بها نحو النعمان، فعرف أنه يقول : كلمه.
فاقبل عمرو بن مالك حتى وقف بين يدي النعمان، فقال له النعمان: هل حمدت خصباً، وأذمت جدباً؟ فقال عمرو: لم أذمم جدباً، ولم أحمد بقلا، الأرض مشكلة لا خصبها يعرف، ولا جدبها يوصف، رائدها واقف، ومنكرها عارف؛ وآمنها خائف.
فقال النعمان : أولى لك، بذلك نجوت، فنجا.
وسجل ذلك سعد بن مالك شعرا فقال:-
( قرعت العصا حتى تبين صاحبي .........ولم تك لولا ذاك للقوم تقرع )
( فقال رأيت الأرض ليس بممحل ..........ولا سارح فيها على الرعي يشبع )
( سواء فلا جدب فيعرف جدبها ...........ولا صابها غيث غزير فتمرع )
( فنجى بها حوباء نفس كريمة ............وقد كاد لولا ذاك فيهم يقطع )
أول من قرع العصا وقرعت له
ذكر أبو الفضل أحمد بن محمد الميداني النيسابوري في كتابه المشهور مجمع الامثال الجزء الاول
إنَّ العَصا قُرِعَتْ لِذِي الْحِلْم
قيل : إن أول من قُرِعت له العصا عمرُو بن مالك بن ضُبَيْعة أخو سعدِ بن مالك الكِناني وذلك أن سعداً أتى النعمانَ بن المنذر ومعه خيل له قادها وأخرى عَرَّاها فقيل له : لم عَرّيت هذه وقُدْت هذه ؟ قال : لم أقد هذه لأمْنَعَهَا ولم أعر هذه لأهَبَهَا . ثم دخل على النعمان فسأله عن أرضه فقال : أما مَطَرها فغَزير وأما نَبْتها فكثير فقال له النعمان : إنك لَقَوَّال وإن شئت أتيتك بما تَعْيا عن جوابه قال : نعم فأمر وَصيفاً له أن يَلْطِمَهُ فلطَمه لَطْمة فقال : ما جواب هذه ؟ قال : سَفِيه مأمور قال : الْطِمْه أخرى فلطمه قال : ما جوابُ هذه ؟ قال : لو أَخِذ بالأولى لم يعد للأخرى وإنما أراد النعمان أن يتعدَّى سعد في المنطق فيقتله قال : الطمه ثالثة فلطمه قال : ما جواب هذه ؟ قال : رَبٌّ يؤدب عبده قال : الْطِمْه [ ص 38 ] أخرى فلطمه قال : ما جواب هذه ؟ قال : مَلَكْتَ فأسْجِحْ فأرسلها مثلاً قال النعمان : أصَبْتَ فامكُثْ عندي وأعجبه ما رأى منه فمكث عنده ما مكث . ثم إنه بَدَا للنعمان أن يبعث رائداً فبعث عمراً أخا سَعْد فأبطأ عليه فأغضبه ذلك فأقسم لئن جاء ذامّاً للكلأ أو حامداً له ليقتلنه فقدم عمرو وكان سعد عند الملك فقال سعد : أتأذن أن أُكلمه ؟ قال : إذَنْ يقطع لسانك قال : فأشير إليه ؟ قال : إذن تقطع يدك قال : فأقرع له العصا ؟ قال : فَاقْرَعْها فتناول سعد عَصَا جليسِه وقَرَع بعصاه قرعةً واحدة فعرف أنه يقول له : مكانك ثم قرع بالعصا ثلاث قرعات ثم رفعها إلى السماء ومَسَح عَصَاه بالأرض فعرف أنه يقول له : لم أَجد جَدْباً ثم قرع العصا مراراً ثم رفعها شيئاً وأومأ إلى الأرض فعرف أنه يقول : ولا نَبَاتاً ثم قرع العصا قرعةً وأقبل نحو الملك فعرف أنه يقول : كَلِّمه فأقبل عمرو حتى قام بين يدي الملك فقال له : أخْبِرْنِي هل حمدت خِصْباً أو ذممت جَدْبا ؟ فقال عمرو : لم أذمم هُزْلا ولم أحمد بَقْلا الأرضُ مُشْكِلة لا خِصْبُها يعرف ولا جَدْبُها يوصف رائدُها واقف ومُنْكِرها عارف وآمنُها خائف . قال الملك : أَوْلى لك فقال سعد بن مالك يذكر قَرْع العصا :
قَرَعْتُ العَصَا حتى تبيَّنَ صاحِبِي ... ولم تَكُ لولا ذاك في القوم تُقْرَعُ
فقال : رأيتُ الأرضَ ليس بمُمْحِل ... ولا سارح فيها على الرعْيِ يَشْبَعُ
سَوَاء فلا جَدْب فيعرفَ جَدْبُها ... ولا صَابَهَا غَيْثٌ غَزير فتُمْرِعُ
فَنَجَّى بها حَوْباء نَفْسٍ كريمةٍ ... وقد كاد لولا ذَاكَ فِيهِمْ تقطعُ
هذا قول بعضهم . وقال آخرون في قولهم " إن العصا قرعت لذي الحلم " : إن ذا الحلم هذا هو عامر بن الظَّرِبِ العَدْوَاني وكان من حكماء العرب لا تَعْدِل بفهمه فهماً ولا بحكمه حكماً فلما طَعَنَ في السن أنكر من عقله شيئاً فقال لبنيه : إنه قد كبرَتْ سِنِّي وعرض لي سَهْو فإذا رأيتموني خرجْتُ من كلامي وأخذت في غيره فاقرعوا لي المِجَنَّ بالعصا وقيل : كانت له جارية يقال لها خصيلة فقال لها : إذا أنا خُولِطْتُ فاقرعي لي العصا وأُتيَ عامر بِخُنْثَى ليحكم فيه فلم يَدْر ما الحكم فجعل ينحَر لهم ويُطعمهم ويدافعهم بالقضاء فقالت خصيلة : ما شأنك ؟ قد أتلفْتَ مالك فخبرها أنه لا يدري ما حكم الخنثى فقالت : أَتْبِعْهُ مَبَاله . قال الشعبي : فحدثني ابن عباس بها [ ص 39 ] قال : فلما جاء الله بالإسلام صارت سنة فيه
وعامر هو الذي يقول :
أرى شَعَراتٍ على حاجِبَيّ ... بيضاً نبتن جميعاً تُؤَامَا
ظَلْلتُ أهاهي بهنَّ الكلا ... ب أَحْسَبُهُنَّ صِوَاراً قِياما
وأَحْسِبُ أَنْفِي إذا ما مَشَيْ ... تُ شَخْصاً أمامي رآني فقاما
يقال : إنه عاش ثلثمائة سنة وعو الذي يقول :
تقول ابنتي لما رأتني كأنني ... سَليمُ أَفَاعٍ ليلهُ غير مودع
وما الْمَوْتُ أفناني ولكن تتابَعَتْ ... على سِنُونَ مِنْ مَصيف ومَرْبَعِ
ثَلاَثُ مِئِينَ قد مَرَرْنَ كوامِلاً ... وها أنا هذا أرتجي مَرّ أَرْبَعِ
فأصبحتُ مثلَ النَّسْر طارَتْ فراخُه ... إذا رام تَطْياراً يقال له : قَعِ
أُخَبِّر أَخْبَارَ القرونِ التي مَضَتْ ... ولا بدَّ يوماً أن يُطَار بمَصْرَعِي
قال ابن الأعرابي : أول من قرعت له العصا عامر بن الظَّرِب العَدْوَاني وربيعة تقول : بل هو قيس بن خالد بن ذي الجَدَّيْن وتميم تقول : بل هو ربيعة بن مُخَاشِن أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم واليمن تقول : بل هو عمرو بن حُمَمَة الدوسيّ
قال : ( ذكر المجد في ( ص ح ر ) أنها أخت لقمان وتعقبوه وذكر هو نفسه في ( ح ك م ) أنها بنت لقمان وقد ذكر في الموضع الثاني حكام العرب وزاد عمن ذكرهم المؤلف هنا فارجع إليه إن شئت ) وكانت حكام تميم في الجاهلية أَكْثَمُ بن صَيْفي وحاجب بن زُرَارة والأقْرَع بن حَابس وربيعة بن مُخَاشن وضَمْرة بن ضَمْرة غير أن ضمرة حكم فأخذ رِشْوة فغَدَر . وحُكام قَيْس : عامر بن الظَّرِب وغَيْلاَن بن سَلَمة الثقفي وكانت له ثلاثة أيام : يوم يحكم فيه بين الناس ويوم ينشد فيه شعره ويوم ينظر فيه إلى جماله وجاء الإسلام وعنده عشر نسوة فخيره النبي صلى الله عليه و سلم فاختار أربعاً فصارت سنة . وحكام قريش : عبدُ المطلب وأبو طالب والعاصي بن وائل . وحكيمات العرب : صُحْرُ بنت لقمان ( ذكر المجد في ( ص ح ر ) أنها أخت لقمان وتعقبوه وذكر هو نفسه في ( ح ك م ) أنها بنت لقمان وقد ذكر في الموضع الثاني حكام العرب وزاد عمن ذكرهم المؤلف هنا فارجع إليه إن شئت ) وهند بنت الْخُسّ وجمعة بنت حابس وابنة عامر بن الظَّرِبِ الذي يقال له " ذو الحلم " قال المتلمس يريده :
لِذِي الْحِلْم قبل اليوم ما تُقْرَعُ العصَا ... وما عُلِّم الإنسان إلا لِيَعْلَمَا
والمثل يضرب لمن إذا نُبِّه انتبه .
حاول الشعوبيون على مر التاريخ ان يحطوا من شان العرب ومكانتهم ويطمسوا على ماضيهم والناصع من ملكاتهم وصفاتهم ولا يسجلون لهم الا الجانب المظلم من تواريخهم والتركيز على سفاهة جاهليتهم
من علوم العرب الدالة على فطنتهم وذكائهم والتي اهلتهم لان يكونوا اهلا لحمل الرسالة للعالمين وتكون النبوة الخاتمة فيهم ويختارهم الله لحملها للعالمين ويختارهم ربهم الحكيم لتمتزج طاقتهم بطاقة الاسلام الدين الذي ارتضاه الله تعالى للعالمين:-
1= قرع العصا: وافسره لكم اخواني بهذه الحكاية...
لقي النعمان بن المنذر سعد بن مالك، ومعه خيل بعضها يقاد، وبعضها أعراء مهملة، فلما انتهى إلى النعمان سأله عنها، فقال سعد : إني لم أقد هذه لأمنعها، ولم أعر هذه لأضيعها.
فسأله النعمان عن أرضه : هل أصبحت غيث يحمد أثره، ويروي شجره؟ فقال سعد : أما المطر فغزير، وأما الورق فشكير، وأما النافذة فساهرة، وأما الحازرة فشبعى نائمة.
فقال النعمان - وحسده على ما رأى من ذرب لسانه-: وأبيك إنك لمفوه، فإن شئت أتيتك بما تعيا عن جوابه. فقال : شئت، إن لم يكن منك إفراط.
فأمر النعمان وصيفاً فلطمه - وإنما أراد أن يتعدى في القول فيقتله - فقال : ما جواب هذه ؟ فقال سعد : سفيه مأمور؛ فقال النعمان للوصيف : الطمه أخرى.
فلطمه؛ وقال : ما جواب هذه ؟ قال : لو نُهَى عن الأولى لم يعد الأخرى.
فقال النعمان: الطمه أخرى ففعل. فقال: ما جواب هذه ؟ فقال: رب يؤدب عبده. فقال: الطمه أخرى، ففعل. فقال : ما جواب هذه؟ فقال : ملكت فأسجح؛ فقال النعمان: أصبت فاقعد؛ فمكث عنده ما مكث.
ثم بدا للنعمان أن يبعث رائداً يرتاد له الكلأ؛ فبعث عمرو بن مالك أخا سعد بن مالك، فأبطأ عليه فأغضبه ذلك.
فأقسم لئن جاء حامداً للكلأ أو ذاما ليقتلنه.
فلما قدم عمرو دخل على النعمان، وعنده الناس وسعد قاعد لديه مع الناس، وكان قد عرف ما أقسم به النعمان من يمينه، فقال سعد : أتأذن لي فأكلمه ؟ قال: إن كلمته قطعت لسانك. قال : فأشير إليه ؟ قال : إن أشرت إليه قطعت يدك.
قال : فأومى إليه ؟ قال : إذن أنزع حدقتيك. قال : فأقرع له العصا ؟ قال : اقرع.
فتناول عصا من بعض جلسائه فوضعها بين يديه، وأخذ عصاه التي كانت معه وأخوه قائم؛ فقرع بعصاه العصا الأخرى قرعة واحدة؛ فنظر إليه أخوه، ثم أومأ بالعصا نحوه، فعرف أنه يقول له : مكانك، ثم قرع العصا قرعة واحدة، ثم رفعها إلى السماء، ثم مسح عصاه بالأخرى، فعرف أنه يقول: قل له: لم أجد جدباً.
ثم قرع العصا مراراً بطرف عصاه ثم رفعها شيئاً، فعرف أنه يقول : ولا نباتاً.
ثم قرع العصا قرعة، وأقبل بها نحو النعمان، فعرف أنه يقول : كلمه.
فاقبل عمرو بن مالك حتى وقف بين يدي النعمان، فقال له النعمان: هل حمدت خصباً، وأذمت جدباً؟ فقال عمرو: لم أذمم جدباً، ولم أحمد بقلا، الأرض مشكلة لا خصبها يعرف، ولا جدبها يوصف، رائدها واقف، ومنكرها عارف؛ وآمنها خائف.
فقال النعمان : أولى لك، بذلك نجوت، فنجا.
وسجل ذلك سعد بن مالك شعرا فقال:-
( قرعت العصا حتى تبين صاحبي .........ولم تك لولا ذاك للقوم تقرع )
( فقال رأيت الأرض ليس بممحل ..........ولا سارح فيها على الرعي يشبع )
( سواء فلا جدب فيعرف جدبها ...........ولا صابها غيث غزير فتمرع )
( فنجى بها حوباء نفس كريمة ............وقد كاد لولا ذاك فيهم يقطع )
أول من قرع العصا وقرعت له
ذكر أبو الفضل أحمد بن محمد الميداني النيسابوري في كتابه المشهور مجمع الامثال الجزء الاول
إنَّ العَصا قُرِعَتْ لِذِي الْحِلْم
قيل : إن أول من قُرِعت له العصا عمرُو بن مالك بن ضُبَيْعة أخو سعدِ بن مالك الكِناني وذلك أن سعداً أتى النعمانَ بن المنذر ومعه خيل له قادها وأخرى عَرَّاها فقيل له : لم عَرّيت هذه وقُدْت هذه ؟ قال : لم أقد هذه لأمْنَعَهَا ولم أعر هذه لأهَبَهَا . ثم دخل على النعمان فسأله عن أرضه فقال : أما مَطَرها فغَزير وأما نَبْتها فكثير فقال له النعمان : إنك لَقَوَّال وإن شئت أتيتك بما تَعْيا عن جوابه قال : نعم فأمر وَصيفاً له أن يَلْطِمَهُ فلطَمه لَطْمة فقال : ما جواب هذه ؟ قال : سَفِيه مأمور قال : الْطِمْه أخرى فلطمه قال : ما جوابُ هذه ؟ قال : لو أَخِذ بالأولى لم يعد للأخرى وإنما أراد النعمان أن يتعدَّى سعد في المنطق فيقتله قال : الطمه ثالثة فلطمه قال : ما جواب هذه ؟ قال : رَبٌّ يؤدب عبده قال : الْطِمْه [ ص 38 ] أخرى فلطمه قال : ما جواب هذه ؟ قال : مَلَكْتَ فأسْجِحْ فأرسلها مثلاً قال النعمان : أصَبْتَ فامكُثْ عندي وأعجبه ما رأى منه فمكث عنده ما مكث . ثم إنه بَدَا للنعمان أن يبعث رائداً فبعث عمراً أخا سَعْد فأبطأ عليه فأغضبه ذلك فأقسم لئن جاء ذامّاً للكلأ أو حامداً له ليقتلنه فقدم عمرو وكان سعد عند الملك فقال سعد : أتأذن أن أُكلمه ؟ قال : إذَنْ يقطع لسانك قال : فأشير إليه ؟ قال : إذن تقطع يدك قال : فأقرع له العصا ؟ قال : فَاقْرَعْها فتناول سعد عَصَا جليسِه وقَرَع بعصاه قرعةً واحدة فعرف أنه يقول له : مكانك ثم قرع بالعصا ثلاث قرعات ثم رفعها إلى السماء ومَسَح عَصَاه بالأرض فعرف أنه يقول له : لم أَجد جَدْباً ثم قرع العصا مراراً ثم رفعها شيئاً وأومأ إلى الأرض فعرف أنه يقول : ولا نَبَاتاً ثم قرع العصا قرعةً وأقبل نحو الملك فعرف أنه يقول : كَلِّمه فأقبل عمرو حتى قام بين يدي الملك فقال له : أخْبِرْنِي هل حمدت خِصْباً أو ذممت جَدْبا ؟ فقال عمرو : لم أذمم هُزْلا ولم أحمد بَقْلا الأرضُ مُشْكِلة لا خِصْبُها يعرف ولا جَدْبُها يوصف رائدُها واقف ومُنْكِرها عارف وآمنُها خائف . قال الملك : أَوْلى لك فقال سعد بن مالك يذكر قَرْع العصا :
قَرَعْتُ العَصَا حتى تبيَّنَ صاحِبِي ... ولم تَكُ لولا ذاك في القوم تُقْرَعُ
فقال : رأيتُ الأرضَ ليس بمُمْحِل ... ولا سارح فيها على الرعْيِ يَشْبَعُ
سَوَاء فلا جَدْب فيعرفَ جَدْبُها ... ولا صَابَهَا غَيْثٌ غَزير فتُمْرِعُ
فَنَجَّى بها حَوْباء نَفْسٍ كريمةٍ ... وقد كاد لولا ذَاكَ فِيهِمْ تقطعُ
هذا قول بعضهم . وقال آخرون في قولهم " إن العصا قرعت لذي الحلم " : إن ذا الحلم هذا هو عامر بن الظَّرِبِ العَدْوَاني وكان من حكماء العرب لا تَعْدِل بفهمه فهماً ولا بحكمه حكماً فلما طَعَنَ في السن أنكر من عقله شيئاً فقال لبنيه : إنه قد كبرَتْ سِنِّي وعرض لي سَهْو فإذا رأيتموني خرجْتُ من كلامي وأخذت في غيره فاقرعوا لي المِجَنَّ بالعصا وقيل : كانت له جارية يقال لها خصيلة فقال لها : إذا أنا خُولِطْتُ فاقرعي لي العصا وأُتيَ عامر بِخُنْثَى ليحكم فيه فلم يَدْر ما الحكم فجعل ينحَر لهم ويُطعمهم ويدافعهم بالقضاء فقالت خصيلة : ما شأنك ؟ قد أتلفْتَ مالك فخبرها أنه لا يدري ما حكم الخنثى فقالت : أَتْبِعْهُ مَبَاله . قال الشعبي : فحدثني ابن عباس بها [ ص 39 ] قال : فلما جاء الله بالإسلام صارت سنة فيه
وعامر هو الذي يقول :
أرى شَعَراتٍ على حاجِبَيّ ... بيضاً نبتن جميعاً تُؤَامَا
ظَلْلتُ أهاهي بهنَّ الكلا ... ب أَحْسَبُهُنَّ صِوَاراً قِياما
وأَحْسِبُ أَنْفِي إذا ما مَشَيْ ... تُ شَخْصاً أمامي رآني فقاما
يقال : إنه عاش ثلثمائة سنة وعو الذي يقول :
تقول ابنتي لما رأتني كأنني ... سَليمُ أَفَاعٍ ليلهُ غير مودع
وما الْمَوْتُ أفناني ولكن تتابَعَتْ ... على سِنُونَ مِنْ مَصيف ومَرْبَعِ
ثَلاَثُ مِئِينَ قد مَرَرْنَ كوامِلاً ... وها أنا هذا أرتجي مَرّ أَرْبَعِ
فأصبحتُ مثلَ النَّسْر طارَتْ فراخُه ... إذا رام تَطْياراً يقال له : قَعِ
أُخَبِّر أَخْبَارَ القرونِ التي مَضَتْ ... ولا بدَّ يوماً أن يُطَار بمَصْرَعِي
قال ابن الأعرابي : أول من قرعت له العصا عامر بن الظَّرِب العَدْوَاني وربيعة تقول : بل هو قيس بن خالد بن ذي الجَدَّيْن وتميم تقول : بل هو ربيعة بن مُخَاشِن أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم واليمن تقول : بل هو عمرو بن حُمَمَة الدوسيّ
قال : ( ذكر المجد في ( ص ح ر ) أنها أخت لقمان وتعقبوه وذكر هو نفسه في ( ح ك م ) أنها بنت لقمان وقد ذكر في الموضع الثاني حكام العرب وزاد عمن ذكرهم المؤلف هنا فارجع إليه إن شئت ) وكانت حكام تميم في الجاهلية أَكْثَمُ بن صَيْفي وحاجب بن زُرَارة والأقْرَع بن حَابس وربيعة بن مُخَاشن وضَمْرة بن ضَمْرة غير أن ضمرة حكم فأخذ رِشْوة فغَدَر . وحُكام قَيْس : عامر بن الظَّرِب وغَيْلاَن بن سَلَمة الثقفي وكانت له ثلاثة أيام : يوم يحكم فيه بين الناس ويوم ينشد فيه شعره ويوم ينظر فيه إلى جماله وجاء الإسلام وعنده عشر نسوة فخيره النبي صلى الله عليه و سلم فاختار أربعاً فصارت سنة . وحكام قريش : عبدُ المطلب وأبو طالب والعاصي بن وائل . وحكيمات العرب : صُحْرُ بنت لقمان ( ذكر المجد في ( ص ح ر ) أنها أخت لقمان وتعقبوه وذكر هو نفسه في ( ح ك م ) أنها بنت لقمان وقد ذكر في الموضع الثاني حكام العرب وزاد عمن ذكرهم المؤلف هنا فارجع إليه إن شئت ) وهند بنت الْخُسّ وجمعة بنت حابس وابنة عامر بن الظَّرِبِ الذي يقال له " ذو الحلم " قال المتلمس يريده :
لِذِي الْحِلْم قبل اليوم ما تُقْرَعُ العصَا ... وما عُلِّم الإنسان إلا لِيَعْلَمَا
والمثل يضرب لمن إذا نُبِّه انتبه .