أيها المنكوبون... اخرجوا من تحت الأنقاض، ومدوا الكهرباء للمخيمات، وارفعوا أعينكم إلى السماء، ليس لتشتكوا من ظلم العباد، وإنما لتروا أين كان العرب وأنتم تبادون وتسحقون
وهكذا هي الشعوب العربية: إن لم يبددوا لها ثروتها الوطنية ويهجروها من ديارها، أحرقتها هي في "ألعاب نارية"!؟ تجارة بائرة، مثل الدخان، تأتيهم بالثراء السريع وتدمر اقتصادهم على المدى البعيد، وهذه نتائج الاهتمام بالمادة والجنوح لثقافة الاستهلاك: ملايين الدولارات، طارت في الهواء، وملايين أخرى –اقتنصها الدهاة من السماء- ودخلت جيوب المنتفعين ليزدادوا ثراء، ويزيد غيرهم فقراً
ثم تأتي الحكومات لترفع الدعم عن الأغذية الأساسية، وغيرها من المواد الضرورية، ويقولون مراعاة لحال الميزانيات!؟
بعض البلاد العربية تشارك اليوم بالاحتفال، وبعد سنتين أو ثلاث سيصيبها العجز والهلاك، فلا تتبقى لها تجارة تربح من ورائها لأنها لم تبن مصنعاً ولم تصنع آلة تدر عليها الأرباح، وإنما تاجرت بالترهات، ذبحت الإنسانية، وأنفقت أموالها في لهو وتسلية وعوائد ربحية، وخرجت بسلوكها من البشرية...
الله أكبر: الهنود والروس والإيرانيون وغيرهم... يحتفلون في مدينة السلام في وئام! مدينة كبيرة جمعت الطوائف المختلفة في حب ووداد (ولم تتسع دولتهم لمجموعة من السوريين، فأُُخرج بعضهم فجأة ذات ليلة دون مقدمات وإقاماتهم سارية المفعول!؟)
تخيلوا، من أجل 24 دقيقة احتفال (فقط): 180 يوماً من التخطيط المحكم و60 يوماً من الاستعدادات والتجهيزات لتشهد المدينة ما يعادل 9 أطنان من الألعاب النارية الخلابة تطلق من 685 موقعا والتي سيقوم بإدارتها والإشراف عليها أكثر من 100 تقني ....
يا إلهي، يا إلهي: كم كلف هذا يا ترى؟!
وقبل قليل انطلقت الاحتفالات وكلما انفجرت مجموعة منها عالياً في السماء هوى إلى الأرض مجموعة من الأبنية، وسقط عدد من الشهداء (في سوريا واليمن وليبيا والعراق...)، وكلما ملأت الأجواء صرخة فرح، كانت هناك استغاثة، وصرخة ألم (من فقد طرف أو حاسة كالبصر، أو هلع من البقاء تحت الأنقاض...)
وجاؤوا فوقها بألمع نجوم الطرب!؟ وتراهم يحتفلون والعالم يخص بالمآسي؟ وبالجياع والمحرومين والمظلومين؟!
والعجيب أن بعض البلاد الأجنبية لغوا الاحتفال خوفا من الإرهاب، وبعضها الآخر اختصروه لأن أجواء الإرهاب تسيطر! ولكنهم في بعض البلاد العربية (التي تحدثت عن فظاعة الإرهاب)، نسيت خطره في غمرة الاحتفالات، بل استطاعوا إقامة الحفلات بكل أمان واطمئنان!؟ وما رأينا أي إرهاب (فهل سيسندونه للحريق)؟!
عابدة المؤيد العظم