حَنِين
الخامِسةُ فجرًا ، لا رغبَةَ لي بالنُّهوضِ لكنهم سيسبقونَنِي ،
لهم الله ...كلَّ يومٍ قُبيلَ الفجرِ تراهُم يتجمّعونَ في ساحَةِ البلدَةِ ، يترافقونَ، منذ سنواتٍ ، للعَمَلِ في السَّهلِ .
تصويرٌ سريعٌ لأَفكارِ حنين ، وهي الفتاةُ الّتي تضِجُّ بالحياةِ : نعومَةٌ آسِرَةٌ وجمالٌ أُنثَوِيٍّ .
أَنهت ارتداءَ ملابِسِها ، لا وقتَ لتناوُلِ أَيِّ طعامٍ ولا رغبَةَ ...
حسنًا ، ستأْكُلُ معهُم وقت الاستراحَةِ .
حملت حقيبَتَها أَو بالأَحرى كيسَ القُماشِ المُزَركَشِ ومَضتْ مُسرِعَةً ، دلَّتها أصواتُ دندَنَتِهِم إلى مكانِ وجودِهِم .
انضَمَّتْ إِليهم وغناؤهم يُحيي الأَرجاءَ . أَلطَّريقُ رُغمَ بُعدِ المسافَةِ بدتْ محفوفةً بالحياةِ ، وكأَنَّهُم خُلقوا للعَمَلِ في الأَرضِ .
نسَوا شهاداتِهم أَو بالأحرى تناسَوها واندمجوا معَ واقِعِم الجَديدِ ، جُلُّ همِّهم البقاءُ والحفاظُ على كيانِهِم وسطَ هذه المعمعةِ منْ فوضى أُغرِقت فيها بلادُهم قسرًا .
- أَهلًا حنين وأخيرًا استفقتِ باكرًا وتنازَلتِ لمرافقَتِنا .
- ليث متى تَكُفّ عن شتمِي أَيُّها الزَّعيمُ ، إخالُكَ المسؤول عنِّي وأَنا لا أدري !
-رويدَكِ عزيزتِي كنتُ أَقولُ صباحَ الخيرِ !
-وهل قولَةُ صباحِ الخَيرِ تحتاجُ لديباجَةٍ ؟..
أَلا ترانِي كلَّ يومٍ أَستفيقُ مرغمةً لمرافَقَتِكم ؟ متى سينتهي هذا الكابوس ؟ أَعدلٌ أَن نستمِرَّ هكذا طويلًا ؟
- فهمت...الثَّورةُ على الواقِعِ ...
- نعم أَرفُضُ أَن أَرضخَ !
أَخبرنِي ليث لمَ أَمضينا سنواتٍ في العلمِ والسَّهرِ إِن كان علينا أَن نعملَ أُجراءَ ...
لم أَعُدْ مقتنِعَةً أَنَّ الفرجَ قريبٌ ، نحنُ نسيرُ وهو يسبِقُنا ... لن نُدرِكَهُ !..
دفعنا ثمنًا باهِظًا لما لا دخلَ لنا بهِ ، فقط لأَنَّنا ننتمي ...
تنفَّسا محاوِلَين درءَ دموعٍ انحدرَت رغمًا عن أَنفِهِما ، ودندنا بصوتٍ حزين : يسعد صباحَك يا وطن ...