بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اهدنا واصلح بالنا
سؤال - ماهوتفسير قوله تعالى : "وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" [محمد:2]وما المقصود بكلمة البال؟؟
الجواب بعد حمد الله تعالى والصلاة والسلام على رسوله نقول وبالله المستعان:-
قال أبو عبيدة : في معنى قوله تعالى : "سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ" [محمد:5] ، "أي شأنهم"(ذكره ابن حجر في شرحه للبخاري). وعن النَّقَاش "أصلح نياتهم"(ذكره الشوكاني في تفسيره فتح القدير).
وذكر الراغب الأصفهاني في كتابه غريب القران : "البال : الحال التي يكترث بها، ويقال ما بَالَيْت بكذا بَالَةً أي ما اكْتَرَثْتُ بِهِ.
وذكر الكفوي في كتابه الكليات : "البَال : الحال والشأن والقلب. وأمر ذو بَال : أي شرف يهتم به، كأن الأمر لشرفه وعِظَمه قد ملك قلب صاحبه لاشتغاله به".
ويطلق البَال على الفكر، كما يطلق البَال على القلب، أي العقل وما يخطر للمرء من التفكير والانشغال الفكري والعقلي ولربما سبب التوتر النفسي الذي عادة ما يرافق قلق وانشغال الفكر الناتج عن عدم وضوح الرؤيا والاهتداء الى العلاج وهو أكثر إطلاقه ولعله حقيقة فيه.
قال ابو حيان الاندلسي في تفسيره البحر المحيط:- وحقيقة لفظ البال أنها بمعنى الفكر، والموضع الذي فيه نظر الإنسان وهو القلب، فإذا صلح ذلك فقد صلحت حاله، فكان اللفظ مشيرا إلى صلاح عقيدتهم .
وقال ابن منظورفي لسان العرب: "بَالَى بالشيء يُبَالِي به إذا اهتمَّ به، وقيل: اشتقاقُ بَالَيْتُ من البَالِ بَالِ النفسِ، وهو الاكتراثُ . ومنه أيضا : لم يخطرْ بِبِالِي ذلك الأمر أي لم يُكْرِثْنِي".
ورد صلاح البال في سورة محمد في موضعين منها هما :
- الآية الثانية : "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" [محمد:2].
- والآية الخامسة : "سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ" [محمد:5].
قال البقاعي في تفسير قوله تعالى : "وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" [محمد:2]، "أي موضع سرهم –المؤمنين- وفكرهم بالأمن والتوفيق والسداد وقوة الفهم والرشاد لما يوفقهم له من محاسن الأعمال ويطيب به اسمهم في الدارين، قال ابن برجان : وإذا أصلح ذلك من العبد صلح ما يدخل إليه وما يخرج عنه وما يثبت فيه، وإذا فسد فبالضد من ذلك، ولذلك إذا اشتغل البال لم ينتفع من صفات الباطن بشيء، وقد علم أن الآية من الاحتباك(قال السيوطي في الاتقان :"مأخذ هذه التسمية من الحبك، الذي معناه الشَّد والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب، فحبك الثوب سد ما بين خيوطه من الفُرِج وشدة إحكامه، بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسنِ والرَّوْنَق . وقال الأندلسي في شرح البديعية : من أنواع البديع الاحتباك، وهو نوع، وهو أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول") وقال في كتاب نظم الدر في تناسب الايات والسور: فذكر ضلال الكفار أولا دليل على إرادة الهدى للمؤمنين ثانيًا، وإصلاح البال ثانيًا دليلا على حذف إفساده أولا".
وذكر الخازن في كتابه لباب التاويل في قوله تعالى : "وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" [محمد:2]، "يعني حالهم وشأنهم وأمرهم بالتوفيق في أمور الدِّين والتسليط على أمور الدُّنيا بما أعطاهم من النصر على أعدائهم. وقيل أصلح بالهم يعني قلوبهم لأن القلبَ إذا صلح صَلُح سائر الجسد. وقال ابن عباس: عصمهم أيام حياتهم يعني أن هذا الإصلاح يعود إلى إصلاح أعمالهم حتى لا يعصوا.." .
وقال صاحب التحرير والتنوير -الطاهر ابن عاشور- في تفسير قوله تعالى : "وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" [محمد:2]: "إصلاح البال يجمع إصلاح الأمور كلها لأن تصرفات الإنسان تأتي على حسب رأيه، فالتوحيد أصل صلاح بال المؤمن، ومنه تنبعث القوى المقاومة للأخطاء والأوهام التي تلبس بها أهل الشرك، وحكاها عنهم القرآن في مواضع كثيرة، والمعنى: أقام أنظارهم وعقولهم فلا يفكرون إلا صالحا ولا يتدبرون إلا ناجحا"
وقد وردت لفظة صلاح البال في السنة النبوية المطهرة بعد الدعوة بالهداية لمن عطس، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ)) (رواه الامام البخاري في صحيحه).
وقال السعدي في تفسيره: "أصلح دينهم ودنياهم، وقلوبهم وأعمالهم، وأصلح ثوابهم، بتنميته وتزكيته، وأصلح جميع أحوالهم".
ان صلاح البال يشمل وينتظم كل امور الحياة والاخرة والتوفيق لصلاحها والسداد في الراي والرشاد في العمل ويشمل طبعاً؛ الفوز في الدنيا، والنجاة في الآخرة وتحقق السعادة لهم في الدارين،وسيجدون اعمالهم نورا يوم القيامة يسعى بين ايديهم، على عكس الختام الذي سيلاقيه الكفار الذين تعسوا وتعست اعمالهم، إذ لا يصلون إلى ثمرة اعمالهم و جهودهم ومساعيهم، ولا نصيب لهم إلاّ الهزيمة والخسران بحكم قوله تعالى : (والذين كفروا أضلّ أعمالهم) ، ففي الدنيا سيغلبون ويولون الدبر وفي الاخرة ستكون اعمالهم هباءا منثورا وحسرات عليهم .
اسال الله الهداية وصلاح البال والحال والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اللهم اهدنا واصلح بالنا
سؤال - ماهوتفسير قوله تعالى : "وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" [محمد:2]وما المقصود بكلمة البال؟؟
الجواب بعد حمد الله تعالى والصلاة والسلام على رسوله نقول وبالله المستعان:-
قال أبو عبيدة : في معنى قوله تعالى : "سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ" [محمد:5] ، "أي شأنهم"(ذكره ابن حجر في شرحه للبخاري). وعن النَّقَاش "أصلح نياتهم"(ذكره الشوكاني في تفسيره فتح القدير).
وذكر الراغب الأصفهاني في كتابه غريب القران : "البال : الحال التي يكترث بها، ويقال ما بَالَيْت بكذا بَالَةً أي ما اكْتَرَثْتُ بِهِ.
وذكر الكفوي في كتابه الكليات : "البَال : الحال والشأن والقلب. وأمر ذو بَال : أي شرف يهتم به، كأن الأمر لشرفه وعِظَمه قد ملك قلب صاحبه لاشتغاله به".
ويطلق البَال على الفكر، كما يطلق البَال على القلب، أي العقل وما يخطر للمرء من التفكير والانشغال الفكري والعقلي ولربما سبب التوتر النفسي الذي عادة ما يرافق قلق وانشغال الفكر الناتج عن عدم وضوح الرؤيا والاهتداء الى العلاج وهو أكثر إطلاقه ولعله حقيقة فيه.
قال ابو حيان الاندلسي في تفسيره البحر المحيط:- وحقيقة لفظ البال أنها بمعنى الفكر، والموضع الذي فيه نظر الإنسان وهو القلب، فإذا صلح ذلك فقد صلحت حاله، فكان اللفظ مشيرا إلى صلاح عقيدتهم .
وقال ابن منظورفي لسان العرب: "بَالَى بالشيء يُبَالِي به إذا اهتمَّ به، وقيل: اشتقاقُ بَالَيْتُ من البَالِ بَالِ النفسِ، وهو الاكتراثُ . ومنه أيضا : لم يخطرْ بِبِالِي ذلك الأمر أي لم يُكْرِثْنِي".
ورد صلاح البال في سورة محمد في موضعين منها هما :
- الآية الثانية : "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" [محمد:2].
- والآية الخامسة : "سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ" [محمد:5].
قال البقاعي في تفسير قوله تعالى : "وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" [محمد:2]، "أي موضع سرهم –المؤمنين- وفكرهم بالأمن والتوفيق والسداد وقوة الفهم والرشاد لما يوفقهم له من محاسن الأعمال ويطيب به اسمهم في الدارين، قال ابن برجان : وإذا أصلح ذلك من العبد صلح ما يدخل إليه وما يخرج عنه وما يثبت فيه، وإذا فسد فبالضد من ذلك، ولذلك إذا اشتغل البال لم ينتفع من صفات الباطن بشيء، وقد علم أن الآية من الاحتباك(قال السيوطي في الاتقان :"مأخذ هذه التسمية من الحبك، الذي معناه الشَّد والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب، فحبك الثوب سد ما بين خيوطه من الفُرِج وشدة إحكامه، بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسنِ والرَّوْنَق . وقال الأندلسي في شرح البديعية : من أنواع البديع الاحتباك، وهو نوع، وهو أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول") وقال في كتاب نظم الدر في تناسب الايات والسور: فذكر ضلال الكفار أولا دليل على إرادة الهدى للمؤمنين ثانيًا، وإصلاح البال ثانيًا دليلا على حذف إفساده أولا".
وذكر الخازن في كتابه لباب التاويل في قوله تعالى : "وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" [محمد:2]، "يعني حالهم وشأنهم وأمرهم بالتوفيق في أمور الدِّين والتسليط على أمور الدُّنيا بما أعطاهم من النصر على أعدائهم. وقيل أصلح بالهم يعني قلوبهم لأن القلبَ إذا صلح صَلُح سائر الجسد. وقال ابن عباس: عصمهم أيام حياتهم يعني أن هذا الإصلاح يعود إلى إصلاح أعمالهم حتى لا يعصوا.." .
وقال صاحب التحرير والتنوير -الطاهر ابن عاشور- في تفسير قوله تعالى : "وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ" [محمد:2]: "إصلاح البال يجمع إصلاح الأمور كلها لأن تصرفات الإنسان تأتي على حسب رأيه، فالتوحيد أصل صلاح بال المؤمن، ومنه تنبعث القوى المقاومة للأخطاء والأوهام التي تلبس بها أهل الشرك، وحكاها عنهم القرآن في مواضع كثيرة، والمعنى: أقام أنظارهم وعقولهم فلا يفكرون إلا صالحا ولا يتدبرون إلا ناجحا"
وقد وردت لفظة صلاح البال في السنة النبوية المطهرة بعد الدعوة بالهداية لمن عطس، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ)) (رواه الامام البخاري في صحيحه).
وقال السعدي في تفسيره: "أصلح دينهم ودنياهم، وقلوبهم وأعمالهم، وأصلح ثوابهم، بتنميته وتزكيته، وأصلح جميع أحوالهم".
ان صلاح البال يشمل وينتظم كل امور الحياة والاخرة والتوفيق لصلاحها والسداد في الراي والرشاد في العمل ويشمل طبعاً؛ الفوز في الدنيا، والنجاة في الآخرة وتحقق السعادة لهم في الدارين،وسيجدون اعمالهم نورا يوم القيامة يسعى بين ايديهم، على عكس الختام الذي سيلاقيه الكفار الذين تعسوا وتعست اعمالهم، إذ لا يصلون إلى ثمرة اعمالهم و جهودهم ومساعيهم، ولا نصيب لهم إلاّ الهزيمة والخسران بحكم قوله تعالى : (والذين كفروا أضلّ أعمالهم) ، ففي الدنيا سيغلبون ويولون الدبر وفي الاخرة ستكون اعمالهم هباءا منثورا وحسرات عليهم .
اسال الله الهداية وصلاح البال والحال والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.