بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين مفهوم الجهاد ومفهوم القتال...
الجهاد لفظ عام ويراد به كما اخبر ابن منظور في لسان العرب :"استفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل". وقد جاء ذكره في القران الكريم في المرحلة المكية حيث قال سبحانه: ﴿وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً﴾ (الفرقان:52).اي بالقران الكريم في حين قل وندر ذكره في الاحاديث الشريفة في تلك المرحلة الدعوية المكية، التي كانت مرحلة سلمية، لم يؤمر فيها مؤمن بحمل او رفع سلاح واشهاره في وجه عدو، مع ان الصفة العامة كانت للمجتمع معادات الدعوة ودعاتها. وكانت الاوامر الربانية و التوجيهات النبوية تامر الدعاة بالصبر والثبات، وتبشرهم بالاجر والثواب، و تعدهم بهزيمة جموع الكفر امام جمع الايمان والتوحيد .
فالجهاد لفظ عام ابوابه وانواعه متعددة . فالدعوة لله جهاد، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاد، وتعلم العلم جهاد، وكلمة الحق والخير والنصح جهاد، واحقاق الحق والسعي لاحقاقه جهاد، وكذلك الحج جهاد المرأة والضعفاء ، والصوم واداء الصلوات والزام النفس بادائها جهاد، ومحاسبة النفس وتربيتها وتهذيب سلوكها والزامها بطاعة الله تعالى وردعها عن الانفلات والمعاصي جهاد، فالجهاد في الإسلام أعم من القتال، وما القتال الا باب وجزء من الجهاد. وليس كل قتال جهاد فهناك القتال الممنوع شرعا وهو القتال بين االمسلمين الذي يجب وقفه ومنعه.
والمتتبع بعين البصيرة يجد ان تشريع القتال الذي الاصل فيه كره الطباع والنفوس له، لم يتم الا في المدينة المنورة وليس في مكة. لذلك سميت بيعة العقبة الثانية التي هي حقيقة بيعة اقامة الدولة سميت ببيعة القتال.. اي ان القتال منوط بالدولة ومن اعمال السلطان، وليس من اعمال الافراد والجماعات والكتل والاحزاب في الاسلام. حيث ان القتال والمقاتلين يحتاجون الى السلاح والانفاق والقرار والتخطيط والمدد والعون من حاضنة شعبية تقف وتساند وتدعم المقاتلين.
قال الله تعالى:- (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:39-40].قال مجاهد والضحاك وغير واحد من السلف كـابن عباس وعروة بن الزبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة وغيرهم: هذه أول آية نزلت في الجهاد، واستدل بهذه الآية بعضهم على أن السورة مدنية. وقال ابن جرير : عن ابن عباس قال: (لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر رضي الله عنه: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكُن قال ابن عباس رضي الله عنهما: فأنزل الله عز وجل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39] . قال أبو بكر رضي الله عنه: فعرفت أنه سيكون قتال). ورواه الإمام أحمد عن إسحاق بن يوسف الأزرق به. وزاد: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (وهي أول آية نزلت في القتال).
يقرر الإسلام أن القتال هو الاستثناء المكروه وليس القاعدة الاساس: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾(البقرة: 216)، وليس هناك "مكتوب" و"مفروض" وصف في القرآن الكريم بأنه "كُرْهٌ" سوى القتال. فالإسلام يرفض الفلسفات التي اعتبرت القتل والقتال وإزهاق الأرواح جبلّة جُبل عليها الإنسان وغريزة من غرائزه المتأصلة فيه.
ولقد بينت السنة النبوية المطهرة وأكدت هذه النظرة الإسلامية إزاء القتال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا العافية، فإذا لقيتموهم فاثبتوا وأكثروا ذكر الله" (رواه الدارمي). فالقتال وسيلة وليس غاية بحد ذاته .
ولعل من ابرز قوانين القتال في الاسلام وادابه وقواعده ما أوصى به ابو بكر رضي الله عنه وارضاه قائد جيشه يزيد بن أبي سفيان وهو يودعه أميراً على الجيش الذاهب لرد عدوان البيزنطيين في الشام، فقال في وثيقة الوصايا العشر: "إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبَّسوا أنفسهم لله (الرهبان) فدعهم وما زعموا أنهم حبّسوا أنفسهم له ... وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأةً ولا صبيّاً، ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخرّبن عامراً، ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلاً، ولا تفرقنه، ولا تغْلُل، ولا تجْبُن"(رواه مالك في الموطأ). كما ونهى النبي سلام الله عليه عن القاء السم بارض العدو وهو ما يعرف اليوم بالحرب الشاملة التي تدمر الحياة وتسمم البيئة وتقتل الاحياء.
ولعلنا بهذا القدر بينا ما تتم به الفائدة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفرق بين مفهوم الجهاد ومفهوم القتال...
الجهاد لفظ عام ويراد به كما اخبر ابن منظور في لسان العرب :"استفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل". وقد جاء ذكره في القران الكريم في المرحلة المكية حيث قال سبحانه: ﴿وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً﴾ (الفرقان:52).اي بالقران الكريم في حين قل وندر ذكره في الاحاديث الشريفة في تلك المرحلة الدعوية المكية، التي كانت مرحلة سلمية، لم يؤمر فيها مؤمن بحمل او رفع سلاح واشهاره في وجه عدو، مع ان الصفة العامة كانت للمجتمع معادات الدعوة ودعاتها. وكانت الاوامر الربانية و التوجيهات النبوية تامر الدعاة بالصبر والثبات، وتبشرهم بالاجر والثواب، و تعدهم بهزيمة جموع الكفر امام جمع الايمان والتوحيد .
فالجهاد لفظ عام ابوابه وانواعه متعددة . فالدعوة لله جهاد، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاد، وتعلم العلم جهاد، وكلمة الحق والخير والنصح جهاد، واحقاق الحق والسعي لاحقاقه جهاد، وكذلك الحج جهاد المرأة والضعفاء ، والصوم واداء الصلوات والزام النفس بادائها جهاد، ومحاسبة النفس وتربيتها وتهذيب سلوكها والزامها بطاعة الله تعالى وردعها عن الانفلات والمعاصي جهاد، فالجهاد في الإسلام أعم من القتال، وما القتال الا باب وجزء من الجهاد. وليس كل قتال جهاد فهناك القتال الممنوع شرعا وهو القتال بين االمسلمين الذي يجب وقفه ومنعه.
والمتتبع بعين البصيرة يجد ان تشريع القتال الذي الاصل فيه كره الطباع والنفوس له، لم يتم الا في المدينة المنورة وليس في مكة. لذلك سميت بيعة العقبة الثانية التي هي حقيقة بيعة اقامة الدولة سميت ببيعة القتال.. اي ان القتال منوط بالدولة ومن اعمال السلطان، وليس من اعمال الافراد والجماعات والكتل والاحزاب في الاسلام. حيث ان القتال والمقاتلين يحتاجون الى السلاح والانفاق والقرار والتخطيط والمدد والعون من حاضنة شعبية تقف وتساند وتدعم المقاتلين.
قال الله تعالى:- (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:39-40].قال مجاهد والضحاك وغير واحد من السلف كـابن عباس وعروة بن الزبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة وغيرهم: هذه أول آية نزلت في الجهاد، واستدل بهذه الآية بعضهم على أن السورة مدنية. وقال ابن جرير : عن ابن عباس قال: (لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر رضي الله عنه: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكُن قال ابن عباس رضي الله عنهما: فأنزل الله عز وجل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39] . قال أبو بكر رضي الله عنه: فعرفت أنه سيكون قتال). ورواه الإمام أحمد عن إسحاق بن يوسف الأزرق به. وزاد: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (وهي أول آية نزلت في القتال).
يقرر الإسلام أن القتال هو الاستثناء المكروه وليس القاعدة الاساس: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾(البقرة: 216)، وليس هناك "مكتوب" و"مفروض" وصف في القرآن الكريم بأنه "كُرْهٌ" سوى القتال. فالإسلام يرفض الفلسفات التي اعتبرت القتل والقتال وإزهاق الأرواح جبلّة جُبل عليها الإنسان وغريزة من غرائزه المتأصلة فيه.
ولقد بينت السنة النبوية المطهرة وأكدت هذه النظرة الإسلامية إزاء القتال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا العافية، فإذا لقيتموهم فاثبتوا وأكثروا ذكر الله" (رواه الدارمي). فالقتال وسيلة وليس غاية بحد ذاته .
ولعل من ابرز قوانين القتال في الاسلام وادابه وقواعده ما أوصى به ابو بكر رضي الله عنه وارضاه قائد جيشه يزيد بن أبي سفيان وهو يودعه أميراً على الجيش الذاهب لرد عدوان البيزنطيين في الشام، فقال في وثيقة الوصايا العشر: "إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبَّسوا أنفسهم لله (الرهبان) فدعهم وما زعموا أنهم حبّسوا أنفسهم له ... وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأةً ولا صبيّاً، ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخرّبن عامراً، ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلاً، ولا تفرقنه، ولا تغْلُل، ولا تجْبُن"(رواه مالك في الموطأ). كما ونهى النبي سلام الله عليه عن القاء السم بارض العدو وهو ما يعرف اليوم بالحرب الشاملة التي تدمر الحياة وتسمم البيئة وتقتل الاحياء.
ولعلنا بهذا القدر بينا ما تتم به الفائدة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2020-07-15, 5:22 pm عدل 1 مرات