مصانع الرجال 33
للشام تنسبُ جينَها الأمجاد أبداً ومجعزُ إقرأي والضادُ
لو أن للفردوس ميلاد فما كانت سوى شام الضيا ميلاد
لو بقي من أثرك يا صلاح الدين، خطام فرس، أو رباط حذاء، لاتخذت منه ربطة عنق وفاخرت ملوك الأرض...!
فكيف إذا كان من دمك وجيناتك الطاهرة؟!
خير افتتاح للقائنا المبارك، سِتُّ الشام...
خاتون:
ست الشام بنت الأمير نجم الدين وأخت السلطان الكبير صلاح الدين الأيوبي. اهتمت بالحياة العلمية والثقافية بشكل كبير، تمثّل ذلك بإنشائها مدرستين كبيرتين بدمشق. الأولى هي المدرسة الشامية البرانية وعُرفت أيضًا بالمدرسة الحسامية نسبة إلى ابنها حسام الدين عمر بن لاجين، وتعتبر هذه المدرسة من أكبر المدارس وأعظمها في مدينة دمشق ، وبها كثير من الفقهاء، وذلك نظرًا لكثرة الأوقاف التي أوقفتها عليها ست الشام فخرّجت الكثير من العلماء والفقهاء والمحدِّثين والمفسرين، منهم تقي الدين بن الصلاح، وشمس الدين بن الأعرج، وشمس الدين بن المقدسي وغيرهم الكثير.أما المدرسة الثانية فقد عرفت بالمدرسة الشامية الجوانية وتقع قبلي البيمارستان النوري بدمشق، ويبدو أنها كانت من قبل دارًا لها، حيث تذكر المصادر أن دارها كانت بالقرب من البيمارستان النوري بدمشق كما يذكر النويري أن الخاتون ست الشام عندما لحق بها المرض "جعلت دارها مدرسة ووقفت عليها وقوفًا".
: سيدة بنت عبد الغني
خطاطة شهيرة من غرناطة، ولدت بتونس أوائل القرن السابع الهجري، اعتنى والدها بتربيتها وتعليمها ليؤهلها لحرفة تعليم النساء فتضمن بذلك رغد العيش. حفظت القرآن، وتلقت بعض العلوم، وجودت الخط، ونسخت بخطها كتبًا كثيرة. أقعدت فلزمت دارها ثلاثة أعوام وأنابت في التعليم ابنتها، توفيت سنة 647 هجرية، ويروى أنها كانت تتبرع بكل ما تتقاضاه من أجر تعليمها، وما ينالها من الجوائز الملوكية للفقراء وأسرى المسلمين.
: عائشة التيمورية
هي عائشة عصمت بنت إسماعيل باشا تيمور بن محمد كاشف تيمور ولدت سنة 1256هـ. وهي من عائلة علم، فقد كانت أختاً للمرحوم العلامة المحقق أحمد تيمور باشا.
كان الأدب في عصرها أمراً غير مستحسناً من البنات، فقد كانت والدتها ترفض عزوف عائشة عن دروس الخياطة والتطريز لتتفرغ للكتابة والأدب، غير أن والدها شجعها واحضر لها الأساتذة حتى نهلت من علوم الشعر والأدب واللغة.
كان لها عدة مؤلفات منها "مرآة التأمل في الأمور" و "حلية الطراز".
برعت بنظم الشعر وأنشدت منه الغزلي والأخلاقي وشعر المديح، إلا أن أهم ما كتبته كان في رثاء ابنتها "توحيدة" التي توفيت وهي في الثامنة عشرة من عمرها فظلت ترثيها طوال سبع سنوات ومما قالته:
أمـــــاه قد عز اللقـــــــاء وفي غد سترين نعشي كالعروس يسير
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي هو منزلي وله الجموع تصير
قولــــــي لرب اللحد رفقــاً بابنتي جاءت عروســـاً ساقها التقدير
أمــــــــاه! لا تنسي بحــــق بنوتي قبري لئــــــلا يحزن المقبـــور
صوني جهاز العرس تذكاراً فلي قد كان منه إلى الزفاف سرور
: ماري زيادة
ولدت ماري زيادة (التي عرفت باسم ميّ) في مدينة الناصرة بفلسطين العام 1886 ابنةً وحيدةً لأب من لبنان وأم سورية الأصل فلسطينية المولد. في العام 1907، انتقلت ميّ مع أسرتها للإقامة في القاهرة. وهناك، عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنكليزية وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت ذاته، عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها.
فيما بعد، تابعت ميّ دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة.
وفى القاهرة، خالطت ميّ الكتاب والصحفيين وأخذ نجمها يتألق كاتبة مقال اجتماعي وأدبي ونقدي وباحثة وخطيبة. وأسست ميّ ندوة أسبوعية عرفت باسم (ندوة الثلاثاء) جمعت فيها - لعشرين عامًا - صفوة من كتاب العصر وشعرائه، كان من أبرزهم: أحمد لطفي السيد، مصطفى عبدالرازق، عباس العقاد، طه حسين، شبلي شميل، يعقوب صروف، أنطون الجميل، مصطفى صادق الرافعي، خليل مطران، إسماعيل صبري، وأحمد شوقي. وقد أحبّ أغلب هؤلاء الأعلام ميّ حبًّا روحيًّا ألهم بعضهم روائع من كتاباته. أما قلب ميّ زيادة، فقد ظل مأخوذًا طوال حياتها بجبران خليل جبران وحده، رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة. ودامت المراسلات بينهما عشرين عامً.
نشرت ميّ مقالات وأبحاثا في كبريات الصحف والمجلات المصرية، مثل: (المقطم)، (الأهرام)، (الزهور)، (المحروسة)، (الهلال)، و(المقتطف). أما الكتب، فقد كان باكورة إنتاجها العام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية، ثم صدرت لها ثلاث روايات نقلتها إلى العربية من اللغات الألمانية والفرنسية والإنكليزية. وفيما بعد صدر لها:
- (باحثة البادية) (1920)
- (كلمات وإشارات) (1922)
- (المساواة) (1923)
- (ظلمات وأشعة) (1923)
- ( بين الجزر والمد ) ( 1924)
- (الصحائف) (1924)
وفى أعقاب رحيل والديها ووفاة جبران تعرضت ميّ زيادة لمحنة عام 1938، إذ حيكت ضدها مؤامرة دنيئة وأوقعت إحدى المحاكم عليها الحجْر، وأودعت مصحة الأمراض العقلية ببيروت. وهبّ المفكر اللبناني أمين الريحاني وشخصيات عربية كبيرة إلى إنقاذها ورفع الحجْر عنها. وعادت ميّ إلى مصر لتتوفّى بالقاهرة في العام 1954
سنواصل بعون الله السيرَ حفاة إثرهن إلى آخر الأرض، ولا يفوتنا شرف الكشف عن شمس حضارية ما أمسّ حوائجنا لسراجها المنير، وقد أوغل جهلنا، حتى المورثات، وحليب الأمهات!
سنلتقي غداً إن شاء الله مع باقة فواحة من ربوع فيحان الدنيا شام الخالدين.
دمتم بخير.
أحمد الشيخ علي
للشام تنسبُ جينَها الأمجاد أبداً ومجعزُ إقرأي والضادُ
لو أن للفردوس ميلاد فما كانت سوى شام الضيا ميلاد
لو بقي من أثرك يا صلاح الدين، خطام فرس، أو رباط حذاء، لاتخذت منه ربطة عنق وفاخرت ملوك الأرض...!
فكيف إذا كان من دمك وجيناتك الطاهرة؟!
خير افتتاح للقائنا المبارك، سِتُّ الشام...
خاتون:
ست الشام بنت الأمير نجم الدين وأخت السلطان الكبير صلاح الدين الأيوبي. اهتمت بالحياة العلمية والثقافية بشكل كبير، تمثّل ذلك بإنشائها مدرستين كبيرتين بدمشق. الأولى هي المدرسة الشامية البرانية وعُرفت أيضًا بالمدرسة الحسامية نسبة إلى ابنها حسام الدين عمر بن لاجين، وتعتبر هذه المدرسة من أكبر المدارس وأعظمها في مدينة دمشق ، وبها كثير من الفقهاء، وذلك نظرًا لكثرة الأوقاف التي أوقفتها عليها ست الشام فخرّجت الكثير من العلماء والفقهاء والمحدِّثين والمفسرين، منهم تقي الدين بن الصلاح، وشمس الدين بن الأعرج، وشمس الدين بن المقدسي وغيرهم الكثير.أما المدرسة الثانية فقد عرفت بالمدرسة الشامية الجوانية وتقع قبلي البيمارستان النوري بدمشق، ويبدو أنها كانت من قبل دارًا لها، حيث تذكر المصادر أن دارها كانت بالقرب من البيمارستان النوري بدمشق كما يذكر النويري أن الخاتون ست الشام عندما لحق بها المرض "جعلت دارها مدرسة ووقفت عليها وقوفًا".
: سيدة بنت عبد الغني
خطاطة شهيرة من غرناطة، ولدت بتونس أوائل القرن السابع الهجري، اعتنى والدها بتربيتها وتعليمها ليؤهلها لحرفة تعليم النساء فتضمن بذلك رغد العيش. حفظت القرآن، وتلقت بعض العلوم، وجودت الخط، ونسخت بخطها كتبًا كثيرة. أقعدت فلزمت دارها ثلاثة أعوام وأنابت في التعليم ابنتها، توفيت سنة 647 هجرية، ويروى أنها كانت تتبرع بكل ما تتقاضاه من أجر تعليمها، وما ينالها من الجوائز الملوكية للفقراء وأسرى المسلمين.
: عائشة التيمورية
هي عائشة عصمت بنت إسماعيل باشا تيمور بن محمد كاشف تيمور ولدت سنة 1256هـ. وهي من عائلة علم، فقد كانت أختاً للمرحوم العلامة المحقق أحمد تيمور باشا.
كان الأدب في عصرها أمراً غير مستحسناً من البنات، فقد كانت والدتها ترفض عزوف عائشة عن دروس الخياطة والتطريز لتتفرغ للكتابة والأدب، غير أن والدها شجعها واحضر لها الأساتذة حتى نهلت من علوم الشعر والأدب واللغة.
كان لها عدة مؤلفات منها "مرآة التأمل في الأمور" و "حلية الطراز".
برعت بنظم الشعر وأنشدت منه الغزلي والأخلاقي وشعر المديح، إلا أن أهم ما كتبته كان في رثاء ابنتها "توحيدة" التي توفيت وهي في الثامنة عشرة من عمرها فظلت ترثيها طوال سبع سنوات ومما قالته:
أمـــــاه قد عز اللقـــــــاء وفي غد سترين نعشي كالعروس يسير
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي هو منزلي وله الجموع تصير
قولــــــي لرب اللحد رفقــاً بابنتي جاءت عروســـاً ساقها التقدير
أمــــــــاه! لا تنسي بحــــق بنوتي قبري لئــــــلا يحزن المقبـــور
صوني جهاز العرس تذكاراً فلي قد كان منه إلى الزفاف سرور
: ماري زيادة
ولدت ماري زيادة (التي عرفت باسم ميّ) في مدينة الناصرة بفلسطين العام 1886 ابنةً وحيدةً لأب من لبنان وأم سورية الأصل فلسطينية المولد. في العام 1907، انتقلت ميّ مع أسرتها للإقامة في القاهرة. وهناك، عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنكليزية وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت ذاته، عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها.
فيما بعد، تابعت ميّ دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة.
وفى القاهرة، خالطت ميّ الكتاب والصحفيين وأخذ نجمها يتألق كاتبة مقال اجتماعي وأدبي ونقدي وباحثة وخطيبة. وأسست ميّ ندوة أسبوعية عرفت باسم (ندوة الثلاثاء) جمعت فيها - لعشرين عامًا - صفوة من كتاب العصر وشعرائه، كان من أبرزهم: أحمد لطفي السيد، مصطفى عبدالرازق، عباس العقاد، طه حسين، شبلي شميل، يعقوب صروف، أنطون الجميل، مصطفى صادق الرافعي، خليل مطران، إسماعيل صبري، وأحمد شوقي. وقد أحبّ أغلب هؤلاء الأعلام ميّ حبًّا روحيًّا ألهم بعضهم روائع من كتاباته. أما قلب ميّ زيادة، فقد ظل مأخوذًا طوال حياتها بجبران خليل جبران وحده، رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة. ودامت المراسلات بينهما عشرين عامً.
نشرت ميّ مقالات وأبحاثا في كبريات الصحف والمجلات المصرية، مثل: (المقطم)، (الأهرام)، (الزهور)، (المحروسة)، (الهلال)، و(المقتطف). أما الكتب، فقد كان باكورة إنتاجها العام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية، ثم صدرت لها ثلاث روايات نقلتها إلى العربية من اللغات الألمانية والفرنسية والإنكليزية. وفيما بعد صدر لها:
- (باحثة البادية) (1920)
- (كلمات وإشارات) (1922)
- (المساواة) (1923)
- (ظلمات وأشعة) (1923)
- ( بين الجزر والمد ) ( 1924)
- (الصحائف) (1924)
وفى أعقاب رحيل والديها ووفاة جبران تعرضت ميّ زيادة لمحنة عام 1938، إذ حيكت ضدها مؤامرة دنيئة وأوقعت إحدى المحاكم عليها الحجْر، وأودعت مصحة الأمراض العقلية ببيروت. وهبّ المفكر اللبناني أمين الريحاني وشخصيات عربية كبيرة إلى إنقاذها ورفع الحجْر عنها. وعادت ميّ إلى مصر لتتوفّى بالقاهرة في العام 1954
سنواصل بعون الله السيرَ حفاة إثرهن إلى آخر الأرض، ولا يفوتنا شرف الكشف عن شمس حضارية ما أمسّ حوائجنا لسراجها المنير، وقد أوغل جهلنا، حتى المورثات، وحليب الأمهات!
سنلتقي غداً إن شاء الله مع باقة فواحة من ربوع فيحان الدنيا شام الخالدين.
دمتم بخير.
أحمد الشيخ علي