وقفتُ أمام مقال الكاتبة السعودية حائرةً كيف أردُّ لها الإهانة؟
وليست الحَيْرةُ حرصًا على شخصها، يكفي أنني نسبتُها لآل سعود،
وقلتُ: الكاتبة السعودية، فهي كاتبة لا يعنيني قدرها، ولا يعنيني الأشخاص المنتسبة إليهم، ولكن الحيرة من أن يكون في ردِّي ما يسيءُ لبلد الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكنني تذكرتُ.. والحمد لله الذي ذكّرني بحديث نبيِّنا صلى الله عليه وسلم [حين سأله جبريل عليه السلام عن أمارات الساعة، فقال صلى الله عليه وسلم]: ((... وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ)).
ومن تَطَاوَل في البنيان تطاول في اللسان، وهذا ما نراه من الكاتبة.
ولو توقَّفتِ أيتها الكاتبة قليلاً أمام ثلاث كلمات فقط في الحديث الشريف متأمِّلةً في لحظة صِدق مع النفس، لطأطأتِ رأسكِ خَجَلاً.
أنتم يا أيتها الكاتبةُ رعاءُ الشاء.. هذا أصلكم، وهذه بدايتكم!
أنتم أيتها الكاتبة الحفاة.. أم كنتم تَجرُون وراء الغنم بالشوز والبوت والكعب العالي؟!
أنتم يا أيتها الكاتبة العراةُ، ولم تستطع أموال البترول الحديثة قريبة العهد التي جلبت لكم أفخرَ الثياب أن تستر نفوسكم العارية من الحياء!
أنتم يا أيتها الكاتبة العالة.. حملناكم وقدَّم لكم الكبير والصغير مساعداتِه لأنها بلد الرسول صلى الله عليه وسلم، بَنَينا عندكم التكايا، وقدَّمنا لكم العطايا، وصنعنا لكم كسوة الكعبة، وذهب إليكم المدرِّسون الأوائل ورواتبهم من مصر، ويوم أن قال سيدنا عمرُ رضى الله عنه: الغَوْثَ الغوثَ! أرسلت مصر بقافلة أولُها عندكم وآخرُها عندنا!
ولأن الخالق سبحانه عنده العلم المسبق، عرف أنه يوم أن يَفتَح الله عليكم، ستتطاولون في البنيان وفي اللسان، وتنكرون الأفضال، وهي طبيعة العبد الجاهل عندما يشبع، يعضُّ يَدَ سيِّده!
ولأن الناس على دين ملوكهم، وملككم الذي دجَّنكم في حظيرته خائنٌ وعميل – فلم يُسيطروا على أرض الحجاز ويسمونها باسمهم إلا بعمالتهم للإنجليز كما هو ثابت الآن في الوثائق المنشورة – فلا بد أن يظهر له أتباعٌ وأعوان، فيهم صفاته، وأنتِ منهم.
مصرُ يا أيتها الكاتبة لم تَبِعْ تيران وصنافير بالمال؛ فمن المؤكَّد أنك شاهدتِ اعتراض جلِّ الشعب المصري ورفضه الاتفاقية، وسمعت حكم أعلى محكمة (الإدارية العليا) بمصريتهما، وبالتأكيد شاهدت الشباب الذين قُتلوا وسجنوا دفاعًا عنهما.
وسليمانُ الخائن لم يدفع الأموال من أجل شرائهما؛ ولكن دفعتم الأموال من أجل إحداث انقلاب في مصر يقضي على ثورة حرة نزيهة، وعلى خطف رئيس مسلم محترم شريف، وبأموالكم الملعونة غيِّب خلف القضبان الصالحون المثقَّفون حفظة كتاب الله، والساعون للعمل به.. ألا تخجلين؟!
وكل هذا من أجل أسيادكم الذين يلوِّحون للبدويِّ الخائن بالعصا والجزرة؛ لكي يظلَّ على الطاعة العمياء، فيزيد انحناء رأسه حتى تقوس ظهره.
ليت تيران وصنافير تفيدان السعودية، ليتهما لأمن السعودية لقدَّمتهما مصر راضية عن طيب خاطر.. ولكنهما مصريتان، وهما ضروريتان لأمن مصر، وذهبا لعدوِّنا وعدوِّكم.. ساعده في الحصول عليهما خيانتُكم وذلُّكم له..
مصر في غالبيتها لا تعترف بمنقلب مدعوم من عميل يدفع الأموال لتثبيته رغم إرادة الشعب الحرِّ صاحب الحضارة، الذي علَّمكم، ليس فقط كيف تقرؤون وتكتبون المقالات، ولكن أيضًا كيف تأكلون وتكتسون وتتصرفون وتنامون وتمشون، وتلبسون الأحذية بعد الحفاء!
سلمان يا أيتها الكاتبة الذي خلع شقيقه ليضع ابنه؛ ليسعد إسرائيل ويمضيان في تحقيق أحلامها، يجب ألَّا يشرِّفك، ويجب أن تخجلي منه، وتسقطي فترة ملكه من تاريخ المملكة، ولو كنتِ كاتبة حرَّةً، ولست مأجورةً، لهاجمتِه بمقالاتك.
ولو كنت حرة، لقلتِ له: كيف تسلب مصر الدولة الشقيقة المسلمة والجارة القريبة من أمنها وتعطيه لإسرائيل عدوِّنا المشترك؟
والأن أرد على تساؤلاتك التي جاءت في المقال:
قلت: أن يقرأ المواطن المصري بعين محايدة متحرِّرة من المشاعر العشوائية.. وأقول لك: العشوائية لا يعرفها شعب متحضِّر من آلاف السنين تأخذ اسمها من ابن نبيِّ الله نوح أول من سكن الأرض.
وقلت: جزء من الشعب المصري يرتدي ثوب الثائر لكرامته، وسرعان ما ينسى الأمر عندما يلوح له بعقد عمل في السعودية.. قلت: عقد عمل؛ أي: إنه سيؤدِّي عملًا مقابل أجر كما تؤدِّين أنت عملك بأجر، وتودِّين لو جاءك عقد عمل من أمريكا.
وقلت: هل الحكومة المصرية مستعدة لاسترداد ملايين المصريين العاملين في السعودية.. وهل عندكم مشكلة مع الحكومة المصرية حتى تتحدَّيها بهذا السؤال.. كلا الحكومتين - الحكومة المصرية الحالية المنقلبة بفضلكم، والحكومة السعودية الداعمة للانقلاب- تابعتان لوليِّ نعمتهما إسرائيل.
وقلتِ: لقد تجاوزنا فترة السبعينيات من القرن العشرين.. أهذا التطاول جزاء من جعلكم تتجاوزون هذه الفترة؟!
وسألت: هل تستطيع ارجاع المليارات مقابل تيران وصنافير؟.. يا أيتها الكاتبة لا تظنِّي نفسك اشتريت شيئًا بمالك؛ من باع ومن اشتري باعا ضميرهما وكرامتهما لإسرائيل؛ ليتَكِ تفهمين ذلك حتى نشعر أن تعليم المصريين لكم أثمر.
وقلت: يأخذ كل مواطن مصري مليارًا ويضم مصر إلى السعودية، ربما يكون كلامك صحيح من ناحية؛ لأن المصري يحب أن يعيش في بلاد الحجاز، بلاد النبيِّ مكة والمدينة تحديدًا، في حين أنتم تتمنَّون العيش في أمريكا بأموالكم، وفي إسرائيل تمسحًا لأمريكا.
نحن يا أيتها الكاتبة مازلنا في ثورة حتى نسقط الانقلاب، ونرجع أمن بلادنا، ونخرس ألسنة متطاولة حقدًا لا إنصافًا.
ملحوظة: لا تَنْسَيْ أيتها الكاتبة في مقالك التالي معايرةَ ترامب بما أخذه من عبده الأمين أثناء زيارته، لا من أموال فقط، بل ومن كرامة!
[/center][/size][/color]