الخلاف محموده و مذمومه
الخلاف بين البشر في الفهم ومستويات الادراك امر طبيعي وسنة الهية في الخلق ، فان قدرات العقول وطاقاتها متفاوتة،وهو امر لن ينتهي الى يوم الدين..قال تعالى (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)هود). وفي الاسلام الخلاف الذي سببه الاجتهاد في الامور الاجتهادية طالما انه يستند الى الطريقة الشرعية في الاجتهاد وبناء الراي على دليل او شبهة دليل يفهم بلغة الشرع لغة العرب ووجوه الكلام العربي وكذا يستند هذا الفهم ويخضع للقواعد الادراكية الشرعية للفهم من اصول فقه وقواعد قبول الحديث وتوجيه الادلة والاستدلال، فليس بمذموم، ولو ادى ذلك الى نشوء سبعين مذهب فقهي،..ولكن المذموم هو التاثر خاصة في العقيدة ومفاهيمها، بمفاهيم وافكار الغير من اهل الثقافات والعقائد الاخرى، لانه قد يؤدي في نهايته الى الكفر والتكفير، كما حصل لبعض الفرق في التاريخ الاسلامي القديم والمعاصر، فاستحسنوا افكار الفلسفات الغربية والشرقية واستهوتهم بها الشياطين فظلوا واضلوا، وطوعوا النصوص الشرعية ولووا اعناقها، وحملوها ما لا تحتمل، لخدمة اهواءهم وبدعهم التي ابتدعوها محاولة منهم لتمريرها على امة الاسلام، وبالتالي التشويش على صفاء ونقاء افكار العقيدة ومفاهيمها، وهنا يحصل الافتراق والفرقة، حيث يؤدي الافتراق العقائدي الى ضرب القاعدة الفكرية لدى المسلمين لاضعاف العقلية الاسلامية ومنهج التفكير الاسلامي ومن ثم تشويه النفسية الاسلامية وانهاء التقيد بالاحكام الشرعية والاحتكام اليها في كل صغيرة وكبيرة من امور الحياة ومعاشها. فالخلاف في الفهم والفقه محلول امره بقاعدة اجمع عليها علماء الامة وهي قولهم :- (رأي الامام يجب الخلاف) فمن الناحية العملية والمسلكية في مجتمع الايمان لا يعتبر الخلاف الفقهي معضلة بل هو اثراء فكري وفقهي للامة.
ولكن الخطورة تكمن في الافتراق العقائدي لانه سيؤدي حتما الى الخروج على الامة وسلطانها ويؤدي الى تفرقتها وضرب وحدتها.وبالتالي تصبح شيعا واحزابا كل حزب بما لديهم فرحون وهذا ما حذرنا منه رب العالمين في قوله تعالى : ( وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) الانعام)موجبا علينا اتعباع صراطه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه والذي بينته سيرة النبي وسنته سلام الله عليه وسار على نهجه الراشدون من امته. والسبل المنهي عنها وهن اتباعها كونها مفرقة عن سبيله هي تلك السبل المستندة في وجودها الى الخلاف العقائدي المؤدي الى الفرقة والشتات والعداء وليس قطعا المقصود الخلاف الفقهي في فهم النصوص وادراكها باجتهاد صحيح قائم على اصول معتبرة شرعا.
فمثل هذا الخلاف لا يكون الا في الفرعيات والجزئيات وليس في الاسس والكليات وقد كان في الامة ولم يضر برقيها ولا بنهضتها ، ولكن الذي اضر والحق بها الدمار والهوان هو خلافها في البدع وما استحدث فيها من فكر تبعه احداث انظمة وكيانات وهنا يحذرنا الله تعالى اتباع الاهواء ويرشدنا للتمسك فقط بسبيله ودينه :-(بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ۞ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)الروم).
ويبريءُ الله تعالى نبيه والمؤمنين من اهل الفرقة في الدين والعقيدة فيقول تعالى :- ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) الانعام). ويقول سبحانه :-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (106)ال عمران).
ان الاختلاف المؤدي الى الافتراق والفرقة هو الخطر الذي يتهدد كيان الامة ووحدتها ويحول دون اجتماعها وقد صحت الرواية ان النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم قال :- " لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ " ، قَالَ البلاذري رَحِمَهُ اللَّهُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ " كُفَّارًا " أَيْ : كُفَّارًا لِنِعْمَةِ الإِسْلامِ تَارِكِينَ الشُّكْرَ فِيهِ ، فَإِنَّ مِنَ الشُّكْرِ عَلَى نِعْمَةِ الإِسْلامِ مُوَاصَلَةَ أَهْلِهِ ، وَمُوَافَقَتَهُمْ ، وَاجْتِمَاعَ الْكَلِمَةِ فِيهِ ، وَالتَّحَابَّ لأَجْلِهِ ، وَتَرْكَ التَّقَاطُعِ وَبَغْيِ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ ، لأَنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَحَبَّ أَهْلَهُ ، أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تُؤْمِنُونَ بِي حَتَّى تَحَابُّوا " . والعلاج ان تجتمع الامة على 1- بناء الاعتقاد على المتواتر وقطعي الدلالة قطعي الثبوت فالاعتقاد حتى يصح لا يبتنى على مظنون ثبوت او مظنون دلالة 2- النظر للتاريخ على انه واقع تؤخذ منه العبر وتستفاد منه التجارب ولا يؤخذ منه معتقد ولا يبتنى عليه شرع 3- اعتماد لغة العرب ومعاني الفاظها وقت نزول الوحي والتشريع لفهم النصوص وتفسيرها فبها نزل الوحي وبمعانيها المستعملة ان ذاك 4- لا عصمة لاحد او قداسة لقول بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فالكل بعده خطاء يؤخذ منه ويرد عليه والحكم صحيح المنقول وصريح المعقول. ونسال الله تعالى جمع الشمل ووحدة الكلمة وتوحيد الصفوف والتوفيق لاستعادة وحدة الامة واستقامة مسيرها على صراط الله المستقيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الخلاف بين البشر في الفهم ومستويات الادراك امر طبيعي وسنة الهية في الخلق ، فان قدرات العقول وطاقاتها متفاوتة،وهو امر لن ينتهي الى يوم الدين..قال تعالى (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)هود). وفي الاسلام الخلاف الذي سببه الاجتهاد في الامور الاجتهادية طالما انه يستند الى الطريقة الشرعية في الاجتهاد وبناء الراي على دليل او شبهة دليل يفهم بلغة الشرع لغة العرب ووجوه الكلام العربي وكذا يستند هذا الفهم ويخضع للقواعد الادراكية الشرعية للفهم من اصول فقه وقواعد قبول الحديث وتوجيه الادلة والاستدلال، فليس بمذموم، ولو ادى ذلك الى نشوء سبعين مذهب فقهي،..ولكن المذموم هو التاثر خاصة في العقيدة ومفاهيمها، بمفاهيم وافكار الغير من اهل الثقافات والعقائد الاخرى، لانه قد يؤدي في نهايته الى الكفر والتكفير، كما حصل لبعض الفرق في التاريخ الاسلامي القديم والمعاصر، فاستحسنوا افكار الفلسفات الغربية والشرقية واستهوتهم بها الشياطين فظلوا واضلوا، وطوعوا النصوص الشرعية ولووا اعناقها، وحملوها ما لا تحتمل، لخدمة اهواءهم وبدعهم التي ابتدعوها محاولة منهم لتمريرها على امة الاسلام، وبالتالي التشويش على صفاء ونقاء افكار العقيدة ومفاهيمها، وهنا يحصل الافتراق والفرقة، حيث يؤدي الافتراق العقائدي الى ضرب القاعدة الفكرية لدى المسلمين لاضعاف العقلية الاسلامية ومنهج التفكير الاسلامي ومن ثم تشويه النفسية الاسلامية وانهاء التقيد بالاحكام الشرعية والاحتكام اليها في كل صغيرة وكبيرة من امور الحياة ومعاشها. فالخلاف في الفهم والفقه محلول امره بقاعدة اجمع عليها علماء الامة وهي قولهم :- (رأي الامام يجب الخلاف) فمن الناحية العملية والمسلكية في مجتمع الايمان لا يعتبر الخلاف الفقهي معضلة بل هو اثراء فكري وفقهي للامة.
ولكن الخطورة تكمن في الافتراق العقائدي لانه سيؤدي حتما الى الخروج على الامة وسلطانها ويؤدي الى تفرقتها وضرب وحدتها.وبالتالي تصبح شيعا واحزابا كل حزب بما لديهم فرحون وهذا ما حذرنا منه رب العالمين في قوله تعالى : ( وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) الانعام)موجبا علينا اتعباع صراطه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه والذي بينته سيرة النبي وسنته سلام الله عليه وسار على نهجه الراشدون من امته. والسبل المنهي عنها وهن اتباعها كونها مفرقة عن سبيله هي تلك السبل المستندة في وجودها الى الخلاف العقائدي المؤدي الى الفرقة والشتات والعداء وليس قطعا المقصود الخلاف الفقهي في فهم النصوص وادراكها باجتهاد صحيح قائم على اصول معتبرة شرعا.
فمثل هذا الخلاف لا يكون الا في الفرعيات والجزئيات وليس في الاسس والكليات وقد كان في الامة ولم يضر برقيها ولا بنهضتها ، ولكن الذي اضر والحق بها الدمار والهوان هو خلافها في البدع وما استحدث فيها من فكر تبعه احداث انظمة وكيانات وهنا يحذرنا الله تعالى اتباع الاهواء ويرشدنا للتمسك فقط بسبيله ودينه :-(بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ۞ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)الروم).
ويبريءُ الله تعالى نبيه والمؤمنين من اهل الفرقة في الدين والعقيدة فيقول تعالى :- ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) الانعام). ويقول سبحانه :-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (106)ال عمران).
ان الاختلاف المؤدي الى الافتراق والفرقة هو الخطر الذي يتهدد كيان الامة ووحدتها ويحول دون اجتماعها وقد صحت الرواية ان النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم قال :- " لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ " ، قَالَ البلاذري رَحِمَهُ اللَّهُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ " كُفَّارًا " أَيْ : كُفَّارًا لِنِعْمَةِ الإِسْلامِ تَارِكِينَ الشُّكْرَ فِيهِ ، فَإِنَّ مِنَ الشُّكْرِ عَلَى نِعْمَةِ الإِسْلامِ مُوَاصَلَةَ أَهْلِهِ ، وَمُوَافَقَتَهُمْ ، وَاجْتِمَاعَ الْكَلِمَةِ فِيهِ ، وَالتَّحَابَّ لأَجْلِهِ ، وَتَرْكَ التَّقَاطُعِ وَبَغْيِ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ ، لأَنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَحَبَّ أَهْلَهُ ، أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تُؤْمِنُونَ بِي حَتَّى تَحَابُّوا " . والعلاج ان تجتمع الامة على 1- بناء الاعتقاد على المتواتر وقطعي الدلالة قطعي الثبوت فالاعتقاد حتى يصح لا يبتنى على مظنون ثبوت او مظنون دلالة 2- النظر للتاريخ على انه واقع تؤخذ منه العبر وتستفاد منه التجارب ولا يؤخذ منه معتقد ولا يبتنى عليه شرع 3- اعتماد لغة العرب ومعاني الفاظها وقت نزول الوحي والتشريع لفهم النصوص وتفسيرها فبها نزل الوحي وبمعانيها المستعملة ان ذاك 4- لا عصمة لاحد او قداسة لقول بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فالكل بعده خطاء يؤخذ منه ويرد عليه والحكم صحيح المنقول وصريح المعقول. ونسال الله تعالى جمع الشمل ووحدة الكلمة وتوحيد الصفوف والتوفيق لاستعادة وحدة الامة واستقامة مسيرها على صراط الله المستقيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.