سؤال:- هل كان النبي بشرا ؟ وهل يجب علينا اعتقاد بشريته ام نورانيته صلى الله عليه وسلم؟
الجواب :-
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد بن عبدالله بن عبد المطلب سليل هاشم القرشي العربي من ولد عدنان من نسل إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام. وامه امنة بنت وهب بن عبد مناف من بني النجار من بني زهرة...
وبعد:-
قال الله تعالى: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: 11] .
ويوضح الله بعض جوانب هذه البشرية فيقول سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: 20] .
والآيات القرآنية تثبت بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم في مواقف كثيرة. وتوضح أنه بشر لم يخرج عن نطاق البشرية، وأن ما أتى به من وحي أو جرى على يديه من آيات فإنما هو بقدرة الله وحده، وأن الرسول لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا إلا أن يشاء الله. قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [العنكبوت: 50] وقال تعالى {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188] . وكما أن الرسول لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا فهو من باب أولى لا يملك لغيره الضر والنفع أو الهداية والصلاح، بل كل ذلك بيد الله وحده. قال تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ - وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 128 - 129] . وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} [الجن: 21] و قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56] .
وبناءاً على ما تقدم فقد أراد الله للنبي(صلى الله عليه واله وسلم) أن يقدِّم نفسه إلى الناس بصفته البشرية، لئلا يطلب الناس منه شيئاً خارج القدرات البشرية، بل باعتباره مبلّغاً لوحي الله، وأنه يمثل التجسيد الحركي للوحي في كل خصائصه الرسالية: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} في كل عناصر البشرية، ولذلك، أُمارس ما يمارسه البشر، وأخضع لما يخضع له البشر.
ولكن ما يميّز الرسول(صلى الله عليه واله وسلم) عن بقية الناس، هو أنّ الله اختصَّه بأن جعله رسوله الذي يوحي إليه وعصمه في تبليغ رسالته وعصمه من مخالفة ما امره الله تعالى بفعله.
ان رسلُ الله جميعا بشر يطرأ عليهم ما يطرأ على البشر من يسر وعسر، وصحَّة ومرض، ونوم ويقظة، فإذا ما استوفَوْا آجالهم أمر الله ملك الموت بقبض أرواحهم، فيموتون كما يموت البشر. ومحمَّد صلى الله عليه وسلم كان واحداً من هؤلاء الرسل، أدَّى الأمانة وبلَّغ الرسالة، ونصح عباد الله، ثمَّ انتقل إلى جوار ربِّه.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة يوجِّه الله رسوله خاصَّة والناس عامَّة إلى وجوب معرفة حدود إمكانياتهم وطاقاتهم، والعمل ضمنها دون تبجح أو ادِّعاء. فما محمَّد إلا رسول الله، وبشر يسري عليه ما يسري على البشر، فهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً، ولا يملك خزائن الله فيغدق منها على أتباعه، فما هو بملَك وما هو بإله، ولكنه رسول ينطبق عليه ما ينطبق على غيره بهذا الخصوص؛ فهو لا يعلم الغيب، ولا يعرف مكامن الخير فيه حتَّى يستكثر منه لنفسه أو لغيره، ولم يخرق حجب المستقبل إلا بالقدر الَّذي ينبِّئه الله تعالى به ويطلعه عليه. ولو تمَّ له ذلك بشكل مطلق لكان أعظم المستفيدين من هذه القدرة في استقطاب جماهير الناس من حوله، وفي محاولة تألُّفِ قلوبهم وتيسير شؤونهم من جهة، وفي تسخير هذه القدرة لمصلحته الشخصية من جهة أخرى، بحيث يتَّقي بها السوء والأذى إن كان مقدَّراً عليه، كما يستزيد عن طريقها من أبواب الخير والمنفعة.
فعند عَتبةِ باب الغيب تقف الإمكانيات البشرية، ولا يفتح ذلك الباب لأحد من الناس فيطَّلع على ما وراءه إلا بإذن من الله؛ ولا يكون ذلك إلا للصفوة المختارة منهم، الَّذين لا يطلعهم الله تعالى إلا على القَدْر اليسير منه متى شاء ودون قيد أو شرط من أتباعهم. وهكذا كان شأن رسل الله جميعاً في ذلك، وهكذا كان شأن خاتمهم محمَّد صلى الله عليه وسلم الَّذي اقتفى آثار أولئك الرسل، وتابع إشادة صرح بنائهم في الدعوة إلى الدِّين القيِّم، حتَّى إذا أتمَّه وأكمله، انتقل إلى جوار ربِّه كما انتقلوا، ونَفَذَ فيه قانون الله كما في سائر مخلوقاته: {كـلُّ مـن عليهـا فـَان * ويبقى وجـهُ ربِّـكَ ذو الجلالِ والإكـرام} (55 الرحمن آية 26ـ27). وتأكيداً لهذه الحقيقة وقف خليله الصدِّيق يوم وفاته موقفاً ثابتاً أمام من أنكروا موت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أيُّها الناس من كان يعبد محمَّداً فإن محمَّداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت)، وهنا تتجلَّى روعة الإسلام الَّذي رقى بأتباعه من التعلُّق بشخص الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) إلى التعلُّق بالمرسِل جل وعلا ومصدر الرسالة، فكانت صلتهم بالله تعالى صلة وثيقة يتطلَّعون إليها، وعروة وثقى عقدها الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم وبين خالقهم فتمسَّكوا بها. وختاما اللهم صل وبارك على نبينا محمد واله وصحبه وسائر اخوانه الأنبياء والمرسلين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب :-
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد بن عبدالله بن عبد المطلب سليل هاشم القرشي العربي من ولد عدنان من نسل إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام. وامه امنة بنت وهب بن عبد مناف من بني النجار من بني زهرة...
وبعد:-
قال الله تعالى: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: 11] .
ويوضح الله بعض جوانب هذه البشرية فيقول سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: 20] .
والآيات القرآنية تثبت بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم في مواقف كثيرة. وتوضح أنه بشر لم يخرج عن نطاق البشرية، وأن ما أتى به من وحي أو جرى على يديه من آيات فإنما هو بقدرة الله وحده، وأن الرسول لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا إلا أن يشاء الله. قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [العنكبوت: 50] وقال تعالى {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188] . وكما أن الرسول لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا فهو من باب أولى لا يملك لغيره الضر والنفع أو الهداية والصلاح، بل كل ذلك بيد الله وحده. قال تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ - وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 128 - 129] . وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} [الجن: 21] و قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56] .
وبناءاً على ما تقدم فقد أراد الله للنبي(صلى الله عليه واله وسلم) أن يقدِّم نفسه إلى الناس بصفته البشرية، لئلا يطلب الناس منه شيئاً خارج القدرات البشرية، بل باعتباره مبلّغاً لوحي الله، وأنه يمثل التجسيد الحركي للوحي في كل خصائصه الرسالية: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} في كل عناصر البشرية، ولذلك، أُمارس ما يمارسه البشر، وأخضع لما يخضع له البشر.
ولكن ما يميّز الرسول(صلى الله عليه واله وسلم) عن بقية الناس، هو أنّ الله اختصَّه بأن جعله رسوله الذي يوحي إليه وعصمه في تبليغ رسالته وعصمه من مخالفة ما امره الله تعالى بفعله.
ان رسلُ الله جميعا بشر يطرأ عليهم ما يطرأ على البشر من يسر وعسر، وصحَّة ومرض، ونوم ويقظة، فإذا ما استوفَوْا آجالهم أمر الله ملك الموت بقبض أرواحهم، فيموتون كما يموت البشر. ومحمَّد صلى الله عليه وسلم كان واحداً من هؤلاء الرسل، أدَّى الأمانة وبلَّغ الرسالة، ونصح عباد الله، ثمَّ انتقل إلى جوار ربِّه.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة يوجِّه الله رسوله خاصَّة والناس عامَّة إلى وجوب معرفة حدود إمكانياتهم وطاقاتهم، والعمل ضمنها دون تبجح أو ادِّعاء. فما محمَّد إلا رسول الله، وبشر يسري عليه ما يسري على البشر، فهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً، ولا يملك خزائن الله فيغدق منها على أتباعه، فما هو بملَك وما هو بإله، ولكنه رسول ينطبق عليه ما ينطبق على غيره بهذا الخصوص؛ فهو لا يعلم الغيب، ولا يعرف مكامن الخير فيه حتَّى يستكثر منه لنفسه أو لغيره، ولم يخرق حجب المستقبل إلا بالقدر الَّذي ينبِّئه الله تعالى به ويطلعه عليه. ولو تمَّ له ذلك بشكل مطلق لكان أعظم المستفيدين من هذه القدرة في استقطاب جماهير الناس من حوله، وفي محاولة تألُّفِ قلوبهم وتيسير شؤونهم من جهة، وفي تسخير هذه القدرة لمصلحته الشخصية من جهة أخرى، بحيث يتَّقي بها السوء والأذى إن كان مقدَّراً عليه، كما يستزيد عن طريقها من أبواب الخير والمنفعة.
فعند عَتبةِ باب الغيب تقف الإمكانيات البشرية، ولا يفتح ذلك الباب لأحد من الناس فيطَّلع على ما وراءه إلا بإذن من الله؛ ولا يكون ذلك إلا للصفوة المختارة منهم، الَّذين لا يطلعهم الله تعالى إلا على القَدْر اليسير منه متى شاء ودون قيد أو شرط من أتباعهم. وهكذا كان شأن رسل الله جميعاً في ذلك، وهكذا كان شأن خاتمهم محمَّد صلى الله عليه وسلم الَّذي اقتفى آثار أولئك الرسل، وتابع إشادة صرح بنائهم في الدعوة إلى الدِّين القيِّم، حتَّى إذا أتمَّه وأكمله، انتقل إلى جوار ربِّه كما انتقلوا، ونَفَذَ فيه قانون الله كما في سائر مخلوقاته: {كـلُّ مـن عليهـا فـَان * ويبقى وجـهُ ربِّـكَ ذو الجلالِ والإكـرام} (55 الرحمن آية 26ـ27). وتأكيداً لهذه الحقيقة وقف خليله الصدِّيق يوم وفاته موقفاً ثابتاً أمام من أنكروا موت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أيُّها الناس من كان يعبد محمَّداً فإن محمَّداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت)، وهنا تتجلَّى روعة الإسلام الَّذي رقى بأتباعه من التعلُّق بشخص الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) إلى التعلُّق بالمرسِل جل وعلا ومصدر الرسالة، فكانت صلتهم بالله تعالى صلة وثيقة يتطلَّعون إليها، وعروة وثقى عقدها الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم وبين خالقهم فتمسَّكوا بها. وختاما اللهم صل وبارك على نبينا محمد واله وصحبه وسائر اخوانه الأنبياء والمرسلين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.