والأروع أن ترى صحابيا مثل أبي الدرداء يكون له بعير فيقول له عند الموت " يا أيها البعير لا تخاصمني إلى ربك فإني لم أحملك فوق طاقتك " .
وأن إماما كبيرا كأبي إسحاق الشيرازي كان يمشي في طريق ومعه بعض أصحابه ، فعرض له كلب فزجره صاحبه فنهاه الشيخ وقال له : " أما علمت أن الطريق مشترك بيننا وبينه ؟ "
فإن في الإسلام رحمة بالحيوان عظيمة فلا تحمله فوق طاقته ولا تؤاخذه بفعله لانه أعجم غير عاقل بعكس الأمم الاخرى التي تتشدق بتحضرها ورقيها مثل فرنسا مثلا في العصور الوسطى حيث كانت اول أمة أوروبية نصرانية أخذت في القرن 13 بمبدأ مسؤولية الحيوان ومعاقبته بجرمه أمام محاكم منظمة بنفس الطرق القانونية التي يحاكم بها الإنسان .
ثم أخذت بها سردينيا في أواخر القرن الـ 14 .
ثم بلجيكا في أواخر القرن الـ 15 ، ثم هولندا وألمانيا وإيطاليا والسويد في منتصف القرن الـ 16 .
وظل العمل به قائما عند بعض شعوب الصقالبة حتى القرن الـ 19 .
كانت المحكمة تقضي بحبس الحيوان احتياطيا ثم يصدر الحكم بعد ذلك وينفذ على ملأ من الجمهور كما ينفذ في الإنسان .
وقد يكون الحكم بإعدام الحيوان رجما أو بقطع رأسه أو بحرقه ، أو بقطع بعض أعضائه قبل إعدامه !!!! .
ولا يظن أحد أن هذه المحاكمات كانت هزلية للتسلية ، بل كانت جدية تماما ، بدليل ما يرد للأسباب الموجبة للحكم على الحيوان مثل قولهم : " يحكم بإعدام الحيوان تحقيقا للعدالة " أو " يقضى عليه بالشنق جزاء لما ارتكبه من جرم وحشي فظيع "!!!! .
ومن طريف ما يذكر أنهم كانوا يتهمون الحيوان بالسحر وكان مرتكبوها يعاقبون بالإحراق بالنار . فكانوا يحتفلون احتفالا كبيرا بتنفيذ العقوبة على الحيوان ، فيأتي الجلادون بقطع من الحطب ويضعونها في وسط أحد الميادين ، وتحضر القطط المحكوم عليها وكل قطة في قفص من حديد ثم يحضر القساوسة يصحبهم بعض الحكام فيتقدم أحدهم وفي كلتا يديه شعلتان من نار لإشعال الحطب ، ثم يأمر أحد الحكام بقذف القطط في النار حتى تصبح رمادا عقوبة لها على ممارسة السحر .
فتلك هي حضارتنا وتلك هي حضارتهم وهذا ديننا وهذه عقيدتهم .
.
المصدر : كتاب من روائع حضارتنا دكتور مصطفى السباعي .