اعمال ايام التشريق
بسم الله الرحمن الرحيم
11-رسائل يومية الى حجاج بيت الله العتيق وفد الله تعالى -11-
11- الرسالة الحادية عشرة
اخي الحاج واختي الحاجة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله الذي اتم عليكم نعمته ووفقكم لاداء هذه الفريضة العظمى ونساله تعالى ان يعظم لنا ولكم الاجر والمثوبة وبعد:-
أيّام التشريق: هي الأيام الثلاثة التي تلي يوم النّحر. وهي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة. فيوم النحر ليس منها.
وهي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" [البقرة:203]. وقد ذكر أهل العلم في سبب تسميتها بذلك أنَّ الناس كانوا يُشرقون فيها لحوم الأضاحي، أي يبرزونها للشمس. ولكل يوم من أيام التشريق اسم يخصّه فأولها وهو اليوم الحادي عشر يُسَمّى يوم القَرَّ؛ لأنَّ أهل منى يستقرون فيه. ثم يوم النفر الأول وهو أوسطها؛ لأنه ينفر فيه من تعجَّل من الحجاج. ثم يوم النفر الثاني وهو آخرها.
وهذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى. فقد روى مسلمٌ في صحيحه عن نبيشةَ الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى".
وعن أبي مُرَّة مولى أم هانئ أنّه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص –رضي الله عنهم- في أيام التشريق، فقرب لهما طعامًا، فقال: كُلْ. فقال: إني صائم. فقال: كُلْ، فهذه الأيام التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر بإفطارها، وينهى عن صيامها. رواه أبو داود ومالك. ولم يرخص بصيامها الا للحاج الذي لم يجد هديا يذبحه فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عمرو وعائشة -رضي الله عنهم- أنهما قالا: (لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْن إلا لمن لم يجد الهدي). ويستثنى من هذا الحكم، وهو تحريم صيام أيام التشريق –يستثنى منه: الحاج المتمتع والقارن إذا لم يجد هدياً، فإنّه يصوم عشرة أيام كما قال تعالى: "فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ" [البقرة:196].
ثم ان هذه الايام هي وقت لرمي الجمار بالنسبة للحُجَّاج، فبعد زوال الشمس يبدأ الحاج بالجمرة الأولى وهي التي تلي مسجد الخَيْف فيرميها بسبع حصيات. ثم يتقدم قليلاً عن يمينه فيقوم مستقبلاً القبلة ويرفع يديه ويدعو ويفعل مثل ذلك عند الجمرة الوسطى. ثم يأتى الجمرة الكبرى وهي: جمرة العقبة. فيرمها كذلك، ويجعل الكعبة عن يساره ومِنَى عن يمينه ولا يقف عندها.
وبعض الحُجَّاج يعجل بالرمي قبل الزوال خاصَّةً في يوم النَّفْر الأول وهو اليوم الثاني عشر. وهذا العمل خلاف السُّنَّة. فعن جابرٍ رضي الله عنه قال: رمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحىً وأما بَعْدُ فإذا زالت الشمس. رواه مسلم.
وقد أمر الله تعالى بذكره في أيام التشريق فقال: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" [البقرة:203]. وهذا الذكر في هذه الأيام أنواع متعددة كما قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله :-.
منها: ذكر الله بالتسمية والتكبير عند ذبح النُّسُك: كما قال تعالى: "لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ" [الحج:28].
ومنها: ذكر الله تعالى بالتبكير عند رمي الجمار والدعاء بعدها؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما جُعِل رمي الجمار والسّعيُ بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله" رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ومنها: ذكر الله المطلق فإنّه يستّحب الإكثار منه في أيّام التشريق كما قال تعالى: "فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ" [البقرة:200-202]. روى عبدُ بن حميد عن عكرمة أنّه كان يستحب أن يدعو بهذا الدعاء في أيام التشريق. قال الحافظ ابن رجب: استحب كثير من السلف كثرة الدعاء بهذا الدعاء في أيام التشريق. وهذا الدعاء من أجمع الأدعية للخير، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُكثر من الدعاء به.
ومنها: التكبير، فإنه يُشْرَع للحاج أن يكبرّ دُبُر كل صلاة مفروضة من صلاة الظهر يوم عيد الأضحى إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق. ولغير الحاج ابتداء من صلاة الفجر يوم عرفة. وهذا يُسَمّى عند الفقهاء: التكبير المقيّد؛ ومعنى أنه مُقيّد: أي أنّه خاصٌ بوقت محدد وهو عقب صلاة الفريضة.
وأما التكبير المطلق فهو الذي لا يتقيَّد بوقت معين، بل يُسَنُّ دائماً في الصباح والمساء وعند الصلاة وفي كل وقت. ويبدأ هذا التكبير المطلق من دخول شهر ذي الحجّة إلى صلاة عيد الأضحى. فإذا صلى الحاج صلاة الظهر يوم عيد الأضحى، وإذا صلى غير الحاج صلاة الفجر من يوم عرفة: بدأ في حقّه التكبير المقيد. وقال بعض أهل العلم: إن يوم عيد الأضحى وأيام التشريق يجتمع فيها التكبير المطلق والمقيَّد، فيكبّر دبر الصَّلاة ويكبّر كل وقت. واستدلوا بقوله تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" [البقرة:203]. والأيام المعدودات هي أيام التشريق.
وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه كان يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات. وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه، وكانت النساء يكبرن ليالي التشريق خلف عمرَ بنِ عبد العزيز -رضي الله عنه-. والمراد أنهن يقتدين به. فاحرص اخي الحاج على تعظيم شعائر الله وحرماته واحرص على ذكر ربك وانشغل به في هذا المكان الطيب وهذه الايام المباركة عسى ان يبر الله حجك النفيس ويقيك شر ابليس واعوانه من شياطين الانس والجن والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
11-رسائل يومية الى حجاج بيت الله العتيق وفد الله تعالى -11-
11- الرسالة الحادية عشرة
اخي الحاج واختي الحاجة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله الذي اتم عليكم نعمته ووفقكم لاداء هذه الفريضة العظمى ونساله تعالى ان يعظم لنا ولكم الاجر والمثوبة وبعد:-
أيّام التشريق: هي الأيام الثلاثة التي تلي يوم النّحر. وهي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة. فيوم النحر ليس منها.
وهي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" [البقرة:203]. وقد ذكر أهل العلم في سبب تسميتها بذلك أنَّ الناس كانوا يُشرقون فيها لحوم الأضاحي، أي يبرزونها للشمس. ولكل يوم من أيام التشريق اسم يخصّه فأولها وهو اليوم الحادي عشر يُسَمّى يوم القَرَّ؛ لأنَّ أهل منى يستقرون فيه. ثم يوم النفر الأول وهو أوسطها؛ لأنه ينفر فيه من تعجَّل من الحجاج. ثم يوم النفر الثاني وهو آخرها.
وهذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى. فقد روى مسلمٌ في صحيحه عن نبيشةَ الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى".
وعن أبي مُرَّة مولى أم هانئ أنّه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص –رضي الله عنهم- في أيام التشريق، فقرب لهما طعامًا، فقال: كُلْ. فقال: إني صائم. فقال: كُلْ، فهذه الأيام التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر بإفطارها، وينهى عن صيامها. رواه أبو داود ومالك. ولم يرخص بصيامها الا للحاج الذي لم يجد هديا يذبحه فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عمرو وعائشة -رضي الله عنهم- أنهما قالا: (لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْن إلا لمن لم يجد الهدي). ويستثنى من هذا الحكم، وهو تحريم صيام أيام التشريق –يستثنى منه: الحاج المتمتع والقارن إذا لم يجد هدياً، فإنّه يصوم عشرة أيام كما قال تعالى: "فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ" [البقرة:196].
ثم ان هذه الايام هي وقت لرمي الجمار بالنسبة للحُجَّاج، فبعد زوال الشمس يبدأ الحاج بالجمرة الأولى وهي التي تلي مسجد الخَيْف فيرميها بسبع حصيات. ثم يتقدم قليلاً عن يمينه فيقوم مستقبلاً القبلة ويرفع يديه ويدعو ويفعل مثل ذلك عند الجمرة الوسطى. ثم يأتى الجمرة الكبرى وهي: جمرة العقبة. فيرمها كذلك، ويجعل الكعبة عن يساره ومِنَى عن يمينه ولا يقف عندها.
وبعض الحُجَّاج يعجل بالرمي قبل الزوال خاصَّةً في يوم النَّفْر الأول وهو اليوم الثاني عشر. وهذا العمل خلاف السُّنَّة. فعن جابرٍ رضي الله عنه قال: رمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحىً وأما بَعْدُ فإذا زالت الشمس. رواه مسلم.
وقد أمر الله تعالى بذكره في أيام التشريق فقال: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" [البقرة:203]. وهذا الذكر في هذه الأيام أنواع متعددة كما قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله :-.
منها: ذكر الله بالتسمية والتكبير عند ذبح النُّسُك: كما قال تعالى: "لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ" [الحج:28].
ومنها: ذكر الله تعالى بالتبكير عند رمي الجمار والدعاء بعدها؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما جُعِل رمي الجمار والسّعيُ بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله" رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ومنها: ذكر الله المطلق فإنّه يستّحب الإكثار منه في أيّام التشريق كما قال تعالى: "فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ" [البقرة:200-202]. روى عبدُ بن حميد عن عكرمة أنّه كان يستحب أن يدعو بهذا الدعاء في أيام التشريق. قال الحافظ ابن رجب: استحب كثير من السلف كثرة الدعاء بهذا الدعاء في أيام التشريق. وهذا الدعاء من أجمع الأدعية للخير، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُكثر من الدعاء به.
ومنها: التكبير، فإنه يُشْرَع للحاج أن يكبرّ دُبُر كل صلاة مفروضة من صلاة الظهر يوم عيد الأضحى إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق. ولغير الحاج ابتداء من صلاة الفجر يوم عرفة. وهذا يُسَمّى عند الفقهاء: التكبير المقيّد؛ ومعنى أنه مُقيّد: أي أنّه خاصٌ بوقت محدد وهو عقب صلاة الفريضة.
وأما التكبير المطلق فهو الذي لا يتقيَّد بوقت معين، بل يُسَنُّ دائماً في الصباح والمساء وعند الصلاة وفي كل وقت. ويبدأ هذا التكبير المطلق من دخول شهر ذي الحجّة إلى صلاة عيد الأضحى. فإذا صلى الحاج صلاة الظهر يوم عيد الأضحى، وإذا صلى غير الحاج صلاة الفجر من يوم عرفة: بدأ في حقّه التكبير المقيد. وقال بعض أهل العلم: إن يوم عيد الأضحى وأيام التشريق يجتمع فيها التكبير المطلق والمقيَّد، فيكبّر دبر الصَّلاة ويكبّر كل وقت. واستدلوا بقوله تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" [البقرة:203]. والأيام المعدودات هي أيام التشريق.
وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه كان يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات. وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه، وكانت النساء يكبرن ليالي التشريق خلف عمرَ بنِ عبد العزيز -رضي الله عنه-. والمراد أنهن يقتدين به. فاحرص اخي الحاج على تعظيم شعائر الله وحرماته واحرص على ذكر ربك وانشغل به في هذا المكان الطيب وهذه الايام المباركة عسى ان يبر الله حجك النفيس ويقيك شر ابليس واعوانه من شياطين الانس والجن والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.