الجزائر - الصين: تُعْتَبَرُ الجزائر "بَقَرَةً حَلُوب" للصين حيث تنفِّذُ الشركات الصّينية عددا من مشاريع البُنية التحتية والإنشاء والإسكان، بِعُمّال صينيِّين طَبْعًا، ورغم الخلل الظاهر في بعض هذه المشاريع، وعُيُوب التّنْفِيذ، وارتفاع التكاليف ( الطريق الرابطة بين شرق وغرب الجزائر، كنموذج صارخ)، تتمسّكُ حكومة الجزائر بتفضيل الشركات الصّينِيّة لإنجاز مشاريع كُبْرى، مثل "ميناء الوسط" و"مركب الفوسفات المدمج"، وتُقَدِّرُ البيانات الرّسمية الجزائرية قيمة البرامج التي تُنْجِزُها الشركات الصينية بنحو عشرة مليارات دولارا سنويًّا، واندمجت الجزائر في المشروع الصيني الضّخم "الطريق والحزام" (أو طريق الحرير الجديد)، وما إنجاز الصين ميناء "الحمدانية" (غربي العاصمة الجزائرية) سوى محطة من محطات هذه الطريق – الحزام، وستنجزه شركات صينية بقيمة 3,3 مليارات دولارا، وستُشرف الشركات الصينية على منطقة تجارة حُرّة داخل الميناء، وهي بمنثابة دُوَيْلَة صينية داخل الدولة الجزائرية، تستخدمها الصين لعبور سِلَعِها وتخزينها قبل إعادة تصديرها نحو قارّتَيْ أُوروبا وإفريقيا، كما تُنجز الشركات الصينية طريقا يربط شمال إفريقيا بمنطقة جنوب الصحراء الإفريقية، وخط أنابيب لنَقْل الغاز الطبيعي من الجزائر إلى "لغوس"، عاصمة نيجيريا، إضافة إلى مشروع ربط الجزائر، عبر الألياف البَصَرِية، بالنيجر وتشاد ومالي ونيجيريا، وهي مشاريع مٌكلفة بدأت الجزائر إنجازَها أثناء ارتفاع أسعار النفط (2003 – 2014)، وجميعها مشاريع غير مُنْتِجَة (رغم أهمِّيَتِها) ولا تُعالج مشاكل البطالة المُرْتَفِعة، خُصُوصًا في أوساط الشباب، لكن جميع هذه المشاريع تخدم مصالح الصّين، وتدخل ضمن إطار برنامج "طريق الحرير الجديد" (أو الحزام والطّرِيق)...
يُصَنّف اقتصاد الجزائر ضمن الإقتصادات الرّيعية، لأنه يعتمد على صادرات المحروقات (وهي مورد طبيعي، لا يُضِيف له الإنسان قيمة، في حال تصديره خَامًّا) التي تُشكل حوالي 98% من صادرات البلاد، وانخفضت إيرادات العُملة الأجنبية من حوالي 80 مليار دولار إلى 35 مليار دولارا، فانخفض بذلك احتياطي العُملة الأجنبية (التي تُسَدِّدُ بها الدولة الواردات وقيمة الأشغال التي تُنْجِزُها الشركات الصينية) من قرابة 200 مليار دولارا منتصف 2014 إلى حوالي 96 مليار دولارا منتصف 2018، ويتوقع أن ينخفض إلى حوالي أربعين مليار دولارا سنة 2021، في حال عدم ارتفاع أسعار النفط الخام، وفق توقعات الحكومة التي أعلنها وزير المالية أثناء تقديم ميزانية 2019، بل وقد تضطر الدولة إلى الإقتراض من الأسواق المالية الخارجية، بعد ثلاث سنوات، إذا بقيت أسعار برميل الخام في حدود خمسين مليار دولارا...
مَرّت البلاد بمرحلة مُماثلة بداية من منتصف عقد الثمانينيات من القرن العشرين، وأَدّى تَدَهْوُرُ الوضع إلى انتفاضة تشرين الأول/اكتوبر 1988، وما تلاها من عَشْرِية الدّم والإرهاب، ولكن الحكومات التي تعاقبت لم تَسْتَوْعب الدّرس ولم تعْمَلْ على تحويل الإقتصاد الرّيعي إلى اقتصاد مُنْتِج، بل عمدت إلى شراء الذمم وتوزيع بعض الفُتات لشراء السلم الإجتماعي، فيما تواصل الفساد والرّشوة والتبذير وإنجاز المشاريع الضخمة والتي لا يستفيد منها المواطن، بل تستفيد منها الشركات الصينية والأوروبية، وبعض الوُسَطاء وفئة من بيروقراطية الدّولة، وحين انخفضت أسعار النفط الخام، وطالت فترة الإنخفاض اعتمدت الدولة سياسات التقَشّف وخفض الإنفاق الحكومي، وتقْيِيد الإستيراد، وتأجيل أو إلغاء إنجاز بعض مشاريع البُنْيَة التّحتية، و"اتهم" البنك العالمي الحكومة بطبع مليارات الدينارات، دون أن يُقابلها إنتاج بنفس القيمة، مما يرْفع الأسعار ويرفع نسبة التّضَخّم، ولم تُخْفي الحكومة لُجوءها إلى هذا "الحَلّ المؤقّت"، بل عَلّلت ذلك بضُعْفِ مواردها من الجباية المحلّيّة (ضريبة الدّخل والضريبة غير المباشرة كالقيمة المضافة وضريبة الإستهلاك والخدَمات وغيرها)...
إن الوضع الإقتصادي الحالي للجزائر يُفِيد الشركات الصينية ومشاريع الصين، ولا يُفِيد الجزائر (ولا الشعب الجزائري) في شيء، لأن هذه "الشراكة" تزيد من عجز الميزان التجاري الجزائري، وتزيد من ديون الجزائر تجاه الصين... عن وكالة "شينخوا" + موقع صحيفة "الخبر" 07/09/18
يُصَنّف اقتصاد الجزائر ضمن الإقتصادات الرّيعية، لأنه يعتمد على صادرات المحروقات (وهي مورد طبيعي، لا يُضِيف له الإنسان قيمة، في حال تصديره خَامًّا) التي تُشكل حوالي 98% من صادرات البلاد، وانخفضت إيرادات العُملة الأجنبية من حوالي 80 مليار دولار إلى 35 مليار دولارا، فانخفض بذلك احتياطي العُملة الأجنبية (التي تُسَدِّدُ بها الدولة الواردات وقيمة الأشغال التي تُنْجِزُها الشركات الصينية) من قرابة 200 مليار دولارا منتصف 2014 إلى حوالي 96 مليار دولارا منتصف 2018، ويتوقع أن ينخفض إلى حوالي أربعين مليار دولارا سنة 2021، في حال عدم ارتفاع أسعار النفط الخام، وفق توقعات الحكومة التي أعلنها وزير المالية أثناء تقديم ميزانية 2019، بل وقد تضطر الدولة إلى الإقتراض من الأسواق المالية الخارجية، بعد ثلاث سنوات، إذا بقيت أسعار برميل الخام في حدود خمسين مليار دولارا...
مَرّت البلاد بمرحلة مُماثلة بداية من منتصف عقد الثمانينيات من القرن العشرين، وأَدّى تَدَهْوُرُ الوضع إلى انتفاضة تشرين الأول/اكتوبر 1988، وما تلاها من عَشْرِية الدّم والإرهاب، ولكن الحكومات التي تعاقبت لم تَسْتَوْعب الدّرس ولم تعْمَلْ على تحويل الإقتصاد الرّيعي إلى اقتصاد مُنْتِج، بل عمدت إلى شراء الذمم وتوزيع بعض الفُتات لشراء السلم الإجتماعي، فيما تواصل الفساد والرّشوة والتبذير وإنجاز المشاريع الضخمة والتي لا يستفيد منها المواطن، بل تستفيد منها الشركات الصينية والأوروبية، وبعض الوُسَطاء وفئة من بيروقراطية الدّولة، وحين انخفضت أسعار النفط الخام، وطالت فترة الإنخفاض اعتمدت الدولة سياسات التقَشّف وخفض الإنفاق الحكومي، وتقْيِيد الإستيراد، وتأجيل أو إلغاء إنجاز بعض مشاريع البُنْيَة التّحتية، و"اتهم" البنك العالمي الحكومة بطبع مليارات الدينارات، دون أن يُقابلها إنتاج بنفس القيمة، مما يرْفع الأسعار ويرفع نسبة التّضَخّم، ولم تُخْفي الحكومة لُجوءها إلى هذا "الحَلّ المؤقّت"، بل عَلّلت ذلك بضُعْفِ مواردها من الجباية المحلّيّة (ضريبة الدّخل والضريبة غير المباشرة كالقيمة المضافة وضريبة الإستهلاك والخدَمات وغيرها)...
إن الوضع الإقتصادي الحالي للجزائر يُفِيد الشركات الصينية ومشاريع الصين، ولا يُفِيد الجزائر (ولا الشعب الجزائري) في شيء، لأن هذه "الشراكة" تزيد من عجز الميزان التجاري الجزائري، وتزيد من ديون الجزائر تجاه الصين... عن وكالة "شينخوا" + موقع صحيفة "الخبر" 07/09/18