في نقدِ العلمانيّة (3)
9/7/2017
خديجة الساعدي
استوردَ العلمانيونَ العربُ في مجملهم مفهوم العلمانيةِ من الفكرِ الغربيِّ مشوهًا وممزوجًا بالمفاهيم الليبراليةِ واقعينَ في خلطٍ فكريٍّ يجعلُ من مشروعهم كائنًا هجينًا لا ينتمي لأصولهِ، فيُفترَضُ أن العلمانيّة تعني في المجمَلِ تحييدَ الدينِ كليًّا أو جزئيًا، بما يعني أنها ترفضُ الدينَ ولا تتدخلُ فيهِ، تبعدهُ ولا تخوضُ في شؤونِهِ، وهكذا كانت العلمانية حقيقيّةً في المجتمعاتِ الغربيّة، فلم يحاول العلمانيون في الغربِ أن يفسروا نصوص الإنجيل بما يجعل العلمانية فكرةً مقبولةً إنجيليًّا، ولم يحاولوا صياغةَ المسيحيّةَ في شكلٍ دينيٍّ مؤسسٍ على أبجدياتِ الفكرِ العلمانيّ، لكنّ العلمانيةَ في المجتمعاتِ المُسلمةِ لم تستطع أن تتجاوزَ الدينَ مطلقًا، وأبت إلّا أن تتدخّلَ فيهِ لتعيدَ صياغتهِ بما يتماشى مع معناها، أي أنّها وقعت في فخّ "أسلمةِ الفكرة"، عندما أرادَت أن تجعلَ من العلمانيّةِ فكرةً متديّنَة.
يُصرُّ العلمانيُّ على أنّ رفضَ تدخلِ الدينِ في شؤونِ الحياةِ -كليًّا أو جزئيًّا- لا يتنافى معَ الدين، ويريدُ أن يقنعَ الناسَ بذلكَ انطلاقًا من الدينِ نفسِه، واقعًا في سلسلةٍ لا حدَّ لها من التناقُضات، إذ أن المشروع العلمانيّ يرفضُ من الأصلِ أن يكونَ الدينُ قاعدةً لتفسيرِ أيِّ شيءٍ، أو لحلّ أيّ إشكال، ولا ينقمُ على أتباع الفكرِ الإسلاميِّ إلّا إصرارَهم على تقديم التصوراتِ الفكريةِ والفلسفيةِ والعملية انطلاقًا من قواعدِ الشريعَة، غيرَ أنهُ في الوقتِ نفسِه يحاولَ (فاشلا) أن ينطلقَ من نفسِ القاعدَة ليكسِبَ مفاهيمَهُ صبغةَ القبول الدينيّ، وهذا إذا ما استثنينا -بالطبع- ، التيار العلمانيّ المتطرّف الذي يُقاربُ الإلحادَ ولا يجدُ حرجًا من رفضِ الدينِ بصراحةٍ ووضوح، وهوَ أصغر التياراتِ العلمانية وجودًا وتمثيلًا في المجتمعات المسلمة.
إذا نظرنا في تفسيرات العلمانيين للدينِ، فإنّ على العلمانيّ من بابِ التصالحِ مع فكرتهِ ومشروعهِ ألا يستنكرَ علينا النظرَ في تفسيراتِ غير العلمانيينَ للدين، وألا يرفضَ قيامَ المقارنة العلميّةِ بين تفسيراتهم وتفسيرات غيرهم، وقبولَ أقربها للدليل والحجة.
فإذا تجاوزنا هذا التناقض الصريح، وقبلنا بهِ، وتفهمناهُ كما تفهّمنا غيرهُ من التناقضاتِ التي تلخّصُ الأزمةَ الوجوديّةَ للعلمانيةِ في البيئة المسلمةِ، فإننا سنجدُ أنفسنا وسط دوامةٍ جديدةٍ من التناقضاتِ لا تنتهِي ولا تستقرّ، إذ كيفَ يتصورُ العلمانيّ أنهُ يستطيعُ أن ينطلقَ من الدينِ في الحكمِ على الدينِ بالنفيِ والإبعاد؟ كيفَ يؤمنُ الدينُ بفكرةِ نفيهِ؟ وكيفَ يقبلُ أيُّ دينٍ بأن يكونَ مجرّدًا من أيِّ معنًى تطبيقيٍّ؟ وماذا يفعلُ المُسلمُ في إسلامهِ إذا كانَ الإسلامُ قد جاءَ بمنظومةٍ متكاملةٍ من القواعدِ والقوانينِ التي تنظّمُ الحياةَ على مختلفِ أبعادِها وجوانبِها بما فيها السياسةُ والاقتصادُ والاجتماع؟
يهربُ العلماني من هذه الفكرة المتناقضة ليقع في فكرةٍ أشدّ تناقضًا، فهو مرتحلٌ أبدًا من تناقضٍ إلى تناقض، فيبرزُ المشكلةَ في صورةٍ مختلفة، وينأى بنفسهِ عن أصلِ فلسفتهِ التي تؤمنُ بتحييدِ الدين، ويضطرّ لتغييرِ أسلوبِ الطرحِ، لتصيرَ مشكلتهُ الحقيقيةُ لا مع حكمِ الدينِ نفسِهِ، ولكن مع تفسيراتِ الفقهاءِ للدينِ، ثمّ ماذا؟ يقولُ بأنّهُ لا بدّ من تفسيرٍ جديدٍ للدين، ثمّ يجعلُ من نفسِهُ مفسّرًا، فتزدادُ بذلكَ حدّةُ سقوطِهِ في هوّة التناقض.
فإذا تجاوزنا هذا التناقض أيضًا، ونظرنا في تفسيرات العلمانيين للدينِ، فإنّ على العلمانيّ من بابِ التصالحِ مع فكرتهِ ومشروعهِ ألا يستنكرَ علينا النظرَ في تفسيراتِ غير العلمانيينَ للدين، وألا يرفضَ قيامَ المقارنة العلميّةِ بين تفسيراتهم وتفسيرات غيرهم، وقبولَ أقربها للدليل والحجة، وأكثرِها انسجاما مع أصول الشريعة وقواعدها وثوابتها، وهذا ما لم يحدث على الإطلاق، إذ يصرّ العلمانيُّ على رفضِ أيّ تفسيرٍ للدينِ بغيرِ أدواتهِ، راغبًا في قطيعةٍ نهائيّةٍ مع كلّ ما له تعلقٌ بالتراثِ الإسلاميِّ، ومعاديًا لكلّ تفسيرٍ دينيٍّ ينطلقُ من القواعد العلمية المؤصلةِ المستمدة من العقل والنقل.
كلّ دعاة التجديد والتنوير ممن انطلقوا من خلفياتٍ علمانيةٍ أو استشراقيةٍ أو ما شابه، لم يستطيعوا حتى يومنا هذا، أن ينسفوا ما بناه العلماءُ المسلمون على مرّ التاريخِ من قواعدَ وأصول، ليأتوا بما هو أكثر تأصيلا وتقعيدًا.
ولعلهُ يفعلُ ذلكَ لأنّهُ لا يملكُ العلمَ الذي يؤهلهُ لتفسيرِ الدين، فلا لغةَ ولا نحوَ ولا صرفَ ولا حديثَ ولا فقهَ ولا ما سوى ذلكَ من أبسطِ الأدواتِ التي يُفترَضُ أن يمتلكَها كلّ من يخوضُ في مسائلِ الدينِ المُفصّلة، كل ما يملكهُ بضاعةٌ مزجاةٌ من كلام المستشرقينَ، ونظرياتٍ في بعضِ القضايا الفلسفيّة، والدينُ أعمقُ وأعظمُ من أن يُفسّرَ بمثلِ تلك البضاعة الزهيدَة، إذ لا بد من قواعد علمية متماسكة، ومنهجية واضحة صريحة، ولا بد من علمٍ باللغةِ والنحوِ والصرف والحديث والفقه وما إلى ذلكَ مما لهُ تعلّقٌ بالشريعة، فإذا ما افتقرَ أيّ تفسيرٍ لكلّ ذلك، فإنّ أبسطَ مقارنةٍ بينهُ وبينَ تفسيرٍ علميٍّ مؤصَّلٍ بإمكانها أن تكشف عن مدى هشاشتهِ بالمُقارنة، ولذلك كانت محاولات العلمانيين لتفسير الدينِ هشةً أبدًا، ولذلك نجدُ هذا الرفضَ الصريح من دعاة العلمنةِ لعقدِ أي مقارنة بينَ ما يطرحهُ المثقف العلمانيّ، وبينَ ما يطرحهُ غيرهُ ممّن ينطلقُ من أصولٍ علميّةٍ مؤصّلة.
إنّ كلّ دعاة التجديد والتنوير ممن انطلقوا من خلفياتٍ علمانيةٍ أو استشراقيةٍ أو ما شابه، لم يستطيعوا حتى يومنا هذا، أن ينسفوا ما بناه العلماءُ المسلمون على مرّ التاريخِ من قواعدَ وأصول، ليأتوا بما هو أكثر تأصيلا وتقعيدًا، وهذا هو جوهر الإشكال في الطرح العلماني، فإنكارنا ما يطرحه العلمانيون من تفسيراتٍ للدين أو لبعض مسائلهِ -إذا تجاوزنا تناقضها مع مفهوم العلمانية من الأصل- ليس من باب رفضنا للتجديد والتنوير وما إلى ذلك، وإنما هو من باب احترامنا للعلمِ والعقلِ، ورفضنا لأن تهدمَ فكرةٌ متماسكةٌ لتبنى في مكانها فكرةٌ على درجةٍ مؤسفةٍ من الهشاشة، لا يمكن لعاقلٍ أن يضحي بقصرٍ في سبيل كوخ، فكيف يُراد منا أن نضحي بقصورنا العلمية المدهشةِ في سبيل خيمةٍ لا أوتادَ لها؟
9/7/2017
خديجة الساعدي
استوردَ العلمانيونَ العربُ في مجملهم مفهوم العلمانيةِ من الفكرِ الغربيِّ مشوهًا وممزوجًا بالمفاهيم الليبراليةِ واقعينَ في خلطٍ فكريٍّ يجعلُ من مشروعهم كائنًا هجينًا لا ينتمي لأصولهِ، فيُفترَضُ أن العلمانيّة تعني في المجمَلِ تحييدَ الدينِ كليًّا أو جزئيًا، بما يعني أنها ترفضُ الدينَ ولا تتدخلُ فيهِ، تبعدهُ ولا تخوضُ في شؤونِهِ، وهكذا كانت العلمانية حقيقيّةً في المجتمعاتِ الغربيّة، فلم يحاول العلمانيون في الغربِ أن يفسروا نصوص الإنجيل بما يجعل العلمانية فكرةً مقبولةً إنجيليًّا، ولم يحاولوا صياغةَ المسيحيّةَ في شكلٍ دينيٍّ مؤسسٍ على أبجدياتِ الفكرِ العلمانيّ، لكنّ العلمانيةَ في المجتمعاتِ المُسلمةِ لم تستطع أن تتجاوزَ الدينَ مطلقًا، وأبت إلّا أن تتدخّلَ فيهِ لتعيدَ صياغتهِ بما يتماشى مع معناها، أي أنّها وقعت في فخّ "أسلمةِ الفكرة"، عندما أرادَت أن تجعلَ من العلمانيّةِ فكرةً متديّنَة.
يُصرُّ العلمانيُّ على أنّ رفضَ تدخلِ الدينِ في شؤونِ الحياةِ -كليًّا أو جزئيًّا- لا يتنافى معَ الدين، ويريدُ أن يقنعَ الناسَ بذلكَ انطلاقًا من الدينِ نفسِه، واقعًا في سلسلةٍ لا حدَّ لها من التناقُضات، إذ أن المشروع العلمانيّ يرفضُ من الأصلِ أن يكونَ الدينُ قاعدةً لتفسيرِ أيِّ شيءٍ، أو لحلّ أيّ إشكال، ولا ينقمُ على أتباع الفكرِ الإسلاميِّ إلّا إصرارَهم على تقديم التصوراتِ الفكريةِ والفلسفيةِ والعملية انطلاقًا من قواعدِ الشريعَة، غيرَ أنهُ في الوقتِ نفسِه يحاولَ (فاشلا) أن ينطلقَ من نفسِ القاعدَة ليكسِبَ مفاهيمَهُ صبغةَ القبول الدينيّ، وهذا إذا ما استثنينا -بالطبع- ، التيار العلمانيّ المتطرّف الذي يُقاربُ الإلحادَ ولا يجدُ حرجًا من رفضِ الدينِ بصراحةٍ ووضوح، وهوَ أصغر التياراتِ العلمانية وجودًا وتمثيلًا في المجتمعات المسلمة.
إذا نظرنا في تفسيرات العلمانيين للدينِ، فإنّ على العلمانيّ من بابِ التصالحِ مع فكرتهِ ومشروعهِ ألا يستنكرَ علينا النظرَ في تفسيراتِ غير العلمانيينَ للدين، وألا يرفضَ قيامَ المقارنة العلميّةِ بين تفسيراتهم وتفسيرات غيرهم، وقبولَ أقربها للدليل والحجة.
فإذا تجاوزنا هذا التناقض الصريح، وقبلنا بهِ، وتفهمناهُ كما تفهّمنا غيرهُ من التناقضاتِ التي تلخّصُ الأزمةَ الوجوديّةَ للعلمانيةِ في البيئة المسلمةِ، فإننا سنجدُ أنفسنا وسط دوامةٍ جديدةٍ من التناقضاتِ لا تنتهِي ولا تستقرّ، إذ كيفَ يتصورُ العلمانيّ أنهُ يستطيعُ أن ينطلقَ من الدينِ في الحكمِ على الدينِ بالنفيِ والإبعاد؟ كيفَ يؤمنُ الدينُ بفكرةِ نفيهِ؟ وكيفَ يقبلُ أيُّ دينٍ بأن يكونَ مجرّدًا من أيِّ معنًى تطبيقيٍّ؟ وماذا يفعلُ المُسلمُ في إسلامهِ إذا كانَ الإسلامُ قد جاءَ بمنظومةٍ متكاملةٍ من القواعدِ والقوانينِ التي تنظّمُ الحياةَ على مختلفِ أبعادِها وجوانبِها بما فيها السياسةُ والاقتصادُ والاجتماع؟
يهربُ العلماني من هذه الفكرة المتناقضة ليقع في فكرةٍ أشدّ تناقضًا، فهو مرتحلٌ أبدًا من تناقضٍ إلى تناقض، فيبرزُ المشكلةَ في صورةٍ مختلفة، وينأى بنفسهِ عن أصلِ فلسفتهِ التي تؤمنُ بتحييدِ الدين، ويضطرّ لتغييرِ أسلوبِ الطرحِ، لتصيرَ مشكلتهُ الحقيقيةُ لا مع حكمِ الدينِ نفسِهِ، ولكن مع تفسيراتِ الفقهاءِ للدينِ، ثمّ ماذا؟ يقولُ بأنّهُ لا بدّ من تفسيرٍ جديدٍ للدين، ثمّ يجعلُ من نفسِهُ مفسّرًا، فتزدادُ بذلكَ حدّةُ سقوطِهِ في هوّة التناقض.
فإذا تجاوزنا هذا التناقض أيضًا، ونظرنا في تفسيرات العلمانيين للدينِ، فإنّ على العلمانيّ من بابِ التصالحِ مع فكرتهِ ومشروعهِ ألا يستنكرَ علينا النظرَ في تفسيراتِ غير العلمانيينَ للدين، وألا يرفضَ قيامَ المقارنة العلميّةِ بين تفسيراتهم وتفسيرات غيرهم، وقبولَ أقربها للدليل والحجة، وأكثرِها انسجاما مع أصول الشريعة وقواعدها وثوابتها، وهذا ما لم يحدث على الإطلاق، إذ يصرّ العلمانيُّ على رفضِ أيّ تفسيرٍ للدينِ بغيرِ أدواتهِ، راغبًا في قطيعةٍ نهائيّةٍ مع كلّ ما له تعلقٌ بالتراثِ الإسلاميِّ، ومعاديًا لكلّ تفسيرٍ دينيٍّ ينطلقُ من القواعد العلمية المؤصلةِ المستمدة من العقل والنقل.
كلّ دعاة التجديد والتنوير ممن انطلقوا من خلفياتٍ علمانيةٍ أو استشراقيةٍ أو ما شابه، لم يستطيعوا حتى يومنا هذا، أن ينسفوا ما بناه العلماءُ المسلمون على مرّ التاريخِ من قواعدَ وأصول، ليأتوا بما هو أكثر تأصيلا وتقعيدًا.
ولعلهُ يفعلُ ذلكَ لأنّهُ لا يملكُ العلمَ الذي يؤهلهُ لتفسيرِ الدين، فلا لغةَ ولا نحوَ ولا صرفَ ولا حديثَ ولا فقهَ ولا ما سوى ذلكَ من أبسطِ الأدواتِ التي يُفترَضُ أن يمتلكَها كلّ من يخوضُ في مسائلِ الدينِ المُفصّلة، كل ما يملكهُ بضاعةٌ مزجاةٌ من كلام المستشرقينَ، ونظرياتٍ في بعضِ القضايا الفلسفيّة، والدينُ أعمقُ وأعظمُ من أن يُفسّرَ بمثلِ تلك البضاعة الزهيدَة، إذ لا بد من قواعد علمية متماسكة، ومنهجية واضحة صريحة، ولا بد من علمٍ باللغةِ والنحوِ والصرف والحديث والفقه وما إلى ذلكَ مما لهُ تعلّقٌ بالشريعة، فإذا ما افتقرَ أيّ تفسيرٍ لكلّ ذلك، فإنّ أبسطَ مقارنةٍ بينهُ وبينَ تفسيرٍ علميٍّ مؤصَّلٍ بإمكانها أن تكشف عن مدى هشاشتهِ بالمُقارنة، ولذلك كانت محاولات العلمانيين لتفسير الدينِ هشةً أبدًا، ولذلك نجدُ هذا الرفضَ الصريح من دعاة العلمنةِ لعقدِ أي مقارنة بينَ ما يطرحهُ المثقف العلمانيّ، وبينَ ما يطرحهُ غيرهُ ممّن ينطلقُ من أصولٍ علميّةٍ مؤصّلة.
إنّ كلّ دعاة التجديد والتنوير ممن انطلقوا من خلفياتٍ علمانيةٍ أو استشراقيةٍ أو ما شابه، لم يستطيعوا حتى يومنا هذا، أن ينسفوا ما بناه العلماءُ المسلمون على مرّ التاريخِ من قواعدَ وأصول، ليأتوا بما هو أكثر تأصيلا وتقعيدًا، وهذا هو جوهر الإشكال في الطرح العلماني، فإنكارنا ما يطرحه العلمانيون من تفسيراتٍ للدين أو لبعض مسائلهِ -إذا تجاوزنا تناقضها مع مفهوم العلمانية من الأصل- ليس من باب رفضنا للتجديد والتنوير وما إلى ذلك، وإنما هو من باب احترامنا للعلمِ والعقلِ، ورفضنا لأن تهدمَ فكرةٌ متماسكةٌ لتبنى في مكانها فكرةٌ على درجةٍ مؤسفةٍ من الهشاشة، لا يمكن لعاقلٍ أن يضحي بقصرٍ في سبيل كوخ، فكيف يُراد منا أن نضحي بقصورنا العلمية المدهشةِ في سبيل خيمةٍ لا أوتادَ لها؟