هل مسلموا اليوم يقولون : لا إله إلا الله ؟
سؤال عجيب ، وغريب ، ومستهجن ، ومضحك !!!
أليس كذلك ؟!
ولكن حينما نتحرى عن الحقيقة ، ونكشفها ، وتظهر أمامنا كالشمس الساطعة في رابعة النهار، فإن هذا العجب سيزول ، ويتلاشى ..
حينما يظهر يقينا ، أن مسلمي اليوم لا يقولون ( لا إله إلا الله ) حسب المراد الرباني – إلا قليلاً منهم - !!!
ولا يفهمونها على أنها تعني :
لا معبود بحق ، في الطقوس العبادية .. وفي التشريعات ، والقوانين ، وأنظمة الحكم ، وفي الأخلاق ، والعادات ، وفي المعاملات التجارية ، وفي الأخلاق ، والضمير ، والوجدان ، وفي الحلال ، والحرام ، وفي لباس المرأة ، والاختلاط بين الجنسين ، إلا الله وحده لاشريك له ..
وأنه هو الذي يجب ، أن يكون المتفرد ، والقيوم ، والقائم ، والمدبر لشؤون الكون ، والعباد معا .. لوحده فقط .. دون أي منازع ، ولا مشارك من العباد بتاتا ...
( قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴿١٦٢﴾ لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ﴿١٦٣﴾ الأنعام .
فهذا أمر إلهي صارم ، حازم .. بأن تكون أعمال حياة العبد كلها ، صغيرها وكبيرها ، وللفرد ، وللمجتمع ، وللدولة ، خالصة لله تعالى ، لا يشاركه فيها أي إله آخر ، وبذلك يكون مسلما ..
فالله يريد من المؤمنين .. التجرد الكامل له وحده .. والدينونة التامة ، والرضوخ الكامل له ، في كل شؤون الحياة ، وفي وضع الدستور ، والقانون للدولة ، بحيث لا يكون ثمة معبود آخر سواه ..
فالذين لا يؤمنون بهذا ، ولا يقرون به ، ولا يعترفون به .. لا يقولون : ( لا إله إلا الله ) ..
وإنما يقولونها تفكها ، وتسلية ، وللتنفيس عن مصاب ، حينما يُلمُ بهم ، وأثناء الأذكار الجامدة ، الروتينية ، الباردة ، الخالية من التفاعل معها ، وتمنياً ، وترجياً بدخول الجنة – كما يظنون – .
إنهم يقولونها قولاً .. ولكنهم يخالفونها عملاً !!!
يطيعون الله في الطقوس التعبدية .. ويطيعون آلهة أخرى في المعاملات اليومية .. مقرين ، ومعترفين لهم بصلاحية وضع القوانين ، والدستور ، والتشريعات من دون الله !!!
وحينما نبحث .. ونستقصي عن أصل الدعوة ، التي دعا بها جميع الرسل ، وخاتمهم محمد عليهم السلام ..
نجد بشكل واضح ، وجلي ، وساطع أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، بقي ثلاثة عشر عاما في مكة .. وهو يدعو قومه قريش .. إلى شيء واحد ، لا ثان له ، قائلاً :
قولوا : لا إله إلا الله ، تفلحوا ..
يقول الطبري في تاريخه :
{ حدثنا أسباط ، عن السدي : أن ناساً من قريش اجتمعوا ، فيهم أبو جهل بن هشام ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب بن عبد يغوث ، في نفر من مشيخة قريش ، فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى أبي طالب فنكلمه فيه ( يعني محمد صلى الله عليه وسلم ) ، فلينصفنا منه ، فيأمره ، فليكف عن شتم آلهتنا ، وندعه وإلهه الذي يعبد ، فإننا نخاف أن يموت هذا الشيخ ، فيكون منا شيء ، فتعيرنا العرب ، يقولون : تركوه ، حتى إذا مات عمه تناواوه !!!.
قال : فبعثوا رجلا منهم يُدعى المطلب ، فاستأذن لهم على أبي طالب ، فقال : هؤلاء مشيخة قومك ، وسرواتهم ، يستأذنون عليك ، قال : أدخلهم ، فلما دخلوا عليه ، قالوا : يا أبا طالب ، أنت كبيرنا ، وسيدنا ، فأنصفنا من ابن أخيك ، فمره فليكف عن شتم آلهتنا ، وندعه وإلهه .
قال : فبعث إليه أبو طالب ، فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : يا بن أخي ، هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم ، وقد سألوك النِصف ، أن تكف عن شتم آلهتهم ، ويدعوك وإلهك ، قال : اي عم ،
أولا أدعوهم إلى ما هو خير لهم منها ؟
قال : وإلام تدعوهم ؟
قال : أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة واحدة ، تدين لهم بها العرب ، ويملكون بها العجم ..
فقال أبو جهل من بين القوم : وما هي وأبيك ؟
لنعطينكها وعشرا معها ..
قال : تقولوا : لا إله إلا الله ، قال : فنفروا وتفرقوا ، وقالوا : سلنا غير هذه ..
فقال : لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ، ما سألتكم غيرها ..
قال : فغضبوا وقاموا من عنده غَضَابى ، وقالوا : والله لنشتمنك وإلهك الذي يأمرك بهذا .. ( وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ ﴿٦﴾ مَا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِي ٱلۡمِلَّةِ ٱلۡأٓخِرَةِ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا ٱخۡتِلَٰقٌ ﴿٧﴾ ص . } .
نستنتج من هذا المشهد الواحد ، ذي الحركة المنسابة ، والايقاعات المتتالية ، والصور المتتابعة ، والحوار الجدي ، والنقاش القوي بين الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبين عمه ، وبين سادات قريش ، الذين صُدموا بالنتيجة ..
أن المشركين ما كان يزعجهم ، ويغيظهم ، ويقلق راحتهم ، وينغص عيشهم ، لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أغلق على نفسه الباب ، وتعبد ربه كما يشاء ، وإلى متى ما يشاء ، وتركهم وآلهتهم يعبدونها كما يشاؤون ، وكيفما يشاؤون ...
فهذا لن يسبب لهم أي ضرر ، ولا أي أذى ، ولا أي خسارة ، وسيبقون على عروشهم ، يتحكمون في مصير الناس ، ويحكمونهم بشريعتهم ، وأنظمتهم ..
ولن يخسروا مصالحهم ، ولا الامتيازات التي كسبوها عبر السنين ...
وهذا هو نفس الخطاب ، الذي يوجهه طغاة المسلمين اليوم ، حيث يقولون لعامة المسلمين :
تريدون مساجد ، سنبنيها ، أو نسمح لكم ببنائها ، وزخرفتها ، وتزيينها بما تشتهون من أحسن الزخارف ، ونسمح لكم ، أن تقيموا حلقات الذكر ، والأناشيد الدينية ، وأن تحتفلوا بكل المناسبات الدينية المتنوعة ..
لا جُناح عليكم في ذلك ، ولا حرج ..
بل وتريدون مدارس تحفيظ القرآن ، فسنبني لكم ما تشاؤون .. وتخرجون أجيالا من حفظة القرآن ..
وتريدون مطابع لطبع القرآن ، وإذاعات ، وقنوات تلفازية ، تذيع ، وترتل القرآن طوال الليل والنهار ...
وتريدون أن تتكلموا بالأخلاق ، والمواعظ الحسنة ، وترقيق القلوب ، وأن تتحدثوا عن الجنة والنار ، وعذاب القبر ، والموت ، والحساب .. وتضجون بالبكاء ، والعويل ، والنحيب ، وتتمايلون ذات اليمين ، وذات الشمال ، هياما بحب الله !!!
بل وتريدون مدارس شرعية ، تعلم الفقه ، والحديث ، وأخواتهما فلكم ذلك ، وتريدون عقد ندوات اجتماعية ، إصلاحية تتحدث عن بر الوالدين ، والإحسان إلى الجيران ، اليهود ، والنصارى ، والمجوس وسواهم ..
كل هذا مسموح لكم ..
أما أن تسبوا آلهتنا ، وتشتموا قوانينا ، وأنظمتنا ، وتشريعاتنا ، ودستورنا العلماني ، وتعترضوا عليها ، وتتدخلوا في سياسة الحكم ، وإدارة البلد ، وتنتقدوها ، أو تسفهوا أحلام الولاة ، والسلاطين ، وتحرضوا الناس على الخروج عليهم ، ونزع طاعتهم ..
فهذا خط أحمر ، ممنوع منعا باتا ..
مِن دونه خَرْطُ القتَاد ، وقطع الرقاب ، والسجن في الزنزانات ، وراء القضبان ، وتلقي العذاب ، والهوان حتى الموت !!!
ومن خلال ملامسة واقع مسلمي اليوم ، نجدهم – إلا قليلا منهم – يؤمنون بأن الشعائر التعبدية ، يجب أن تكون منفصلة لوحدها ، ولا علاقة لها بالقضايا القانونية ، والتنظيمية ، والإدارية ، والسياسية !!!
ويظنون أنهم ، يمكن أن يكونوا مسلمين ، وهم يدينون لله في الصلاة ، ويدينون للحاكم في الدستور ، والقانون ، ويقبلون بأن تكون وظيفة الله تعالى محصورة فقط ، أن يخلق ، ويرزق ، وغيره يحكم !!!
وتلك قسمة ضيزى !!!
وعليه :
هم ، لا يقولون لا إله إلا الله ، كما يريد الله ، وإنما كما يريد الشيطان !!!
( وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَهُۥ قَرِينٗا فَسَآءَ قَرِينٗا ) النساء 38 .
( وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيۡطَٰنَ وَلِيّٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدۡ خَسِرَ خُسۡرَانٗا مُّبِينٗا ) النساء 119 .
ولذلك :
أصبحوا أذلة صاغرين ، مهانين ، يتكادمون تكادم الحُمُر ، وتطأ رؤوسَهم كلابُ بني الأصفر ، وفئران الرافضة ، وثعالب المجوس ..
وحينما يقولون ( لا إله إلا الله ) بالمفهوم الرباني الشامل ..
حينئذ فقط ، تدين لهم كل الأمم ، ويملكون العجم ، والفرس ، والروم ، ويسيطرون على البيت الأسود ، فيما وراء المحيطات ، ويفتحون روما ..
وكل العالم يركض وراءهم ، يبغون رضاهم .
السبت 22 المحرم 1441
21 أيلول 2019
موفق السباعي
سؤال عجيب ، وغريب ، ومستهجن ، ومضحك !!!
أليس كذلك ؟!
ولكن حينما نتحرى عن الحقيقة ، ونكشفها ، وتظهر أمامنا كالشمس الساطعة في رابعة النهار، فإن هذا العجب سيزول ، ويتلاشى ..
حينما يظهر يقينا ، أن مسلمي اليوم لا يقولون ( لا إله إلا الله ) حسب المراد الرباني – إلا قليلاً منهم - !!!
ولا يفهمونها على أنها تعني :
لا معبود بحق ، في الطقوس العبادية .. وفي التشريعات ، والقوانين ، وأنظمة الحكم ، وفي الأخلاق ، والعادات ، وفي المعاملات التجارية ، وفي الأخلاق ، والضمير ، والوجدان ، وفي الحلال ، والحرام ، وفي لباس المرأة ، والاختلاط بين الجنسين ، إلا الله وحده لاشريك له ..
وأنه هو الذي يجب ، أن يكون المتفرد ، والقيوم ، والقائم ، والمدبر لشؤون الكون ، والعباد معا .. لوحده فقط .. دون أي منازع ، ولا مشارك من العباد بتاتا ...
( قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴿١٦٢﴾ لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ﴿١٦٣﴾ الأنعام .
فهذا أمر إلهي صارم ، حازم .. بأن تكون أعمال حياة العبد كلها ، صغيرها وكبيرها ، وللفرد ، وللمجتمع ، وللدولة ، خالصة لله تعالى ، لا يشاركه فيها أي إله آخر ، وبذلك يكون مسلما ..
فالله يريد من المؤمنين .. التجرد الكامل له وحده .. والدينونة التامة ، والرضوخ الكامل له ، في كل شؤون الحياة ، وفي وضع الدستور ، والقانون للدولة ، بحيث لا يكون ثمة معبود آخر سواه ..
فالذين لا يؤمنون بهذا ، ولا يقرون به ، ولا يعترفون به .. لا يقولون : ( لا إله إلا الله ) ..
وإنما يقولونها تفكها ، وتسلية ، وللتنفيس عن مصاب ، حينما يُلمُ بهم ، وأثناء الأذكار الجامدة ، الروتينية ، الباردة ، الخالية من التفاعل معها ، وتمنياً ، وترجياً بدخول الجنة – كما يظنون – .
إنهم يقولونها قولاً .. ولكنهم يخالفونها عملاً !!!
يطيعون الله في الطقوس التعبدية .. ويطيعون آلهة أخرى في المعاملات اليومية .. مقرين ، ومعترفين لهم بصلاحية وضع القوانين ، والدستور ، والتشريعات من دون الله !!!
وحينما نبحث .. ونستقصي عن أصل الدعوة ، التي دعا بها جميع الرسل ، وخاتمهم محمد عليهم السلام ..
نجد بشكل واضح ، وجلي ، وساطع أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، بقي ثلاثة عشر عاما في مكة .. وهو يدعو قومه قريش .. إلى شيء واحد ، لا ثان له ، قائلاً :
قولوا : لا إله إلا الله ، تفلحوا ..
يقول الطبري في تاريخه :
{ حدثنا أسباط ، عن السدي : أن ناساً من قريش اجتمعوا ، فيهم أبو جهل بن هشام ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب بن عبد يغوث ، في نفر من مشيخة قريش ، فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى أبي طالب فنكلمه فيه ( يعني محمد صلى الله عليه وسلم ) ، فلينصفنا منه ، فيأمره ، فليكف عن شتم آلهتنا ، وندعه وإلهه الذي يعبد ، فإننا نخاف أن يموت هذا الشيخ ، فيكون منا شيء ، فتعيرنا العرب ، يقولون : تركوه ، حتى إذا مات عمه تناواوه !!!.
قال : فبعثوا رجلا منهم يُدعى المطلب ، فاستأذن لهم على أبي طالب ، فقال : هؤلاء مشيخة قومك ، وسرواتهم ، يستأذنون عليك ، قال : أدخلهم ، فلما دخلوا عليه ، قالوا : يا أبا طالب ، أنت كبيرنا ، وسيدنا ، فأنصفنا من ابن أخيك ، فمره فليكف عن شتم آلهتنا ، وندعه وإلهه .
قال : فبعث إليه أبو طالب ، فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : يا بن أخي ، هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم ، وقد سألوك النِصف ، أن تكف عن شتم آلهتهم ، ويدعوك وإلهك ، قال : اي عم ،
أولا أدعوهم إلى ما هو خير لهم منها ؟
قال : وإلام تدعوهم ؟
قال : أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة واحدة ، تدين لهم بها العرب ، ويملكون بها العجم ..
فقال أبو جهل من بين القوم : وما هي وأبيك ؟
لنعطينكها وعشرا معها ..
قال : تقولوا : لا إله إلا الله ، قال : فنفروا وتفرقوا ، وقالوا : سلنا غير هذه ..
فقال : لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ، ما سألتكم غيرها ..
قال : فغضبوا وقاموا من عنده غَضَابى ، وقالوا : والله لنشتمنك وإلهك الذي يأمرك بهذا .. ( وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ ﴿٦﴾ مَا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِي ٱلۡمِلَّةِ ٱلۡأٓخِرَةِ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا ٱخۡتِلَٰقٌ ﴿٧﴾ ص . } .
نستنتج من هذا المشهد الواحد ، ذي الحركة المنسابة ، والايقاعات المتتالية ، والصور المتتابعة ، والحوار الجدي ، والنقاش القوي بين الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبين عمه ، وبين سادات قريش ، الذين صُدموا بالنتيجة ..
أن المشركين ما كان يزعجهم ، ويغيظهم ، ويقلق راحتهم ، وينغص عيشهم ، لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أغلق على نفسه الباب ، وتعبد ربه كما يشاء ، وإلى متى ما يشاء ، وتركهم وآلهتهم يعبدونها كما يشاؤون ، وكيفما يشاؤون ...
فهذا لن يسبب لهم أي ضرر ، ولا أي أذى ، ولا أي خسارة ، وسيبقون على عروشهم ، يتحكمون في مصير الناس ، ويحكمونهم بشريعتهم ، وأنظمتهم ..
ولن يخسروا مصالحهم ، ولا الامتيازات التي كسبوها عبر السنين ...
وهذا هو نفس الخطاب ، الذي يوجهه طغاة المسلمين اليوم ، حيث يقولون لعامة المسلمين :
تريدون مساجد ، سنبنيها ، أو نسمح لكم ببنائها ، وزخرفتها ، وتزيينها بما تشتهون من أحسن الزخارف ، ونسمح لكم ، أن تقيموا حلقات الذكر ، والأناشيد الدينية ، وأن تحتفلوا بكل المناسبات الدينية المتنوعة ..
لا جُناح عليكم في ذلك ، ولا حرج ..
بل وتريدون مدارس تحفيظ القرآن ، فسنبني لكم ما تشاؤون .. وتخرجون أجيالا من حفظة القرآن ..
وتريدون مطابع لطبع القرآن ، وإذاعات ، وقنوات تلفازية ، تذيع ، وترتل القرآن طوال الليل والنهار ...
وتريدون أن تتكلموا بالأخلاق ، والمواعظ الحسنة ، وترقيق القلوب ، وأن تتحدثوا عن الجنة والنار ، وعذاب القبر ، والموت ، والحساب .. وتضجون بالبكاء ، والعويل ، والنحيب ، وتتمايلون ذات اليمين ، وذات الشمال ، هياما بحب الله !!!
بل وتريدون مدارس شرعية ، تعلم الفقه ، والحديث ، وأخواتهما فلكم ذلك ، وتريدون عقد ندوات اجتماعية ، إصلاحية تتحدث عن بر الوالدين ، والإحسان إلى الجيران ، اليهود ، والنصارى ، والمجوس وسواهم ..
كل هذا مسموح لكم ..
أما أن تسبوا آلهتنا ، وتشتموا قوانينا ، وأنظمتنا ، وتشريعاتنا ، ودستورنا العلماني ، وتعترضوا عليها ، وتتدخلوا في سياسة الحكم ، وإدارة البلد ، وتنتقدوها ، أو تسفهوا أحلام الولاة ، والسلاطين ، وتحرضوا الناس على الخروج عليهم ، ونزع طاعتهم ..
فهذا خط أحمر ، ممنوع منعا باتا ..
مِن دونه خَرْطُ القتَاد ، وقطع الرقاب ، والسجن في الزنزانات ، وراء القضبان ، وتلقي العذاب ، والهوان حتى الموت !!!
ومن خلال ملامسة واقع مسلمي اليوم ، نجدهم – إلا قليلا منهم – يؤمنون بأن الشعائر التعبدية ، يجب أن تكون منفصلة لوحدها ، ولا علاقة لها بالقضايا القانونية ، والتنظيمية ، والإدارية ، والسياسية !!!
ويظنون أنهم ، يمكن أن يكونوا مسلمين ، وهم يدينون لله في الصلاة ، ويدينون للحاكم في الدستور ، والقانون ، ويقبلون بأن تكون وظيفة الله تعالى محصورة فقط ، أن يخلق ، ويرزق ، وغيره يحكم !!!
وتلك قسمة ضيزى !!!
وعليه :
هم ، لا يقولون لا إله إلا الله ، كما يريد الله ، وإنما كما يريد الشيطان !!!
( وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَهُۥ قَرِينٗا فَسَآءَ قَرِينٗا ) النساء 38 .
( وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيۡطَٰنَ وَلِيّٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدۡ خَسِرَ خُسۡرَانٗا مُّبِينٗا ) النساء 119 .
ولذلك :
أصبحوا أذلة صاغرين ، مهانين ، يتكادمون تكادم الحُمُر ، وتطأ رؤوسَهم كلابُ بني الأصفر ، وفئران الرافضة ، وثعالب المجوس ..
وحينما يقولون ( لا إله إلا الله ) بالمفهوم الرباني الشامل ..
حينئذ فقط ، تدين لهم كل الأمم ، ويملكون العجم ، والفرس ، والروم ، ويسيطرون على البيت الأسود ، فيما وراء المحيطات ، ويفتحون روما ..
وكل العالم يركض وراءهم ، يبغون رضاهم .
السبت 22 المحرم 1441
21 أيلول 2019
موفق السباعي