2- متشاكلات:المَثل والمِثل
* قال تعالى :- (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا (89 الاسراء) المثل هو وصف المقصود بما يمثله و يقربه من ذهن السامع ويجلي له الغاية و المراد من الخطاب، ومَثَّلَ الشيءَ بالشيء : شبَّهه به وقدَّرَهُ على قدْره،ومَثَّلَ الشيءَ لفلان : صَوَّره له بمماثل او مشابه حتى كأنَّه ينظر إليه.
وللأمثال فوائد وثمرات يجنيها متدبرها والمتمعن في دلالاتها، حيث تأتي الأمثال مراعية لجوانب عديدة حسب الجانب الذي جاءت لأجله خادمة لمعناه مقربة لصورته، فإن الأمثال تؤثر أكثر من الكلام المجرد لأنها تقرب الصورة وتجلب الانتباه وتسخر الوهم ليتصوره العقل وترفع الحجاب عن القلوب الغافلة وتؤلف المطلوب وتقربه، ومن هنا يقول الإمام عبد القاهر الجرجاني، إمام البلاغة والإعجاز –رحمه الله-: “إعلم أنّ مما اتّفق العقلاء عليه أنّ التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني، أو أُبرزت هي باختصار في معرضه، ونُقلت عن صورها الأصلية إلى صورته كساها أُبّهة، وكسبها منقبة، ورفع من أقدارها، وشبّ من نارها، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها، ودعا القلوب إليها، واستثار من أقاصى الأفئدة صبابة وكلفاً، وقسر الطّباع على أن تُعطيها محبة وشغفاً.
فإن كان ذمّاً: كان مسه أوجع، وميسمه ألذع، ووقعه أشدّ، وحدّه أحد.
وإن كان حجاجاً: كان برهانه أنور، وسلطانه أقهر، وبيانه أبهر.
وإن كان افتخاراً: كان شأوه أمدّ، وشرفه أجد ولسانه ألد.
وإن كان اعتذاراً: كان إلى القبول أقرب، وللقلوب أخلب، وللسخائم أسلّ، ولغَرْب الغضب أفلّ، وفي عُقد العقود أنفث، وحسن الرجوع أبعث.
وإن كان وعظاً: كان أشفى للصدر، وأدعى إلى الفكر، وأبلغ في التنبيه والزجر، وأجدر أن يجلى الغياية ويُبصّـر الغاية، ويبريَ العليل، ويشفي الغليل".
وتصريف الأمثال في الاية89 من الاسراء اعلاه يعني ترديدها و تكرارها و تحويلها من بيان إلى بيان و من أسلوب إلى أسلوب، و المراد ضرب لهم من كل مثل يوضح لهم سبيل الحق ويقرب صورته الى اذهانهم و يمهد لهم طريق فهم الإيمان لوازمه و الشكر ومقتضياته كما يفهم من قرينة قوله: «فأبى أكثر الناس إلا كفورا». وهو كقوله (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43 العنكبوت) وكقوله تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) (الحشر: 21).
* يقول عز وجل:-
(فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى : 11] . وهنا قد يتوهم البعض اشكال، فيسال هل معنى ليس كمثله شيئ اي ليس مثل مثله شيء، على اعتبار الكاف تفيد التشبيه والمثل؟ وبهذا الفهم السقيم فكانهم يثبتون لله سبحانه وتعالى المِثل، والمِثل هو الشبيه المماثل والكفؤ المعادل والنظير ، فالمِثْلُ لغةً: هو الشِّبه والنظير، وهذا منافِِ لعقيدة الايمان والتوحيد، وهو من ديدن الكفار والمشركين:-(الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون (1الانعام)
فمن اوجد السموات والارض من عدم ومن خلق الظلمات والنور فيهن لا ينبغي ان يكون له شبيه ولا نظير ولا مثيل يكافؤه، وقد فصله مجملا في قوله تعالى :- قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4 سورة الاخلاص). فالاحد هو من لا ثاني له اي لا جنس له ولا نوع ليماثله او يناظره غيره فيه ليقاس عليه او يشبه به فلم يكن له كفوا احد ..وعليه فان اعراب (ليس كمثله شيء):- ليس : فعل مَاضٍ ناقص ناسخ جامد مبني على الفتح، و الكاف : حرف جر زائد ومن مسلمات اللغة والنحو ان حرف الجر الزائد يدخل على خبر ليس بشرط ان يدخل على لفظ تشبيه. ومثله : خبر ليس مقدم مجرور لفظاً منصوب مَحَلًّا، وشئٌ : اسم ليس مؤخر مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر. والزيادة في المبنى تفيد الزيادة في المعنى فيكون دخول الكاف الزائدة هنا قد افاد زيادة النفي للمثل. وله نظائر كثيرة في كلام العرب، قال أوس بن حجر:
ليس كمثل الفتى زهير * * خلق يوازيه في الفضائل
وقال آخر: ما إن كمِثْلِهِمُ في النَّاس من بشر
وقال آخر:وقَتْلى كمثل جذوع النخيل .
نسال الله تعالى ان يجعلنا واياكم من المهتدين الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه
(..وَلَٰكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)
* قال تعالى :- (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا (89 الاسراء) المثل هو وصف المقصود بما يمثله و يقربه من ذهن السامع ويجلي له الغاية و المراد من الخطاب، ومَثَّلَ الشيءَ بالشيء : شبَّهه به وقدَّرَهُ على قدْره،ومَثَّلَ الشيءَ لفلان : صَوَّره له بمماثل او مشابه حتى كأنَّه ينظر إليه.
وللأمثال فوائد وثمرات يجنيها متدبرها والمتمعن في دلالاتها، حيث تأتي الأمثال مراعية لجوانب عديدة حسب الجانب الذي جاءت لأجله خادمة لمعناه مقربة لصورته، فإن الأمثال تؤثر أكثر من الكلام المجرد لأنها تقرب الصورة وتجلب الانتباه وتسخر الوهم ليتصوره العقل وترفع الحجاب عن القلوب الغافلة وتؤلف المطلوب وتقربه، ومن هنا يقول الإمام عبد القاهر الجرجاني، إمام البلاغة والإعجاز –رحمه الله-: “إعلم أنّ مما اتّفق العقلاء عليه أنّ التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني، أو أُبرزت هي باختصار في معرضه، ونُقلت عن صورها الأصلية إلى صورته كساها أُبّهة، وكسبها منقبة، ورفع من أقدارها، وشبّ من نارها، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها، ودعا القلوب إليها، واستثار من أقاصى الأفئدة صبابة وكلفاً، وقسر الطّباع على أن تُعطيها محبة وشغفاً.
فإن كان ذمّاً: كان مسه أوجع، وميسمه ألذع، ووقعه أشدّ، وحدّه أحد.
وإن كان حجاجاً: كان برهانه أنور، وسلطانه أقهر، وبيانه أبهر.
وإن كان افتخاراً: كان شأوه أمدّ، وشرفه أجد ولسانه ألد.
وإن كان اعتذاراً: كان إلى القبول أقرب، وللقلوب أخلب، وللسخائم أسلّ، ولغَرْب الغضب أفلّ، وفي عُقد العقود أنفث، وحسن الرجوع أبعث.
وإن كان وعظاً: كان أشفى للصدر، وأدعى إلى الفكر، وأبلغ في التنبيه والزجر، وأجدر أن يجلى الغياية ويُبصّـر الغاية، ويبريَ العليل، ويشفي الغليل".
وتصريف الأمثال في الاية89 من الاسراء اعلاه يعني ترديدها و تكرارها و تحويلها من بيان إلى بيان و من أسلوب إلى أسلوب، و المراد ضرب لهم من كل مثل يوضح لهم سبيل الحق ويقرب صورته الى اذهانهم و يمهد لهم طريق فهم الإيمان لوازمه و الشكر ومقتضياته كما يفهم من قرينة قوله: «فأبى أكثر الناس إلا كفورا». وهو كقوله (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43 العنكبوت) وكقوله تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) (الحشر: 21).
* يقول عز وجل:-
(فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى : 11] . وهنا قد يتوهم البعض اشكال، فيسال هل معنى ليس كمثله شيئ اي ليس مثل مثله شيء، على اعتبار الكاف تفيد التشبيه والمثل؟ وبهذا الفهم السقيم فكانهم يثبتون لله سبحانه وتعالى المِثل، والمِثل هو الشبيه المماثل والكفؤ المعادل والنظير ، فالمِثْلُ لغةً: هو الشِّبه والنظير، وهذا منافِِ لعقيدة الايمان والتوحيد، وهو من ديدن الكفار والمشركين:-(الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون (1الانعام)
فمن اوجد السموات والارض من عدم ومن خلق الظلمات والنور فيهن لا ينبغي ان يكون له شبيه ولا نظير ولا مثيل يكافؤه، وقد فصله مجملا في قوله تعالى :- قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4 سورة الاخلاص). فالاحد هو من لا ثاني له اي لا جنس له ولا نوع ليماثله او يناظره غيره فيه ليقاس عليه او يشبه به فلم يكن له كفوا احد ..وعليه فان اعراب (ليس كمثله شيء):- ليس : فعل مَاضٍ ناقص ناسخ جامد مبني على الفتح، و الكاف : حرف جر زائد ومن مسلمات اللغة والنحو ان حرف الجر الزائد يدخل على خبر ليس بشرط ان يدخل على لفظ تشبيه. ومثله : خبر ليس مقدم مجرور لفظاً منصوب مَحَلًّا، وشئٌ : اسم ليس مؤخر مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر. والزيادة في المبنى تفيد الزيادة في المعنى فيكون دخول الكاف الزائدة هنا قد افاد زيادة النفي للمثل. وله نظائر كثيرة في كلام العرب، قال أوس بن حجر:
ليس كمثل الفتى زهير * * خلق يوازيه في الفضائل
وقال آخر: ما إن كمِثْلِهِمُ في النَّاس من بشر
وقال آخر:وقَتْلى كمثل جذوع النخيل .
نسال الله تعالى ان يجعلنا واياكم من المهتدين الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه
(..وَلَٰكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)