حديث طويل .. إنما غير ممل ؟
وليام شكسبير ،
١٥٦٤ - ١٦١٦
عاش بداية نهوض وصعود الإمبراطورية البريطانية، وقد خصص عددآ مهمآ من رواياته للملوك، من إنكلترا ومن خارجها، واختار شخصياتهم من الواقع، ومن الأساطير، وهو، في تأريخه مسرحيآ لحياتهم، في سعيهم للاستيلاء على السلطة، أم للاحتفاظ بها، عرض جرائمهم الوحشية الرهيبة، التدمير، والحرق، والإبادة، والاغتيالات السياسية، وعرض حياتهم الخاصة، الماجنة، مع نسائهم الشرعيات، وغير الشرعيات، وعرض شذوذهم الجنسي .. الخ ..
إن الأخ يقتل أخاه، ويستولي على العرش، وعلى زوجة أخيه، كما ملك الدانمرك ! والملك ريتشارد، الذي حل محل أخيه على عرش إنكلترا، يسجن ويقتل أطفال أخيه، كي لا يكبروا ويطالبوا بعرش أبيهم ! وبنات الملك لير، يوصلنه إلى الجنون والتشرد ! والملك أوديب، يغتصب السلطة، ويتزوج أمه ! والملوك الإنجليز، الذين حملوا اسم هنري، في عدد من الروايات، يرتكبون من الجرائم والفظائع، الفردية والجمعية، ما تقشعر له الأبدان، وما لا تصدقه العقول !
لكن ذلك كله، لا ينال من عظمة وجلال أولئك الملوك، في النص الشكسبيري. فمهمة شكسبير، كما يظهر بوضوح للقارىء، أو المتفرج، هي تفهم أولئك الملوك، وليس محاكمتهم، حيث النص لا يدينهم، ولا يبرئهم، وكأنما هو يقول : هكذا هي الحياة، وهكذا هي السلطة !
والشعب الإنكليزي، كما يبدو، يوافق شكسبير في تعامله مع ملوكه، فهو يرى أن يحتفظوا بعظمتهم وجلالهم، بل بقدسيتهم، حيث هو يتفهم جرائمهم، ويعتقد أن في تفهمها، وتجاوزها، مصلحة البلاد والأمة !
والآن، لننظر إلى حالنا ..
إن النخب العربية، في بلادنا، تكن كل الاحترام للنص الشكسبيري، وتتفق معه في موقفه من الملوك الإنكليز، وتتفهم حالة أولئك الملوك القدامى مثلما يتفهمها شكسبير والإنجليز عموماً، فهي بدورها، النخب العربية، لا تدين ملوك شكسبير، ولا تبرئهم، وتعظمهم وتجلهم، على الطريقة الإنكليزية !
لكن هذه النخب العربية البائسة، الخائبة، وهنا بيت القصيد، تحاكم خلفاءنا، وسلاطيننا القدامى، على جرائم هي، إن صحت، مثل جرائم الملوك الإنكليز، أو أقل بكثير، وترفض تفهمهم على الطريقة الإنكليزية (حيث الحياة هكذا، والسلطة هكذا!) بل هي تحتقر، ولا تجل أكبر رموز العرب، وتستصغرهم، ولا تعظمهم ! لماذا يا ترى؟ هل فقط لأنهم عرب، وليسوا إنكليز؟
لا أدري، والله أعلم !
نصر شمالي
دمشق - ١٢-٣-١٩
وليام شكسبير ،
١٥٦٤ - ١٦١٦
عاش بداية نهوض وصعود الإمبراطورية البريطانية، وقد خصص عددآ مهمآ من رواياته للملوك، من إنكلترا ومن خارجها، واختار شخصياتهم من الواقع، ومن الأساطير، وهو، في تأريخه مسرحيآ لحياتهم، في سعيهم للاستيلاء على السلطة، أم للاحتفاظ بها، عرض جرائمهم الوحشية الرهيبة، التدمير، والحرق، والإبادة، والاغتيالات السياسية، وعرض حياتهم الخاصة، الماجنة، مع نسائهم الشرعيات، وغير الشرعيات، وعرض شذوذهم الجنسي .. الخ ..
إن الأخ يقتل أخاه، ويستولي على العرش، وعلى زوجة أخيه، كما ملك الدانمرك ! والملك ريتشارد، الذي حل محل أخيه على عرش إنكلترا، يسجن ويقتل أطفال أخيه، كي لا يكبروا ويطالبوا بعرش أبيهم ! وبنات الملك لير، يوصلنه إلى الجنون والتشرد ! والملك أوديب، يغتصب السلطة، ويتزوج أمه ! والملوك الإنجليز، الذين حملوا اسم هنري، في عدد من الروايات، يرتكبون من الجرائم والفظائع، الفردية والجمعية، ما تقشعر له الأبدان، وما لا تصدقه العقول !
لكن ذلك كله، لا ينال من عظمة وجلال أولئك الملوك، في النص الشكسبيري. فمهمة شكسبير، كما يظهر بوضوح للقارىء، أو المتفرج، هي تفهم أولئك الملوك، وليس محاكمتهم، حيث النص لا يدينهم، ولا يبرئهم، وكأنما هو يقول : هكذا هي الحياة، وهكذا هي السلطة !
والشعب الإنكليزي، كما يبدو، يوافق شكسبير في تعامله مع ملوكه، فهو يرى أن يحتفظوا بعظمتهم وجلالهم، بل بقدسيتهم، حيث هو يتفهم جرائمهم، ويعتقد أن في تفهمها، وتجاوزها، مصلحة البلاد والأمة !
والآن، لننظر إلى حالنا ..
إن النخب العربية، في بلادنا، تكن كل الاحترام للنص الشكسبيري، وتتفق معه في موقفه من الملوك الإنكليز، وتتفهم حالة أولئك الملوك القدامى مثلما يتفهمها شكسبير والإنجليز عموماً، فهي بدورها، النخب العربية، لا تدين ملوك شكسبير، ولا تبرئهم، وتعظمهم وتجلهم، على الطريقة الإنكليزية !
لكن هذه النخب العربية البائسة، الخائبة، وهنا بيت القصيد، تحاكم خلفاءنا، وسلاطيننا القدامى، على جرائم هي، إن صحت، مثل جرائم الملوك الإنكليز، أو أقل بكثير، وترفض تفهمهم على الطريقة الإنكليزية (حيث الحياة هكذا، والسلطة هكذا!) بل هي تحتقر، ولا تجل أكبر رموز العرب، وتستصغرهم، ولا تعظمهم ! لماذا يا ترى؟ هل فقط لأنهم عرب، وليسوا إنكليز؟
لا أدري، والله أعلم !
نصر شمالي
دمشق - ١٢-٣-١٩