مترجم: التاريخ السري لتجارب أمريكا النووية التي أضرت بالإنسان والبيئة
نشرت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية تقريرًا للكاتب الصحفي كايل ميزوكامي، المتخصص في شؤون الدفاع والأمن القومي، تناول فيه تاريخ أمريكا السري في السعي لامتلاك أسلحة نووية، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تعلمت بالفعل الكثير بشأن كيفية تصنيع أسلحة نووية آمنة ويمكن الاعتماد عليها، ومدى تأثير هذه الأسلحة النووية في حياة الإنسان والبيئة، ولكنها دفعت ثمنًا باهظًا ومأساويًّا في سبيل فعل ذلك.
«ناشيونال إنترست»: 5 أسلحة ستفوز بها أمريكا في أي حرب مقبلة ضد إيران
وفي مستهل حديثه، أشار الكاتب إلى «الغموض الذي يلف جودة الأسلحة النووية. إذ تُقاس قوتها بضغط الانفجار المرئي بوضوح، وبطاقتها الحرارية التي تُعد ميزة مشتركة بين العديد من الأسلحة، ومع ذلك، تقاس قوتها أيضًا بالإشعاع المدمر غير المرئي والنبض الكهرومغناطيسي. وفي الفترة من عام 1945 حتى عام 1992، أجرت الولايات المتحدة 1032 تجربة نووية سعيًّا منها للتوصُّل إلى ماهية هذه الأسلحة الغامضة للسيطرة عليها، أو التعامل معها».
واليوم يُعدّ الكثير من هذه الاختبارات غير ضروري، وخطيرًا للغاية، بل مستغربًا. ذلك أن هذه الاختبارات، التي أُجريت في مواقع التجارب النووية، جمعت الكثير من المعلومات حول هذه الأسلحة، وهي معلومات كافية لوقف اختبارات الاستخدام الفعلي، لكنها شوَّهت الأرض وتركت الكثير من الأمريكيين يتجرعون مرارة المعاناة الصحية طويلة الأجل.
وذكر الكاتب أن: «معظم التجارب النووية الأمريكية أُجريت في وسط الصحراء الغربية، في موقع تجارب نيفادا. واستضاف موقع تجارب نيفادا 699 تجربة نووية، باستخدام الأجهزة النووية فوق سطح الأرض وتحت الأرض على حد سواء. وكان متوسط الناتج عن هذه الاختبارات 8.6 كيلوطن. ويمكن رؤية اختبارات الأسلحة النووية في الغلاف الجوي من مدينة لاس فيجاس القريبة، والتي تقع على بعد 65 ميلًا جنوب شرق موقع تجارب نيفادا، لدرجة أنها أصبحت عامل جذب للسائحين إلى أن حظرتها معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية في عام 1963. واليوم، ما زالت حُفَر الانفجار والتشوهات الناجمة عن التجارب تحت الأرض مرئية في صور خريطة القمر الصناعي.
تجارب نووية عديدة
وأفاد الكاتب أن: «الجزء الأكبر من التجارب النووية المتبقية أُجري في المحيط الهادئ، وجزر بيكيني، وجزيرة إنيويتك، وجزيرة جونسون، وجزيرة كريسماس. أما التجربة النووية الثانية، بعد تجربة ترينيتي في عام 1945، فأُجريت في جزيرة بيكيني أتول.
وكانت تجارب المحيط الهادئ ملحوظة؛ ليس فقط لصورها المذهلة، وهي الصور الأكثر تجسيدًا للأسلحة النووية منذ هيروشيما (المدينة اليابانية التي أُلقيت عليها أول قنبلة ذرية أمريكية)، ولكن أيضًا لتسببها في الإجلاء القسري لسكان الجزيرة الأصليين.
فيما تعرضت الجزر الأخرى التي كانت بالقرب من التجارب لمستويات خطيرة من التهاطل النووي (الإشعاع الناتج عن الانفجار النووي)، وأُجبر سكانها على الإجلاء.
Embed from Getty Images
وفي عام 1954، أبحر طاقم قارب الصيد الياباني دايجو فوكوريو مارو عن طريق الخطأ عبر التهاطل النووي الناجم عن تجارب قلعة برافو (الاسم الرمزي الذي أُطلق على سلسلة من اختبارات تصميم الأسلحة الحرارية) المجاورة، والتي تبلغ قوتها الانفجارية 15 ميجا طن. وتوفي أحد أفراد الطاقم بسبب التهاطل النووي، وغزا المرض أجساد الباقين بسبب الإشعاع.
وكانت أول تجربة لقنبلة نووية حرارية، أو قنبلة هيدروجينية، في نوفمبر (تشرين الثاني) 1952 في جزيرة إينويتاك. وبلغ وزن الجهاز الضخم الذي استُخدِم في التجرية، أُطلق عليه اسم إيفي مايك، 82 طنًا وكان أقرب إلى المبنى من كونه جهازًا نوويًّا صالحًا للاستخدام. وسجل الجهاز عائدًا قدره 10.4 ميجاطن، أو ما يعادل 10.400.000 طن من مادة تي إن تي (TNT). (وفي مقابل ذلك، بلغت قوة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما حوالي 18 ألف طن من مادة تي إن تي). وتُعد إيفي مايك أكبر تجربة نووية حتى الآن، إذ نتج عنها كرة نارية بعرض 1.8 ميلًا وسحابة على شكل عيش الغراب ارتفعت إلى 135.000 قدم».
الأسلحة النووية
وأشار الكاتب إلى أن: «أحد أغرب الاختبارات في الغلاف الجوي وقع في عام 1962 في موقع تجارب نيفادا، وذلك من خلال اختبار السلاح النووي «ديفي كروكيت» في ساحة القتال. وديفي كروكيت عبارة عن بندقية عديمة الارتداد ذات مظهر كارتوني، تقذف رأسًا حربية نووية ذات عائد متفجر يتراوح من 10 إلى 20 طنًّا فقط من مادة تي إن تي».
وأُجريت التجربة، التي تحمل الاسم الرمزي عملية فيلر الصغير I (Little Feller I)، في 17 يوليو (تمّوز) 1962، بحضور النائب العام والمستشار الرئاسي روبرت فرانسيس كينيدي. وعلى الرغم من صعوبة تصديق ذلك، طُرِح سلاح ديفي كروكيت على مستوى الكتيبة في كل من ألمانيا وكوريا الشمالية.
وفي عام 1962 أيضًا، وكجزء من سلسلة التجارب النووية على ارتفاعات عالية، حمل صاروخ ثور Thorرأسًا حربيًّا نوويًّا حراريًّا من طراز W49 على بعد 250 ميلًا تقريبًا خارج الغلاف الجوي. وكان للتجربة، المعروفة باسم ستارفيش برايم (Starfish Prime)، عائد متفجر قدره 1.4 ميجاطن، أو 1.400.000 طن من مادة تي إن تي، ونتج منها إطلاق كمية كبيرة من النبض الكهرومغناطيسي فوق شرق المحيط الهادئ.
كما نتج من التجربة، التي أُجريت قبالة جزيرة جونستون، طفرة كهربائية من صنع الإنسان وصلت إلى ولاية هاواي الواقعة على بعد أكثر من 800 ميل. ودمرت هذه الطفرة 300 عمود من أعمدة إنارة الشوارع ومراكز التبادل الهاتفي (السنترالات)، وتسببت في إطلاق أجهزة الإنذار ضد السرقة وفتح أبواب المرائب من تلقاء نفسها.
تجارب نووية على نطاق أوسع
وأوضح الكاتب أن: «التجارب النووية لم تقتصر على المحيط الهادئ ونيفادا فقط. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 1964، وكجزء من عملية حجر الشحذ Whetstone، فجَّرت الحكومة الأمريكية عبوة تزن 5.3 كيلوطن على بعد 28 ميلًا جنوب غرب مدينة هاتيسبورغ بولاية ميسيسيبي. وكانت التجربة، التي أُطلق عليها اسم سالمون (Salmon)، مصممة لتحديد ما إذا كان يمكن الكشف عن الاختبارات النووية باستخدام مقياس الزلازل. وبعد ذلك في عام 1966، أُجريت تجربة ستيرلينج، التي بلغ عائدها المتفجر 380 طنًّا.
Embed from Getty Images
وفي عام 1967، وكجزء من محاولة مضللة لاستخدام الأسلحة النووية في الأغراض السلمية، فجَّرت الولايات المتحدة عبوة نووية بالقرب من مدينة فارمنجتون بولاية نيو مكسيكو. وكان مشروع غاز بوجي Gasbuggy بمثابة محاولة مبكرة لما يسمى «التكسير» النووي، إذ فجَّر 29 كيلوطنًّا نوويًّا تحت الأرض لمسافة 4.222 قدم لمعرفة ما إذا كانت الانفجارات تؤدي إلى تكسير التكوينات الصخرية للكشف عن احتياطيات الغاز الطبيعي. ولم تنجح التجربة. وأُجريت تجربتان مماثلتان، مشروعا ريو بلانكو وروليسون، في ولاية كولورادو القريبة. وعلى الرغم من نجاح مشروع روليسون في اكتشاف احتياطيات غاز قابلة للاستخدام، كان الغاز ملوثًا بالإشعاع، مما جعله غير مناسب للاستخدام التجاري العملي.
كما أُجري عدد قليل من التجارب النووية في ولاية ألاسكا، أو بصورة أكثر تحديدًا في جزيرة أمتشيتكا الواقعة في مجموعة جزر ألوتيان. وأجريت أول تجربة، في أكتوبر 1965، لاختبار تقنيات الكشف النووي وكان عائدها 80 كيلوطنًا. وأُجريت التجربة الثانية بعد أربع سنوات، وكان عائدها ميجاطن واحد، أو ألف كيلوطن. وبعد ذلك، أُجريت التجربة الثالثة والأكبر، كانيكان (Cannikin)، وكانت عبارة عن اختبار لرؤوس سبارتان (Spartan) الحربية المضادة للصواريخ الباليستية، وكان عائدها أقل من خمسة ميجاطن».
التجارب النووية سبب في انتشار الأمراض
وأردف الكاتب أنه: «خلال السنوات الأولى من التجارب النووية، كان من المتوقع استخدام الأسلحة النووية في ساحة القتال، وأن تعتاد قوات الجيش وقوات المشاة البحرية على العمل في «ساحة معركة نووية».
وخلال تجربة بيج شوت (Big Shot) في عام 1952، لجأ 1.700 جندي من قوات المشاة إلى خنادق تقع على بعد 7 آلاف ياردة من الانفجار الذي تبلغ قوته الانفجارية 23 كيلوطنًا. وبعد الاختبار، أجرت القوات هجومًا صوريًّا أخذهم إلى مسافة 160 مترًا من نقطة الصفر. وأدت هذه التجربة وغيرها من التجارب المماثلة إلى زيادة أمراض اللوكيميا (سرطان الدم)، وسرطان البروستاتا، وسرطان الأنف بين المشاركين.
وتوقفت التجارب النووية الأمريكية في عام 1992. وفي عام 2002، قدَّرت مراكز السيطرة على الأمراض أن كل أمريكي يعيش تقريبًا منذ عام 1951 تعرض لتهاطل نووي، وأن الآثار التراكمية لجميع التجارب النووية من قِبل جميع الدول قد تكون مسؤولة في نهاية المطاف عن ما يصل إلى 11 ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة وحدها.
واختتم الكاتب مقاله مؤكدًا أن: «الولايات المتحدة تعلمت بالفعل الكثير بشأن كيفية تصنيع أسلحة نووية آمنة ويمكن الاعتماد عليها، ومدى تأثير هذه الأسلحة النووية في حياة الإنسان والبيئة. ولكنها دفعت ثمنًا باهظًا ومأساويًّا من أجل فعل ذلك».
نشرت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية تقريرًا للكاتب الصحفي كايل ميزوكامي، المتخصص في شؤون الدفاع والأمن القومي، تناول فيه تاريخ أمريكا السري في السعي لامتلاك أسلحة نووية، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تعلمت بالفعل الكثير بشأن كيفية تصنيع أسلحة نووية آمنة ويمكن الاعتماد عليها، ومدى تأثير هذه الأسلحة النووية في حياة الإنسان والبيئة، ولكنها دفعت ثمنًا باهظًا ومأساويًّا في سبيل فعل ذلك.
«ناشيونال إنترست»: 5 أسلحة ستفوز بها أمريكا في أي حرب مقبلة ضد إيران
وفي مستهل حديثه، أشار الكاتب إلى «الغموض الذي يلف جودة الأسلحة النووية. إذ تُقاس قوتها بضغط الانفجار المرئي بوضوح، وبطاقتها الحرارية التي تُعد ميزة مشتركة بين العديد من الأسلحة، ومع ذلك، تقاس قوتها أيضًا بالإشعاع المدمر غير المرئي والنبض الكهرومغناطيسي. وفي الفترة من عام 1945 حتى عام 1992، أجرت الولايات المتحدة 1032 تجربة نووية سعيًّا منها للتوصُّل إلى ماهية هذه الأسلحة الغامضة للسيطرة عليها، أو التعامل معها».
واليوم يُعدّ الكثير من هذه الاختبارات غير ضروري، وخطيرًا للغاية، بل مستغربًا. ذلك أن هذه الاختبارات، التي أُجريت في مواقع التجارب النووية، جمعت الكثير من المعلومات حول هذه الأسلحة، وهي معلومات كافية لوقف اختبارات الاستخدام الفعلي، لكنها شوَّهت الأرض وتركت الكثير من الأمريكيين يتجرعون مرارة المعاناة الصحية طويلة الأجل.
وذكر الكاتب أن: «معظم التجارب النووية الأمريكية أُجريت في وسط الصحراء الغربية، في موقع تجارب نيفادا. واستضاف موقع تجارب نيفادا 699 تجربة نووية، باستخدام الأجهزة النووية فوق سطح الأرض وتحت الأرض على حد سواء. وكان متوسط الناتج عن هذه الاختبارات 8.6 كيلوطن. ويمكن رؤية اختبارات الأسلحة النووية في الغلاف الجوي من مدينة لاس فيجاس القريبة، والتي تقع على بعد 65 ميلًا جنوب شرق موقع تجارب نيفادا، لدرجة أنها أصبحت عامل جذب للسائحين إلى أن حظرتها معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية في عام 1963. واليوم، ما زالت حُفَر الانفجار والتشوهات الناجمة عن التجارب تحت الأرض مرئية في صور خريطة القمر الصناعي.
تجارب نووية عديدة
وأفاد الكاتب أن: «الجزء الأكبر من التجارب النووية المتبقية أُجري في المحيط الهادئ، وجزر بيكيني، وجزيرة إنيويتك، وجزيرة جونسون، وجزيرة كريسماس. أما التجربة النووية الثانية، بعد تجربة ترينيتي في عام 1945، فأُجريت في جزيرة بيكيني أتول.
وكانت تجارب المحيط الهادئ ملحوظة؛ ليس فقط لصورها المذهلة، وهي الصور الأكثر تجسيدًا للأسلحة النووية منذ هيروشيما (المدينة اليابانية التي أُلقيت عليها أول قنبلة ذرية أمريكية)، ولكن أيضًا لتسببها في الإجلاء القسري لسكان الجزيرة الأصليين.
فيما تعرضت الجزر الأخرى التي كانت بالقرب من التجارب لمستويات خطيرة من التهاطل النووي (الإشعاع الناتج عن الانفجار النووي)، وأُجبر سكانها على الإجلاء.
Embed from Getty Images
وفي عام 1954، أبحر طاقم قارب الصيد الياباني دايجو فوكوريو مارو عن طريق الخطأ عبر التهاطل النووي الناجم عن تجارب قلعة برافو (الاسم الرمزي الذي أُطلق على سلسلة من اختبارات تصميم الأسلحة الحرارية) المجاورة، والتي تبلغ قوتها الانفجارية 15 ميجا طن. وتوفي أحد أفراد الطاقم بسبب التهاطل النووي، وغزا المرض أجساد الباقين بسبب الإشعاع.
وكانت أول تجربة لقنبلة نووية حرارية، أو قنبلة هيدروجينية، في نوفمبر (تشرين الثاني) 1952 في جزيرة إينويتاك. وبلغ وزن الجهاز الضخم الذي استُخدِم في التجرية، أُطلق عليه اسم إيفي مايك، 82 طنًا وكان أقرب إلى المبنى من كونه جهازًا نوويًّا صالحًا للاستخدام. وسجل الجهاز عائدًا قدره 10.4 ميجاطن، أو ما يعادل 10.400.000 طن من مادة تي إن تي (TNT). (وفي مقابل ذلك، بلغت قوة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما حوالي 18 ألف طن من مادة تي إن تي). وتُعد إيفي مايك أكبر تجربة نووية حتى الآن، إذ نتج عنها كرة نارية بعرض 1.8 ميلًا وسحابة على شكل عيش الغراب ارتفعت إلى 135.000 قدم».
الأسلحة النووية
وأشار الكاتب إلى أن: «أحد أغرب الاختبارات في الغلاف الجوي وقع في عام 1962 في موقع تجارب نيفادا، وذلك من خلال اختبار السلاح النووي «ديفي كروكيت» في ساحة القتال. وديفي كروكيت عبارة عن بندقية عديمة الارتداد ذات مظهر كارتوني، تقذف رأسًا حربية نووية ذات عائد متفجر يتراوح من 10 إلى 20 طنًّا فقط من مادة تي إن تي».
وأُجريت التجربة، التي تحمل الاسم الرمزي عملية فيلر الصغير I (Little Feller I)، في 17 يوليو (تمّوز) 1962، بحضور النائب العام والمستشار الرئاسي روبرت فرانسيس كينيدي. وعلى الرغم من صعوبة تصديق ذلك، طُرِح سلاح ديفي كروكيت على مستوى الكتيبة في كل من ألمانيا وكوريا الشمالية.
وفي عام 1962 أيضًا، وكجزء من سلسلة التجارب النووية على ارتفاعات عالية، حمل صاروخ ثور Thorرأسًا حربيًّا نوويًّا حراريًّا من طراز W49 على بعد 250 ميلًا تقريبًا خارج الغلاف الجوي. وكان للتجربة، المعروفة باسم ستارفيش برايم (Starfish Prime)، عائد متفجر قدره 1.4 ميجاطن، أو 1.400.000 طن من مادة تي إن تي، ونتج منها إطلاق كمية كبيرة من النبض الكهرومغناطيسي فوق شرق المحيط الهادئ.
كما نتج من التجربة، التي أُجريت قبالة جزيرة جونستون، طفرة كهربائية من صنع الإنسان وصلت إلى ولاية هاواي الواقعة على بعد أكثر من 800 ميل. ودمرت هذه الطفرة 300 عمود من أعمدة إنارة الشوارع ومراكز التبادل الهاتفي (السنترالات)، وتسببت في إطلاق أجهزة الإنذار ضد السرقة وفتح أبواب المرائب من تلقاء نفسها.
تجارب نووية على نطاق أوسع
وأوضح الكاتب أن: «التجارب النووية لم تقتصر على المحيط الهادئ ونيفادا فقط. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 1964، وكجزء من عملية حجر الشحذ Whetstone، فجَّرت الحكومة الأمريكية عبوة تزن 5.3 كيلوطن على بعد 28 ميلًا جنوب غرب مدينة هاتيسبورغ بولاية ميسيسيبي. وكانت التجربة، التي أُطلق عليها اسم سالمون (Salmon)، مصممة لتحديد ما إذا كان يمكن الكشف عن الاختبارات النووية باستخدام مقياس الزلازل. وبعد ذلك في عام 1966، أُجريت تجربة ستيرلينج، التي بلغ عائدها المتفجر 380 طنًّا.
Embed from Getty Images
وفي عام 1967، وكجزء من محاولة مضللة لاستخدام الأسلحة النووية في الأغراض السلمية، فجَّرت الولايات المتحدة عبوة نووية بالقرب من مدينة فارمنجتون بولاية نيو مكسيكو. وكان مشروع غاز بوجي Gasbuggy بمثابة محاولة مبكرة لما يسمى «التكسير» النووي، إذ فجَّر 29 كيلوطنًّا نوويًّا تحت الأرض لمسافة 4.222 قدم لمعرفة ما إذا كانت الانفجارات تؤدي إلى تكسير التكوينات الصخرية للكشف عن احتياطيات الغاز الطبيعي. ولم تنجح التجربة. وأُجريت تجربتان مماثلتان، مشروعا ريو بلانكو وروليسون، في ولاية كولورادو القريبة. وعلى الرغم من نجاح مشروع روليسون في اكتشاف احتياطيات غاز قابلة للاستخدام، كان الغاز ملوثًا بالإشعاع، مما جعله غير مناسب للاستخدام التجاري العملي.
كما أُجري عدد قليل من التجارب النووية في ولاية ألاسكا، أو بصورة أكثر تحديدًا في جزيرة أمتشيتكا الواقعة في مجموعة جزر ألوتيان. وأجريت أول تجربة، في أكتوبر 1965، لاختبار تقنيات الكشف النووي وكان عائدها 80 كيلوطنًا. وأُجريت التجربة الثانية بعد أربع سنوات، وكان عائدها ميجاطن واحد، أو ألف كيلوطن. وبعد ذلك، أُجريت التجربة الثالثة والأكبر، كانيكان (Cannikin)، وكانت عبارة عن اختبار لرؤوس سبارتان (Spartan) الحربية المضادة للصواريخ الباليستية، وكان عائدها أقل من خمسة ميجاطن».
التجارب النووية سبب في انتشار الأمراض
وأردف الكاتب أنه: «خلال السنوات الأولى من التجارب النووية، كان من المتوقع استخدام الأسلحة النووية في ساحة القتال، وأن تعتاد قوات الجيش وقوات المشاة البحرية على العمل في «ساحة معركة نووية».
وخلال تجربة بيج شوت (Big Shot) في عام 1952، لجأ 1.700 جندي من قوات المشاة إلى خنادق تقع على بعد 7 آلاف ياردة من الانفجار الذي تبلغ قوته الانفجارية 23 كيلوطنًا. وبعد الاختبار، أجرت القوات هجومًا صوريًّا أخذهم إلى مسافة 160 مترًا من نقطة الصفر. وأدت هذه التجربة وغيرها من التجارب المماثلة إلى زيادة أمراض اللوكيميا (سرطان الدم)، وسرطان البروستاتا، وسرطان الأنف بين المشاركين.
وتوقفت التجارب النووية الأمريكية في عام 1992. وفي عام 2002، قدَّرت مراكز السيطرة على الأمراض أن كل أمريكي يعيش تقريبًا منذ عام 1951 تعرض لتهاطل نووي، وأن الآثار التراكمية لجميع التجارب النووية من قِبل جميع الدول قد تكون مسؤولة في نهاية المطاف عن ما يصل إلى 11 ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة وحدها.
واختتم الكاتب مقاله مؤكدًا أن: «الولايات المتحدة تعلمت بالفعل الكثير بشأن كيفية تصنيع أسلحة نووية آمنة ويمكن الاعتماد عليها، ومدى تأثير هذه الأسلحة النووية في حياة الإنسان والبيئة. ولكنها دفعت ثمنًا باهظًا ومأساويًّا من أجل فعل ذلك».