د. فوزي ابوخليل
طبيب وباحث بجامعة كاليفورنيا
6.2 k
لماذا تسجل أمريكا أعلى معدلات إصابة بفيروس كورونا حول العالم؟
18/4/2020
لقد كانت أول إصابة بفيروس كورونا المستجد في مدينة ووهان في أواخرعام 2019، وحسب تقرير منظمة الصحة العالمية بتاريخ 3/3/2020 بلغ عدد الإصابات في الصين ما يقارب 80 ألف إصابة، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 64 إصابة، ولكن تسارعت أعداد الإصابات والوفيات في الولايات المتحدة بأرقم عالية، حيث وصلت أعداد الإصابات في أمريكا أكثر من 700 ألف حالة وعدد الوفيات أكثر من 37 ألف حالة، بينما في الصين ما يقارب 83 ألف حالة. فما سبب هذا التسارع في هذه الأعداد في الولايات المتحدة الأمريكية؟
تعود أسباب الزيادة إلى عدة عوامل:
1- عامل الوقت: يعد عامل السرعة وعامل الزمن من أهم العوامل التي تميزت بها الولايات المتحدة الأمريكية كدولة ناهضة، ولكن خلال هذه الجائحة لقد أخفقت في ذلك، حيث تأخرت أمريكا من إتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع إنتشارالمرض، وأدت إلى نسب عالية جدا من المصابين ومن الوفيات. ويعود ذلك الى طبيعة المبدء الرأسمالي حيث أن بؤرة الإهتمام ومقياس العمل هي المنفعة المادية، وبالتالي التردد في إتخاذ الإجراءات الوقائية خوفا من تعطيل الحياة الاقتصادية وبالتالي خسارة لأصحاب رؤوس الأموال. فمثلا الإغلاق المبكر لخطوط الطيران يؤدي إلى خسارة اقتصادية، بينما عدم الإغلاق المبكر للمطارات أدى إلى إنتشار الوباء.
يقوم النظام الرأسمالي بخصخصة الشركات في القطاع الصحي، حيث تتكفل الشركات بذلك بدافع المنفعة المادية، فمثلا عدة شركات تتصرف في شؤون العقاقير، وعدة شركات في تصنيع الكمامات، وأجهزة التنفس، وغيرها
2- العامل الجغرافي: حيث أن هناك إنفتاح ما بين الولايات داخل أمريكا، فلا يوجد حدود بين الولايات، سواء برية أو بحرية أو جوية، مع وجود حركة تنقل عالية جدا تربط الولايات سواء عبر المركبات، أو عبر الطائرات، مع توفر المطارات في كل الولايات ومعظم المدن الأمريكية. وأضف إلى ذلك توفر المطارات الدولية التي تشكل حلقة وصل بين أمريكا ودول العالم.
3- عامل الكثافة السكانية: يبلغ عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية 330 مليون نسمة، وحسب مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها بلغ عدد المصابين في أمريكا ما يقارب 700 ألف مصاب و37 ألف حالة وفاة، من بين هذه الإصابات ما يقارب 220 ألف حالة في مدينة نيويورك، أي ما يقارب ثلث الإصابات. ويعود ذلك إلى الكثافة السكانية العالية في مدينة نيويورك، حيث يبلغ عدد سكان مدينة نيويورك 9 مليون نسمة في بقعة جغرافية مساحتها 784 كم مربع.
4- عامل العمران: تميزت المدن ذات البناء العمودي في الولايات المتحدة الأمريكية بزيادة أعداد المصابين والوفيات، بسبب وجود أعداد كبيرة من المواطنين في نفس المبنى، مما زاد من نسبة المصابين وبالتالي عدد الوفيات. ومن الأمثلة على ذلك مدينة نيويورك.
5- العامل الثقافي: ثقافة المواطن الأمريكي تختلف عن ثقافة المواطن في الدول الأخرى من حيث النظرة إلى المشاكل الصحية، حيث يلجأ المواطن الأمريكي لزيارة الطبيب بسبب أي أعراض بسيطة جدا، فكيف والحديث عن وباء، وحالات عناية مركزة، وحالات وفيات، وبالتالي توجهت أعداد هائلة من المواطنين إلى المستشفيات بسبب وجود أعراض بسيطة جدا، مما زاد من أعداد الفحوصات اللازمة لفحص كورونا، وبالتالي زيادة أعداد الحالات الإيجابية لفحص كورونا. حيث أنه حسب الدراسات الحديثة، ما يقارب 80 بالمائة من الأصابات يتعافوا من غير الحاجة إلى الدخول إلى المستشفيات. بينما في الدول الأخرى وخاصة الدول النامية، يتوجه المواطن إلى المستشفيات عندما تكون الأعراض شديدة جدا، وبالتالي يتم فحص أعدادا قليلة.
6- العامل الصحي: يقوم النظام الرأسمالي بخصخصة الشركات في القطاع الصحي، حيث تتكفل الشركات بذلك بدافع المنفعة المادية، فمثلا عدة شركات تتصرف في شؤون العقاقير، وعدة شركات في تصنيع الكمامات، وأجهزة التنفس، وغيرها، حيث تقوم هذه الشركات في إنتاج هذه البضائع بأقل تكلفة ممكنة لتحقيق أرباح مادية عالية، فتحاول الشركات تقليل عدد المصانع للتصنيع، وتقليل عدد الموظفين في هذه المصانع، لتقلل من التكلفة اللازمة للانتاج، مع وجود أرباح مضاعفة لتحقيق ربح مادي عالي جدا، فما أن حصل الوباء، وزادت أعداد المصابين، وإذا بأزمة عالمية بسبب عدم قدرة الشركات على مواكبة هذه الحالات لتغطية الإحتياج، فعدم توفر الكمامات سواء للمواطنين أو داخل المستشفيات مما زادت أعداد الإصابات والوفيات.
7- العامل السياسي: هيكلة النظام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية بالإتحاد الفدرالي وعدم وجود مركزية واحدة كان من أحد العقبات لمواجهة وإدارة الأزمة، فلذلك اختلفت مصالح الولاية مع مصالح الدولة بسبب مقياس العمل القائم على المنفعه. حيث يدير ترمب الأزمة على مستوى الولايات، وحاكم ولاية نيويورك اندرو كومو يديرها على مستوى الولاية، وعمدة مدينة نيويورك بيل دي بلاسيو يديرها على مستوى المدينة، وكل من الحاكم والعمدة له صلاحياته. مثال على ذلك: عندما أعلن ترمب احتمال فرض الحظر على ولاية نيويورك، اعتبر حاكم الولاية ذلك تعدي من الحكومة الفدرالية، فلذلك عدم وجود مركزية واحدة لإدارة الأزمة مع مقياس العمل القائم على المنفعه المادية كان أحد العوامل التي ساهمت في سرعة انتشار الفيروس.
8- العامل الإجتماعي وعامل الأسرة: فحسب (US Census Bureau) عام 2019، هناك ما يقارب 11 مليون أو 28 بالمائة ممن تزيد أعمارهم عن سن 65 عاما يسكنون لوحدهم، وكلما تقدموا في السن كلما زادت إحتمالية أن يسكنوا لوحدهم. وحسب رئيسة قسم المسنيين في جامعة أوهايو، الدكتورة تانيا جور، هناك ما يقارب مليون ونصف مسن يقنطون في بيوت المسنيين، وبالتالي كان هناك نسب إصابات ووفيات عالية في بيوت المسنيين.
9- العامل الإلكتروني: أغلبية المستشفيات في أمريكا تستخدم نظام الملف الإلكتروني لسجلات المرضى، من حيث المعلومات، الأمراض، التشخيص، العلاج، نسبة دخول المستشفيات، ونسبة الوفيات. كل ذلك ساهم في سهولة ودقة إحصاء الإصابات في أمريكا، وتقسيمها حسب شدة المرض، وحسب الفئات العمرية، وحسب المناطق الجغرافية.
أزمة ما بعد الإنتشار:
1- عدم قدرة المستشفيات على استيعاب أعداد الإصابات: حسب توقعات جامعة هارفارد، فإنه من المتوقع إصابة 40-70 بالمائة من سكان دول العالم بهذا الوباء، وبالتالي من المتوقع إصابة 165 مليون مواطن أمريكي على الأقل بهذا الوباء، حيث أن عدد سكان أمريكا 330 مليون نسمة. وحسب الدراسات الأولية لهذا المرض، يقارب 20 بالمائة (33 مليون) من المصابين بحاجة إلى دخول مستشفيات، و5 بالمائة (8 مليون) بحاجة إلى دخول غرف العناية المركزة، وهذه الأرقام تفوق قدرة استيعاب المستشفيات وغرف العناية المركزة في أمريكا، حيث أن عدد غرف العناية المركزة في كل الولايات ما يقارب 98 ألف سرير، ومع توفر 160 ألف جهاز تنفس صناعي، وبالتالي عدم القدرة على استيعاب هذه الأعداد، والحديث هنا ليس فقط عن عدم توفر غرف عناية مركزة، بل أن الكادر الطبي لغرف العناية المركزة في الولايات المتحدة هو كفيل لان يغطي ما يقارب 98 ألف مصاب، من حيث أعداد أطباء، صيادلة، وبقية الكوادر الطبية، مع عدم توفر المستلزمات الطبية لتغطية هذه الأعداد، مما خلق فشلا في النظام الصحي لمعالجة هذه المشكلة.
2- التأخير من إختراع عقار أو لقاح بسبب قيود الملكية الفكرية وحقوق براءة الإختراع: حيث إذا توصل أي عالم لأي فكرة في أي مكان في العالم، فإنه بسبب هذه القيود، يحتكر هذه الفكرة لنفسه أو للمؤسسة التي يعمل معها وذلك لوجود مقياس العمل على أساس النفعية كما ذكرت، فلا يطلق هذه الفكرة حتى يحقق منفعة مادية، وكان هذا أحد العوامل التي تحبط السرعة في الإبداع.
بإختصار، أهم الأسباب التي أدت إلى إنتشار هذا الوباء هو مقياس العمل القائم على النفعية المادية، ونظام خصخصة الشركات التجارية القائم على النفعية، ونظام الحكم اللامركزي، ومن العوامل التي أخرت من إختراع العقاقير أو اللقاح هو حقوق الملكية الفكرية وحقوق براءة الإختراع. ولذلك أخفقت أمريكا وكذلك أخفقت دول العالم في في معالجة هذه المشكلة الصحية بسبب النظام السائد في دول العالم. بمقارنة ذلك بالنظام الإسلامي حيث مقياس العمل القائم على الحكم الشرعي بغض النظر عن المنفعة، وعدم وجود خصخصة للشركات، وكذلك وجود نظام حكم مركزي ونظام اجتماعي، وتتكفل الدولة بتغطية القطاع الصحي من علاج، دواء، مستشفيات، كمامات، والرعاية الصحية هي حق لكل مواطن، ويتم علاج أي مشكلة صحية من كونها مشكلة إنسانية وليس من كونها مشروع استثماري أو اقتصادي.
طبيب وباحث بجامعة كاليفورنيا
6.2 k
لماذا تسجل أمريكا أعلى معدلات إصابة بفيروس كورونا حول العالم؟
18/4/2020
لقد كانت أول إصابة بفيروس كورونا المستجد في مدينة ووهان في أواخرعام 2019، وحسب تقرير منظمة الصحة العالمية بتاريخ 3/3/2020 بلغ عدد الإصابات في الصين ما يقارب 80 ألف إصابة، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 64 إصابة، ولكن تسارعت أعداد الإصابات والوفيات في الولايات المتحدة بأرقم عالية، حيث وصلت أعداد الإصابات في أمريكا أكثر من 700 ألف حالة وعدد الوفيات أكثر من 37 ألف حالة، بينما في الصين ما يقارب 83 ألف حالة. فما سبب هذا التسارع في هذه الأعداد في الولايات المتحدة الأمريكية؟
تعود أسباب الزيادة إلى عدة عوامل:
1- عامل الوقت: يعد عامل السرعة وعامل الزمن من أهم العوامل التي تميزت بها الولايات المتحدة الأمريكية كدولة ناهضة، ولكن خلال هذه الجائحة لقد أخفقت في ذلك، حيث تأخرت أمريكا من إتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع إنتشارالمرض، وأدت إلى نسب عالية جدا من المصابين ومن الوفيات. ويعود ذلك الى طبيعة المبدء الرأسمالي حيث أن بؤرة الإهتمام ومقياس العمل هي المنفعة المادية، وبالتالي التردد في إتخاذ الإجراءات الوقائية خوفا من تعطيل الحياة الاقتصادية وبالتالي خسارة لأصحاب رؤوس الأموال. فمثلا الإغلاق المبكر لخطوط الطيران يؤدي إلى خسارة اقتصادية، بينما عدم الإغلاق المبكر للمطارات أدى إلى إنتشار الوباء.
يقوم النظام الرأسمالي بخصخصة الشركات في القطاع الصحي، حيث تتكفل الشركات بذلك بدافع المنفعة المادية، فمثلا عدة شركات تتصرف في شؤون العقاقير، وعدة شركات في تصنيع الكمامات، وأجهزة التنفس، وغيرها
2- العامل الجغرافي: حيث أن هناك إنفتاح ما بين الولايات داخل أمريكا، فلا يوجد حدود بين الولايات، سواء برية أو بحرية أو جوية، مع وجود حركة تنقل عالية جدا تربط الولايات سواء عبر المركبات، أو عبر الطائرات، مع توفر المطارات في كل الولايات ومعظم المدن الأمريكية. وأضف إلى ذلك توفر المطارات الدولية التي تشكل حلقة وصل بين أمريكا ودول العالم.
3- عامل الكثافة السكانية: يبلغ عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية 330 مليون نسمة، وحسب مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها بلغ عدد المصابين في أمريكا ما يقارب 700 ألف مصاب و37 ألف حالة وفاة، من بين هذه الإصابات ما يقارب 220 ألف حالة في مدينة نيويورك، أي ما يقارب ثلث الإصابات. ويعود ذلك إلى الكثافة السكانية العالية في مدينة نيويورك، حيث يبلغ عدد سكان مدينة نيويورك 9 مليون نسمة في بقعة جغرافية مساحتها 784 كم مربع.
4- عامل العمران: تميزت المدن ذات البناء العمودي في الولايات المتحدة الأمريكية بزيادة أعداد المصابين والوفيات، بسبب وجود أعداد كبيرة من المواطنين في نفس المبنى، مما زاد من نسبة المصابين وبالتالي عدد الوفيات. ومن الأمثلة على ذلك مدينة نيويورك.
5- العامل الثقافي: ثقافة المواطن الأمريكي تختلف عن ثقافة المواطن في الدول الأخرى من حيث النظرة إلى المشاكل الصحية، حيث يلجأ المواطن الأمريكي لزيارة الطبيب بسبب أي أعراض بسيطة جدا، فكيف والحديث عن وباء، وحالات عناية مركزة، وحالات وفيات، وبالتالي توجهت أعداد هائلة من المواطنين إلى المستشفيات بسبب وجود أعراض بسيطة جدا، مما زاد من أعداد الفحوصات اللازمة لفحص كورونا، وبالتالي زيادة أعداد الحالات الإيجابية لفحص كورونا. حيث أنه حسب الدراسات الحديثة، ما يقارب 80 بالمائة من الأصابات يتعافوا من غير الحاجة إلى الدخول إلى المستشفيات. بينما في الدول الأخرى وخاصة الدول النامية، يتوجه المواطن إلى المستشفيات عندما تكون الأعراض شديدة جدا، وبالتالي يتم فحص أعدادا قليلة.
6- العامل الصحي: يقوم النظام الرأسمالي بخصخصة الشركات في القطاع الصحي، حيث تتكفل الشركات بذلك بدافع المنفعة المادية، فمثلا عدة شركات تتصرف في شؤون العقاقير، وعدة شركات في تصنيع الكمامات، وأجهزة التنفس، وغيرها، حيث تقوم هذه الشركات في إنتاج هذه البضائع بأقل تكلفة ممكنة لتحقيق أرباح مادية عالية، فتحاول الشركات تقليل عدد المصانع للتصنيع، وتقليل عدد الموظفين في هذه المصانع، لتقلل من التكلفة اللازمة للانتاج، مع وجود أرباح مضاعفة لتحقيق ربح مادي عالي جدا، فما أن حصل الوباء، وزادت أعداد المصابين، وإذا بأزمة عالمية بسبب عدم قدرة الشركات على مواكبة هذه الحالات لتغطية الإحتياج، فعدم توفر الكمامات سواء للمواطنين أو داخل المستشفيات مما زادت أعداد الإصابات والوفيات.
7- العامل السياسي: هيكلة النظام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية بالإتحاد الفدرالي وعدم وجود مركزية واحدة كان من أحد العقبات لمواجهة وإدارة الأزمة، فلذلك اختلفت مصالح الولاية مع مصالح الدولة بسبب مقياس العمل القائم على المنفعه. حيث يدير ترمب الأزمة على مستوى الولايات، وحاكم ولاية نيويورك اندرو كومو يديرها على مستوى الولاية، وعمدة مدينة نيويورك بيل دي بلاسيو يديرها على مستوى المدينة، وكل من الحاكم والعمدة له صلاحياته. مثال على ذلك: عندما أعلن ترمب احتمال فرض الحظر على ولاية نيويورك، اعتبر حاكم الولاية ذلك تعدي من الحكومة الفدرالية، فلذلك عدم وجود مركزية واحدة لإدارة الأزمة مع مقياس العمل القائم على المنفعه المادية كان أحد العوامل التي ساهمت في سرعة انتشار الفيروس.
8- العامل الإجتماعي وعامل الأسرة: فحسب (US Census Bureau) عام 2019، هناك ما يقارب 11 مليون أو 28 بالمائة ممن تزيد أعمارهم عن سن 65 عاما يسكنون لوحدهم، وكلما تقدموا في السن كلما زادت إحتمالية أن يسكنوا لوحدهم. وحسب رئيسة قسم المسنيين في جامعة أوهايو، الدكتورة تانيا جور، هناك ما يقارب مليون ونصف مسن يقنطون في بيوت المسنيين، وبالتالي كان هناك نسب إصابات ووفيات عالية في بيوت المسنيين.
9- العامل الإلكتروني: أغلبية المستشفيات في أمريكا تستخدم نظام الملف الإلكتروني لسجلات المرضى، من حيث المعلومات، الأمراض، التشخيص، العلاج، نسبة دخول المستشفيات، ونسبة الوفيات. كل ذلك ساهم في سهولة ودقة إحصاء الإصابات في أمريكا، وتقسيمها حسب شدة المرض، وحسب الفئات العمرية، وحسب المناطق الجغرافية.
أزمة ما بعد الإنتشار:
1- عدم قدرة المستشفيات على استيعاب أعداد الإصابات: حسب توقعات جامعة هارفارد، فإنه من المتوقع إصابة 40-70 بالمائة من سكان دول العالم بهذا الوباء، وبالتالي من المتوقع إصابة 165 مليون مواطن أمريكي على الأقل بهذا الوباء، حيث أن عدد سكان أمريكا 330 مليون نسمة. وحسب الدراسات الأولية لهذا المرض، يقارب 20 بالمائة (33 مليون) من المصابين بحاجة إلى دخول مستشفيات، و5 بالمائة (8 مليون) بحاجة إلى دخول غرف العناية المركزة، وهذه الأرقام تفوق قدرة استيعاب المستشفيات وغرف العناية المركزة في أمريكا، حيث أن عدد غرف العناية المركزة في كل الولايات ما يقارب 98 ألف سرير، ومع توفر 160 ألف جهاز تنفس صناعي، وبالتالي عدم القدرة على استيعاب هذه الأعداد، والحديث هنا ليس فقط عن عدم توفر غرف عناية مركزة، بل أن الكادر الطبي لغرف العناية المركزة في الولايات المتحدة هو كفيل لان يغطي ما يقارب 98 ألف مصاب، من حيث أعداد أطباء، صيادلة، وبقية الكوادر الطبية، مع عدم توفر المستلزمات الطبية لتغطية هذه الأعداد، مما خلق فشلا في النظام الصحي لمعالجة هذه المشكلة.
2- التأخير من إختراع عقار أو لقاح بسبب قيود الملكية الفكرية وحقوق براءة الإختراع: حيث إذا توصل أي عالم لأي فكرة في أي مكان في العالم، فإنه بسبب هذه القيود، يحتكر هذه الفكرة لنفسه أو للمؤسسة التي يعمل معها وذلك لوجود مقياس العمل على أساس النفعية كما ذكرت، فلا يطلق هذه الفكرة حتى يحقق منفعة مادية، وكان هذا أحد العوامل التي تحبط السرعة في الإبداع.
بإختصار، أهم الأسباب التي أدت إلى إنتشار هذا الوباء هو مقياس العمل القائم على النفعية المادية، ونظام خصخصة الشركات التجارية القائم على النفعية، ونظام الحكم اللامركزي، ومن العوامل التي أخرت من إختراع العقاقير أو اللقاح هو حقوق الملكية الفكرية وحقوق براءة الإختراع. ولذلك أخفقت أمريكا وكذلك أخفقت دول العالم في في معالجة هذه المشكلة الصحية بسبب النظام السائد في دول العالم. بمقارنة ذلك بالنظام الإسلامي حيث مقياس العمل القائم على الحكم الشرعي بغض النظر عن المنفعة، وعدم وجود خصخصة للشركات، وكذلك وجود نظام حكم مركزي ونظام اجتماعي، وتتكفل الدولة بتغطية القطاع الصحي من علاج، دواء، مستشفيات، كمامات، والرعاية الصحية هي حق لكل مواطن، ويتم علاج أي مشكلة صحية من كونها مشكلة إنسانية وليس من كونها مشروع استثماري أو اقتصادي.