لماذا تمتلك أمريكا أكبر عدد من السجناء في العالم؟
وفقا لإحصائيات مكتب العدل فإن عدد السجناء في السجون الفيدرالية أو سجون الولايات أو السجون المحلية بلغ 2,193,798 سجينا في نهاية عام 2005 والولايات المتحدة لديها أكبر عدد من السجناء وأيضا أعلى معدل اعتقال في العالم وتتبعها مباشرة الصين وروسيا وحسبما جاء في بيان السجن الدولي، فإن الولايات المتحدة تعتقل مواطنيها بمعدل يفوق اليابان بخمسة عشر مرة، وأن المسجونين في الولايات المتحدة يفوق عدد نظرائهم في كل من إيطاليا وفرنسا وأسبانيا واستراليا والمملكة المتحدة مجتمعة بثماني مرات.
أما إحصاءات وزارة العدل فتظهر أنه على أساس الفرد الواحد، فإن اعتقال الولايات المتحدة لمواطنيها يوازي ثلاثة أضعاف إيران، وأربعة أضعاف بولندا، وخمسة أضعاف تنزانيا، وسبعة أضعاف ألمانيا. كما يظهر التقرير الأسبوعي لمكتب السجون الفيدرالي أن عدد السجناء الفيدراليين وصل في 15 ديسمبر عام 2006 إلى 193,747 سجينا.
ولأكثر من عقدين كان هناك اتجاه مستمر في زيادة معدلات الاعتقال في الولايات المتحدة، كما وصل معدل جرائم العنف إلى أعلى مستوياته على مدار 15 عاما في العام 2005. فما هي الأسباب الأساسية لهذا الازدياد الثابت في عدد المحتجزين في السجون الأمريكية، وما الذي تم فعله لتحديد المشكلة ومنع زيادة تلك الأعداد في المستقبل؟
أعداد السجناء المتزايدة
ارتفع معدل السجناء الأمريكيين في عام 1995 ارتفاعا هائلا بنسبة 6.7 بالمائة عن العام السابق. وكان العدد الكلي للسجناء في سجون الولايات والحكومة الفيدرالية والمقاطعات والخدمات الإصلاحية الأخرى قد ارتفع بنسبة 1.1 % في عام 2001، ووصل إلى 2.6 % في عام 2002. ووفقا لإحصاءات مكتب العدل الأمريكي، فإن عدد السجناء لكل 100.000 مواطن أمريكي ارتفع من 193 إلى 252 بين عامي 1995 و2005. ومن منتصف عام 2004 إلى منتصف عام 2005 كانت نسبة الارتفاع في عدد المسجونين، التي بلغت 4.7 % خلال هذه الأشهر أقل قليلا من الزيادة السنوية التي بلغ متوسطها 3.9 % منذ عام 1995. كما أظهرت الإحصاءات أيضا في الفترة ما بين 1995 و2005 أن تسعة من كل عشرة معتقلين هم من الرجال البالغين، وأن عدد السجناء السود يزداد بدرجة أقل من البيض واللاتينيين، إلا أن عددهم يقترب من ثلاثة أضعاف السجناء اللاتينيين وخمسة أضعاف البيض. كما أن ارتفاع عدد السجينات بنسبة 2.6 %، والرجال بنسبة 1.9 % يزيد بصورة ملحوظة من العدد الإجمالي للسجناء تحت قضاء سلطات السجن الفيدرالي أو سجن الولاية.
أسباب الظاهرة
قد يرتفع معدل الاعتقال بسبب الإجراءات الصارمة التي تتخذ ضد مستخدمي المخدرات، أو بسبب الحقيقة التي تظهر أنه يتم وضع المذنبين حاليا في السجون أكثر مما سبق، نتيجة لسياسات العقوبات الأكثر صرامة التي تم تطبيقها في أواخر التسعينيات. وقد أوضح خبير إصلاح السجون، والأستاذ بكلية الحقوق بجامعة جورج واشنطن جوناثان تيرلي أن "شدة النظام الفيدرالي غير مستغربة". فعدم النظر إلى إطلاق السراح الفيدرالي المشروط و(العقوبة الأشد) بعين الاعتبار أسفر عن هيئة سجون فيدرالية كبيرة وراكدة.
وقد أعطى خبراء القضاء الجنائي عدد من التفسيرات المحتملة للزيادة الأخيرة في عدد السجناء الأمريكيين. أولها انطلاق العصابات في المدن متوسطة المساحة مع عدد من السجناء المفرج عنهم. كما أن هناك صلة بين ارتفاع الأعداد والنتائج الناجمة عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر. فمنذ وقوع الهجمات وجهت موارد مكافحة الجريمة نحو برامج مكافحة الإرهاب والأمن القومي، وأصبح التركيز على مكافحة الجرائم التقليدية أقل.
وفي أغلب الأحيان يلقى باللوم على فشل السياسيين في تمرير تشريع مالي وتقديم الدعم المالي لبرامج منع الجريمة. وقد وصل البعض إلى أن السبب في تدفق السجناء على السجون الأمريكية اليوم هو أن الاعتقال لم يعد عقبة فعالة أمام ارتكاب الجرائم. ويدعى بأن السجناء يتمتعون حاليا بحقوق وامتيازات عديدة، مما يؤدي إلى عقوبات غير فعالة.
التعامل مع المشكلة ومحاولات خفض الأعداد
عدد السجناء الذين يواجهون إعادة الاحتجاز، والإدانة والاعتقال كبير جدا. وتساهم هذه المسألة بصورة كبيرة في زيادة عدد السجناء في الولايات المتحدة. كما أن هناك عدد من المنظمات المخصصة لتحديد المشكلة، فعلى سبيل المثال، يقدم مكتب السجناء برامج خدمية متنوعة مفوضة بتحديد احتياجات السجناء، والتي تتضمن التدريب المهني، وبرامج التأهيل، وأسواق العمل التجريبية. وتعمل تلك البرامج من أجل تسهيل إعادة الاندماج الناجح للسجناء في المجتمع، عن طريق تعليمهم مهارات مميزة. ويظهر البحث أن الاشتراك في هذه البرامج ساعد بشكل ملحوظ على التقليل من العودة إلى الإجرام وسوء السلوك.
ويرى العديد أن مشكلة زيادة السجون ومراكز الاعتقال في الولايات المتحدة ترتبط بشكل مباشر بنظام القضاء الجنائي، أما منظمة كيور أو (اتحاد المواطنين لإعادة التأهيل)، وهي منظمة قومية كبيرة، فتتطلع إلى تقليل الجريمة من خلال إصلاح نظام القضاء الجنائي، وتقديم فرص إعادة تأهيل للسجناء. وتشمل جهود المنظمة الاتصال مع المشرعين حول الأمور القضائية، وإعلام الأعضاء بأمور هامة وتشريعات، وتقديم معلومات حول الأمور القضائية لوسائل الإعلام والمشرعين، وتوسيع النفوذ القومي للمنظمة عن طريق المساعدة في إنشاء فروع في الولايات.
وعلى صعيد آخر يهدف المركز الدولي لدراسات السجون إلى إعلام الجماعات والأفراد بنتائج بحثهم الأكاديمي ومشاريعهم، للترويج لفهم أفضل. كما خصص المركز لمساعدة الحكومة والوكالات الأخرى ذات الصلة بالموضوع، ووضع سياسات مناسبة حول السجون واللجوء إلى الاعتقال.
هل عقوبة الإعدام هي الحل؟
أما الحل الأخر للمشكلة فهو فرض عقوبة الإعدام بشكل أكبر حيث ستقلل من عدد السجناء وتكون رادع للمجرمين الآخرين. وهناك منظمة أخرى تشجع على إحداث تغيير في نظام القضاء الجنائي وفرض عقوبات أقسى مثل عقوبة الإعدام، وهي منظمة العدالة للجميع، وهي منظمة غير هادفة للربح وجميع العاملين بها من المتطوعين. وتأمل هذه المنظمة في تحقيق أهدافها من خلال ممارسة " النفوذ الاجتماعي والتشريعي الضروري لإحداث تغيير إيجابي في نظام القضاء الجنائي" بطريقة سلمية.
دور الكونغرس
هناك العديد من المنظمات التي تروج لإصلاح القضاء الجنائي، لكن ما الذي يقوم به المشرعون للتخفيف من حدة المشكلة؟ كما أشير من قبل، يعد الاتجاه المتزايد لعنف العصابات عنصرا مشاركا في الارتفاع الحالي في عدد السجناء الأمريكيين. وقد مرر الكونجرس عددا قليلا جدا من مشاريع القرارات على مدار السنوات القليلة الماضية التي تسمح بتمويل برامج منع عنف العصابات. وقد نظر هذا العام كل من مجلس الشيوخ ولجنة الأمن العام في عدد من مشاريع القوانين التي تهدف إلى مواجهة العصابات وعنف الشباب، لكن لن يتم أي شيء قبل أن يحسم الكونجرس الأمر.
وقد مرر مجلس النواب في ربيع عام 2005 قانون منع العصابات والردع الفعال لعام 2005، لكنه ما زال في مرحلة الانتظار. ويحاول القانون الجديد تحديد جرائم العصابات عن طريق زيادة وتعزيز مصادر تطبيق القانون، وردع جرائم العصابات العنيفة وفرض عقوبات عليها بطريقة أفضل، وحماية المواطنين والمجتمعات الملتزمة بالقانون، وتطوير برامج منع العصابات. وقد انتقد التشريع لاتساعه وغموضه، وبالرغم من القيام ببعض المحاولات لتحديد المشكلة يشعر العديد أن هناك حاجة لأساليب مختلفة للتغلب على جرائم العصابات بطريقة فعالة.
و كل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا و دون تعليق.
المصدر: تقرير واشنطن-العدد92