الطاهر المعز:
(1)
وباء "كورونا"، امتحان للرأسمالية في عصر الإمبريالية
خطورة أمريكا على العالم
ما الذي دفع الولايات المتحدة إلى قُبول مساعدة إنسانية من روسيا، تمثلت في طائرة عسكرية (روسية) مُحَمَّلَة بالأقنعة الطبية والتجهيزات؟ وما الذي دفع حكومة الولايات المتحدة إلى منافسة فرنسا لشراء الأقنعة الطبية من الصين؟
إنه انهيار قطاع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، زعيمة الرأسمالية العالمية التي أظهر انتشار الفيروس التّاجي هشاشة بُنْيَتِها، رغم القوة العسكرية، فقد تضمنت موازنة سنة 2020/2021 التي قدمتها الإدارة الأمريكية خفض ميزانية الصحة بنسبة 12%، لتشمل خفض مخصصات البحث الطبي، وتضمنت نفس الميوازنة، زيادة ميزانية الحرب التي فاقت 738 مليار دولارا، مُعْلَنَة + زيادة أربعين مليار دولار لاحقًا (تبلغ الميزانية الحقيقية لوزارة الحرب أكثر من تريليون دولارا)، كما أظهرت الأزمة الصّحّية عُمْق الأفكار والإيديولوجيات الفاشية الكامنة في المُجتمع، حيث ارتفعت مبيعات الأسلحة النارية الفردية التي أقبلت فئة واسعة من الأمريكيين على شرائها (حوالي ملْيُونَيْ قطعة سلاح، خلال شهر آذار/مارس 2020)، خوفاً من حُدُوث اضطرابات داخلية، يُشعلها الفُقراء والجياع، بسبب انتشار الوباء، الذي يؤدي بدوره إلى نقص بعض المعدات والسلع، في ظل ارتفاع حدة البطالة، والفقر، بحسب موقع "نيويورك تايمز، بتاريخ يوم 01 نيسان/ابريل 2020، ولن تستطيع السّلطات المحلية في "يوتا" وفي "ميشيغان" والعديد من الولايات التي ارتفعت فيها مبيعات الأسلحة بشكل ملحوظ، إغلاق محلات بيع الأسلحة، إن تجرأت على المحاولة، خلال فترة إغلاق المحلات غير الضرورية، في فترة انتشار الوباء، بسبب مجموعات الضّغط القَوِية والنافذة، الدّاعمة لشركات صناعة الأسلحة، التي تُمَوّل هذه المجموعات، كما يمول مُجَمّع الصناعات العسكرية الحملات الإنتخابية لليمين المتطرف، المَوْصُوف "مُحافظًا"، ما جعل دونالد ترامب يعلن، بكل وقاحة، أن هذه المتاجر أساسية، ويجب أن تظل مفتوحة، خلال إجراءات الإغلاق العام، وَوَضَعَها في نفس مقام متاجر التجزئة ومحطات بيع الوقود، والصيدليات، وغيرها من القطاعات الضرورية...
تتناقض التصريحات وتتضارب البيانات، وأوردت بعض الأخبار ارتفاع عدد حالات الإصابة بوباء "كوفيد 19" في الولايات المتحدة الأمريكية، يوم 31 آذار/مارس 2020 إلى 226141 إصابة، وعدد حالات الوفاة إلى 5307، من بينها 1300 حالة في مدينة "نيويورك"، لتصبح أمريكا بؤرة تفشِّي الوباء، ما يؤدّي إلى نشوء مشاكل صحية (نفاد الأدوية ووسائل الوقاية)، إلى جانب التّداعيات الإقتصادية السلبية، بسبب الكساد، وربما الإنكماش، وأدّى بطء النشاط الإقتصادي إلى تسريح الملايين من وظائفهم، بعد توقف قطاعات كاملة عن العمل، ما رَفَعَ من عدد العاطلين عن العمل بأكثر من ثلاثة ملايين، خلال الأسبوع الثالث من شهر آذار/مارس 2020، وإلى 6,6 ملايين خلال الأسبوع الرابع من الشهر نفسه، بحسب بيان وزارة العمل الذي أورده موقع صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الأول من شهر نيسان/ابريل 2020، ما رَفَعَ من نسبة البطالة، وقد يتواصل هذا الوضع السيء، إذْ تُشير التوقعات إلى المزيد من المشاكل الصحية، بسبب نقص الإمدادات، وعدم تَوَفّر أجهزة الوقاية، كالأقنعة والقُفازات والسّوائل المُطَهِّرَة، والمعدات والملابس المُعقّمة، وأجهزة التّنفّس، وإلى المزيد من المشاكل الإقتصادية بسبب احتمال امتداد فترة الركود...
نقل موقع صحيفة "نيويورك تايمز"، يوم الأول من نيسان/ابريل 2020، عن تقرير وزارة العمل، خبر ارتفاع عدد العاملين المُسَرّحين الذين قَدّمُوا طلبات البطالة، خلال الأسبوع الماضي (الأخير من شهر آذار/مارس 2020)، وارتفاع عدد طلبات البطالة، ممن فقدُوا وظائفَهُم، طيلة شهر آذار/مارس 2020، إلى أكثر من عشرة ملايين أميركي، ويتوقع بيان الوزارة وتعليقات الصُّحُف، ارتفاع هذه الأرقام (أرقام التسريح من العمل وتسجيل العاطلين) خلال الأيام القليلة القادمة، لأن العديد من المُسَرّحِين لم يتمكنوا بعد من ملء طلب البطالة، ويتوقع الاقتصاديون ارتفاع النسبة الرسمية للعاطلين (وهي أقل من الواقع بكثير) من 3,5% من قوة العمل، أواخر شهر شباط/فبراير 2020 إلى 10% قبل نهاية شهر نيسان/ابريل 2020، بسبب الإنخفاض الكبير في عدد الوظائف الشاغرة المَعْرُوضة (رغم انتخفاض الرواتب وسوء ظروف العمل)، وركود قطاعات السياحة والنقل والفنادق والمطاعم، وكذلك قطاعات جديدة، مثل الصناعات التحويلية، والتخزين، وكذلك قطاعات التعليم الخاص والرعاية الصحية (الخاصة)، ويؤدّي ارتفاع عدد العاطلين إلى عجز عشرات (وربما مئات) الآلاف من الأُسَر عن تسديد تكاليف الإيجار والتأمين الصحي...
أظهرت الدول الإمبريالية التي تشن العدوان تلو الآخر ضد شعوب أفغانستان وسوريا والعراق واليمن والصومال وليبيا ومالي وإفريقيا الوسطى والكونغو وغيرها، هشاشة وضعها، أمام انتشار وباء "كوفيد 19"، بسبب تخريب القطاع العام، وخصخصة القطاع الصحي، وغيره من القطاعات، وخفض الإنفاق على البحث العلمي في مجالات الصحة العمومية والوقاية، وتمويل القطاع الخاص، من المال العام، بدلا من دعم القطاع العام، كما أظهرت طبيعة "أخلاق" و "إنسانية" رأس المال، حيث امتنع الإتحاد الأوروبي عن دَعْم الدول الأعضاء المُتضررة أكثر من غيرها، مثل إيطاليا وإسبانيا، ومارست بعض الدول الإمبريالية القَرْصَنَة ضد بعضها أحيانا، حيث سددت الولايات المتحدة ثلاثة أضعاف ثمن شحنات طبية كانت قد اشترتها فرنسا من الصين، وحولت الولايات المتحدة وجهتها، مقبل تسديد ثمن مرتفع، فيما استلى الجيش الإيطالي في البحر الأبيض المتوسط على شحنة صينية من الأدوية والتجهيزات، سددت دولة تونس ثمنها، واستولت عليها إيطاليا بالقُوّة.
في المقابل تمكنت الصين من السيطرة على الوباء، بدون دعم أمريكي أو "غربي"، كما أرسلت "كوبا" الجزيرة الفقيرة والمُحاصَرَة منذ قرابة ستة عقود، أطباء وأدوية إلى أعتى الدول الإمبريالية في قارة أوروبا (إيطاليا وإسبانيا وفرنسا...)، بينما عززت الإمبريالية الحصار على شعوب إيران وكوبا وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، مُعرّضَة حياة عشرات الملايين للجوع وللمرض والأوْبِئة...
(1)
وباء "كورونا"، امتحان للرأسمالية في عصر الإمبريالية
خطورة أمريكا على العالم
ما الذي دفع الولايات المتحدة إلى قُبول مساعدة إنسانية من روسيا، تمثلت في طائرة عسكرية (روسية) مُحَمَّلَة بالأقنعة الطبية والتجهيزات؟ وما الذي دفع حكومة الولايات المتحدة إلى منافسة فرنسا لشراء الأقنعة الطبية من الصين؟
إنه انهيار قطاع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، زعيمة الرأسمالية العالمية التي أظهر انتشار الفيروس التّاجي هشاشة بُنْيَتِها، رغم القوة العسكرية، فقد تضمنت موازنة سنة 2020/2021 التي قدمتها الإدارة الأمريكية خفض ميزانية الصحة بنسبة 12%، لتشمل خفض مخصصات البحث الطبي، وتضمنت نفس الميوازنة، زيادة ميزانية الحرب التي فاقت 738 مليار دولارا، مُعْلَنَة + زيادة أربعين مليار دولار لاحقًا (تبلغ الميزانية الحقيقية لوزارة الحرب أكثر من تريليون دولارا)، كما أظهرت الأزمة الصّحّية عُمْق الأفكار والإيديولوجيات الفاشية الكامنة في المُجتمع، حيث ارتفعت مبيعات الأسلحة النارية الفردية التي أقبلت فئة واسعة من الأمريكيين على شرائها (حوالي ملْيُونَيْ قطعة سلاح، خلال شهر آذار/مارس 2020)، خوفاً من حُدُوث اضطرابات داخلية، يُشعلها الفُقراء والجياع، بسبب انتشار الوباء، الذي يؤدي بدوره إلى نقص بعض المعدات والسلع، في ظل ارتفاع حدة البطالة، والفقر، بحسب موقع "نيويورك تايمز، بتاريخ يوم 01 نيسان/ابريل 2020، ولن تستطيع السّلطات المحلية في "يوتا" وفي "ميشيغان" والعديد من الولايات التي ارتفعت فيها مبيعات الأسلحة بشكل ملحوظ، إغلاق محلات بيع الأسلحة، إن تجرأت على المحاولة، خلال فترة إغلاق المحلات غير الضرورية، في فترة انتشار الوباء، بسبب مجموعات الضّغط القَوِية والنافذة، الدّاعمة لشركات صناعة الأسلحة، التي تُمَوّل هذه المجموعات، كما يمول مُجَمّع الصناعات العسكرية الحملات الإنتخابية لليمين المتطرف، المَوْصُوف "مُحافظًا"، ما جعل دونالد ترامب يعلن، بكل وقاحة، أن هذه المتاجر أساسية، ويجب أن تظل مفتوحة، خلال إجراءات الإغلاق العام، وَوَضَعَها في نفس مقام متاجر التجزئة ومحطات بيع الوقود، والصيدليات، وغيرها من القطاعات الضرورية...
تتناقض التصريحات وتتضارب البيانات، وأوردت بعض الأخبار ارتفاع عدد حالات الإصابة بوباء "كوفيد 19" في الولايات المتحدة الأمريكية، يوم 31 آذار/مارس 2020 إلى 226141 إصابة، وعدد حالات الوفاة إلى 5307، من بينها 1300 حالة في مدينة "نيويورك"، لتصبح أمريكا بؤرة تفشِّي الوباء، ما يؤدّي إلى نشوء مشاكل صحية (نفاد الأدوية ووسائل الوقاية)، إلى جانب التّداعيات الإقتصادية السلبية، بسبب الكساد، وربما الإنكماش، وأدّى بطء النشاط الإقتصادي إلى تسريح الملايين من وظائفهم، بعد توقف قطاعات كاملة عن العمل، ما رَفَعَ من عدد العاطلين عن العمل بأكثر من ثلاثة ملايين، خلال الأسبوع الثالث من شهر آذار/مارس 2020، وإلى 6,6 ملايين خلال الأسبوع الرابع من الشهر نفسه، بحسب بيان وزارة العمل الذي أورده موقع صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الأول من شهر نيسان/ابريل 2020، ما رَفَعَ من نسبة البطالة، وقد يتواصل هذا الوضع السيء، إذْ تُشير التوقعات إلى المزيد من المشاكل الصحية، بسبب نقص الإمدادات، وعدم تَوَفّر أجهزة الوقاية، كالأقنعة والقُفازات والسّوائل المُطَهِّرَة، والمعدات والملابس المُعقّمة، وأجهزة التّنفّس، وإلى المزيد من المشاكل الإقتصادية بسبب احتمال امتداد فترة الركود...
نقل موقع صحيفة "نيويورك تايمز"، يوم الأول من نيسان/ابريل 2020، عن تقرير وزارة العمل، خبر ارتفاع عدد العاملين المُسَرّحين الذين قَدّمُوا طلبات البطالة، خلال الأسبوع الماضي (الأخير من شهر آذار/مارس 2020)، وارتفاع عدد طلبات البطالة، ممن فقدُوا وظائفَهُم، طيلة شهر آذار/مارس 2020، إلى أكثر من عشرة ملايين أميركي، ويتوقع بيان الوزارة وتعليقات الصُّحُف، ارتفاع هذه الأرقام (أرقام التسريح من العمل وتسجيل العاطلين) خلال الأيام القليلة القادمة، لأن العديد من المُسَرّحِين لم يتمكنوا بعد من ملء طلب البطالة، ويتوقع الاقتصاديون ارتفاع النسبة الرسمية للعاطلين (وهي أقل من الواقع بكثير) من 3,5% من قوة العمل، أواخر شهر شباط/فبراير 2020 إلى 10% قبل نهاية شهر نيسان/ابريل 2020، بسبب الإنخفاض الكبير في عدد الوظائف الشاغرة المَعْرُوضة (رغم انتخفاض الرواتب وسوء ظروف العمل)، وركود قطاعات السياحة والنقل والفنادق والمطاعم، وكذلك قطاعات جديدة، مثل الصناعات التحويلية، والتخزين، وكذلك قطاعات التعليم الخاص والرعاية الصحية (الخاصة)، ويؤدّي ارتفاع عدد العاطلين إلى عجز عشرات (وربما مئات) الآلاف من الأُسَر عن تسديد تكاليف الإيجار والتأمين الصحي...
أظهرت الدول الإمبريالية التي تشن العدوان تلو الآخر ضد شعوب أفغانستان وسوريا والعراق واليمن والصومال وليبيا ومالي وإفريقيا الوسطى والكونغو وغيرها، هشاشة وضعها، أمام انتشار وباء "كوفيد 19"، بسبب تخريب القطاع العام، وخصخصة القطاع الصحي، وغيره من القطاعات، وخفض الإنفاق على البحث العلمي في مجالات الصحة العمومية والوقاية، وتمويل القطاع الخاص، من المال العام، بدلا من دعم القطاع العام، كما أظهرت طبيعة "أخلاق" و "إنسانية" رأس المال، حيث امتنع الإتحاد الأوروبي عن دَعْم الدول الأعضاء المُتضررة أكثر من غيرها، مثل إيطاليا وإسبانيا، ومارست بعض الدول الإمبريالية القَرْصَنَة ضد بعضها أحيانا، حيث سددت الولايات المتحدة ثلاثة أضعاف ثمن شحنات طبية كانت قد اشترتها فرنسا من الصين، وحولت الولايات المتحدة وجهتها، مقبل تسديد ثمن مرتفع، فيما استلى الجيش الإيطالي في البحر الأبيض المتوسط على شحنة صينية من الأدوية والتجهيزات، سددت دولة تونس ثمنها، واستولت عليها إيطاليا بالقُوّة.
في المقابل تمكنت الصين من السيطرة على الوباء، بدون دعم أمريكي أو "غربي"، كما أرسلت "كوبا" الجزيرة الفقيرة والمُحاصَرَة منذ قرابة ستة عقود، أطباء وأدوية إلى أعتى الدول الإمبريالية في قارة أوروبا (إيطاليا وإسبانيا وفرنسا...)، بينما عززت الإمبريالية الحصار على شعوب إيران وكوبا وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، مُعرّضَة حياة عشرات الملايين للجوع وللمرض والأوْبِئة...