هل صحيح أن الشعوب العربية لا ينفع معها إلا الحديد والنار؟
07.06.2020
د. فيصل القاسم
القدس العربي
السبت 6/6/2020
بعد أعوام على سقوط بغداد وبعد أن ساءت أحوال العراق، وتشظت البلاد على أسس طائفية ومذهبية، واندلعت الحرب الأهلية بدعم وتشجيع من الغزاة الأمريكيين والإيرانيين، وصار العراقيون يترحمون على أيام صدام حسين، ظهر كاريكاتير شهير يصوّر تمثال صدام حسين بأنه كان ينتصب فوق برميل مليء بالأفاعي والحيوانات المفترسة والحشرات وكل أنواع المخلوقات الضارة. وما أن سقط التمثال حتى انفجر البرميل الذي كان يجثم فوقه صدام، فخرجت منه كل أنواع الوحوش لتفعل بالعراق الأفاعيل. وقد أراد الرسام طبعاً أن يقول لنا إن شعوبنا لا تختلف عن المخلوقات التي كانت محشورة داخل البرميل الذي كان يقف فوقه تمثال الرئيس العراقي الراحل. ولا شك أن الكثير من الجنرالات والطواغيت والمستبدين العرب أعجبهم الكاريكاتير جداً، فوزعوه على وسائل إعلامهم كي تقول للشعوب وللعالم انظروا ماذا يحدث فيما لو سقط الذين تسمونهم طغاة وديكتاتوريين. إن هذه الشعوب لا ينفع معها غير العنف والطغيان والسياط والحديد والنار، وفي اللحظة التي تضعف فيها أيادي أجهزة القمع والوحشية ستتحول الشعوب إلى وحوش ضارية تحرق الأخضر واليابس، وتتقاتل فيما بينها وستحول بلدانها إلى غابات، وفي النهاية إلى ركام، وستعود بها إلى عصور الظلام والبربرية.
تناسى الدكتور فيصل القاسم او نسي او ربما امر اخر
ان الانظمة العربية جائت بعد هزيمة المسلمين وسقوط دولتهم دولة الخلافة وتقسيمها الى دويلات ورسم حدود واعلام ووضع حكام موالين للمنتصرين على دولة الخلافة
وتوج ذلك باتفاقيات سايكس بيكو
ولما كانت دولة الخلافة في اخر ايامها تسمى الرجل المريض بحيث انها كانت من الضعف لاتستطيع رعاية شؤون شعبها
فقد تفشى الجهل والفقر في ابناء الامة
وجائت تلك الانظمة التي تم الاتفاق حولها في اتفاقيات سايكس بيكو لتنقل الشعب المسلم من حال الى حال اخر
ومن الطبيعي ان هذه الانظمة الدخيلة والتي تدرك واقعها ان تعمل جاهدة على استمرار بقائها بالحديد والنار الى ابعد مدى
فكان هذا السبب الرئيس في عدم توعية الشعوب وابقائها في حالة من الجهل والتخلف ليسهل قيادتها
الا ان الله سبحانه وتعالى قيض لهذه الامة من يهز فكرها ويبعث الحيوية فيها وتبدا الامة بالتحرك نحو نهضتها وعزتها ورفعتها
ومع تغير ميزان القوى العالمي وتراجع اوروبا وتقدم امريكا فان امريكا اخذت تعمل لاخذ مكان اوروبا في منطقة العالم الاسلامي
وحين رات امريكا وتاكد لها ان الامة في طريق النهوض وانها تعمل لازالة الانظمة الموالية للغرب وبناء نهضة جديدة على انقاض الانظمة القائمة
سارعت امريكا في وضع خطة جديدة تعمل فيها على تغيير الوجوه في الانظمة الموالية للغرب
فازيل القذافي وصدام وبن علي وغيرهم الا ان مجرد ازالتهم لم يمنع الامة من مواصلة السير نحو النهضة ولاتزال الامة تعمل نحو النهضة
وليس الصراع الحاصل لان البراميل التي كان يقف عليها الحكام انفجرت وخرجت الوحوش والافاعي كما يزعم الدكتور فيصل القاسم
وانما هذه الوحوش والافاعي هي اعمال امريكا وجنودها وحركاتها واحزابها التي تعمل في تخريب الاوطان والفتنة بين الناس ليظهر الامر كما يظن الدكتور فيصل القاسم
ولست ادري هل غاب ذلك عن تفكير الدكتور فيصل القاسم ام ان الدكتور يسير مع الركب حيث سار
------
نبيل القدس
07.06.2020
21:29:00