بسم الله الرحمن الرحيم
من دروس السيرة :
كتاب النبي صلى الله عليه واله وسلم إلى ملك الحبشة النجاشي الأصحم بن أبجر:
روى كتاب السير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث كتاباً إلى الملك النجاشي يدعوه فيه إلى الإسلام والإيمان بالله وتوحيده والإقرار بما جاء به النبي -عليه واله الصلاة والسلام-، حمله إليه عمرو بن أمية الضمري -رضي الله عنه- فلما وصل إليه قال له: يا أصحمة إن عليَّ القول، وعليك الاستماع، إنك كأنك في الرقة علينا منَّا، وكأنا في الثقة بك منك، لأنا لم نظن بك خيرًا قط إلا نلناه، ولم نخفك على شيء قط إلا أمناه، وقد أخذنا الحجة عليك من فيك، الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد، وقاضٍ لا يجور، وفى ذلك الموقع الحز وإصابة المفصل، وإلا فأنت في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى بن مريم، وقد فرق النبي -صلى الله عليه واله وسلم- رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجُهم له، وأمنك على ما خافهم عليه، لخير سالف، وأجر ينتظر.
فقال النجاشي: أشهد بالله أنه للنبي الذي تنتظره أهل الكتاب، وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل، وأن العيان ليس بأشفى من الخبر -1.
وقد كان نص الكتاب كما ذكر أهل السير كما يلي: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ونفخته، كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني، فإني رسول الله، وقد بعثت إليك ابن عمى جعفرًا ومعه نفر من المسلمين، فإذا جاءوك فاقرهم، ودع التجبر فإني أدعوك وجنودك إلى الله -عز وجل-، وقد بلغت ونصحت، فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى2. وفي بعض الروايات جاء أنه قال: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى النجاشي الأصحم عظيم الحبشة، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسوله، فأسلم تسلم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}(64) سورة آل عمران، فإن أبيت فعليك إثم النصارى من قومك"3.
ولما وصل الكتاب إلى ملك الحبشة، ومثل بين يديه رسولُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن أمية الضمري -رضي الله عنه- وقرأه عليه، أبدى موافقته وقبوله، فقد ظهر إسلامه من قبل حيث وقد وفد إليه المهاجرون الأوائل قبل الهجرة إلى المدينة، بإمارة جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
ومن بوادر إسلامه، ومظاهر إكرامه لكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما ظهر من كلامه أنه أسلم، وأتبع ذلك بكتابه، ولين القول وحسن اللفظ في جوابه، وإخباره برغبته في زيارة النبي الأمين، ليمسح على نعاله باليمين، كان هذا في ختام رسالته، وفحوى عبارته التي أرسل مع فلذة كبده أريحا حيث قال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من النجاشي الأصحم بن أبجر، سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته، لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قرينا ابن عمك وأصحابه، فأشهد أنك رسول الله صادقاً ومصدقاً، وقد بايعتك، وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين، وقد بعثت إليك يا رسول الله بأريحا بن الأصحم بن أبجر، فإني لا أملك إلا نفسي، وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق) 4.
===================
1 عيون الأثر لابن سيد الناس: (2/329).
2 السيرة النبوية لابن كثير: (2/42).
3 دلائل النبوة للبيهقي: (2/187)، السيرة النبوية لابن إسحاق: (1/81).
4 سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي: (11/366).
من دروس السيرة :
كتاب النبي صلى الله عليه واله وسلم إلى ملك الحبشة النجاشي الأصحم بن أبجر:
روى كتاب السير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث كتاباً إلى الملك النجاشي يدعوه فيه إلى الإسلام والإيمان بالله وتوحيده والإقرار بما جاء به النبي -عليه واله الصلاة والسلام-، حمله إليه عمرو بن أمية الضمري -رضي الله عنه- فلما وصل إليه قال له: يا أصحمة إن عليَّ القول، وعليك الاستماع، إنك كأنك في الرقة علينا منَّا، وكأنا في الثقة بك منك، لأنا لم نظن بك خيرًا قط إلا نلناه، ولم نخفك على شيء قط إلا أمناه، وقد أخذنا الحجة عليك من فيك، الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد، وقاضٍ لا يجور، وفى ذلك الموقع الحز وإصابة المفصل، وإلا فأنت في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى بن مريم، وقد فرق النبي -صلى الله عليه واله وسلم- رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجُهم له، وأمنك على ما خافهم عليه، لخير سالف، وأجر ينتظر.
فقال النجاشي: أشهد بالله أنه للنبي الذي تنتظره أهل الكتاب، وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل، وأن العيان ليس بأشفى من الخبر -1.
وقد كان نص الكتاب كما ذكر أهل السير كما يلي: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ونفخته، كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني، فإني رسول الله، وقد بعثت إليك ابن عمى جعفرًا ومعه نفر من المسلمين، فإذا جاءوك فاقرهم، ودع التجبر فإني أدعوك وجنودك إلى الله -عز وجل-، وقد بلغت ونصحت، فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى2. وفي بعض الروايات جاء أنه قال: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى النجاشي الأصحم عظيم الحبشة، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسوله، فأسلم تسلم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}(64) سورة آل عمران، فإن أبيت فعليك إثم النصارى من قومك"3.
ولما وصل الكتاب إلى ملك الحبشة، ومثل بين يديه رسولُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن أمية الضمري -رضي الله عنه- وقرأه عليه، أبدى موافقته وقبوله، فقد ظهر إسلامه من قبل حيث وقد وفد إليه المهاجرون الأوائل قبل الهجرة إلى المدينة، بإمارة جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
ومن بوادر إسلامه، ومظاهر إكرامه لكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما ظهر من كلامه أنه أسلم، وأتبع ذلك بكتابه، ولين القول وحسن اللفظ في جوابه، وإخباره برغبته في زيارة النبي الأمين، ليمسح على نعاله باليمين، كان هذا في ختام رسالته، وفحوى عبارته التي أرسل مع فلذة كبده أريحا حيث قال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من النجاشي الأصحم بن أبجر، سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته، لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قرينا ابن عمك وأصحابه، فأشهد أنك رسول الله صادقاً ومصدقاً، وقد بايعتك، وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين، وقد بعثت إليك يا رسول الله بأريحا بن الأصحم بن أبجر، فإني لا أملك إلا نفسي، وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق) 4.
===================
1 عيون الأثر لابن سيد الناس: (2/329).
2 السيرة النبوية لابن كثير: (2/42).
3 دلائل النبوة للبيهقي: (2/187)، السيرة النبوية لابن إسحاق: (1/81).
4 سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي: (11/366).