صدى الحياة
الصدى هو ارتداد الصوت على صاحبه عند ارتطام موجاته بجبل او جدار او نحوه، واصله من التصدية التي تعني ضرب كف بكف لتسمع غيرك، قال الله سبحانه وتعالى: " وما كان صَلاتُهُم عندَ البَيْتِ إلا مُكاءً وتَصْدِيَةً".
وظاهرة الصدى ظاهرة طبيعية معروفة ، قال الشاعر:
سأل الصدى عنه وأصغى للصدى كيما يجيب فقال مثل مقاله
وقد استعير مجازا للتعبير عن المماثلة في المعاملة كردة فعل .
فايقاع الحياة له صدىً كما ان للصوت صدىً ، فمعاملة الاخرين لك، انما هي صدىً لمعاملتك لهم ، اي ردة فعل منهم لمعاملتك لهم ، يقول الفيزيائيون:- ان لكل فعل رد فعل معاكس له في الاتجاه مساوِِ له في القوة. ويقول الحكماء:- الجزاء من جنس العمل. وقالوا في امثالهم :- من يزرع الشوك لا يجني العنب. وقال الشاعر:-
فَلا تَجزَعنَ مِن سُنَّةٍ أَنتَ سِرتَها وَأَوَّلُ راضي سُنَّةٍ مِن يَسيرُها
وقال اخر:-
هـذِّبْ فـعـالــكَ كــم تــــدورُ دوائــرٌ** واحــرص لئــلا يجــتـبـيـكَ هـــوانُ
فحـصـادُ نفســكِ ما زرعـت لآخــرٍ** واربأ بهــا، فكـمـا تـديــنُ تـــدانُ
وقال سيد البلغاء ومن اوتي جوامع الكلم صلى الله عليه واله وسلم البِرُّ لا يَبْلَى ، وَالِإثْمُ لَا يُنْسَى ، وَالدَّيَّانُ لَا يَمُوتُ ، فَكُن كَمَا شِئتَ ، كَمَا تَدِينُ تُدَانُ ).
ان صدى الافعال في الحياة حقيقة واقعة، وانها لقاعدة عظيمة مضطردة في جميع الاحوال:- فالجزاء من جنس العمل ، والحصاد من جنس البذرة ، واعمل ما شئت فكما تدين تدان !! .....
يقول ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" :" تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل " .
والمتدبر لكتاب الله تعالى يجد ان المقابلة في الافعال، او المشاكلة في العقوبات، سنة من سنن الله تعالى التي يتعامل بها مع خلقه عدلا منه و حكمة، وانظر الى قوله تعالى : ( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) البقرة/40
وقوله تعالى : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ) البقرة/152
وقوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) محمد/7
وقوله سبحانه : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) النور/22. وغير ذلك في كتاب الله تعالى كثير ...
وانظر في السنة المطهرة قوله صلى الله عليه وسلم : ( ارحَمُوا مَن فِيْ الأَرضِ يَرحَمْكُمْ مَن فِي السَّمَاءِ ) رواه أبو داود
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( احفَظِ اللَّهَ يَحفَظْكَ ) رواه احمد و الترمذي وقال : حسن صحيح
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ لا يَظلِمُهُ وَلا يُسْلِمُه ، مَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنهُ بِهَا كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ ) رواه البخاري ومسلم
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَن لَعَنَ شَيئًا لَيسَ لَهُ بِأَهلٍ رَجَعَتِ الَّلعنَةُ عَلَيهِ ) رواه الترمذي. وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَن ضَارَّ ضَارَّ اللَّهُ بِهِ ، وَمَن شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيهِ ) رواه الترمذي. ...
في واقع الحياة تجد دوما صنفا من الناس دائم الشكوى والتبرم والتظلم ، ولا يكفّ عن إلقاء اللوم على غيره، ويتسائل بحيرة تملأ قلبه، لماذا تلاحقه المصائب والفشل في الحياة؟! دون ان يكلف نفسه مراجعة النفس و محاسبتها وعتابها على ما قدمت يداه، فما وضعته يداك في القدر عند الطبخ ، ستخرجه مغرفتك قطعا عند الاكل، ولو تأمل هذا المشتكي في ذلك ، لعلم أن الآفة فيه والبلية منه ، فسبب تلك الشرور والمصائب التي تحيط بالإنسان هي نفسه التي بين جنبيه ! قال تعالى { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [165: سورة آل عمران] ، وقال تعالى { مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } [79: سورة النساء] ، وقال تعالى : { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ} [30: سورة الشورى]
فالجزاء من جنس العمل ، والحصاد من جنس البذرة ، واعمل ما شئت فكما تدين تدان وما حياتك الا صدى فعالك !! واختم بقوله تعالى {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [سورة الزلزلة] . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الصدى هو ارتداد الصوت على صاحبه عند ارتطام موجاته بجبل او جدار او نحوه، واصله من التصدية التي تعني ضرب كف بكف لتسمع غيرك، قال الله سبحانه وتعالى: " وما كان صَلاتُهُم عندَ البَيْتِ إلا مُكاءً وتَصْدِيَةً".
وظاهرة الصدى ظاهرة طبيعية معروفة ، قال الشاعر:
سأل الصدى عنه وأصغى للصدى كيما يجيب فقال مثل مقاله
وقد استعير مجازا للتعبير عن المماثلة في المعاملة كردة فعل .
فايقاع الحياة له صدىً كما ان للصوت صدىً ، فمعاملة الاخرين لك، انما هي صدىً لمعاملتك لهم ، اي ردة فعل منهم لمعاملتك لهم ، يقول الفيزيائيون:- ان لكل فعل رد فعل معاكس له في الاتجاه مساوِِ له في القوة. ويقول الحكماء:- الجزاء من جنس العمل. وقالوا في امثالهم :- من يزرع الشوك لا يجني العنب. وقال الشاعر:-
فَلا تَجزَعنَ مِن سُنَّةٍ أَنتَ سِرتَها وَأَوَّلُ راضي سُنَّةٍ مِن يَسيرُها
وقال اخر:-
هـذِّبْ فـعـالــكَ كــم تــــدورُ دوائــرٌ** واحــرص لئــلا يجــتـبـيـكَ هـــوانُ
فحـصـادُ نفســكِ ما زرعـت لآخــرٍ** واربأ بهــا، فكـمـا تـديــنُ تـــدانُ
وقال سيد البلغاء ومن اوتي جوامع الكلم صلى الله عليه واله وسلم البِرُّ لا يَبْلَى ، وَالِإثْمُ لَا يُنْسَى ، وَالدَّيَّانُ لَا يَمُوتُ ، فَكُن كَمَا شِئتَ ، كَمَا تَدِينُ تُدَانُ ).
ان صدى الافعال في الحياة حقيقة واقعة، وانها لقاعدة عظيمة مضطردة في جميع الاحوال:- فالجزاء من جنس العمل ، والحصاد من جنس البذرة ، واعمل ما شئت فكما تدين تدان !! .....
يقول ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" :" تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل " .
والمتدبر لكتاب الله تعالى يجد ان المقابلة في الافعال، او المشاكلة في العقوبات، سنة من سنن الله تعالى التي يتعامل بها مع خلقه عدلا منه و حكمة، وانظر الى قوله تعالى : ( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) البقرة/40
وقوله تعالى : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ) البقرة/152
وقوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) محمد/7
وقوله سبحانه : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) النور/22. وغير ذلك في كتاب الله تعالى كثير ...
وانظر في السنة المطهرة قوله صلى الله عليه وسلم : ( ارحَمُوا مَن فِيْ الأَرضِ يَرحَمْكُمْ مَن فِي السَّمَاءِ ) رواه أبو داود
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( احفَظِ اللَّهَ يَحفَظْكَ ) رواه احمد و الترمذي وقال : حسن صحيح
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ لا يَظلِمُهُ وَلا يُسْلِمُه ، مَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنهُ بِهَا كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ ) رواه البخاري ومسلم
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَن لَعَنَ شَيئًا لَيسَ لَهُ بِأَهلٍ رَجَعَتِ الَّلعنَةُ عَلَيهِ ) رواه الترمذي. وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَن ضَارَّ ضَارَّ اللَّهُ بِهِ ، وَمَن شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيهِ ) رواه الترمذي. ...
في واقع الحياة تجد دوما صنفا من الناس دائم الشكوى والتبرم والتظلم ، ولا يكفّ عن إلقاء اللوم على غيره، ويتسائل بحيرة تملأ قلبه، لماذا تلاحقه المصائب والفشل في الحياة؟! دون ان يكلف نفسه مراجعة النفس و محاسبتها وعتابها على ما قدمت يداه، فما وضعته يداك في القدر عند الطبخ ، ستخرجه مغرفتك قطعا عند الاكل، ولو تأمل هذا المشتكي في ذلك ، لعلم أن الآفة فيه والبلية منه ، فسبب تلك الشرور والمصائب التي تحيط بالإنسان هي نفسه التي بين جنبيه ! قال تعالى { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [165: سورة آل عمران] ، وقال تعالى { مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } [79: سورة النساء] ، وقال تعالى : { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ} [30: سورة الشورى]
فالجزاء من جنس العمل ، والحصاد من جنس البذرة ، واعمل ما شئت فكما تدين تدان وما حياتك الا صدى فعالك !! واختم بقوله تعالى {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [سورة الزلزلة] . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.