بسم الله الرحمن الرحيم
التفريق الدقيق بين ما الفينا عليه آبائنا وبين ما الفينا عليه اسلافنا ...
الاباء والاجداد هم الحاضنة الطبيعية للابناء والذريات، وهم مورثوا الصفات الخًلقية والخُلقية والفكرية والمفاهيم للاجيال اللاحقة ، فهم باختصار المدرسة التربوية الاولى التي تلقى الانسان منها قيمه ومعارفه ، ونقل وتلقن منها المفاهيم الحياتية والفكرية والقيم والمقاييس . والتعامل الطبيعي الذي يتولد في النفس مع هذه المدرسة يكون بالتعصب لها واعتبارها مثلا اعلى لا يناقش فيقلدها المتبع دون اعمال ادنى درجات تفكير، ويعتبر كل ما يورث من هذه المدرسة هو القداسة بعينها ، لذلك يحارب من اجل اغلاق اي نقاش في مفرزاتها . ذلك ان محاربة المألوف صعبة للغاية لانها تتطلب اعادة التحقق من كل شيء بنيت عليه العقلية وترسخ في النفسية ، ولانها بالتالي ستخرج الانسان من الاطار الذي بني عليه لاطار اخر.
هذه تقريبا ابرز صفات اهل مدرسة - هذا ما الفينا عليه ابائنا واجدادنا - وهذه المدرسة التي شملها قول الله تعالى في مقام تقريعه لاهلها : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170)البقرة .
ان المتامل يجد ان الاتباع الاعمى الذي لا يكون عن بصيرة و وعي، هو سبب هذا التقريع الرباني الذي استحقه من اغلق عقله وفكره على حدود الموروث، دون تمحيصه ودون قبول للنقاش فيه، وبالتالي دون قبول النقد والتجديد والتصويب فيه وازالة تراكمات غبار السنين عن حقه و باطله .
ان الاتباع بحد ذاته ليس عيبا مذموما ....
لانه لولا الاتباع لما كان هناك رئيس ومرؤس ولما كان هناك قائد ومقود،ولما كان هناك امتداد لاجيال الامم والشعوب عبر الازمان، ولانتهت كل امة بجيلها الاول الباني ..
ولكن العيب المذموم هو الاتباع بالتقليد الاعمى الذي لا يبحث عن استراتيجيات البنائين الاوائل للامم ...
وهنا يأتي دور الخلف الواعي الوارث للسلف الراقي ، الذين يتبعون سلفهم باحسان !! .. نعم باحسان !!
ومن مقتضيات الاحسان العلم بما كان عليه المحسنون ليكونون موضع الاقتداء والمثل والتأسي ، وهذا ايضا يقتضي حفظ موروثهم العملي والفكري والعلمي ليكون اساس استمرار البناء قدما للامة الواحدة ، فيبني اللاحقون ويستمرون كما بنت اوائلهم .....
وهؤلاء من اثنى الله عليهم رابطا اولهم باخرهم على انهم كتلة واحدة بمبتدأ واحد ومصير واحد فقال عز وجل سبحانه:-( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100 التوبة)
فلذلك ان تكون استمرار لامة ليس عيبا، ولكن العيب ان تسعى بقصد او بغير قصد ان تدمر كل ماضي امتك بكل ما فيه من عز وفخر ومجد، لتجد نفسك خارج التاريخ والواقع ...
فلذلك وجب على المفكرين والمجددين والدعاة ان يفرقوا بين اتباع مطلوب ضروري لثوابت الفكر والصبغة والهوية ، و بين اتباع بيلوجي اعمى بتقليد اعمى بدعوى الالف للاباء البيلوجيين ،فتلك العصبية العمياء البغيضة .
والفرق بين التقليد والاتباع هو أن الاتباع فهو سلوك التابع طريق المتبوع وأخذ الحكم من الدليل بالطريق التي أخذ بها متبوعه، فهو اتباع للقائل على أساس ما اتضح له من دليل على صحة قوله، وهذا بخلاف التقليد الذي يحاكي فيه الشخص قول غيره دون معرفة دليل الحكم، وتفاصيل الاستدلال . و الاتباع يكون في العقيدة والأحكام وهو جائز. أما التقليد فلا يكون إلا في الأحكام، و لا يجوز ولا يصح في العقائد .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التفريق الدقيق بين ما الفينا عليه آبائنا وبين ما الفينا عليه اسلافنا ...
الاباء والاجداد هم الحاضنة الطبيعية للابناء والذريات، وهم مورثوا الصفات الخًلقية والخُلقية والفكرية والمفاهيم للاجيال اللاحقة ، فهم باختصار المدرسة التربوية الاولى التي تلقى الانسان منها قيمه ومعارفه ، ونقل وتلقن منها المفاهيم الحياتية والفكرية والقيم والمقاييس . والتعامل الطبيعي الذي يتولد في النفس مع هذه المدرسة يكون بالتعصب لها واعتبارها مثلا اعلى لا يناقش فيقلدها المتبع دون اعمال ادنى درجات تفكير، ويعتبر كل ما يورث من هذه المدرسة هو القداسة بعينها ، لذلك يحارب من اجل اغلاق اي نقاش في مفرزاتها . ذلك ان محاربة المألوف صعبة للغاية لانها تتطلب اعادة التحقق من كل شيء بنيت عليه العقلية وترسخ في النفسية ، ولانها بالتالي ستخرج الانسان من الاطار الذي بني عليه لاطار اخر.
هذه تقريبا ابرز صفات اهل مدرسة - هذا ما الفينا عليه ابائنا واجدادنا - وهذه المدرسة التي شملها قول الله تعالى في مقام تقريعه لاهلها : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170)البقرة .
ان المتامل يجد ان الاتباع الاعمى الذي لا يكون عن بصيرة و وعي، هو سبب هذا التقريع الرباني الذي استحقه من اغلق عقله وفكره على حدود الموروث، دون تمحيصه ودون قبول للنقاش فيه، وبالتالي دون قبول النقد والتجديد والتصويب فيه وازالة تراكمات غبار السنين عن حقه و باطله .
ان الاتباع بحد ذاته ليس عيبا مذموما ....
لانه لولا الاتباع لما كان هناك رئيس ومرؤس ولما كان هناك قائد ومقود،ولما كان هناك امتداد لاجيال الامم والشعوب عبر الازمان، ولانتهت كل امة بجيلها الاول الباني ..
ولكن العيب المذموم هو الاتباع بالتقليد الاعمى الذي لا يبحث عن استراتيجيات البنائين الاوائل للامم ...
وهنا يأتي دور الخلف الواعي الوارث للسلف الراقي ، الذين يتبعون سلفهم باحسان !! .. نعم باحسان !!
ومن مقتضيات الاحسان العلم بما كان عليه المحسنون ليكونون موضع الاقتداء والمثل والتأسي ، وهذا ايضا يقتضي حفظ موروثهم العملي والفكري والعلمي ليكون اساس استمرار البناء قدما للامة الواحدة ، فيبني اللاحقون ويستمرون كما بنت اوائلهم .....
وهؤلاء من اثنى الله عليهم رابطا اولهم باخرهم على انهم كتلة واحدة بمبتدأ واحد ومصير واحد فقال عز وجل سبحانه:-( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100 التوبة)
فلذلك ان تكون استمرار لامة ليس عيبا، ولكن العيب ان تسعى بقصد او بغير قصد ان تدمر كل ماضي امتك بكل ما فيه من عز وفخر ومجد، لتجد نفسك خارج التاريخ والواقع ...
فلذلك وجب على المفكرين والمجددين والدعاة ان يفرقوا بين اتباع مطلوب ضروري لثوابت الفكر والصبغة والهوية ، و بين اتباع بيلوجي اعمى بتقليد اعمى بدعوى الالف للاباء البيلوجيين ،فتلك العصبية العمياء البغيضة .
والفرق بين التقليد والاتباع هو أن الاتباع فهو سلوك التابع طريق المتبوع وأخذ الحكم من الدليل بالطريق التي أخذ بها متبوعه، فهو اتباع للقائل على أساس ما اتضح له من دليل على صحة قوله، وهذا بخلاف التقليد الذي يحاكي فيه الشخص قول غيره دون معرفة دليل الحكم، وتفاصيل الاستدلال . و الاتباع يكون في العقيدة والأحكام وهو جائز. أما التقليد فلا يكون إلا في الأحكام، و لا يجوز ولا يصح في العقائد .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته