11- الحلقة الحادية عشرة من سلسلة اثر العبادات على النفس والسلوك
ج - الذكر : - وخير الذكر بعد القران قول لا اله الا الله
فضل ذكر لا اله الا الله ...
يكفي هذه الكلمة فضلا ان من قالها موقنا بها دخل في الإسلام ويدلّ على ذلك قصة المشرك الذي قال: لا إله إلا الله، وقتله الصحابي أسامة بن زيد بعدها في المعركة ظنّاً منه أنّه قالها خوفاً، فعاتبه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: (يا أسامة، أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله)،[البخاري] والمقصود هنا أن من قال "لا إله إلّا الله" دخل الإسلام، ولا يدخل الإسلام إلّا بها، وأجمع أهل العلم على ذلك.[قاله النووي في شرحه لمسلم]...
وكما انها مفتاح بوابة الاسلام فهي مفتاح الجنة ، فقد ( قِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ التابعي أَلَيْسَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلاَّ لَهُ أَسْنَانٌ فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ وَإِلاَّ لَمْ يُفْتَحْ لَكَ) .رواه البخاري
وكذلك بموجبها قام الجهاد بالكلمة وبالنفس والمال والسلاح، لنشرها وحراستها ، وبها تُعصم الانفس والاموال، فقد روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت النبي يقول عليه الصلاة والسلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله ... ).
ومما ورد في فضل هذه الكلمة في القرآن الكريم أنّها وُصِفَتْ بالكلمة الطيبة، والقولِ الثابتِ، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [سورة إبراهيم: 24-25]. وأنها العروة الوثقى، كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا﴾ [سورة البقرة: 256]. ومن فضائلها أنّ الرسل جميعَهم أُرسلوا بها مبشِّرين ومنذرين، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [سورة الأنبياء: 25]. إلى غير ذلك من الفضائل التي ذُكِرتْ في القرآن الكريم .
وقد نُقل اجماع علماء الامة على أن أفضل الذكر الوارد بعد القرآن الكريم توحيد الله بقول: "لا إله إلا الله"، وذهب العلماء إلى ذلك الرأي لحديثٍ ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فيه: «أفضلُ الذِّكرِ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأفضَلُ الدُّعاءِ الحمدُ للهِ». وقد صح عن أبي هريرة رضي الله عنه وغيره،قال :- (يقول النبي ﷺ: الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله ). رواه مسلم في "الصحيح".
روى الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: (من قال في يوم لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحا عنه مائة سيئة، وكان في حرز من الشيطان في) ...
و قال صلى الله عليه واله وسلم:- ( من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي، وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح.) رواه أبو داود ...
العمل بمضمون لا إله إلا الله:
فضائل كلمة التوحيد كثيرةٌ عظيمةٌ لا تُعد ولا تُحصى؛ فهي سبب دخول الجنة إذ تضع العبد على أبواب التوحيد، لكن على العبد بالمقابل أن يكون قد عمل بمضمون كلمة التوحيد، وحقق شروطها حتى ينال فضلها، وشروط كلمة التوحيد التي لا تُقبل إلّا بها سبعةٌ؛ وهي:
1.العلم بمعناها، فلا جهل بعد ذلك العلم لقوله تعالى :- (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) [محمد:19]
2.اليقين الحقيقي بها حتى ينتفي الشكّ من القلب. قال تعالى :- (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (10 سورة ابراهيم). -3. الصدق والتصديق بها يقيناً حتى ينتهي التكذيب والشك والايمان بان كل ما دونه باطل . قال تعالى :- ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ) [الحج:62] .
4. الإخلاص بها ولها؛ منافاةً للرياء، فقد سُميت كلمة الإخلاص لأن اللافظ بها قد أخلص التوحيد لله عز وجل.. -5. المحبة فيها؛ فلا بُغض معها. -6. الانقياد تحتها. -7. القبول بمضمونها.
وقد جمع هذه الشروط الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله في منظومته "سلم الوصول" حيث قال عن شروط لا إله إلا الله:
"اللهم أحينا عليها وأمتنا عليها وثبتنا عليها واحشرنا عليها" اللهم وانصرنا بها على من عادانا،
اللهم وانصر اهلنا في بيت المقدس واكنافه على من عاداهم وعلى من كاد ومكر بهم انك سميع قريب تجيب دعوة الداع اذا دعاك .....
يتبع في الحلقة القادمة ان شاء الله لنبين الشق الثاني من الشهادتين .....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-03-20, 12:34 pm عدل 1 مرات