16- الحلقة السادسة عشرة من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
الأذان :-
بعد ان اغتسلنا وتوضأنا كما سلف فاننا تجهزنا للصلاة وننتظر نداءها لنلبي المنادي بها والافضل حيث ينادى بها، و الأذان لغةً: الإعلام. وشرعا: الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة. والإقامة شرعا: ألفاظ مخصوصة تذكر على وجه مخصوص عند الشروع في الصلاة المفروضة ذات الركوع والسجود.
والأذان فرض كفاية في البلد ، ويجب على الجماعة في الحضر والسفر أن يؤذن احدهم بالصلاة اذا حانت.
والأَذان بفتح الهمزة بدون مدّها هو النداء للصلاة . أما الآذان بمد الهمزة فجمع أذُن . فنقول يُسمَع الأَذان بآذَان مفتوحة وقلوب خاشعة. ويُسمى الأذان نداء ، فنقول اذن بالصلاة اي اعلم بها ونادى للصلاة اي حث عليها مذكرا بها ، قال تعالى في سورة الجمعة: "يا أيها الذين آمنوا إذا نُودي للصلاة من يوم الجمعة فاسْعَوا إلى ذكر الله". والنبي صلاة الله عليه و سلامه و على اله سمى الاذان "الدَّعْوَة التَّامة" ، وذلك لما فيه من تعظيم وتكبير لله تعالى،وتذكير باصل عقيدة الايمان والاسلام -الشهادتين- المقتضيتين طاعة الله وتلبية امره بحسب ما انزل الله على نبيه ليبينه للناس،و من دَعوة الناس إلى الصلاة , الركن الثاني من اركان الاسلام بعد الشهادتين ، والتامة: أي الكاملة؛ لاشتمالها على عقائد الإيمان من التوحيد والتصديق بالرسالة المحمدية، فأوله تَكبير، وفيه الشهادتان اللتان هما الرُّكن الأول من أركان الإسلام، ثم فيه الدَّعوة إلى الصلاة، ثم خَتمه بالتكبير وذكر التوحيد أيضًا.
فالاذان غالبا ما يأتيك وانت اما في شغل بدني وذهني كما في الظهر والعصر، واما في ساعة راحة وانشغال كما في المغرب والعشاء ، واما في حالة غفلة وسبات كالنوم وقت الفجر ...
فينبهك المؤذن مذكرا لك بقوله اللهُ أكبر مكررا لها - اي انتبه ايها المنشغل باي شكل من الانشغال ، انتبه ايها الساهي واللاهي والغافل ، فاترك انشغالك واهتمامك بالاصغر - وكل ما دون الله تعالى اصغر - وانشغل بتلبية امر الاكبر..نعم اترك الاصغر وتوجه الى الاكبر..ثم يذكرك باساس عقيدتك المنبثق عنها الانقياد والاستسلام لله المعبود المطاع بحق ، وعلى منهج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم . حي على الصلاة .. هلم تعال الى الصلاة..التي بها تبني صلة مع الله وتوطد العلاقة به ، والتي ان اديتها مقيما لها في حياتك فقد نجحت في بناء علاقتك بربك وافلحت.. هلم الى مفتاح الفلاح وطريق النجاح ،فاذا كان الفجر فان النوم عزيز في وقته على النفس ، فيذكرك بقوله الصلاة خير من النوم، فاترك المفضول وانهض للافضل ، وهكذا يتربى ابناء الامة على ابتغاء الافضل في كل مفضول ، فيأخذوا بالهمم العالية التي تتربى عليها نفوسهم دوما بالعزائم من الامور، غير متكاسلين ولا مترخصين فيصبحوا بمرور الزمن مسترخصين ، ثم يذكرك بالتكبير لتكبر امر ربك وتعظمه فتلبي مطيعا مستسلما منقادا بمحبة ورضى نفس ،ثم يذكرك مختتما الأذان بكلمة التوحيد التي ترجح
بالسماوات والارض ، وبهذه المعاني وادراكها من الأذان يكون الأذان فعلا دعوة .. دعوة تامة لانها ذكرتك باساسيات العقيدة والايمان واركان الاسلام .. جاء في حديث جابر بن عبدالله عند البخاري -رحمه الله- عن النبي ﷺ أنه قال: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة، والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته إلا حلت له شفاعتي يوم القيامة". رواه البخاري في الصحيح.
وهذا يقودنا لبحث فضل عبادة الدعوة لله التي قال الله تعالى في فضل اهلها :-
{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) فصلت}.
وان شاء الله سيكون لنا وقفة في ختام هذه السلسلة ان اعطانا الله تعالى عمرا مع عبادة الدعوة الجليلة ..
اللهم اكتبنا ممن دعا اليك وارزقنا ان نعمل صالحا وتقبلنا في زمرة المؤمنين المسلمين المنقادين لك وحدك ولا يشركون في طاعتك احدا، اللهم وانصر امتنا على من عاداها وعلى كل من مكر بها وعلى كل من خذلها وخذل دينها ودعوته ...
والى لقاء يتجدد معكم استودعكم من لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في الأحد مارس 24, 2024 3:27 am عدل 1 مرات