السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة ما قبل النوم
قصتنا لهذه الليلة هي قصة مثل دارج من ايام الجاهلية لليوم :-
قال الأصمعي: من أمثال العرب “أسمعُ جَعْجَعَة و لا أرى طِحنًا” أي : أسمع جَلبة و لا أرى عملاً ينفع ، و جاء في كتاب مجمع الامثال لأبي الفضل الميداني :- أي أسمعُ جَعْجَعَةً،وهو صوت الطاحونة الفارغة، والطِّحْنُ: الدقيق، فِعْل بمعنى مفعول كالذَّبْح والفِرْق بمعنى المذبوح والمفروق.
وهذه العبارة جرت مَثَلا ، ومعناها الأصلي أسمع صوت الرّحى يدور دون أن أرى طحينا، لكن تجاوزت كلماتها معناها الأصلي إلى معنى آخر بلاغي وهو أسمع جَلَبَة ولا أرى عملا ينفع،، و يقال: لمن يكثر من الكلام ولا يعمل ويكثر من الوعود ولا يصدق ويكثر من التهديد والوعيد ولا ينجز ،وهذا التعبير اصطلاحي ناشئ من التركيب والمجاز ،أي أنَّ هذه العبارة ارتقت بلاغيّا وشاع استعمالها وصارت مؤثرة في النفوس لما دلت عليه من تصويرها للمعاني.
فالجعجعة هي صوت دوران حجر الطاحونة الفارغة كما اشرنا سالفا، التي لا ينتج عنها طحين، فهو مثل يضرب لمن يتحدث كثيراً ولا يعمل، أو يَعِدُ ولا يَفي بوعده. او يتهدد ويتوعد ثم سرعان ما يهدأ وينسى، كمن قالوا في زماننا هذا نحتفظ بالرد في الزمان والمكان المناسبين!! ولم نر الا ما سمعناه من جعجعة دون ان نرى طحينا !!! ويُضربُ للفارغ وهو من يحتاج إلى الصوت العالي ليلفت إليه أنظار جلسائه اليه... ولذا يوصف الكلام عديم الجدوى بـ«الكلام الفارغ»، وهي إهانة بالغة لا يدركها الفارغون!!
جَعْجَعَةً ولاَ أرَى طِحْناًأي أسمعُ جَعْجَعَةً، والطِّحْنُ: الدقيق، فِعْل بمعنى مفعول كالذَّبْح والفِرْق بمعنى المذبوح والمفروق.
وقصّة وحكاية المثل :-
قام بعض الغزاة في العصر الجاهليّ باحتلال بئر لبني ثعلبة، وكان سيّد القوم غائباً، وعندما حضر شيخ القبيلة جمع القوم وقال لهم:
ما أنتم فاعلون لإعادة البئر؟
خاصة وان الماء هو عصب الحياة وسبب الاقامة في ربوع المناطق ..!!
منهم مَنْ قال: سأشتري السلاح، وآخر سأحمل السيف، وذاك الرمح، وذاك القوس والنبل، وآخر وآخر ..والكل يزمجر ويتهدد ويوعد ...!!
وبعد أيّام دعاهم و اجتمع بهم سيّدهم وسألهم: ماذا فعلتم لإعادة البئر من الغزاة؟
فكرّروا وعودهم وأقوالهم دون أن يفعلوا شيئاً، فقال سيّدهم:
ما لي أسمعُ جَعْجَعة ولا أرى طِحْناً.
ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺳﻤﻊ ﺟﻠﺒﺔ ﻭﻻ ﺃﺭﻯ ﻋﻤﻼً ﺃﻭ ﻧﺘﻴﺠﺔ.
ﻳُﻀﺮﺏ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﻟﻠﺠﺒﺎﻥ ﻳﻮﻋِﺪ ﻭﻻ ﻳﻮﻗﻊ، ﻭﻟﻠﺒﺨﻴﻞ ﻳﻌﺪ ﻭﻻ ﻳﻨﺠﺰ، ﻭﻓﻲ ﺃﻳﺎﻣﻨﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺜﺮﺛﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ ، فيكثرون من خطب التهديد والوعيد والمظاهرات التي ترفع الشعارات الرنانة والكلمات الطنانة، وكأنها ابر مخدرات ومهدءات للاعصاب, فاذا ما هدأت تلاشت ردات الفعل وذهبت الشعارات والكلمات ادراج الرياح ، وذهب الثأر ادراج طي النسيان...!!
ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ (ﻓﺼﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ) ﻷﺑﻲ ﻋُﺒﻴﺪ ﺍﻟﺒﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﺡ ﻓﻴﻪ ﻛﺘﺎﺏ ( ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ ) ﻷﺑﻲ ﻋُﺒﻴﺪ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼّﻡ:
" ﺃﺳﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﺮَّﺣﻰ ﻭﻫﻮ ﻳﺪﻭﺭ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﻃﺤﻴﻨًﺎ ". ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻧﻲ ﻓﻲ (ﻣﺠﻤﻊ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ ) ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮ: " ﻭﺍﻟﻄِﺤﻦ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻓِﻌﻞ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﻔﻌﻮﻝ ﻛﺎﻟﺬِّﺑﺢ ... ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺬﺑﻮﺡ- ﻳﻀﺮﺏ ﻟﻤﻦ ﻳﻌﺪ ﻭﻻ ﻳﻔﻲ.
و لأهل الجعجة يقول رب العزة في افتتاح سورة الصف :- {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4)الصف}.
ويتوعد الله الذين يحبون ان يمدحوا على مجرد الكلام دون الفعال و واتخاذ المواقف والافعال فيقول لهم:- { لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)ال عمران}...
وتصبحون على خير ما تتمنون من عز وتمكين لقدم لصدق والنصر والنصرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
قصة ما قبل النوم
قصتنا لهذه الليلة هي قصة مثل دارج من ايام الجاهلية لليوم :-
قال الأصمعي: من أمثال العرب “أسمعُ جَعْجَعَة و لا أرى طِحنًا” أي : أسمع جَلبة و لا أرى عملاً ينفع ، و جاء في كتاب مجمع الامثال لأبي الفضل الميداني :- أي أسمعُ جَعْجَعَةً،وهو صوت الطاحونة الفارغة، والطِّحْنُ: الدقيق، فِعْل بمعنى مفعول كالذَّبْح والفِرْق بمعنى المذبوح والمفروق.
وهذه العبارة جرت مَثَلا ، ومعناها الأصلي أسمع صوت الرّحى يدور دون أن أرى طحينا، لكن تجاوزت كلماتها معناها الأصلي إلى معنى آخر بلاغي وهو أسمع جَلَبَة ولا أرى عملا ينفع،، و يقال: لمن يكثر من الكلام ولا يعمل ويكثر من الوعود ولا يصدق ويكثر من التهديد والوعيد ولا ينجز ،وهذا التعبير اصطلاحي ناشئ من التركيب والمجاز ،أي أنَّ هذه العبارة ارتقت بلاغيّا وشاع استعمالها وصارت مؤثرة في النفوس لما دلت عليه من تصويرها للمعاني.
فالجعجعة هي صوت دوران حجر الطاحونة الفارغة كما اشرنا سالفا، التي لا ينتج عنها طحين، فهو مثل يضرب لمن يتحدث كثيراً ولا يعمل، أو يَعِدُ ولا يَفي بوعده. او يتهدد ويتوعد ثم سرعان ما يهدأ وينسى، كمن قالوا في زماننا هذا نحتفظ بالرد في الزمان والمكان المناسبين!! ولم نر الا ما سمعناه من جعجعة دون ان نرى طحينا !!! ويُضربُ للفارغ وهو من يحتاج إلى الصوت العالي ليلفت إليه أنظار جلسائه اليه... ولذا يوصف الكلام عديم الجدوى بـ«الكلام الفارغ»، وهي إهانة بالغة لا يدركها الفارغون!!
جَعْجَعَةً ولاَ أرَى طِحْناًأي أسمعُ جَعْجَعَةً، والطِّحْنُ: الدقيق، فِعْل بمعنى مفعول كالذَّبْح والفِرْق بمعنى المذبوح والمفروق.
وقصّة وحكاية المثل :-
قام بعض الغزاة في العصر الجاهليّ باحتلال بئر لبني ثعلبة، وكان سيّد القوم غائباً، وعندما حضر شيخ القبيلة جمع القوم وقال لهم:
ما أنتم فاعلون لإعادة البئر؟
خاصة وان الماء هو عصب الحياة وسبب الاقامة في ربوع المناطق ..!!
منهم مَنْ قال: سأشتري السلاح، وآخر سأحمل السيف، وذاك الرمح، وذاك القوس والنبل، وآخر وآخر ..والكل يزمجر ويتهدد ويوعد ...!!
وبعد أيّام دعاهم و اجتمع بهم سيّدهم وسألهم: ماذا فعلتم لإعادة البئر من الغزاة؟
فكرّروا وعودهم وأقوالهم دون أن يفعلوا شيئاً، فقال سيّدهم:
ما لي أسمعُ جَعْجَعة ولا أرى طِحْناً.
ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺳﻤﻊ ﺟﻠﺒﺔ ﻭﻻ ﺃﺭﻯ ﻋﻤﻼً ﺃﻭ ﻧﺘﻴﺠﺔ.
ﻳُﻀﺮﺏ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﻟﻠﺠﺒﺎﻥ ﻳﻮﻋِﺪ ﻭﻻ ﻳﻮﻗﻊ، ﻭﻟﻠﺒﺨﻴﻞ ﻳﻌﺪ ﻭﻻ ﻳﻨﺠﺰ، ﻭﻓﻲ ﺃﻳﺎﻣﻨﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺜﺮﺛﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ ، فيكثرون من خطب التهديد والوعيد والمظاهرات التي ترفع الشعارات الرنانة والكلمات الطنانة، وكأنها ابر مخدرات ومهدءات للاعصاب, فاذا ما هدأت تلاشت ردات الفعل وذهبت الشعارات والكلمات ادراج الرياح ، وذهب الثأر ادراج طي النسيان...!!
ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ (ﻓﺼﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ) ﻷﺑﻲ ﻋُﺒﻴﺪ ﺍﻟﺒﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﺡ ﻓﻴﻪ ﻛﺘﺎﺏ ( ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ ) ﻷﺑﻲ ﻋُﺒﻴﺪ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼّﻡ:
" ﺃﺳﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﺮَّﺣﻰ ﻭﻫﻮ ﻳﺪﻭﺭ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﻃﺤﻴﻨًﺎ ". ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻧﻲ ﻓﻲ (ﻣﺠﻤﻊ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ ) ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮ: " ﻭﺍﻟﻄِﺤﻦ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻓِﻌﻞ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﻔﻌﻮﻝ ﻛﺎﻟﺬِّﺑﺢ ... ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺬﺑﻮﺡ- ﻳﻀﺮﺏ ﻟﻤﻦ ﻳﻌﺪ ﻭﻻ ﻳﻔﻲ.
و لأهل الجعجة يقول رب العزة في افتتاح سورة الصف :- {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4)الصف}.
ويتوعد الله الذين يحبون ان يمدحوا على مجرد الكلام دون الفعال و واتخاذ المواقف والافعال فيقول لهم:- { لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)ال عمران}...
وتصبحون على خير ما تتمنون من عز وتمكين لقدم لصدق والنصر والنصرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...