العرب ولعنة الجمود
هيام ضمرة
اعتدنا وصف من مارس عملاً زمناً طويلاً على أنه خبير، والخبير كما الحكيم يستطيع أن يتخذ القرار السليم بما يفيد القضية أي قضية، ويحل الأزمة؛ لا بل الأزمات، ويتخذ المواقف الصحيحة حسب مقتضيات متطلباتها، فالخبرة تمنحه ما لا تمنحه الدراسة المقتصرة على التخصص، ولطالما دفعت الشركات والدول مبالغاً مالية مُبالغ في ضخامتها للخبراء، والعجيب كل العجب أنْ بتنا نشهد أهل الخبرة في السياسة، والقضايا الوطنية يقبعون في خلف ستائر المشهد وكأن الأمور لا تعنيهم من قريب أو بعيد، غافلين عن متطلبات دورهم، تاركين خلفهم الرياح تصفر صفيرها في الفراغ رغم تواجدهم، يتواجدون بقوة بقدر غيابهم بقوة، إنما تواجدهم ليس لممارسة خبرتهم السياسية والوطنية للأسف، فقد أعمت الألاعيب الصهيونية عيونهم، وتركتهم يمارسون الطمع الأحمق الذي زلزل كيانهم، ليغرق العالم العربي بفساد لا مثيل له صار يجر نفسه من القمة إلى القاعدة..
أعجب أن يؤيد صمت العرب وتسحبهم من الدور ذلك التمزق العربي حسب تقطيعات الحدود التي رسمها قلم الأرعنان سايكس وبيكو، وتبنيهم شعار دولهم أولاً، ليضيع الحق العربي في متاهات الأقليمية الضيقة، وكأنما هي أيديهم التي قطعت الوطن الاسلامي وليس عقلية الأجنبيان المستعمران سايكس وبيكو، وحذت حذو الدول العربية السلطة الفلسطينية، فقد انشغلت بمشاكلها الداخلية المتراكمة والمتضخمة وتغيبت هي الأخرى عن المشهد المتعلق بالقضية الفلسطينية وممارسات الاحتلال تجاه المواطنين الفلسطينيين، وتجاه مناطقهم، لم نعد نشعر بذلك الحراك من الجميع تجاه قضايا فلسطين، وكأن هناك نية بقبول الحال على ما هو عليه، حتى وإن كانت دولة الاحتلال تمارس أقسى أنواع الحصار على قطاع غزة وتعرض مواطنيه لعذابات لا إنسانية بليغة، وتمارس عقاباً لا شرعياً عليهم، فما بالكم يا عرب تراخيتم وتهاونتم وتسحبتم من أدواركم الوطنية الطبيعية، فهل استسلمتم أم سالمتم الحال تاركين كل شيء للظروف، وأي ظروف؟ ثم مقابل أي شيء؟
رحل من تحمل الدور بكل مذلته ونذالته عن دولة الاحتلال في حصار القطاع وخنق أنفاسه، اقتلعه شباب بلدة كما الشوكة السامة، وكان على أجهزة الدولة هناك معالجة آثاره بسرعة، وبسرعة كبيرة لرأب الصدع وترميم الجراح، فما الذي نستطيع أن نسميه لعرب اليوم وكلٌ منهم أصبح يدور في دائرة الرعب من حراك الشارع، تركوا القضية الفلسطينية تقود ذاتها، أو بالأحرى تركوها لاسرائيل تفعل ما تريد، وتمارس عنصريتها وظلمها وجبروتها وغطرستها، مستفردة بالقضية تحركها كيفما شاءت، وعلى أي وجه ترى فيه مصالحها، حتى لو كان ذلك بالأساليب اللا إنسانية واللا شرعية، فيما العالم الغربي يبدي تأييده ويمارس صمته تجاه الظلم الواقع على الفلسطينيين، وها هو الناتو يتنطح تحت حجة مساعدة الشعوب العربية للتخلص من أصنامها المستبدين، ويقحم نفسه في قضايا الدول العربية بالحجة الإنسانية، فيما يمارس صمته وتسحب دوره أمام قضية القطاع دون أن تحركة نفس الإنسنية للتدخل وممارسة ذات الموقف مع إسرائيل وهي تمارس القتل والتجويع والترهيب على مليون ونصف فلسطيني في القطاع، وترفع الأسوار في الفضاء كما تغرزها في أعماق الأرض في محاولات مستميتة لتمزيق المقاومة والقضاء على كافة أشكال الاتحاد والتماسك وحتى التواصل الإنساني
ما زال أهل الخبرة السياسية الملتصقون في مقاعدهم منذ عقود يمارسون غفوتهم المتسحبة بقصد واضح ونية مسبقة، وكأن أدوارهم المرسومة تحكم عليهم ممارسة ما يفترض به دورهم الذي منحته لهم الخبرة قبل الدافعية الوطنية، فهل تراها الخبرة عندهم تعني اللا خبرة، إذن لماذا الصمت ما زال يلف الجميع، والقصص الإنسانية التي تمزق نياط القلب تتوالى كما المطر، والعرب تصم الآذان وتغطي العيون وتتوارى خلف أوهى الحجج، فيما يأتي من يتحمل الدور الطبيعي من أقصى الشمال، من خارج العرب أنفسهم، من الدولة التي تنكروا لقيادتها يوماً بدعم الأجنبي المستعمر، وانقلبوا عليها لينقلب حال العرب وبلادهم إلى أردى حالاته، وليمزق نفسه بنفسه، وكأن لعنة الزمن لا تصيب أحد سواه، أليس غريباً أن تتقدم الحكومة التركية في الحركة على تصعيد القضية الفلسطينية دولياً فيما يشارك العرب الغرب صمته، أما آن الأوان ليرفع العرب سواد برقعهم عن وجوههم الذي غلف عقولهم كما غلف أفئدتهم، ويتعرفوا مواقعهم ويمارسوا ما يفترض به خبرتهم السياسية والوطنية، ويحيوا ما مات من ضمائرهم؟
أما آن الأوان أن يلتحقوا بالدور ويدعموا توجه تركيا في تقديم الشكوى إلى المحكمة الدولية للطعن في عدم مشروعية حصار القطاع الغزي طالما ما استطاعوا فعل ما فعلت؟ من باب بياض الوجه إذا ما لم يكن من باب إلزامية الدور المنوط بهم، الوقت يمر بطيئاً والعذاب مستمر على أهل القطاع وآن اليوم أن يتحرك في حكومات الدول العربية الضمير الإنساني كما الضمير الوطني للعب دورها الذي تقتضيه خبرتها في الممارسة السياسية على أضعف السبل، قد يقول قائل أن الدول العربية تعيش حالة انتفاض شعوبها على أنظمة الحكم الدكتاتورية، إنما ما فائدة قطع الرأس والجسد متآكل، تنخر فيه أعتى الأمراض، فهل تغير حال بعضها بخلع الخالعين فيها؟ أخشى أن الأوضاع لا يبدو أنها تتحرك أدنى حركة في البلاد العربية، وأن رياح التغيير لم تطل المواقف الوطنية لتتحرك على دربها السليم، وأن الظروف ما زالت لم تأتي بالتغيير الحقيقي، فهل ما زلنا بحاجة إلى صلاح الدين الأيوبي جديد لتستقيم الأمور والمواقف في بلادنا؟؟
هيام ضمرة
اعتدنا وصف من مارس عملاً زمناً طويلاً على أنه خبير، والخبير كما الحكيم يستطيع أن يتخذ القرار السليم بما يفيد القضية أي قضية، ويحل الأزمة؛ لا بل الأزمات، ويتخذ المواقف الصحيحة حسب مقتضيات متطلباتها، فالخبرة تمنحه ما لا تمنحه الدراسة المقتصرة على التخصص، ولطالما دفعت الشركات والدول مبالغاً مالية مُبالغ في ضخامتها للخبراء، والعجيب كل العجب أنْ بتنا نشهد أهل الخبرة في السياسة، والقضايا الوطنية يقبعون في خلف ستائر المشهد وكأن الأمور لا تعنيهم من قريب أو بعيد، غافلين عن متطلبات دورهم، تاركين خلفهم الرياح تصفر صفيرها في الفراغ رغم تواجدهم، يتواجدون بقوة بقدر غيابهم بقوة، إنما تواجدهم ليس لممارسة خبرتهم السياسية والوطنية للأسف، فقد أعمت الألاعيب الصهيونية عيونهم، وتركتهم يمارسون الطمع الأحمق الذي زلزل كيانهم، ليغرق العالم العربي بفساد لا مثيل له صار يجر نفسه من القمة إلى القاعدة..
أعجب أن يؤيد صمت العرب وتسحبهم من الدور ذلك التمزق العربي حسب تقطيعات الحدود التي رسمها قلم الأرعنان سايكس وبيكو، وتبنيهم شعار دولهم أولاً، ليضيع الحق العربي في متاهات الأقليمية الضيقة، وكأنما هي أيديهم التي قطعت الوطن الاسلامي وليس عقلية الأجنبيان المستعمران سايكس وبيكو، وحذت حذو الدول العربية السلطة الفلسطينية، فقد انشغلت بمشاكلها الداخلية المتراكمة والمتضخمة وتغيبت هي الأخرى عن المشهد المتعلق بالقضية الفلسطينية وممارسات الاحتلال تجاه المواطنين الفلسطينيين، وتجاه مناطقهم، لم نعد نشعر بذلك الحراك من الجميع تجاه قضايا فلسطين، وكأن هناك نية بقبول الحال على ما هو عليه، حتى وإن كانت دولة الاحتلال تمارس أقسى أنواع الحصار على قطاع غزة وتعرض مواطنيه لعذابات لا إنسانية بليغة، وتمارس عقاباً لا شرعياً عليهم، فما بالكم يا عرب تراخيتم وتهاونتم وتسحبتم من أدواركم الوطنية الطبيعية، فهل استسلمتم أم سالمتم الحال تاركين كل شيء للظروف، وأي ظروف؟ ثم مقابل أي شيء؟
رحل من تحمل الدور بكل مذلته ونذالته عن دولة الاحتلال في حصار القطاع وخنق أنفاسه، اقتلعه شباب بلدة كما الشوكة السامة، وكان على أجهزة الدولة هناك معالجة آثاره بسرعة، وبسرعة كبيرة لرأب الصدع وترميم الجراح، فما الذي نستطيع أن نسميه لعرب اليوم وكلٌ منهم أصبح يدور في دائرة الرعب من حراك الشارع، تركوا القضية الفلسطينية تقود ذاتها، أو بالأحرى تركوها لاسرائيل تفعل ما تريد، وتمارس عنصريتها وظلمها وجبروتها وغطرستها، مستفردة بالقضية تحركها كيفما شاءت، وعلى أي وجه ترى فيه مصالحها، حتى لو كان ذلك بالأساليب اللا إنسانية واللا شرعية، فيما العالم الغربي يبدي تأييده ويمارس صمته تجاه الظلم الواقع على الفلسطينيين، وها هو الناتو يتنطح تحت حجة مساعدة الشعوب العربية للتخلص من أصنامها المستبدين، ويقحم نفسه في قضايا الدول العربية بالحجة الإنسانية، فيما يمارس صمته وتسحب دوره أمام قضية القطاع دون أن تحركة نفس الإنسنية للتدخل وممارسة ذات الموقف مع إسرائيل وهي تمارس القتل والتجويع والترهيب على مليون ونصف فلسطيني في القطاع، وترفع الأسوار في الفضاء كما تغرزها في أعماق الأرض في محاولات مستميتة لتمزيق المقاومة والقضاء على كافة أشكال الاتحاد والتماسك وحتى التواصل الإنساني
ما زال أهل الخبرة السياسية الملتصقون في مقاعدهم منذ عقود يمارسون غفوتهم المتسحبة بقصد واضح ونية مسبقة، وكأن أدوارهم المرسومة تحكم عليهم ممارسة ما يفترض به دورهم الذي منحته لهم الخبرة قبل الدافعية الوطنية، فهل تراها الخبرة عندهم تعني اللا خبرة، إذن لماذا الصمت ما زال يلف الجميع، والقصص الإنسانية التي تمزق نياط القلب تتوالى كما المطر، والعرب تصم الآذان وتغطي العيون وتتوارى خلف أوهى الحجج، فيما يأتي من يتحمل الدور الطبيعي من أقصى الشمال، من خارج العرب أنفسهم، من الدولة التي تنكروا لقيادتها يوماً بدعم الأجنبي المستعمر، وانقلبوا عليها لينقلب حال العرب وبلادهم إلى أردى حالاته، وليمزق نفسه بنفسه، وكأن لعنة الزمن لا تصيب أحد سواه، أليس غريباً أن تتقدم الحكومة التركية في الحركة على تصعيد القضية الفلسطينية دولياً فيما يشارك العرب الغرب صمته، أما آن الأوان ليرفع العرب سواد برقعهم عن وجوههم الذي غلف عقولهم كما غلف أفئدتهم، ويتعرفوا مواقعهم ويمارسوا ما يفترض به خبرتهم السياسية والوطنية، ويحيوا ما مات من ضمائرهم؟
أما آن الأوان أن يلتحقوا بالدور ويدعموا توجه تركيا في تقديم الشكوى إلى المحكمة الدولية للطعن في عدم مشروعية حصار القطاع الغزي طالما ما استطاعوا فعل ما فعلت؟ من باب بياض الوجه إذا ما لم يكن من باب إلزامية الدور المنوط بهم، الوقت يمر بطيئاً والعذاب مستمر على أهل القطاع وآن اليوم أن يتحرك في حكومات الدول العربية الضمير الإنساني كما الضمير الوطني للعب دورها الذي تقتضيه خبرتها في الممارسة السياسية على أضعف السبل، قد يقول قائل أن الدول العربية تعيش حالة انتفاض شعوبها على أنظمة الحكم الدكتاتورية، إنما ما فائدة قطع الرأس والجسد متآكل، تنخر فيه أعتى الأمراض، فهل تغير حال بعضها بخلع الخالعين فيها؟ أخشى أن الأوضاع لا يبدو أنها تتحرك أدنى حركة في البلاد العربية، وأن رياح التغيير لم تطل المواقف الوطنية لتتحرك على دربها السليم، وأن الظروف ما زالت لم تأتي بالتغيير الحقيقي، فهل ما زلنا بحاجة إلى صلاح الدين الأيوبي جديد لتستقيم الأمور والمواقف في بلادنا؟؟