التَّأمُّل يُؤدِّي إلَى التَّحمُّل ..!
أحمد عبد الرحمن العرفج
السبت 31/03/2012
فِي عَالَم الكِتَابَة يَجب أن تَكون عَلى قَدر كَبير مِن المَسؤوليّة؛ وتَحمُّل عَواقب مَا تَقوله ومَا تُصرِّح به، وإلَّا اجلِس في بَيتِ أُمِّك، ولتَكن بَعيد المَساس عَن شَوشرة الوسوَاس الخَنَّاس؛ الذي يُوسوس في صدُور النَّاس..!
وهُناك عَديد مِن القُرَّاء والقَارِئات يُمطرونني دَائماً بسُؤال يَقول: (كَيف تَتحمَّل كُلّ هَذا الشَّتم والنَّقد، ففي أسفَل كُلِّ مَقال لَك؛ هُناك عَشرات التَّعليقات والانتقادَات التي لا يَتحمّلها أحَد، ولا حتَّى كِبَار الحمير؟)..!
حَسناً، سأتجرَّأ وأذكر شَيئاً مِن تَجربة شَخصيّة في «تعلُّم» قبُول الرّأي الآخر واحترَامه..!
حِين كُنتُ أدرس في الجَامعة الإسلاميّة، كُنتُ مُراهقاً شعريًّا، أكتب الشّعر، وأتمرّس بقَوافيه، وكَان مُلحق جَريدة الجزيرة -حِين ذَاك- مَرتعاً لحَماقَاتي الشّعريّة، وصَادف أن تَعرّض النَّاقد الصَّديق «محمد الدّبيسي» لإحدَى قَصائدي، وأخَذَ يَضرب بها نَقداً وتَشريحاً وتَمزيقاً، حتَّى قَال: إنَّها لا تُساوي الحِبر الذي كُتبت بهِ..!
عِندَها حَزنتُ وتَحطّمتُ، وأخذتُ أبكِي وأبكِي -كأي مُراهق-، ولَم يَكن عِندي في ذَاك الوَقت «دَبدوباً» لأحضنه وأنَام وأمزجه بدمُوعي..!
جَلستُ عَلى هَذه الحَال ثَلاثة أيَّام مُضرباً عَن الأكل والشُّرب.. وبَعدها جَلستُ اسأل نَفسي: لمَاذا كُلّ هَذا الغَضَب و»الزّعول» -جمع زَعَل- كَما يَقول «البَدو»، وأخذتُ أُدرِّب نَفسي وأروّضها، وبَحثتُ عَن نصُوص تدعم خِطَطي لتَطوير تَحمُّلي، فوَجدتُ أثراً نبويًّا يَقول: (إنَّما العِلْم بالتَّعلُّم والحِلم بالتَّحلُّم)، فعَرفتُ أنَّ الحِلم والتَّحلُّم شَيء يَكتسبه المَرء؛ عَن طَريق التَّدرُّب والمُمارسة، لذَا أخذتُ أخرج في صَحاري المَدينة المُنيرة في عزِّ الظَّهيرة، وأجلس تَحت أشعّة الشَّمس لسَاعاتٍ؛ طَمعاً في أن أقوّي خَاصيّة التَّحمُّل والتَّحلُّم عِندي..!
وفعلاً، مَا هي إلَّا أشهر، وقَد أصبحتُ كالجَبَل الذي لا تَهزّه أي رِيح..!!
أكثَر مِن ذَلك، فقَد وَضعتُ جَائزة قِيمتها «ألف ريال» لمَن يَجعلني أغضَب، وهَذه الفِكرة تَعلّمتها مِن شَيخنا «ديل كارنيجي»؛ مِن خِلال كِتَابه «دَع القَلَق وابدَأ الحيَاة»..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم، تَعلّموا «طولة البَال وتَحمُّل البَشَر»، واتركُوا «الحَساسية الزَّائدة»، لأنَّ الغَضَب يَجعل العُمر قَصيراً، ولقَد صَدق الرَّسول الكَريم -صلَّى الله عَليه وبَارك- حِين أوصَى أحَد الصَّحابة –رضوان الله عَليهم- قَائلاً: (لا تَغضب لا تَغضب لا تَغضب ولَكَ الجَنَّة)..!!!
أحمد عبد الرحمن العرفج
السبت 31/03/2012
فِي عَالَم الكِتَابَة يَجب أن تَكون عَلى قَدر كَبير مِن المَسؤوليّة؛ وتَحمُّل عَواقب مَا تَقوله ومَا تُصرِّح به، وإلَّا اجلِس في بَيتِ أُمِّك، ولتَكن بَعيد المَساس عَن شَوشرة الوسوَاس الخَنَّاس؛ الذي يُوسوس في صدُور النَّاس..!
وهُناك عَديد مِن القُرَّاء والقَارِئات يُمطرونني دَائماً بسُؤال يَقول: (كَيف تَتحمَّل كُلّ هَذا الشَّتم والنَّقد، ففي أسفَل كُلِّ مَقال لَك؛ هُناك عَشرات التَّعليقات والانتقادَات التي لا يَتحمّلها أحَد، ولا حتَّى كِبَار الحمير؟)..!
حَسناً، سأتجرَّأ وأذكر شَيئاً مِن تَجربة شَخصيّة في «تعلُّم» قبُول الرّأي الآخر واحترَامه..!
حِين كُنتُ أدرس في الجَامعة الإسلاميّة، كُنتُ مُراهقاً شعريًّا، أكتب الشّعر، وأتمرّس بقَوافيه، وكَان مُلحق جَريدة الجزيرة -حِين ذَاك- مَرتعاً لحَماقَاتي الشّعريّة، وصَادف أن تَعرّض النَّاقد الصَّديق «محمد الدّبيسي» لإحدَى قَصائدي، وأخَذَ يَضرب بها نَقداً وتَشريحاً وتَمزيقاً، حتَّى قَال: إنَّها لا تُساوي الحِبر الذي كُتبت بهِ..!
عِندَها حَزنتُ وتَحطّمتُ، وأخذتُ أبكِي وأبكِي -كأي مُراهق-، ولَم يَكن عِندي في ذَاك الوَقت «دَبدوباً» لأحضنه وأنَام وأمزجه بدمُوعي..!
جَلستُ عَلى هَذه الحَال ثَلاثة أيَّام مُضرباً عَن الأكل والشُّرب.. وبَعدها جَلستُ اسأل نَفسي: لمَاذا كُلّ هَذا الغَضَب و»الزّعول» -جمع زَعَل- كَما يَقول «البَدو»، وأخذتُ أُدرِّب نَفسي وأروّضها، وبَحثتُ عَن نصُوص تدعم خِطَطي لتَطوير تَحمُّلي، فوَجدتُ أثراً نبويًّا يَقول: (إنَّما العِلْم بالتَّعلُّم والحِلم بالتَّحلُّم)، فعَرفتُ أنَّ الحِلم والتَّحلُّم شَيء يَكتسبه المَرء؛ عَن طَريق التَّدرُّب والمُمارسة، لذَا أخذتُ أخرج في صَحاري المَدينة المُنيرة في عزِّ الظَّهيرة، وأجلس تَحت أشعّة الشَّمس لسَاعاتٍ؛ طَمعاً في أن أقوّي خَاصيّة التَّحمُّل والتَّحلُّم عِندي..!
وفعلاً، مَا هي إلَّا أشهر، وقَد أصبحتُ كالجَبَل الذي لا تَهزّه أي رِيح..!!
أكثَر مِن ذَلك، فقَد وَضعتُ جَائزة قِيمتها «ألف ريال» لمَن يَجعلني أغضَب، وهَذه الفِكرة تَعلّمتها مِن شَيخنا «ديل كارنيجي»؛ مِن خِلال كِتَابه «دَع القَلَق وابدَأ الحيَاة»..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم، تَعلّموا «طولة البَال وتَحمُّل البَشَر»، واتركُوا «الحَساسية الزَّائدة»، لأنَّ الغَضَب يَجعل العُمر قَصيراً، ولقَد صَدق الرَّسول الكَريم -صلَّى الله عَليه وبَارك- حِين أوصَى أحَد الصَّحابة –رضوان الله عَليهم- قَائلاً: (لا تَغضب لا تَغضب لا تَغضب ولَكَ الجَنَّة)..!!!