فوضى واتس أب ممّا هبّ ودبّ
الحبر الأصفر
أحمد عبد الرحمن العرفج
الخميس 27/03/2014
فوضى واتس أب ممّا هبّ ودبّ
هَذه لَيست المَرّة الأُولَى؛ التي أكتُب فِيها عَن آدَاب دخُول وإرسَال الوَاتس أب، فقَد سَبَقَ أن كَتَبت مَقالاً حَذّرت فِيه مِن تِلك الرَّسائِل؛ التي يُرسلها النَّاس عَلى شَكل مَعلومات، وتَأتي تَحت بَند عبَارة "كَما وَصلني"، وبيّنت أنَّ "كَما وَصلني" عِبَارة لَا تَبْرَأ بِهَا الذِّمّة، بَل يَجب عَلينا أنْ نَتأكَّد مِن المَعلومة، وبَعدها نُرسلها..!
واليَوم، وبَعد أنْ وَصفني الأستاذ "سعد الرفاعي"؛ بأنَّني "جَاحِظ العَصر الحَديث"؛ سَأستَخدم هَذا اللَّقب، وأُضيف مَا استجدّ مِن آدَاب الوَاتس أب، التي يَجب التحلِّي بِهَا، والتي أطمَح -في يَومٍ مِن الأيَّام- أن تَكون في كَتابٍ يَحمل عنوَان: (تَقيَّد بآدَاب الوَاتس أب ولا تُرسل مَا هَبّ ودبّ)..!
ومِن المُستجدّات، أنَّ الإنسَان يُرسل مَادة ويُبدي رَأيه فِيهَا، فمَثلاً يُرسل رَابِطًا ويَقول: "لا يَفوتك"، أو "رَابط يَجنّن"، أو "أبيَات أَعجبتني"، أو "كَلام يَلحس المُخ"... إلخ، إذ لَيس مِن اللَّائِق أن تَفرض مَا أعجَبَك عَلى الآخرين، بَل أرسله لَهم، ودَعهم هُم يُقيِّمونه..!
ومِن الآدَاب الأخيرَة وَقت الإرسَال، وأعني بِهِ تِلك الرَّسائِل التي تَأتي بَعد الوَاحِدَة لَيلاً، وهي رَسَائِل عَادية، وأحيَانًا تَكون فيديوهات؛ تَحمل مِن المَناظِر القَاسية، التي لا يَتحمّل رُؤيتها صِغَار السِّن، كرَابط يَحمل عنوَان: "انظروا مَاذا يَفعل الجيش السّوري بإخوَاننا في سوريا"..!
ومِن الآدَاب المُستجدّة أنَّ أحدهم يُرسل لَكَ كَلامًا مَكذوبًا، أو حَديثًا مَوضوعًا، أو خَديعةً زَائِفةً، ثُم يَقول لَك: "انشُر تُؤجر"، أو عبَارة سَقيمة تَقول: "لا تَقف هَذه الرِّسَالة عِند جوّالك، أرسلها لكُلِّ مَعارفك"، ومِثل هَذا التَّحريض مُضرٌّ مِن عِدّة جَوانِب، أهمّها: هو تَسويق للكَذِب، والجَانب الثَّاني مِن الضَّرر: أنَّ فيهِ وصَاية عَلى النَّاس، وتَكليفهم بأمورٍ مَا أنزَل الله بهَا مِن سُلطَان، والجَانِب الثَّالث المُضر الذي لَن يُفكِّر فِيهِ مِثل هَؤلاء المُرسِلين، أنَّهم لَم يَحكموا عَليكَ فَقط بإضَاعة وَقتك؛ في تَتبّع اهتمَامَاتهم مُكْرَهًا، بَل افتَرضُوا أنَّ كُلّ "مَعارفك" يَنتظرون -عَلى أحرِّ مِن الجَمر- نَتيجة أو حصيلة هوَايَات واهتمَامَات صَديقك؛ الذي لا يَعرفون عَنه شَيئًا..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: أيُّها النَّاس، اتّقوا الله في رَسائِلكم، ولا تُرسلوا إلَّا مَا فِيهِ خَيرٌ لَكُم، ومَا يَنمّ عَن صِدقكم في نَقل الأخبَار، وتَحرّي صحّتها، كَما أرجُوكم أنْ لَا تُرسلوا لِي شَيئًا مِن رَسائِلكُم بَعد الوَاحِدَة لَيلاً، فالله -جَلّ وعَزّ- يَقول: (وَجَعَلْناَ اللَّيْلَ سُبَاتًا).. ولَم يَكتب عَلينا الشَّقَاء والسَّهر "واتْسابا"..!!