صدام حسين.. نهر دجلة والمالكي ... عبد الرحمن العبيدي
عبد الرحمن العبيدي
بعد تسلم الرئيس الراحل صدام حسين مقاليد الحكم في العراق عام 1979 ، قتل مواطن عراقي من أهالي الحلة في العاصمة البلغارية صوفيا على يد مجموعة من الشيوعيين العراقيين ، وحاولت الشرطة البلغارية التستر على الجناة وإبعادهم عن الجريمة. وما أن وصل الأمر إلى بغداد ، أصدرت الحكومة العراقية قرارا بإيقاف كافة التعاملات الاقتصادية مع بلغاريا خلال 72 ساعة وحذرت باتخاذ إجراءات أخرى مالم تقدم الحكومة البلغارية اعتذارها وتسلم الجناة للعدالة ، وقبل انتهاء الفترة المحددة التي أمهلتها الحكومة العراقية لنظيرتها البلغارية ، هبطت في مطار بغداد طائرة الرئيس البلغاري ومعه وفد رفيع المستوى ، وبدون استقبال رسمي وعلى الفور غادروا المطار إلى مدينة الحلة لزيارة ذوي المجني عليه وتقديم التعازي والاعتذار وتقديم التعويضات المالية ، ثم العودة إلى بغداد حيث تم استقباله رسميا . وتم تسوية الأمور .
هنا لانبغى المقارنة بين مواقف سياسية سابقة وحاليه ، لكن الحادثة مثال قريب للتعامل السياسي إزاء الأزمات والخروقات والتجاوزات التي تتعرض لها الدولة أرضا وشعبا وثروات ،
من المؤكد إن الرئيس صدام حسين ليس هو من خطط واوجد الحلول للتصدي للازمة ، لكن هنالك من الدوائر المختصة والمستشارين وأصحاب الخبرة والكفاءة من عمل على ذلك وما كان من الرئيس إلا إن يتخذ القرار الحازم، الأمر الذي أدى إلى رضوخ الحكومة البلغارية .
أن نهر دجلة اليوم يحتضر بسبب عمليات الخنق التي تعمل عليها تركيا بإقامة السدود وخزن المياه، وهذا من شأنه أن يخلق كوارث كبيرة بعد سنين معدودة على الأرض والإنسان في العراق، وهو إعلان حرب على العراق لتداعياته الخطيرة الذي حذرت منه منظمات دولية وإنسانية ، وخرق لاتفاقية ( الانتفاع من الأنهار الدولية ) التي أقرتها القوانين الدولية ، بالإضافة إلى الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة بين العراق وسوريا وتركيا القوانين الدولية المتعلقة حول تقاسم مياه نهري دجلة والفرات .
لكن حكومة المالي لازالت تقف مكتوفة الأيدي ولم تحرك ساكنا إزاء هذه السياسات المائية الاحتكارية ، وعاجزة عن اتخاذ أي أجراء من شأنه أن يحد من هذه السياسات ، وهي تمتلك الكثير من المعالجات والحلول ، ويمكنها أن تلعب بورقة الضغط الاقتصادية ،( نفس الأسلوب مع بلغاريا ) سيما وان الصادرات التركية للعراق تجاوزت أثنى عشرة مليار دولار وهي أعلى نسبة صادرات لها ، وهنالك طموحات أعلنت على لسان شخصيات تركية بزيادة معدل الصادرات للعراق . وأن الأسواق العراقية باتت المستهلك الكبير للبضائع التركية .
لكن المالكي لن ولم يفعل شيء لسببين رئيسيين هما أولا : عدم وجود رجال دولة حقيقيين يعملون على مصلحة العراق وشعبه مع غياب طاقم سياسي كفوء لإدارة الأزمات ، لان بطانة المالكي من الموالين الدعاة أنصاف المتعلمين الفاسدين حصرا دون وجود للكفاءات وأصحاب الخبرة ، وثانيا : عدم وجود رؤية سياسية موحدة بين السياسيين العراقيين إزاء القضايا المصيرية للعراق مع غياب القرار الوطني لارتباطاتهم بأجندات إقليمية وعالمية