جنين - وطن للأنباء – نزار حبش: ساعات طوال يمضيها ماجد ملايشة الذي لم يتجاوز الـ16عاما، على كرسي مهترىء خارج بيته في قرية جبع (جنوب جنين)، لا يهمه برد الشتاء، فهو يبحث عن نسمة هواء لا تحمل رطوبة جدران المنزل المتداعي.
يعاني ماجد من مرض "العشى الليلي" الذي يحرمه رؤية الأشياء بوضوح في الضوء الخافت، بسبب خلل في شبكية العين، إضافة لإصابته بمرض "السكري" ومشكلات أخرى في السمع والكلى.
يقول ماجد لـ"وطن للأنباء" : بضل قاعد طول الصبح بالدار، بطلع بشم شوية هوا بكون مخنوق، علشان أضلني عايش.
ماجد، فُجعَ مع أبويه برؤية إخوته وأخواته الخمسة (فداء وعنتر وأشرف حسان وأسماء)، يموتون تباعًا، على مدى الثمانية أعوام الماضية، حيث فتكت بهم أمراض السكري والكلى والعشى الليلي، بينما توفي الوالد إثرهم، بـ"جلطة" عن عمر يناهز الـ51 عامًا.
همّ العائلة المنكوبة الآن، الحفاظ على حياة من تبقى منها، فالوالدة ختام ملايشة، تبقى لها ثلاثة أبناء، تحاول إعالتهم وتوفير الدواء لهم عبر بيع ما تيسر من حليب الأغنام.
تقول ختام: والله حياتنا ما الها معنى، وما حدا سائل فينا، ومنستنى بالموت، كل سنتين ب شهر خمسة بموت واحد، زهقنا من مرارة طعم الموت.
تتابع: الدخل اليومي 12 شيقل، بطلع ببيع حليب النعجات، ببيع بـ 12 شيقل قنينة حليب، ما بكفوا كل واحد شيكلين شيكلين، الواحد بدو يقبل بالحياة المفروضة عليه.
لم تنته المعاناة بعد، فالأسرة مدينة بـ 5000 شيقل لشركة المياه، و1000 شيقل لشركة الكهرباء، بينما يواظب ساجد (17 عامًا) على الدراسة، رغم كل شيء، فامتحانات "التوجيهي" على الأبواب.
تردد ماجد كثيرا في إجراء المقابلة معنا، لكنه خرج عن صمته وقال "بتشوفوني بضحك من برا، بس من جوا كتير مقهور على أخوتي، مقهور لإنه ما حدا سائل فينا، بدي أدرس وأنجح وأغير حال العيلة".
الموت يطارد من بقي حيًا من العائلة، والشؤون الاجتماعية تكتفي بدعم الأسرة بمبلغ 250 شيقل شهريًا.