تجمعنا في غرفة الطبيبات، نسحب خيط طائرة ذكريات الغربة، ووفاء الصديقات، وبدأنا ننثر الأصداف.
كيف كان لقاؤنا الأول
بعد سنوات عديدة، مع من تقاسمنا معهم الخبز، وغمسناه معا في حلو الغربة ومرها، فالتقطت أول خيط الذكريات زميلتنا إيمان .
ـ صدقوا أو لا تصدقوا، التقيت بهلا صديقتي في مؤتمر، سمعت طرف صوتها في سؤال طرحته، فزاغ بصري، وطفقت الدموع تغزو عيني، وكدت أن أقف في وسط القاعة المكتظة بالحضور، وأصرخ بملء روحي، وتردد كل خلية في جسدي صداه:
هلا، أيها الحضور هذه هلا،هذه رفيقتي في الغربة، ورفيقتي في السكن،
لم أستوعب ما قيل في المؤتمر بعد سماع صوتها، فلقد غاصت بي الذكريات في الأعماق.
وما إن أعلن انتهاء المحاضرة حتى حثثت الخطى إليها،
فهتفت باسمها، فسمعتني، ولكنها يبدو أنها لم تتعرف علي، فلقد كنت منقبة.
فعذرتها، فاقتربت منها، فهتفت بكل عفوية أنا إيمان صاحبتك في السكن.
فتبين لي أنها تعرفت على صوتي مسبقا . ولم تكلف نفسها حتى الوقوف للسلام علي، واكتفت بالقول: أهلا . وببرود شديد!
فشعرت وكأن أحدا قد دفع بي في غرفة حمام بخار، فالرؤيا ضبابية، وكل جسدي يتعرق حرقة.
زاغ بصري مرة أخرى، ولكن هذه المرة زاغ هلعا، ولم أفهم ماذا أصاب صاحبتي؟!!ولماذا تغيرت علي؟!!
لم أستطع فهم ذلك؟
ابتعدت عنها، فلم أشعر منها بأي ترحيب!
وأنا أسير حائرة وسط الجموع، يغمرني الضباب، وما هي إلا لحظات إلا حتى سمعت إحداهن تهتف فرحة باسمي، وتضمني من الخلف بلهفة.
من هي؟!!
لعلها هلا، فاقت من غفلتها، وحين التفت لأتبين من هي صاحبة العاطفة الصادقة، فإذا هي صافي، نعم صافي، من تخالفني الفكر والهوى، وقضيت سنوات الدراسة في كر وفر معها، لكنها حفظت لي الود، ولم تنس العشرة، فنخلت كل ذكرياتي معها في منخل، فتسربت كل الذكريات الفاسدة، وطفحت على السطح الصالح منها، بعد السلام الحار سألتها، ماذا أصاب صاحبتنا هلا ؟!!ليست كما كانت أيام صبا الدراسة.
فأجابت صافي بصراحتها التي لا يحبها أحد.
- وماذا تريد منك هلا؟!! لقد حصلت على وظيفة مرموقة، وتزوجت بموظف كبير، وأصبحت مبخوتة، ومن الطبيعي أن لا تعيرك اهتماما، وهذا المؤتمر يعقد في مقر عملها، انظري لها تخالط زميلات عملها الجديد، ولا تريد لأحد أن يدري أنها كانت تشاطر أناسا مثلنا شظف العيش.
- لم أستوعب كلام صافي ولم أصدقه رغم أنه ماثل أمامي.
- أيعقل أن الإنسان يستطيع أن يدوس بقدمه على قلب مملوء بحلو الذكرى، أية قوة لدى هذا الذي يستطيع أن يدوس قلبا ويرى دم الحب يسيل منه، فيبتعد غير آبه بما ترك خلفه.
- اللهم لا تزغ قلوبنا حين ترزقنا المناصب.
- وثبتنا على القول الثابت حين نفتن بالمناصب.
د بشرى عبدالله اللهو ..
كيف كان لقاؤنا الأول
بعد سنوات عديدة، مع من تقاسمنا معهم الخبز، وغمسناه معا في حلو الغربة ومرها، فالتقطت أول خيط الذكريات زميلتنا إيمان .
ـ صدقوا أو لا تصدقوا، التقيت بهلا صديقتي في مؤتمر، سمعت طرف صوتها في سؤال طرحته، فزاغ بصري، وطفقت الدموع تغزو عيني، وكدت أن أقف في وسط القاعة المكتظة بالحضور، وأصرخ بملء روحي، وتردد كل خلية في جسدي صداه:
هلا، أيها الحضور هذه هلا،هذه رفيقتي في الغربة، ورفيقتي في السكن،
لم أستوعب ما قيل في المؤتمر بعد سماع صوتها، فلقد غاصت بي الذكريات في الأعماق.
وما إن أعلن انتهاء المحاضرة حتى حثثت الخطى إليها،
فهتفت باسمها، فسمعتني، ولكنها يبدو أنها لم تتعرف علي، فلقد كنت منقبة.
فعذرتها، فاقتربت منها، فهتفت بكل عفوية أنا إيمان صاحبتك في السكن.
فتبين لي أنها تعرفت على صوتي مسبقا . ولم تكلف نفسها حتى الوقوف للسلام علي، واكتفت بالقول: أهلا . وببرود شديد!
فشعرت وكأن أحدا قد دفع بي في غرفة حمام بخار، فالرؤيا ضبابية، وكل جسدي يتعرق حرقة.
زاغ بصري مرة أخرى، ولكن هذه المرة زاغ هلعا، ولم أفهم ماذا أصاب صاحبتي؟!!ولماذا تغيرت علي؟!!
لم أستطع فهم ذلك؟
ابتعدت عنها، فلم أشعر منها بأي ترحيب!
وأنا أسير حائرة وسط الجموع، يغمرني الضباب، وما هي إلا لحظات إلا حتى سمعت إحداهن تهتف فرحة باسمي، وتضمني من الخلف بلهفة.
من هي؟!!
لعلها هلا، فاقت من غفلتها، وحين التفت لأتبين من هي صاحبة العاطفة الصادقة، فإذا هي صافي، نعم صافي، من تخالفني الفكر والهوى، وقضيت سنوات الدراسة في كر وفر معها، لكنها حفظت لي الود، ولم تنس العشرة، فنخلت كل ذكرياتي معها في منخل، فتسربت كل الذكريات الفاسدة، وطفحت على السطح الصالح منها، بعد السلام الحار سألتها، ماذا أصاب صاحبتنا هلا ؟!!ليست كما كانت أيام صبا الدراسة.
فأجابت صافي بصراحتها التي لا يحبها أحد.
- وماذا تريد منك هلا؟!! لقد حصلت على وظيفة مرموقة، وتزوجت بموظف كبير، وأصبحت مبخوتة، ومن الطبيعي أن لا تعيرك اهتماما، وهذا المؤتمر يعقد في مقر عملها، انظري لها تخالط زميلات عملها الجديد، ولا تريد لأحد أن يدري أنها كانت تشاطر أناسا مثلنا شظف العيش.
- لم أستوعب كلام صافي ولم أصدقه رغم أنه ماثل أمامي.
- أيعقل أن الإنسان يستطيع أن يدوس بقدمه على قلب مملوء بحلو الذكرى، أية قوة لدى هذا الذي يستطيع أن يدوس قلبا ويرى دم الحب يسيل منه، فيبتعد غير آبه بما ترك خلفه.
- اللهم لا تزغ قلوبنا حين ترزقنا المناصب.
- وثبتنا على القول الثابت حين نفتن بالمناصب.
د بشرى عبدالله اللهو ..