الى من يظنون ان تطبيق الاسلام فقط مقتصر على الحدود
كثيرون هم الذين يظنون ان الاسلام تطبيقه يعني فقط تطبيق الحدود الشرعية فحسب وينظرون الى الدولة الاسلامية على انها تلك الدولة التي تجلد الظهور وتقطع الايدي وتقص الرقاب ليامن المترفون على ما اترفوا فيه ويضمن المستبدون حماية انفسهم واموالهم ممن استعبدوهم ويضمنواخنوعهم وذلهم.
ان نظرة اي مشرع للعقوبة لا تخلوا من امرين الاول الانتقام والثاني الردع والتاديب
وفي الاسلام ان فلسفة التشريع قائمة على الرحمة والشفقة بالعباد وتحقيق مصالح الفرد والجماعة في تناسق لا يجعل الفرد يطغى على الجماعة ولا يجعل الجماعة تهمل ذات الفرد والعقوبات جزء من منظومة تشريعية خاصة كاملة متكاملة لايصلح ولا يصح ان تتجزأ ولا ان ينسلخ قسم عنها وينتزع ليطبق وحده وجاءت العقوبات روادع وزواجر وجوابر لحفظ منظومة حياة متكاملة..فهي للردع والزجر ابتداء..ومن ثم طهارة للفرد من الاثم والمخالفة والعصيان..تسقط عنه العقوبة الربانية الاخرويةلذلك وجدنا المسلم المذنب هو من يقدم نفسه للجهة المسؤولة للقصاص منه او ايقاع العقوبة المناسبة على اثمه وتطبق هذه العقوبات في اطار درئها عن الناس بالشبهات لان الغاية منها ليست الانتقام بل التطهير والردع.
وتطبق العقوبات في ظل نظام ودولة تنفذ الاسلام وسياساته ونظمه وتشريعاته في كل مناحي الحياة وتقوم هذه الدولة على اساس عقيدته وفكرته الشاملة عن الكون والانسان والوجود وما انبثق عنها من نظم سياسية واقتصادية وتعليمية واجتماعية
تضمن حياة الانسان كفرد في جنسه وتضمن استمرار الجنس والنوع بمسار صحيح ورقي نهضوي لايتغول نوع على نوع ولا طائفة على طائفة ولا فتستاثر بالحياة ومكاسبها فئة دون اخرى او عنصر دون بقية العالمين
ان الاسلام قبل ان يعاقب على الجريمة يمنع اسباب وجودها اولا بفكره وعقيدته وثانيا بسياساته ونظمه التي تستهدف رعاية شؤن الناس وحفظ انفسهم ودمائهم واموالهم واعراضهم ودينهم واخلاقهم وعقولهم وممتلكاتهم وتحقق لهم الامن والرعاية
اللازمة لعيشهم باستقرار وطمانينة وفق تطبيق نظام اسمه الاسلام يتقرب المسلمون لربهم برعايتهم انفسهم والبشرية به.
فعمل على توزيع الثروة وتقليص الفجوة بين ابناء المجتمع فجعل حقا معلوما للسائل والمحروم في اموال الاغنياء والزم الدولة بتوفير العمل ووسائل الانتاج ومنع ملكية الارض لمن يحجزها ويعطلها ثلاث سنين ومنع الاحتكار في السوق و منع الخصخصة والامتيازات للملكية العامة او لملكيات الدولة لانها اعتداء على حق المجتمع وملكيته العامة في المجال الاقتصادي.علاوة على انه الزم الدولة برعاية شؤن المعدم والفقير وتامين الضروريات لحياته كحد ادنى.
وفي المجال الاجتماعي بنى علاقة المجتمع على اساس الاخوة و منع كل ما من شانه ان يؤدي الى الفاحشة ويؤجج نيران الشهوات كالتعري وكشف العورات والاختلاط والخلوات وحث على الزواج المبكر للشباب والشابات واعان عليه.
واباح التعدد لكي يقضي على العنوسة وليعطي الفرصة ويفتح ابواب السترة امام الارامل والمطلقات من النساء ليحصن انفسهن بالزواج.واعطاهن الامل بالحياة والانجاب الذي تتكفل الدولة برعايته نفقة وتربية وتعليما.
وفي مجال الحكم اعطى السلطان للامة تنيب فيه عنها من تشاء ليرعاها بشرع الله تعالى وجعل وظيفته تكليفية وليست تشريفية ومقامه مقام تعبد واتباع وليس مقام علو وابتداع واوجب عليه الخضوع للمسائلة والمحاسبة واوجب على الامة القيام بذلك.
ثم جاء تشريع العقوبات لتكون سياجا حافظا لهذه التشريعات وزواجر عن ارتكاب المخالفات التي تستهدف تعطيل عمل هذه السياسات الرعوية وتقويض المنظومة التشريعية الربانية وكون هذا التشريع انما هو تشريع رباني فان مخالفته توجب الاثم فكانت العقوبات تطهير من الآثام فمن جلدت او جلد بحد الزنا ثم قال له قائل يا زاني او يا زانية جلد القائل بحد القذف لان من اقيم عليه الحد فقد طهر من اثمة وتبعاته وعاد كانه لم يقترفه فالعقوبات لوحدها تطبيقها هو تشويه للاسلام وليس اسلام والنظام الاقتصادي تطبيقه لايصلح دون تطبيق السياسات الشرعية في المجالات المختلفة من الحياة.ان الاسلام نظام كامل متكامللا يؤخذ الا كلا كاملا و لايقبل التقسيم و لاالتجزيء=افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض= وفي هذا القدر كفاية واستودعكم الله داعيا اياه سبحانه ان يعجل لنا بدولة الخلافة الراشدة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
—