الجزء الثاني
الحقيقة الثالثة : بالرغم من أن الله تعالى يطلب من جميع عبيده .. الخضوع والإستسلام له .. وعبادته وحده .. لا شريك له !!!
إلا أنه لم يقهرهم .. ولم يجبرهم على عبادته !!!
بل ترك لهم حرية الإختيار .. ليختاروا الطريق الذي يريدوه .. بعد أن بين لهم .. عن طريق الرسل جميعاً!!!
أن الذي يسير في طريق عبادته وحده .. ولا يشرك معه أحداً !!!
يكون مستسلماً له .. وبالتالي يُعتبر مسلماً .. ومؤمناً .. وعاقبته في الآخرة .. الفوز بالجنة!!!
بينما الذي يسير في طريق الشيطان .. ويعصيه .. ويشرك معه إلهاً آخر .. أو ألهة أخرى ( الأب .. والإبن .. وروح القدس ) وأخواتها !!!
يُعتبر مستنكفاً .. ومستكبراً .. وكافراً بالله وحده .. وبالتالي عاقبته في الآخرة .. جهنم !!!
هذا تحليل منطقي بشري .. وليس أمر رباني فقط !!!
والهدف من هذا التخيير كله هو :
تمييز الخبيث من الطيب .. والشرير من الصالح .. وإبتلاء الناس .. وإختبارهم !!!
وهذا ما يتوافق مع قواعد المنطق .. التي تتطلب التمييز بين الناس !!!
فلو جعلهم صاغرين .. مقهورين .. مسيرين .. لكانوا كلهم نسخة واحدة مكررة .. لا إختلاف بينها !!!
وتصبح الحياة .. مستنقعاً آسناً .. لا تنافس بين الناس .. ولا تسابق إلى الخير .. أو الشر .. وهذا مناقض لهدف الحياة .. الذي بينه خالق الحياة !!!
ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًۭا ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ ﴿٢﴾ سورة تبارك
وهذا ما عبر عنه تعالى بخصوص التخيير .. في قوله :
فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ سورة الكهف آية 29
إِنَّا هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًۭا وَإِمَّا كَفُورًا سورة الإنسان آية 3
إنها حرية كاملة .. ومطلقة للإنسان .. ليختار ما يشاء من الطريق .. دون أي تقييد .. ولا حجر !!!
وفي الآخرة .. هو الذي يتحمل مسؤولية إختياره !!!
فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًۭا يَرَهُۥ ﴿٧﴾ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍۢ شَرًّۭا يَرَهُۥ ﴿٨﴾ سورة الزلزلة
الحقيقة الرابعة : أن الله تعالى خلق المخلوقات في هذا الكون .. على خمسة أصناف :
1- الجمادات : وهي الأرض والسموات .. وهذه خاضعة .. ومستسلمة .. وصاغرة لأمر الله كليا .. وليس لها اختيار في التنفيذ .. وتسير بإنتظام دقيق !!!.
2- الملائكة : وهي أيضاً خاضعة .. وصاغرة .. ومستسلمة لعبادة الله وطاعته وحده ، تسبحه ، وتمجده ، وليس لديها شهوات لتعصي الله !!!
3- الشيطان : وهو عكس الملائكة تماماً .. بدأ حياته بمعصية الله .. حينما أمره بالسجود لآدم .. فرفض السجود .. ومن ثم كرس حياته للغواية .. وإضلال البشر .. وإبعادهم عن طريق الله .. وتحريضهم على الشرك به .. وعبادة آلهة أخرى !!!
4- الحيوان : وهو كتلة من الشهوات .. والغرائز المادية .. ولكنه خاضع .. ومستسلم لأمر الله تلقائياً .
5- الإنسان : وهو أشرف المخلوقات طراً .. جمع الله فيه .. كل صفات المخلوقات السابقة .. وجعل المخلوقات كلها في خدمته .. تكريماً له .. وجعل له الحرية المطلقة .. لإختيار الطريق الذي يريده .. فحينما يؤمن بالله الواحد .. ويستسلم لدينه - الإسلام – يصبح أفضل من الملائكة !!!
وحينما يكفر بالله .. ويشرك به أحد مخلوقاته .. ويرفض اتباع دينه الحنيف – الإسلام – يصبح أشر .. وأسوأ من الشيطان .. ومن الحيوان !!!
وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلْأَنْعَـٰمُ وَٱلنَّارُ مَثْوًۭى لَّهُمْ ﴿١٢﴾ سورة محمد
الحقيقة الخامسة : جريمة الشرك بالله .. والإعتقاد بأن له إبن أو زوجة !!!
هي من الموبقات الكبيرة .. على وجه الأرض .. والجرائم الفظيعة بحق الله .. الجليل .. العظيم .... والتي لا تُغتفر إطلاقاً !!!
ومنطقياً .. وعقلياً .. هو إساءة .. وإهانة كبيرة ..لله تعالى .. وتشكيك في قدرته المطلقة !!!
إذ أن الملك البشري الضعيف .. يرفض أن يكون له شريكا في ملكه .. ولو كان ابنه أو زوجته .. فكيف بملك الملوك .. وخالق الكون القدير .. المقتدر .. يرضى .. ويقبل أن يكون له شريكاً في ملكه !!!
وهذا ما عبر عنه الله تعالى في كتابه :
وَإِذْ قَالَ لُقْمَـٰنُ لِٱبْنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَـٰبُنَىَّ لَا تُشْرِكْ بِٱللَّهِ ۖ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌۭ سورة لقمان آية 13
وَقَالُوا۟ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَدًۭا ﴿٨٨﴾ لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْـًٔا إِدًّۭا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلْأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَن دَعَوْا۟ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًۭا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنۢبَغِى لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ إِن كُلُّ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلْأَرْضِ إِلَّآ ءَاتِى ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْدًۭا سورة مريم
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَ ٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفْتَرَىٰٓ إِثْمًا عَظِيمًا سورة النساء آية 48
الحقيقة السادسة : خرافة .. وأكذوبة .. أن الله ضحى بولده المزعوم .. لتطهير عبيده من الرجس .. والدنس .. والذنوب .. والمعاصي !!!
وهنا يطرأ سؤال منطقي .. وبريئ :
أليس لله القدرة المطلقة على أن يفعل ما يشاء .. ويقول للشئ كن فيكون !!!
إذا كان الجواب : نعم .
فهل يقبل العقل .. والمنطق .. أن يضحي الرب .. بإبنه طالما أنه يقدر على المغفرة .. والمسامحة .. بدون أن يعرضه للعذاب .. والقتل .. والصلب .. خاصة وأنه موصوف بالرحمن .. الرحيم .. فكيف يتسق منطقياً أن يرحم عباده .. ولا يرحم إبنه المزعوم ؟؟؟
أليس الأقربون أولى بالمعروف .. وأن يرحم إبنه .. أولى من أن يرحم عبيده ؟؟؟
وإما أن الرب ليس له القدرة المطلقة .. وفوقه قدرة أكبر تجبره ، وتلزمه بأن يضحي بإبنه لأجل العبيد الآخرين !!!
وفي مثل هذه الصورة المشينة للرب .. التي تصوره بالعجز .. والضعف !!!
هل يقبل ذووا الألباب .. أن يعبدوا .. أو يحترموا .. مثل هذه الإله العاجز .. الضعيف ؟؟؟!!! – تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً –
الحقيقة السابعة : هل يقبل العقل .. أن يتصور .. أو أن يقتنع .. أن مادة الإبن .. تختلف كلياً عن مادة الأب؟؟؟!!!
فإذا كان يسوع .. المسيح .. عيسى بن مريم .. إبناً لله – كما يزعمون - !!!
فالمفروض منطقيا .. وعقلياً .. أن تكون مادة المسيح .. هي نفس مادة الله .. وليس مادة بشرية!!!
أليس كذلك ؟؟؟!!!
وبما أن الله تعالى .. ليس من البشر .. ولا يشبه البشر .. ولا تدركه الأبصار .. ولا يستطيع أحد من البشر رؤيته !!!
فيجب أن يكون الإبن أيضاً من جنس الله .. لا تدركه الأبصار .. ولا تراه العيون !!!
لو جاءك من يخبرك أن إمرأة ولدت خروفاً .. أو فأراً .. أو العكس شاة ولدت بشراً !!!
هل تصدق هذا .. ويقبل العقل السليم هذا الخبر الإفتراضي ؟؟؟!!!
مع العلم أن مادة البشر مشابهة إلى حد كبير .. لمادة فصيلة الحيوانات .. وخاصة في المرحلة الجنينية !!!
إذن كيف تصدق أن السيدة مريم .. قد ولدت إلهاً .. أو إبنا لله .. وخرج من فرجها .. ملوثاً بالدماء وماء المشيمة .. وأخواتها ؟؟؟!!!
هل يقبل أي إنسان .. ولو فيه مثقال ذرة من العقل .. أن يصدق هكذا حتوتة أسطورية .. خرافية .. عن خروج إله من فرج إمرأة بشرية !!!
ثم يقبل أن يعبده ؟؟؟!!!
من فضلك تابع قرءاة بقية الحقائق .. في الجزء الثالث .. للأهمية القصوى !!!
الإثنين أول شوال 1435
28 تموز 2014
د/ موفق مصطفى السباعي