رحلة الحج دروس تربوية(3)
(3)الدرس الثالث- المسير على طريق الانبياء والرسل وحملة نور الهداية الاوائل
اعلم اخي واختي الاكارم هدانا واياكم الله، ان الحج توبة العمر الكبرى، وهو ركن من اركان الاسلام الخمس، وشعيرة عظمى من شعائره، وانه كسائر العبادات التي شرعها الله تعالى ليشبع بها الانسان جوعات غريزة التدين المفطورة عليها النفوس، فيه عبر وعظات ودروس تستفاد وتؤثر على استقامة النفس وتهذيبها، وتؤثر في السلوك، فهو من ناحية التزام هدي النبي عليه السلام ووحي رب العزة ، ومن ناحية اخرى سير على منهج الهداية الواحد الذي سار عليه ادم وجميع اهل الايمان من امة الايمان الواحدة، والتوحيد لانك باداء مناسك الحج صحيح انك تتبع احكاما شرعية محددة، الا ان هذه الاحكام ارتبطت باماكن كانت مسرحا لاحداث جسام، خطا خطواتها الانبياء والهداة العظام، عبر مسار تاريخ الوجود الانساني على هذه البسيطة،عبادة وطاعة لله تعالى الواحد الديان، فبمناسك الحج انت تسير على خطاهم المكانية في نفس الزمان الذي وقعت فيه تلك الحوادث، وكانك بهذا المسير تربط نفسك بتلك المسيرة العظمى، وتجدد مسيرة الهداة الاولين، وتعيد العهد على ان تسير على خطاهم طالبا مودة الله ربك وربهم الواحد.
محييا بذلك لسنن الهدى والنور والاستنارة بهدي الواحد الاحد، الهك واله ابائك ابراهيم واسماعيل ومن قبلهم ادم عليه السلام الذي حج البيت، فقد روى البيهقي باسناده عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كان موضع البيت في زمن آدم شبراً أو أكثر علماً، فكانت الملائكة تحجه قبل آدم، ثم حج آدم فاستقبلته الملائكة فقالوا: يا آدم من أين جئت؟ قال: حججت البيت، فقالوا: قد حجته الملائكة قبلك)) نعم انها رحلة الهداية المستمرة المتواصلة من ادم الانسان الاول، الى ان يرث الله الارض ومن عليها، لتبقى الانسانية مستمرة في نفس المسار، ومتجهة نفس الاتجاه القائد لها الى ربها الغفور الرحيم، بطريق هداه وماشرع لهم من الدين الواحد، الذي ليس عند الله سواه، ولن يقبل دينا من البشر غيره.
نعم اخي المسلم..انك تؤدي المناسك وانت تعيش قصة اعادة بناء البيت العتيق، ورفع ابراهيم واسماعيل لقواعده..انك تعيش قصة اسكان ابراهيم لولده بواد غير ذي زرع ولا ذي نبع وماء، حيث ارض الوحشة والخلاء، امتثالا واستسلاما لامر الله.
انك تعيش قصة صبر وامتثال المراة العظيمة هاجر، استسلاما لامر ربها الذي ايقنت انه لن يضيعها ولن يضيع رضيعها، فتسعى مكان خطاها وتشرب من الماء الذي اخرجه الله تعالى رحمة بها وبرضيعها اسماعيل، ليكون شرابا وغذاء لها وله بواد غير ذي زرع، وقد كان منشاها الاول ومرباها على ضفاف النيل بمصر، ارض الخضرة والزرع والوان الثمرات، وكان مربى زوجها ونبيها ووالد طفلها على ضفاف الفرات ارض الخيرات والبركات، وهاجرت من ارض بيت المقدس ارض الخير والبركة، لتعيش في ذاك الواد الموحش بلا انيس من البشر ولا اسباب حياة للناس، لتؤسس لمدينة ستبقى معظمة على مدائن اهل الارض، ولتكون ام القرى على مر اجيال المستقبل، ولتكون هي عليها السلام اما للامة الوارثة خير امة اخرجت للناس، فكانت استجابة دعوة ابراهيم عليه السلام ..رب اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وارزق اهله من الثمرات..وهاهي القلوب لا تزال تهوي وها هو الحج لايزال يمضي...
انها رحلة على خطى المؤمنين الاوائل وانها رحلة مع قصة الهدى وانها رحلة مع حكاية الانسانية والوجود البشري منذ مبتداه.....
وسيكون حديثنا ليس مركزا في فقه واحكام المسائل التي تعج بها الكتب والرسائل،
بل سنركز على الجوانب التربوية ومواطن العبرة، وبناء النفس المؤمنة المطمئنة الساعية لنوال رضى ربها ورحمته ومغفرته، ونرى اثر الحج على النفس والعقل والسلوك
فكونوا معنا وانتظروا حلقات الحج عبادة تربوية تهذب النفس والسلوك، ونسال الله تعالى الهدى والسداد في القول والعمل وان يعلمنا ما جهلنا وان يزدنا علما والى لقاء يطيب بكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2023-06-18, 3:44 am عدل 1 مرات