5- الحلقه الخامسة من مواعظ وعبر ودروس الحج التربوية (5)
اخي الحاج ..اختي الحاجة :اعلموا اخواني في الله ان العبادات لها روح تؤثر في الروح والنفس وتغذيها بالتهذيب وتزكيها، واذا اديت هذه العبادات على وجهها الحق المطلوب بتفكر وتدبر وتمعن من العابد فانها تؤتي اكلها، فتقوم السلوك وتهذبه وتجعله ينضبط باوامر الله ونواهيه، ففي حكمة الصلاة التي يؤديها الانسان في كل ظرف على الوجه الذي يستطيعه كي لا يتركها، قال الله تعالى :- (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )45العنكبوت .
وفي حكمة الزكاة التي تنمي النفس وتزكيها وتغرس فيها حب الخير للاخرين، قال تعالى:- ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)﴾. [ سورة التوبة ].
وفي حكمة الصيام الذي هو ركن من اركان الاسلام كما الصلاة والزكاة والحج، قال الله تعالى :- (ياايها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )البقرة
وفي الحج الذي انت الان بصدد تأديته قال سبحانه وتعالى : - " وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاًوَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ " ( آل عمران:97) .ومن حكمه ايضا قوله تعالى:- (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) الحج 28
قال ابن عباس { ليشهدوا منافع لهم} ، قال: منافع الدنيا والآخرة، أما منافع الآخرة فرضوان اللّه تعالى، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والذبائح والتجارات، وكذا قال مجاهد وغير واحد: إنها منافع الدنيا والآخرة، كقوله: { ليس عليكم جناح أن تتبغوا فضلا من ربكم} ، وقوله: { ويذكروا اسم اللّه في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} ، قال ابن عباس: الأيام المعلومات أيام العشر.
ومن المصائب التي ابتليت بها امتنا ان عباداتها فرغت من مضامينها، ولم تعد لها اثار على سلوكيات وتصرفات العابدين بل مع كل اسف ان كثير من المسلمين يعتبر ما يؤديه من تعبد وعبادات بمثابة صكوك غفران، فيؤدي العبادة ثم يفعل مايشاء، ويجترح من الاثام والخطايا ما يحلو لنفسه وما يشتهيه هواه. ناسيا او جاهلا لقول ابن عباس رضي الله عنهما من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلم يزدد بها من الله الا بعدا.ولقول الله تعالى -يايها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى- وناسيا للحديث عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ , وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ " مسند عبدالله بن المبارك. ومتجاهلا لما روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه".لهذا لمّا قيل لبعض السلف حين كثر الحجاج حتى تزاحموا عند البيت الحرام، وفي كل موطن: ما أكثر الحاج! فقال: الركب كثير، لكن الحاج قليل! فأي حاج هذا الذي يتلفظ بالكفر في المشاعر المعظمة؟ و يدعو بدعوى الجاهلية والعنصرية النتنة في اقدس البقاع، ويحقر المسلمين ويدافعهم ويؤذيهم ليحقق لنفسه سنة او امرا مستحبا في الشرع مندوبا، فيرتكب الحرام من اجل فعل المندوب!! اليس الحج هو توبة العمر!! اوليس الحج يزكي النفوس ويطهرها من مشاعر البغي والاثم والعدوان !! اوليس الحج يُبتغى منه غسل النفوس والقلوب والافكار من كل قيم ومفاهيم الجاهلية والكفر!! فعن ماذا تبت وعن ماذا استغفرت!! وانت مازلت تحمل افكار الكفر والضلال ومفاهيم الجاهلية، وتوالي عبيد الارض على معادات منهج الله...فعلا ان الركب كثير ولكن الحاج قليل ولا حول ولا قوة الا بالله.
اللهم ارزقنا التوبة النصوح وارزقنا الالتزام بامرك ومجانبة نهيك وارزقنا حجة لا فسوق فيها ولا رفث، وطهر نفوسنا وعقولنا وقلوبنا من فكر ومفاهيم وقيم الجاهلية . ولنا لقاء يتجدد بعون الله ومدده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2023-06-18, 5:38 pm عدل 2 مرات