بسم الله الرحمن الرحيم
نزول الميقات
اخي الحاج من هنا تبدأ مناسك حجك ونسكك فاذا نزلت الميقات وهو المكان الذي لا يجوزان تتجاوزه الا وانت محرم وهو للقادم الى مكة من المدينة او عبرها: ذوالحليفة او ما يعرف اليوم بابيار علي- فاعلم انك تنزل بجوار ربك متلبسا بطاعته ، خالعا زينة الدنيا وزخرفها من قلبك قبل بدنك، وتذكر ان لك ميقاتا زمنيا ومكانيا ايضا ستنزل اجباريا فيهما بجوار ربك راحلا عن هذه الدنيا .مفارقا الاهل والاحبة والعيال والاموال .في موعد لن تُخلفه ابدا ياتيك بغتة . فتُنزع عنك الثياب وتغسل وتحنط وتكفن ويُصلى عليك رغما عنك وبدون اختيارك لا للمكان ولا للزمان. .وانت هنا جئت مختارا وبارادتك ، ففي الميقات انزع عنك ثياب الدنيا وزينتها التي كنت بها تفاخر، و قص اظافرك وقلم معها اظافر الجشع والحرص والطمع من نفسك ..نظف شعر الابطين والعانة وازل عنك كل اذى تؤذي به نفسك وتؤذي بريحه الاخرين.. واغتسل لتغسل عنك اوساخها وتتطهر من غبارها، فاغسل قبل جسدك قلبك ونظف باطنك من كل ضلال ومفاهيم وقيم حاهلية، لتقبل على ربك طاهرا نظيفا من كل حقد وغل وحسد للمسلمين، و تطهر من كل فكر ضال ومن الجاهلية ومفاهيمها وقيمها وازل عنك نتنها فتطيب في جسدك لا ثوبك~ واعلم ان الطيب ليس فقط بالريح الطيب فاطيب من الطيب وريحه حسن العمل والمعاملة وحسن الخلق، واطيب من اللباس وزينته لباس التقوى ..فتهيأ بنفسك وفكرك وقلبك لتنزع عنك الهوى واتباع شهواته، وتعرى من كل ضلالة واترك كل جهالة قادتك للتقصير في جناب ربك العظيم فحادت بك عن نهجه المستقيم وشرعه القويم.. بنزولك الميقات اعلم انك نازل ميقات الاجل حكم ربك عليك كتابا مقضيا، ففي ميقاتك هذا عود نفسك ان تنزل على حكمه سبحانه دوما ما حييت وعشت راضيا بحكمه وقيده لافعالك وتصرفاتك --فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم .ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما-- استسلم لربك وسلم قيادك اليه واشعر قلبك انك دخلت معه في عهد جديد، عهد طاعة لامعصية فيه، فالبس قطعتين من القماش ابيضين ازارا ورداءا وانت مقبل على الله بالنقاء والصفاء وكانك مولود جديد دخل حياة جديدة ، فاستقبله اهله بلفافة قماش يلفونها على جسده، لم تسود الخطايا باطنه، فالبسه اهله البياض ليعلموا ما يوسخه فيزيلوه عنه سريعا، وكذا تخرج من الدنيا الى قبرك اول منازل الاخرة بلفافة بيضاء، وكانك بلباسك القماشة البيضاء ينبغي ان تعود الى الفطرة النقية، وها انت تلبس اللفافة اليوم مشعرا قلبك بتوبة العمر عسى ان يكتب الله لك حجا مبرورا، لانجترح فيه ولا بعده معصية ولا نرتكب فاحشة، فنكون كيوم ولدتنا امهاتنا.. ثم ادخل في الطاعة وفي حلف ربك واخرج من حلف شياطين الانس والجن، بان تصلي ركعتين بنية الاحرام بعدهما فتجعلهما مفتاح الدخول في حلف الله وحزبه وطاعته، ثم وانت مسقبل القبلة تلبي بالنسك الذي عليه عزمت واخترت ملبيا لبيك اللهم لبيك....وتسمي نسكك ثم تشرع عاجا بالتلبية مكثرا منها مرددا لها طوال الوقت والطريق الى مهوى الافئدة وقبلة القلوب، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. ولبيك اي اجبتك يارب نافيا الشريك عنك، جئتك مجيبا طائعا على الدوام، حامدا لك لانك مستحق للحمد بذاتك فانت الحميد المجيد، ومقرا لك بالعبودية والخضوع، كيف لا وانت مالك الملك، وانا من لا يذكر امره في ملكك، فجئتك عبدا طائعا ملبيا معاهدا لك على دوام الطاعة وحسن العبادة..فيا من عاهدت ربك بالتلبية لاجابة امره اياك اياك ان يجدك سبحانه حيث نهاك..واياك ثم اياك ان يفتقدك حيث امرك..نعم هكذا تكون التلبية وهذه معانيها ..والى لقاء يطيب بكم اكتفي بهذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2023-06-19, 6:36 am عدل 2 مرات