بسم الله الرحمن الرحيم
زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبره الشريف والتشرف بالسلام عليه.
هذا الامر ليس من اعمال الحج.. ولا من مناسكه..الا انه يستحب في كل وقت وحين اذا امكنك. ورحلتك للحج مناسبة تهيء لك فرصة الزيارة المباركة طالما انك وصلت تلك الديار قاصدا الابتداء بمناسكك من الميقات.. ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المساجد الثلاث التي تشد اليها الرحال للتعبد فيها وطلب البركة والثواب ومضاعفته. فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا." وفي الصحيحين ايضا عنه أنه قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام." فإذا أتى مسجد النبي فإنه يسلم عليه وعلى صاحبيه كما كان الصحابة يفعلون.وهنا تتذكر ايها المسلم الحاج وانت على طريق الحج وقصد البيت العتيق وتقوم بالزيارة والسلام على نبيك الحبيب، الذي ارسله الله بالهدى والنور رحمة للناس كافة بشيرا ونذيرا، ان اجدادنا الاوائل من هذه الامة كانوا ياتونه صلوات ربي وسلامه عليه مبايعين له وفودا جماعات وافرادا على السمع والطاعة والاتباع، معلنين ولائهم لدينه، متبرئين مما سواه من فكر وباطل..فاعلم انك بهذا الموقف انما انت تبايع على السمع والطاعة والاتباع، وتطلب من الله ان يشهد بيعتك ويبلغها وسلامك لنبيك، وانك سائر على خطاه مقتديا بهداه، فاياك والمخالفة او المجانبة، ففي اتباعه السلامة وفي مخالفته الندامة. وتسلم على الصاحبين الكريمين المدفونين بجواره رضوان الله عليهما، وهما كما وصفهما سلام الله عليه وزيريه في الارض، وانتقل الناس لبيعتهما بعد وفاته سلام الله عليه، وهما اول الخلفاء الراشدين المهديين بعده، فاشعر قلبك ايها المؤمن انك تقف موقفا عظيما امام حجرة قيادة الامة، التي ربطتها بالسماء فحققت لها السمو والارتقاء، ونهضت بها من اوحال ومزالق الجهل والجاهلية، فكانت خير امة اخرجت للناس تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر، و تحمل مشعل الهداية والنور للبشرية كافة، فكانوا خير من اُهل للشهادة على الناس، فجزى الله نبيه خير ما يجزي نبيا عن قومه، وجزى الله صاحبيه وسائر صحابته الكرام جميعا عنا كل خير..ويستحب لك ان تصلي في الروضة الشريفة ان تمكنت من ذلك، لما جاء في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي”
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في “فتح الباري”: “ورد في بعض طرقه بلفظ (القبر) قال القرطبي الرواية الصحيحة (بيتي) ويروى (قبري) وكأنه بالمعنى لأنه دفن في بيت سكناه.مكان وفاته سلام الله عليه. وتحلى بالادب في حضرة رسول الله سلام الله عليه وحضرة اصحابه الكرام، فلا تزاحم ولا تؤذي الناس ولا تدافعهم، فان لم يتسنى لك الصلاة في الروضة الشريفة ففي اي بقعة من المسجد الشريف
ويستحب للزائر زيارة البقيع الذي دفن فيه كثير من الصحابة- رضي الله عنهم- ومنهم أمير المؤمنين ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان- رضي الله عنه- وقبره هناك معروف.علما بان زيارة المقابر في اي مكان هي سنة، والبقيع كان يزوره النبي سلام الله عليه، وزيارة القبور من اجل تذكر الاخرة والموت والدعاء والسلام على اهلها، وصلة من الحي للميت، وليس للتبرك بها كما يفعل بعض الجهال، لان اصحابها لا ينفعون ولا يضرون بصفتهم الشخصية وهم احياء، فكيف اذا ما ماتوا.. قال الله تعالى - للرسول - صلى الله عليه وسلم - -: (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ الله أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا). وقال الله تعالى: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ الله) وقال الله له: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ الله وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) فالرسول - صلى الله عليه وسلم - بشر محتاج إلى الله عز وجل، وليس به غنى عنه طرفة عين، ولا يملك أن يجلب نفعاً لأحد، أو يدفع ضّرا عن أحد، فكيف اذا بمن هو دونه صلى الله عليه وسلم. وكذلك يسن أن يخرج إلى أحد ليزور قبور الشهداء هنالك، ومنهم حمزة بن عبد المطلب- رضي الله عنه- عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء المستلقي هناك ليبقى شاهدا على اجرام الكفار وشاهد مقيم على بسالة اهل الاسلام في الذود عن دينهم وارخاص الغالي والنفيس والانفس في سبيل الله تعالى -.
وكذلك ينبغي أن يزور مسجد قباء، يخرج متطهراً ويصلي فيه ركعتين؛ لأن في ذلك فضلاً عظيماً.قال الله تعالى في ذكر هذا المسجد وفضل الصلاة فيه :-(...لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108التوبة)، وجاء في فضل صلاة ركعتين فيه انها تعدل عمرة والله اعلم.وهذه الاماكن المنصوص على استحباب زيارتها تعبدا في المدينة المنورة واما غيرها فلا تتعلق به نية التعبد وابتغاء الفضل والثواب.
وختاما نؤكد على ان شد الرحال لزيارة المسجد النبوي الشريف وما يتبعه من مستحبات ليس من مناسك الحج ولا من اعماله انما هو بذاته عبادة مستقلة بذاتها ان لم يتسنى للحاج القيام بها فحجه صحيح لا علاقة له بذلك ابدا ولا نقص فيه بسبب عدم الاتيان بالزيارة التي نؤكد على استحبابها وانها طاعة مستقلة
اللهم ارزقنا حبك وحب نبيك وحب كل عمل يقربنا الى حبك وصلوا معي على حبيبكم محمد بن عبدالله اللهم صل وسلم وبارك عليه واله وصحبه وعلى اخيار امته ومن تبعه باحسان الى يوم الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2023-06-18, 11:24 pm عدل 1 مرات