الحلقة العاشرة من دروس ومواعظ وعبر الحج التربوية(10)
خواطر حول السعي بين الصفا والمروة...الوقفة الثانية
اخي الحاج واخي المعتمر...قلنا فيما مضى ان هذه العبادات مدارس تربوية تربي في النفس سامي القيم وراقي المفاهيم ..ومحطات تعبوية تعبيء النفس وتشحنها بالايمان وقوة اليقين..وانت في هذه الرحلة التعبدية المباركة وقد هاجرت لربك وامتثالا لامره على خطى احبائك الانبياء من عهد ابراهيم وزوجه هاجر وابنه اسماعيل .. انما تخترق جدار الزمن و تعبر جدر التاريخ السحيق في القدم وتخترق حواجزه، لتربط حاضر الانسانية المؤمنة بماضيها المشرق، وتستلهم الدروس والعبر والعظات، وتتخذ منهم القدوة والمثال للتاسي لتقدي بهداهم وتسير على خطاهم (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ (90 الانعام)..فيكون حاضرك مملوء بالايمان واليقين مشحون بالتقوى والعزيمة، ولتربط ذلك بمستقبل ايامك، وتنشيء ذريتك عليه، ليرتبط مستقبل الانسانية بحاضرها ويكون استمرارا لماضيها العميق وتستفيد من تاريخ الماضين ..انها علاقات تاريخية تستنير فيها بمسيرة الاباء والاجداد فتتعظ وتعتبربمن ضل وهلك، وتقتدي بهدى من انعم الله عليهم وساروا وارتقوا وسموا بالصراط المستقيم، فتتبعه وتتجنب صراط المغضوب عليهم والضالين..
تبدا اشواط السعي مستذكرا امك هاجروتضحياتها في سبيل اقامة امر الله وتنفيذه، وكذا زوجها يوم ترك ولده الوحيد ورماه في واد غير ذي زرع وماء وحياة، تلبية لامر الله الذي ينبغي ان تنفذه مهما كلف و ثقل على النفس وخالف الهوى والشهوة والرغبة..ان حياتي ومحياي ومماتي لله رب العالمين.. فهو وحده الذي يحكمها ويصور لي شكلها .. ويختار لي كيفيتها فلا اعيشها بهواي ولا بما تشتهي الانفس، وهنا تكون حنيفا مسلما منقادا لاكرم الاكرمين..تردد بين الصفا والمروة ذهابا وايابا وانت بين حالتي الخوف والرجاء
خوف من الله تعالى على ما فرطت في جنابه وما ارتكبت من اخطاء وتقصير، فانه المنتقم الجبار شديد العذاب ..ورجاءا في رحمته ومغفرته فانه الغفور الرحمن الرحيم...ويكون هذا ميزان نفسك في الحياة الخوف والرجاء ..فالخوف ان تملك النفس دون الرجاء فهو ميئس مقنط مثبط..والرجاء ان تملك النفس على الدوام دون خوف فانه مؤمل..يدفع الانسان للتسويف والتواكل وبالتالي الضلال والتقصير والغفلة..واذكر وانت تتردد بين الصفا والمروة وكانك تقف بين يدي مالك يوم الدين وقد نصب الميزان الحق، والحسنات توضع في كفة والسيئايتات في الاخرى، وميزانك يتارجح وقلبك يخفق ويهوي اذا ثقلت كفة السيئات وخفت كفة الحسنات .. نعم اخي تذكر ..فاما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية واما من خفت موازينه فامه هاوية وما ادراك ما هي نار حامية...اللهم بك نعوذ ونلوذ ونستجير...اجأر لربك بالدعاء للتوفيق لهداه والتزام احكامه طلبا للنجاة من عقابه وتردد بين الصفا والمروة وانت موقن انك تتردد بين شعائر الله وطاعاته سبحانه .. ان الصفا والمروة من شعائر الله..وشعائر الله مواطن عباداته وطاعاته التي ينبغي عليك تعظيمها، ولو انعمت النظر لوجدت كل امر من امور حياتك لله فيه شعيرة تلزمك بطاعته وعدم مخالفة امره ..ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب... فلتكن حياتك كلها ترددا بين الطاعات والقربات ..فان اكملت شوطك السابع وينتهي بالمروة، فان كنت متمتعا او معتمرا فقص شعرك واحلقه او قصره وتحلل فقد اتممت مناسك عمرتك، وبقص الشعر وحلقه احلق وازل معه كل فكر باطل وكل مفاهيم الجاهلية وازل قيمها من نفسك وحياتك.. وحين تحل من احرامك فحل كل مواثيق الجاهلية والشرك والشيطان، واستمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم، واعقد مع ربك عهد الطاعة والولاء والاقبال على نهجه القويم لتحظى بالقبول، وتقبل الله منا ومنكم الطاعات والقربات ووقانا واياكم صراط الجحيم ..والى لقاء يطيب بكم استودعكم من لاتضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2023-06-20, 5:16 pm عدل 1 مرات