تعاريف لازمة لكل متعلم...2
السياسة
السياسة لغة من الفعل ساس يسوس فهو سائس وهي بمعنى الرعاية والتدبير وتسيير الامور بما فيه صلاح الحال والمآل.وتطلق عادة على من يرعى ويدبر امور الخيل تحديدا من دون المواشي والانعام وذلك لشرفها فسمي القائم على امورها سائس الخيل ولا يقال عنه راعي الخيل كراعي الابل او الغنم او البقر...
وتعبر السياسة عن عملية صنع قرارت ملزمة لكل المجتمع تتناول قيم مادية ومعنوية وترمز لمطالب وضغوط وتتم عن طريق تحقيق أهداف ضمن خطط حسب أيدولوجيا معينة على مستوى محلي أو إقليمي أو دولي. والسياسة هي علاقة بين حاكم ومحكوم وهي السلطة الأعلى في المجتمعات الإنسانية، حيث السلطة السياسية تعني القدرة على جعل المحكوم يعمل أو لا يعمل أشياء سواء أراد أو لم يرد. وتمتاز بأنها عامة وتحتكر وسائل الإكراه كالجيش والشرطة وتحظى بالشرعية المتعارف عليها.
والسياسة عرفها الشيوعيون بانها دراسة العلاقات بين الطبقات.
وعرف الواقعيون السياسة بأنها فن الممكن.
اما الانتهازيون والمنافقون فيرونها الخضوع للواقع السياسي الذي تفرضه حسابات القوة والمصلحة فلذلك اعتبروها فن الخداع والغش والكذب.
اما عندنا نحن المسلمين فانها تعني رعاية شؤون الامة داخليا وخارجيا وفق مقتضى النظر الشرعي بما يحقق صلاح حالها وفلاحها في مآلها.
طبعا ولا يتحقق ذلك للامة الا اذا عملت الامة على نوال رضوان ربها باتباع ما شرع لها من الدين والاحكام الشرعية التي يتحقق بها صلاح الحال والفلاح في المآل (ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض....)96الاعراف وفي سورة العصر:-( وَالْعَصْرِ. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ.).
نعم ..الانسان في خسر حين يسير وفق هواه..فيستعجل الامور ولا يتريث.. لانه عجولا بطبعه..يدفعه قصر عمره كفرد الى رغبته ان يرى انجازاته في فترة حياته ..فيندفع لتجاوز عصره (الزمن) واستقدام الزمن واختصاره ليرى انجازه وتحقيق امنياته مخالفا بذلك السنن الالهية في الوجود حيث جعل الله تعالى الزمن والوقت عنصرا هاما للانجازات وتحقق الاهداف والغايات فاقسم بالعصر وهو الوقت والزمان الذي يمر به الكون و المكان والانسان.
وتحتاجه الحوادث لتكون ويصبح حدوثها في الامكان. فالفكرة لا تنجح حتى تاخذ وقتها لتنضج وتدركها الاذهان تماما كما يحتاج الثمر في نضوجه الى الوقت والزمان.. فلذلك يفوت الانسان كثير من امور خيره بالاستعجال المنافي لمسيرة الصبر في الاجيال..ومحاولته اختصار واختزال الزمن واخضاع الزمان والمكان لارادته ..وهذا من التاله الذي لا ينبغي الا لخالق الازمان والمكان الذي امره للشيء كن فيكون.. فالزمن عنصر من اهم العناصر لمسيرة الحدث ولمسيرة اجيال البشرية في العصور والازمان والمكان.. وينظر المفكر المؤمن الى البشرية على انها وحدة واحدة.. يحكم وجودها زمان ومكان ..وان مسيرة الخير والايمان لا بد لها من الاستمرار والانتقال عبر الاجيال السائرة مع توالي الازمان.. فاستثنى سبحانه اهل الايمان هؤلاء من الضياع والخسران.. لانهم امنوا اولا والايمان عقيدة وفكر ينظم المفاهيم وقيم تنظم السوك وتحكم التصرفات .. وثانيا يعملون الصالحات ..اي ان اعمالهم وتصرفاتهم وفق مشيئة الله تعالى وارادته ضمن مقتضيات سننه ونواميسه المنظمة للكون والوجود والحياة..التي ان عاكسها الانسان يكون قد اصطدم بما اراد الله ان يكون وساعتها يكون الخسران وان استقام عليها يكون قد استقام على الحق الذي ينبغي ان يكون ويتواصون به وبميراثه عبر الاجيال كي لايضيعوه ويبقى التزامه مختصرا للتجارب التي يحتاج الانسان خوضها في حالة التيه ليخرج من توهانه وضلاله حين يضل مراد ربه..ويتواصون بالصبر على سنن الانجاز والنضوج لتكون احداث ومنجزات وجوده ناجضة اقرب الى الكمال حين تتبع تحقيق ارادة الله في الوجود لا ارادتك فتكون ساعتها ربانيا تحقق مشيئة الله تعالى وان خالفت هواك وشهواتك.
والسياسي هو من يقوم بالعمل السياسي ..والعمل يسمى سياسيا اذا تعلق بشؤون الامة والبشرية ورعايتها وتحقيق مصلحتها ... و تسيير امورها وفق مبدأ معين و وجهة نظر معينة..وعندنا في ملة الاسلام: وفق احكام الاسلام الشرعية ومن خلال منظار عقيدته الربانية.لان الاحكام الشرعية مقياس الافعال وضابط السلوك والنشاط الانساني. والعقيدة مقياس الافكار والقيم والمفاهيم التي توجه الحياة وجهة خاصة وتصبغها صبغة مميزة.
ومن كانت هذه نظرته للسياسة كان قطعا ربانيا كما طلب منا الله تعالى ووجهنا الى ذلك في قوله تعالى وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران: 79] ، والربانيون فوق الأحبار، والأحبار: العلماء، والربانيون: الذين جمعوا مع العلم البصارة بسياسة الناس، ورعاية شؤون الخلق وفق وبمقتضى شريعة الله للخلائق.
والى لقاء يطيب بكم في حلقة جديدة من سلسلتنا هذه استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2016-08-07, 11:01 am عدل 1 مرات