----- بسم الله الرحمن الرحيم -----
نظرة في الفرائض وتقسيمها الى عيني وكفائي
الناظر للاحكام الشرعية الواجبة اي الفرائض يجدها قسمين من حيث التكليف بها للمكلفين:
قسم مطالب به كل مكلف بعينه ، وهو فرض العين المتعلق وجوبه بالمكلفين كافراد باعيانهم. وهذه الفروض يؤجر من اداها وقام بها لنفسه وعن نفسه، ويأثم من تركها ولم يقم بها ويؤديها هو نفسه ، وذلك كالعبادات من صلاة وصيام واداء زكاة وحج .....
وقسم مخاطب به الامة بمجموعها كامة مسلمة يسعى بذمتهم ادناهم وهم يد على من سواهم، كما وصفهم الحبيب المصطفى سلام الله عليه الا ان تنفيذها منوط باشخاص معينين، تنيبهم الامة بمجموعها لادائها، فان قاموا به اجروا عن الامة جميعا واثيبت الامة كلها، وان لم يقوموا بها اثموا واثمت الامة كلها، وهي ما نسميه في الفقه الفروض الكفائية، كاقامة الحدود ونصب امام واحد للامة وتولية القضاة لفض الخصومات واقامة الحدود والفصل في الحقوق وتسيير امور حياة الامة والمجتمع بحسب الاحكام الشرعية المرعية، ومعنى المرعية اي التي ترعاها الدولةوتتكفل بتنفيذها، اي تتبنى تنفيذها وتطبيقها، فقد تكون المسالة اجتهادية وتوصل العلماء بالنظر الشرعي فيها الى اكثر من راي ،فهنا الذي يفض الخلاف وينهيه هو ما يتبناه الامام الذي ولاه المسلمون امرهم ،فيحمل جمع الامة على الحكم الشرعي الذي تبناه وتكون طاعته واجبة ،وما تبناه ملزما وان خالف رايك واجتهادك. ومن هنا نرى عظم امر الاحكام والفروض الكفائية وخطر اثرها على الامة ، وان التقصير فيها يعرض الامة كلها للعقاب والاثم بجميع افرادها ان رضيت بذلك التقصير، وسكتت عليه..فكثير من الناس يستهون الامر اذا قلت له هذا الامر فرض كفاية ، ويظنه اهون من فريضة العين ،ولا يعلم ان اثمه يعم الامة وان ثوابه ان قام به فرد من الامة ايضا يعم الامة ، وكم هو فضل ذلك الفرد المسقط للاثم عن امة محمد صلى الله عليه وسلم، والجالب لثوابها ورضوان ربها، ولمثل ذلك فليتنافس المتنافسون.
ان دين الاسلام يجعل من كل واحد من معتنقيه مسؤلا عن الامة ولا مكان فيه للانانية الفردية ، قال الله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)التوبة 71
فكل شخص منا مسؤول ، اي انه سيسال، لقول النبي صلى الله عليهواله وسلم فيما اخرجه البخاري في صحيحه : ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته)) ثم قال صلى الله عليه وسلم ((ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)). كما وجعل النبي سلام الله عليه المسؤلية عن الدين وحراسة احكامه وعقيدته تكليفا فرديا لكل فرد بشخصه من المسلمين يقومون به افراداً وجماعات ولا يجوز لا للامة بمجموعها ولا لافرادها بشخوصهم التقصير في ذلك فقد قال صلوات ربي وسلامه عليه واله فيما روى المروزي في السنن قال حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ السَّمْطِ - وَكَانَ ثِقَةً - عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَا، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَرْثَدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الْإِسْلَامِ، اللَّهَ اللَّهَ لَا يُؤْتَى الْإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِكَ " واخرجه ايضا الترمذي.اللهم احينا ما احييتنا حراسا للاسلام وتوفنا على ذلك وتقبل اللهم منا واكتبنا في الشاهدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2022-11-13, 3:29 am عدل 2 مرات