الفرض الكفائي والفرض العيني
او الواجب الكفائي والواجب العيني
يقسم العلماء اهل الفقه والاصول الواجب (ويسمى الفرض أيضاً عند جمهور العلماء) إلى قسمين : واجب عيني ، وواجب كفائي .
فالواجب العيني : ما طلب الشارع فعله من كل فرد من أفراد المكلفين بعينه طلباً جازماً . كالصلاة والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام والنفقات الواجبة....إلخ .
والواجب الكفائي : هو الذي طلبه الشارع من مجموع المكلفين ، ولم يطلبه من كل واحد منهم، فإن قام به احدهم او العدد الذي يكفي سقط عن الباقين ، وإلا أثموا جميعاً .
مثال ذلك : الجهاد في سبيل الله لدعوة الكفار إلى الإسلام وتبليغهم دعوة الحق او لرد الصائل ، وكالصلح بين المتخاصمين، ومعظم احكام الدين التي طلب اداؤوها من الامة كامة، كاقامة الحدود وتنفيذ السياسات العامة ،فرض كفاية، فإذا قام به من يكفي سقط عن الآخرين . والا اثمت الامة بمجموعها.
قال الامام الشاطبي في كتابه الموافقات حول هذه المسالة كلاما لا تفصيل بعده انقله لكم للفائدة والتذكير :-
( طلب الكفاية ـ حسب قول العلماء بالأصول ـ مُتوجِّه على الجميع، لكن إذا قام به بعضُهم سقط عن الباقين. وما قالوه صحيح من جهة كلّيّ الطّلب (أي من جهة النظر إلى مجموعة فروض الكفايات)، وأما من جهة جزئي الطلب ففيه تفصيل. وضابطه على الجملة أن الطّلبَ واردٌ على البعض، وليس على البعض كيف كان، ولكن على من فيه أهلية القيام بذلك الفعل المطلوب، لا على الجميع عموما. والدليل على ذلك أمور:
أحدها: النصوص الدالّة على ذلك، كقوله تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) (التوبة: ١٢٢)، فورد التحضيض على طائفة لا على الجميع. وقوله: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف) (آل عمران: ١٠٤). وفي القرآن من هذا النحو أشياء كثيرة ورد الطلب فيها نصا على البعض لا على الجميع.
والثاني: ما ثبت من القواعد الشرعية القطعية في هذ المعنى كالإمامة الكبرى، أو الصغرى، وسائر الولايات، فإنه إنما يُطْلَب بها شرعا مَن كان أهلا للقيام بها والإفادة فيها. إذ لا يصحّ أن يُطْلَب بها من لا يُبْدِئ فيها ولا يُعيد؛ فإنه من باب تكليف ما لا يُطاق بالنسبة إلى المكلّف، ومن باب العبث بالنسبة إلى المصلحة المجتلبة أو المفسدة المستدفعة، وكلاهما باطل شرعا.
وبيان ذلك أن الله عزّ وجلّ خلق الخلق غير عالمين بوجوه مصالحهم لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) (النحل: ٧٨)، ثم وضع فيهم العلم بذلك على التدريج والتربية. وطَلَب الناسَ بالتعلُّم والتعليم لجميع ما يُسْتجلَب به المصالح وكافة ما تُدْرَأ به المفاسد، إنهاضا لما جُبِلَ فيهم من تلك الغرائز الفطرية. وفي أثناء العناية بذلك يقوى في كلّ واحد مِنْ الخَلْق ما فُطِر عليه، وما أُلْهِم له من تفاصيل الأحوال والأعمال، فيظهر فيه وعليه، ويبرز فيه على أقرانه ممن لم يُهَيَّأ تلك التَّهْيِئة. فلا يأتي زمان التعقُّل إلا وقد ظهر على ظاهره ما فُطِر عليه في أوليَّته. فترى واحدا قد تهيَّأ لطلب العلم، وآخر لطلب الرياسة، وآخر للتصنُّع ببعض المِهَن المُحتَاج إليها، وآخر للصِّراع والنِّطاح، إلى سائر الأمور.
هذا، وإن كان كلّ واحد قد غُرِزَ فيه التصرُّف الكليّ، فلا بُدّ ـ في غالب العادة ـ من غلبة بعض المواهب عليه، فعند ذلك ينبغي توجيهُه إلى ذلك التخصُّص، وإعانته عليه، حتى يبرز كل واحد فيما غلب عليه ومال إليه من تلك التخصصات. وبذلك يتربَّى لكلّ فعلٍ هو فرضُ كفاية قومٌ. وبذلك تستقيم أحوال الدنيا وأعمال الآخرة. فأنت ترى أن الترقِّي في طلب الكفاية ليس على ترتيب واحد، ولا هو على الكافة بإطلاق، ولا على البعض بإطلاق، ولا هو مطلوب من حيث المقاصد دون الوسائل، ولا بالعكس؛ بل لا يصحّ أن يُنْظَر فيه نَظَرٌ واحد حتى يُفصَّل بنحو من هذا التفصيل، ويوزَّع في أهل الإسلام بمثل هذا التوزيع، وإلا لم ينضبط القول فيه بوجه من الوجوه. والله أعلم وأحكم.
وقد يصحّ أن يُقال إن فرض الكفاية واجب على الجميع على وَجْهٍ مِن التَّجَوُّز؛ لأن القيام بذلك الفرض قيامٌ بمصلحة عامّة. فهم مطلوبون بسدِّها على الجُملة؛ فبعضهم هو قادر عليها مباشرة، وذلك من كان أهلا لها، والباقون ـ وإن لم يقدروا عليها ـ قادرون على إقامة القادرين. فمن كان قادرا على الولاية فهو مطلوب بإقامتها، ومَن لا يقدر عليها مطلوبٌ بأمر آخر وهو إقامة ذلك القادر وإجباره على القيام بها. فالقادر إذاً مطلوبٌ بإقامة الفرض، وغيرُ القادر مطلوبٌ بتقديم ذلك القادر؛ إذ لا يُتَوّصَّل إلى قيام القادر إلا بالإقامة، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.) .اه
وهنا يظهر لنا شرف من قام بفرض الكفاية ومكانته عند الله ثم عند الامة، وانه بقيامه بهذا الواجب اسقطه عن الامة باكملها ، ونجى الامة من غضب الله تعالى وتسبب في ان تنال رضوانه..... لذلك كان لزاما على القدرين القيام به وكان لزاما على غير القدرين حث القادرين واهل القدرة من باب التناصح ومن باب الائتمار بالمعروف والتناهي عن المنكر، ولقوله تعالى في الانفال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ) .....
وبهذا القدر كفاية وقد بانت الغاية لمن اراد الهداية ونعوذ بالله تعالى من طرق الضلال و الغواية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
او الواجب الكفائي والواجب العيني
يقسم العلماء اهل الفقه والاصول الواجب (ويسمى الفرض أيضاً عند جمهور العلماء) إلى قسمين : واجب عيني ، وواجب كفائي .
فالواجب العيني : ما طلب الشارع فعله من كل فرد من أفراد المكلفين بعينه طلباً جازماً . كالصلاة والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام والنفقات الواجبة....إلخ .
والواجب الكفائي : هو الذي طلبه الشارع من مجموع المكلفين ، ولم يطلبه من كل واحد منهم، فإن قام به احدهم او العدد الذي يكفي سقط عن الباقين ، وإلا أثموا جميعاً .
مثال ذلك : الجهاد في سبيل الله لدعوة الكفار إلى الإسلام وتبليغهم دعوة الحق او لرد الصائل ، وكالصلح بين المتخاصمين، ومعظم احكام الدين التي طلب اداؤوها من الامة كامة، كاقامة الحدود وتنفيذ السياسات العامة ،فرض كفاية، فإذا قام به من يكفي سقط عن الآخرين . والا اثمت الامة بمجموعها.
قال الامام الشاطبي في كتابه الموافقات حول هذه المسالة كلاما لا تفصيل بعده انقله لكم للفائدة والتذكير :-
( طلب الكفاية ـ حسب قول العلماء بالأصول ـ مُتوجِّه على الجميع، لكن إذا قام به بعضُهم سقط عن الباقين. وما قالوه صحيح من جهة كلّيّ الطّلب (أي من جهة النظر إلى مجموعة فروض الكفايات)، وأما من جهة جزئي الطلب ففيه تفصيل. وضابطه على الجملة أن الطّلبَ واردٌ على البعض، وليس على البعض كيف كان، ولكن على من فيه أهلية القيام بذلك الفعل المطلوب، لا على الجميع عموما. والدليل على ذلك أمور:
أحدها: النصوص الدالّة على ذلك، كقوله تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) (التوبة: ١٢٢)، فورد التحضيض على طائفة لا على الجميع. وقوله: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف) (آل عمران: ١٠٤). وفي القرآن من هذا النحو أشياء كثيرة ورد الطلب فيها نصا على البعض لا على الجميع.
والثاني: ما ثبت من القواعد الشرعية القطعية في هذ المعنى كالإمامة الكبرى، أو الصغرى، وسائر الولايات، فإنه إنما يُطْلَب بها شرعا مَن كان أهلا للقيام بها والإفادة فيها. إذ لا يصحّ أن يُطْلَب بها من لا يُبْدِئ فيها ولا يُعيد؛ فإنه من باب تكليف ما لا يُطاق بالنسبة إلى المكلّف، ومن باب العبث بالنسبة إلى المصلحة المجتلبة أو المفسدة المستدفعة، وكلاهما باطل شرعا.
وبيان ذلك أن الله عزّ وجلّ خلق الخلق غير عالمين بوجوه مصالحهم لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) (النحل: ٧٨)، ثم وضع فيهم العلم بذلك على التدريج والتربية. وطَلَب الناسَ بالتعلُّم والتعليم لجميع ما يُسْتجلَب به المصالح وكافة ما تُدْرَأ به المفاسد، إنهاضا لما جُبِلَ فيهم من تلك الغرائز الفطرية. وفي أثناء العناية بذلك يقوى في كلّ واحد مِنْ الخَلْق ما فُطِر عليه، وما أُلْهِم له من تفاصيل الأحوال والأعمال، فيظهر فيه وعليه، ويبرز فيه على أقرانه ممن لم يُهَيَّأ تلك التَّهْيِئة. فلا يأتي زمان التعقُّل إلا وقد ظهر على ظاهره ما فُطِر عليه في أوليَّته. فترى واحدا قد تهيَّأ لطلب العلم، وآخر لطلب الرياسة، وآخر للتصنُّع ببعض المِهَن المُحتَاج إليها، وآخر للصِّراع والنِّطاح، إلى سائر الأمور.
هذا، وإن كان كلّ واحد قد غُرِزَ فيه التصرُّف الكليّ، فلا بُدّ ـ في غالب العادة ـ من غلبة بعض المواهب عليه، فعند ذلك ينبغي توجيهُه إلى ذلك التخصُّص، وإعانته عليه، حتى يبرز كل واحد فيما غلب عليه ومال إليه من تلك التخصصات. وبذلك يتربَّى لكلّ فعلٍ هو فرضُ كفاية قومٌ. وبذلك تستقيم أحوال الدنيا وأعمال الآخرة. فأنت ترى أن الترقِّي في طلب الكفاية ليس على ترتيب واحد، ولا هو على الكافة بإطلاق، ولا على البعض بإطلاق، ولا هو مطلوب من حيث المقاصد دون الوسائل، ولا بالعكس؛ بل لا يصحّ أن يُنْظَر فيه نَظَرٌ واحد حتى يُفصَّل بنحو من هذا التفصيل، ويوزَّع في أهل الإسلام بمثل هذا التوزيع، وإلا لم ينضبط القول فيه بوجه من الوجوه. والله أعلم وأحكم.
وقد يصحّ أن يُقال إن فرض الكفاية واجب على الجميع على وَجْهٍ مِن التَّجَوُّز؛ لأن القيام بذلك الفرض قيامٌ بمصلحة عامّة. فهم مطلوبون بسدِّها على الجُملة؛ فبعضهم هو قادر عليها مباشرة، وذلك من كان أهلا لها، والباقون ـ وإن لم يقدروا عليها ـ قادرون على إقامة القادرين. فمن كان قادرا على الولاية فهو مطلوب بإقامتها، ومَن لا يقدر عليها مطلوبٌ بأمر آخر وهو إقامة ذلك القادر وإجباره على القيام بها. فالقادر إذاً مطلوبٌ بإقامة الفرض، وغيرُ القادر مطلوبٌ بتقديم ذلك القادر؛ إذ لا يُتَوّصَّل إلى قيام القادر إلا بالإقامة، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.) .اه
وهنا يظهر لنا شرف من قام بفرض الكفاية ومكانته عند الله ثم عند الامة، وانه بقيامه بهذا الواجب اسقطه عن الامة باكملها ، ونجى الامة من غضب الله تعالى وتسبب في ان تنال رضوانه..... لذلك كان لزاما على القدرين القيام به وكان لزاما على غير القدرين حث القادرين واهل القدرة من باب التناصح ومن باب الائتمار بالمعروف والتناهي عن المنكر، ولقوله تعالى في الانفال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ) .....
وبهذا القدر كفاية وقد بانت الغاية لمن اراد الهداية ونعوذ بالله تعالى من طرق الضلال و الغواية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.