بسم الله الرحمن الرحيم
حديث الصباح اسعد الله صباحكم بكل خير وبر وتقوىً وصلاح واصلاح :
الفرق بين الواجب العيني والواجب الكفائي في الاسلام !!
باستقراء القران والحديث الشريف وجد العلماء ان الواجبات الشرعية على قسمين:
الاول : واجب مُطالب به الفرد بعينه ينبغي ان يقوم به بنفسه، وهذا هو الواجب او الفرض العيني، حيث الطلب للفعل او العمل متعلق بذات الشخص او المكلف اذا اتصف بالاسلام والعقل والرشد ... كالعبادات والذكر والفقه في الدين والمعاملات ومعرفة احكامها حيث ينبغي العمل والتعامل بها ..
وهو اما معين محدد لا تخيير بينه وبين غيره ، كالصلاة بعدد ركعاته و في اوقاتها، وازكاة على مستحقها والحج على من استاعه ،،، واما متعدد الخيارات فايهما اختار منها سقط عنه الواجب لانه مخير باختيار واحد من عدة خيارات ليسقط الواجب عنه بفعل هذا الاختيار ، وهذا غالبا ما يكون في الكفارات والرخص، مثال ذلك: كفارة اليمين، قال الله جل وعلا: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة:٨٩]، (أو) هنا للتخيير، فهنا يجب على المرء أن يكفر عن يمينه، لكنه مخير بين ثلاث: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة.
وأيضاً منه فدية الأذى في الحج: فلو أن رجلاً حصل له أذى في رأسه، فإن الله جل وعلا يقول: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:١٩٦]، و جاء كعب بن عجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل ينزل على وجهه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كنت أرى أن يبلغ بك الجهد ما بلغ، اذبح شاة، فقال: ما عندي، فقال: أطعم ستة مساكين، أو صم ثلاثة أيام)..
ومن الكفارات - وهب من جملة الاحكام الشرعية -فمنها ما يكون على التريب وليس على التخيير ومنه كفارة القتل الخطأ جاء تشريعها على الترتيب وليس على التخيير، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)النساء} .. فالصيام جاء على الترتيب، فأصبح واجباً على الترتيب، وليس على التخيير.
والقسم الثاني هو واجب او فرض افترضه الله على مجموع الامة،وطلب من المجموع ايجاد الفعل ، فالغاية فيه هي وجود الفعل المطلوب بغض النظر عمن قام او قاموا به، وشوط وجوب التكليف هنا هي العقل والاسلام والرشد والحرية ، فلا يكلف المجنون ولا غير المسلم ولا الطفل بعمل فيه مصلحة للاسلام والمسلمين، ولا كذلك مسلوب الارادة ومأسور الحرية بالعبودية ، وامثلته كتنصيب الامير لرعاية شؤن الامة وصون البيضة والانفس والاموال والعقول والدين .. وكالجهاد في سبيل الله تعالى لنشر دينه ودعوته في الارض وهو ما يعرف بلغة الفقهاء بجهاد الطلب ، وكالاذان للاخبار بدخول وقت الصلاة والسحور والامساك والفطر والجمعة، وكذلك كل حكم يتطلب تنفيذه الى وجود سلطة شرعية تنوب عن الامة في تطبيقه وتنفيذه بشكل عام ، فالفرض الكفائي هو: طلب الشارع إيجاد الفعل نفسه دون النظر إلى عين المكلف الا من حيث اسلامه وعقله ورشده وامتلاكه امره وحريته. فتحقيقه منوط بالامة ككل او بمجموعة مخصصة من الامة، كمحاسبة الحاكم من قبل الاحزاب او العلماء ، او وجود العلماء واهل الخبرة والاختصاص بشكل عام في المجتمع ، فالشارع يسأل فيه ويحاسب على الفعل ، فان قام به البعض سقط عن الاخرين وفاز القائمون به ,السابقون لفعله واداءه, باجر وثواب وشرف السبق، وشرف واجر اسقاط التبعة عن الامة او المجتمع!! وان لم يقم به احد اثم جميع افراد الامة التي لم تقم بهذا الفعل..
والفرض الكفائي هو ما في تنفيذه مجال التنافس والتسابق لاداءة وتنفيذه لما في ذلك من تحقيق الشرف والمكانة والاجر والمثوبة، ومن خلال اداءه تبرز ادوار الريادة والقيادة والامامة في الدنيا، وكذلك في الاخرة، قال تعالى في سورة الصافات :- { لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ }.. يقول الله تعالى : {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} [المطففين:26]...
وقال تعالى واصفا حال اهل الفوز والسبق من المؤمنين :- {أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)المؤمنون} ..
فالفرض الكفائي هو ما يناط اما بمجموع الامة باكملها كتعيين وانتخاب من ينوب عنها في تنفيذ شرع ربها ورعايتها به، واما بجماعة مخصوصة من الامة لهم مواصفات خاصة تقوم باعمال خاصة كمحاسبة الولاة والحكام وامرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر ، او كذلك كتحيرم الولاء والتبعية للكفار على الجماعات والافراد،.. او تعليم الامة دينها واحكام شريعتها ، او التوجيه لتعلم ابناء الامة الخبرة والاختصاص في المجالات اللازمة والضرورية لحياة الامم والشعوب والمجتمعات كالزراعة و كالطب و الصيدلة الدوائية والبيطرة والهندسة بكافة مجالاتها والصناعات المدنية والعسكرية ...
أما الفرض العيني فهو: طلب الشارع الفعل من عين المكلف، فالشارع ينظر فيه إلى الفاعل. ويساله شخصيا عنه كفرد ..
وقد يتحول الحكم الكفائي الى عيني جمعي في بعض الاحوال او بعض الامور، كحكم الجهاد الدفعي والذي يكون عينيا جمعيا على اهل ذاك الثغر الذي داهمه العدو ثم ينتقل الى الذين يلونهم لدفع العدو او الصائل ... ومنه مقاومة الغازي والمحتل للديار ، فينتقل الوجوب الى من يليهم من المسلمين ان لم تحصل بهم الكفاية وتحقيق الغاية ..
ومن امثلة الكفائي الجمعي الصلاة على الميت المسلم ودفنه وتكفينه وتجهيزه ، فهذا واجب كفائي لاهل محلته او قريته،فان عُلم عن موت المسلم في مكان لا يتصور وجود من يصلي عليه من المسلمين وجبت له على الامة صلاة الغائب ... وكذلك صلاة الجمعة على اهل خط الطول الذي يتحقق فيه اذان الظهر من يوم الجمعة ، فهو واجب جماعي يتوجب على اهل خط الطول ذاك الذي ينادى فيه ايذانا بدخول وقتها بدخول وقت الظهر .. فتجب ساعة اذن على من تنطبق عليه شروط وجوبها..
وهناك امور تتداخل فيها احكام العين واحكام الكفاية، كالزكاة فوجوب ادائها عينيا فرديا، ووجوب جمعها وتوزيعها على المستحقين لها كفائيا ، فالاول يحصل باخراج الفرد ما يستحق في ماله للسائل والمحروم برغبة ورضى وتسليم تعبدا لله تعالى، والثاني يحصل بموظفي الدولة المخصصين لجمعها ممن تستحق عليهم وتوزيعها لمن تستحق لهم ..
والحج فرض عين على كل من استطاع اليه سبيلا وحق متعين لله في رقاب الخلق .. الا ان تنظيم قوافله ورحلاته وتأمين الطريق بالامن وتوفير الخدمات والاشراف عليها واجب على الدولة .. فلذلك كان من سنة النبي صلى الله عليه واله وسلم والخلفاء من بعده تعيين امير لموسم الحج يحج الناس بحجه ويرعاهم ويتابع شؤنهم وامورهم ويشرف على ادائهم للمناسك على وجهها المشرع الصحيح..
وهناك امور مفروضة على الدولة بوصفها راعية وممثلة لارادة ونيابة الامة في السلطان، ومنها الانتفاع بالثروات والموارد العامة طبيعية كانت او صناعية استخراجية.. كادارة المناجم واستخراج معادنها .. و ادارة موارد و مصادر المياه ومصادر الثروة وتنميتها وتنظيمها.. وتحصيل قيمة خمس الركاز وضرب الخراج على اراضي الفتح .. وتحصيل حصة الدولة والمجتمع في مغانم وغنائم الحروب !!
فالفروض العينية: مطلوب ان يقوم بها كل مكلف بعينه، لا يسع مكلف قادر تركها أو الإخلال بها.
وفروض الكفايات: يُطلب في كل فرض منها من يقوم به من المسلمين، بحيث تحصل بهم الكفاية، ويتم بهم المقصود المطلوب. قال تعالى في الجهاد: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ}، وقال تعالى في امر الدعوة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} وأمر الله تعالى مجموع المؤمنين بالتعاون على البر والتقوى، فالمسلمون قصدهم ومطلوبهم واحد، وهو قيام مصالح دينهم ودنياهم التي لا يتم قيام الدين إلا بها. وكل طائفة تسعى في تحقيق مهمتها بحسب ما يُناط بها وما يناسبها في الوقت والحال.
حيث تتولى الدولة تحصيل ذلك ورعايته وصرفه في الوجوه العامة اللازمة لحياة الامة،كالتعليم وابنية المساجد والمدارس والكليات والمستشفيات والابنية العامة، و شق الطرق وبناء الجسور و حفر وتمديد المجاري والصرف الصحي للمياه العادمة ، وطمر االنفايات او التخلص منها والحفاظ على نظافة البيئة والصحة والسلامة العامة...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
حديث الصباح اسعد الله صباحكم بكل خير وبر وتقوىً وصلاح واصلاح :
الفرق بين الواجب العيني والواجب الكفائي في الاسلام !!
باستقراء القران والحديث الشريف وجد العلماء ان الواجبات الشرعية على قسمين:
الاول : واجب مُطالب به الفرد بعينه ينبغي ان يقوم به بنفسه، وهذا هو الواجب او الفرض العيني، حيث الطلب للفعل او العمل متعلق بذات الشخص او المكلف اذا اتصف بالاسلام والعقل والرشد ... كالعبادات والذكر والفقه في الدين والمعاملات ومعرفة احكامها حيث ينبغي العمل والتعامل بها ..
وهو اما معين محدد لا تخيير بينه وبين غيره ، كالصلاة بعدد ركعاته و في اوقاتها، وازكاة على مستحقها والحج على من استاعه ،،، واما متعدد الخيارات فايهما اختار منها سقط عنه الواجب لانه مخير باختيار واحد من عدة خيارات ليسقط الواجب عنه بفعل هذا الاختيار ، وهذا غالبا ما يكون في الكفارات والرخص، مثال ذلك: كفارة اليمين، قال الله جل وعلا: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة:٨٩]، (أو) هنا للتخيير، فهنا يجب على المرء أن يكفر عن يمينه، لكنه مخير بين ثلاث: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة.
وأيضاً منه فدية الأذى في الحج: فلو أن رجلاً حصل له أذى في رأسه، فإن الله جل وعلا يقول: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:١٩٦]، و جاء كعب بن عجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل ينزل على وجهه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كنت أرى أن يبلغ بك الجهد ما بلغ، اذبح شاة، فقال: ما عندي، فقال: أطعم ستة مساكين، أو صم ثلاثة أيام)..
ومن الكفارات - وهب من جملة الاحكام الشرعية -فمنها ما يكون على التريب وليس على التخيير ومنه كفارة القتل الخطأ جاء تشريعها على الترتيب وليس على التخيير، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)النساء} .. فالصيام جاء على الترتيب، فأصبح واجباً على الترتيب، وليس على التخيير.
والقسم الثاني هو واجب او فرض افترضه الله على مجموع الامة،وطلب من المجموع ايجاد الفعل ، فالغاية فيه هي وجود الفعل المطلوب بغض النظر عمن قام او قاموا به، وشوط وجوب التكليف هنا هي العقل والاسلام والرشد والحرية ، فلا يكلف المجنون ولا غير المسلم ولا الطفل بعمل فيه مصلحة للاسلام والمسلمين، ولا كذلك مسلوب الارادة ومأسور الحرية بالعبودية ، وامثلته كتنصيب الامير لرعاية شؤن الامة وصون البيضة والانفس والاموال والعقول والدين .. وكالجهاد في سبيل الله تعالى لنشر دينه ودعوته في الارض وهو ما يعرف بلغة الفقهاء بجهاد الطلب ، وكالاذان للاخبار بدخول وقت الصلاة والسحور والامساك والفطر والجمعة، وكذلك كل حكم يتطلب تنفيذه الى وجود سلطة شرعية تنوب عن الامة في تطبيقه وتنفيذه بشكل عام ، فالفرض الكفائي هو: طلب الشارع إيجاد الفعل نفسه دون النظر إلى عين المكلف الا من حيث اسلامه وعقله ورشده وامتلاكه امره وحريته. فتحقيقه منوط بالامة ككل او بمجموعة مخصصة من الامة، كمحاسبة الحاكم من قبل الاحزاب او العلماء ، او وجود العلماء واهل الخبرة والاختصاص بشكل عام في المجتمع ، فالشارع يسأل فيه ويحاسب على الفعل ، فان قام به البعض سقط عن الاخرين وفاز القائمون به ,السابقون لفعله واداءه, باجر وثواب وشرف السبق، وشرف واجر اسقاط التبعة عن الامة او المجتمع!! وان لم يقم به احد اثم جميع افراد الامة التي لم تقم بهذا الفعل..
والفرض الكفائي هو ما في تنفيذه مجال التنافس والتسابق لاداءة وتنفيذه لما في ذلك من تحقيق الشرف والمكانة والاجر والمثوبة، ومن خلال اداءه تبرز ادوار الريادة والقيادة والامامة في الدنيا، وكذلك في الاخرة، قال تعالى في سورة الصافات :- { لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ }.. يقول الله تعالى : {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} [المطففين:26]...
وقال تعالى واصفا حال اهل الفوز والسبق من المؤمنين :- {أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)المؤمنون} ..
فالفرض الكفائي هو ما يناط اما بمجموع الامة باكملها كتعيين وانتخاب من ينوب عنها في تنفيذ شرع ربها ورعايتها به، واما بجماعة مخصوصة من الامة لهم مواصفات خاصة تقوم باعمال خاصة كمحاسبة الولاة والحكام وامرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر ، او كذلك كتحيرم الولاء والتبعية للكفار على الجماعات والافراد،.. او تعليم الامة دينها واحكام شريعتها ، او التوجيه لتعلم ابناء الامة الخبرة والاختصاص في المجالات اللازمة والضرورية لحياة الامم والشعوب والمجتمعات كالزراعة و كالطب و الصيدلة الدوائية والبيطرة والهندسة بكافة مجالاتها والصناعات المدنية والعسكرية ...
أما الفرض العيني فهو: طلب الشارع الفعل من عين المكلف، فالشارع ينظر فيه إلى الفاعل. ويساله شخصيا عنه كفرد ..
وقد يتحول الحكم الكفائي الى عيني جمعي في بعض الاحوال او بعض الامور، كحكم الجهاد الدفعي والذي يكون عينيا جمعيا على اهل ذاك الثغر الذي داهمه العدو ثم ينتقل الى الذين يلونهم لدفع العدو او الصائل ... ومنه مقاومة الغازي والمحتل للديار ، فينتقل الوجوب الى من يليهم من المسلمين ان لم تحصل بهم الكفاية وتحقيق الغاية ..
ومن امثلة الكفائي الجمعي الصلاة على الميت المسلم ودفنه وتكفينه وتجهيزه ، فهذا واجب كفائي لاهل محلته او قريته،فان عُلم عن موت المسلم في مكان لا يتصور وجود من يصلي عليه من المسلمين وجبت له على الامة صلاة الغائب ... وكذلك صلاة الجمعة على اهل خط الطول الذي يتحقق فيه اذان الظهر من يوم الجمعة ، فهو واجب جماعي يتوجب على اهل خط الطول ذاك الذي ينادى فيه ايذانا بدخول وقتها بدخول وقت الظهر .. فتجب ساعة اذن على من تنطبق عليه شروط وجوبها..
وهناك امور تتداخل فيها احكام العين واحكام الكفاية، كالزكاة فوجوب ادائها عينيا فرديا، ووجوب جمعها وتوزيعها على المستحقين لها كفائيا ، فالاول يحصل باخراج الفرد ما يستحق في ماله للسائل والمحروم برغبة ورضى وتسليم تعبدا لله تعالى، والثاني يحصل بموظفي الدولة المخصصين لجمعها ممن تستحق عليهم وتوزيعها لمن تستحق لهم ..
والحج فرض عين على كل من استطاع اليه سبيلا وحق متعين لله في رقاب الخلق .. الا ان تنظيم قوافله ورحلاته وتأمين الطريق بالامن وتوفير الخدمات والاشراف عليها واجب على الدولة .. فلذلك كان من سنة النبي صلى الله عليه واله وسلم والخلفاء من بعده تعيين امير لموسم الحج يحج الناس بحجه ويرعاهم ويتابع شؤنهم وامورهم ويشرف على ادائهم للمناسك على وجهها المشرع الصحيح..
وهناك امور مفروضة على الدولة بوصفها راعية وممثلة لارادة ونيابة الامة في السلطان، ومنها الانتفاع بالثروات والموارد العامة طبيعية كانت او صناعية استخراجية.. كادارة المناجم واستخراج معادنها .. و ادارة موارد و مصادر المياه ومصادر الثروة وتنميتها وتنظيمها.. وتحصيل قيمة خمس الركاز وضرب الخراج على اراضي الفتح .. وتحصيل حصة الدولة والمجتمع في مغانم وغنائم الحروب !!
فالفروض العينية: مطلوب ان يقوم بها كل مكلف بعينه، لا يسع مكلف قادر تركها أو الإخلال بها.
وفروض الكفايات: يُطلب في كل فرض منها من يقوم به من المسلمين، بحيث تحصل بهم الكفاية، ويتم بهم المقصود المطلوب. قال تعالى في الجهاد: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ}، وقال تعالى في امر الدعوة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} وأمر الله تعالى مجموع المؤمنين بالتعاون على البر والتقوى، فالمسلمون قصدهم ومطلوبهم واحد، وهو قيام مصالح دينهم ودنياهم التي لا يتم قيام الدين إلا بها. وكل طائفة تسعى في تحقيق مهمتها بحسب ما يُناط بها وما يناسبها في الوقت والحال.
حيث تتولى الدولة تحصيل ذلك ورعايته وصرفه في الوجوه العامة اللازمة لحياة الامة،كالتعليم وابنية المساجد والمدارس والكليات والمستشفيات والابنية العامة، و شق الطرق وبناء الجسور و حفر وتمديد المجاري والصرف الصحي للمياه العادمة ، وطمر االنفايات او التخلص منها والحفاظ على نظافة البيئة والصحة والسلامة العامة...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..