فلسفة الاعياد في الاسلام
الاسلام دين اوحى به الله تعالى للبشرية لتنتظم به حياتهم وافكارهم وقيمهم ومفاهيمهم ضمن قاعدة فكرية عقائدية تقوم على توحيد الله تعالى وافراده بالطاعة والاذعان لتشريعاته عبودية له سبحانه كونه وحده المستحق لذلك على نهج محمد صلى الله عليه وسلم المرسل لهم بذلك فتنطلق منها الافكار وتبنبثق منها المفاهيم والقيم وضمن منظومة تشريعية منبثقة من عقيدته تحكم سلوك المسلم وتنظمه وتوجه مساره في اطارقاعدة الحلال والحرام. اي ماهو مشروع ماذون به من الله تعالى وماليس كذلك وممنوع لم ياذن الله تعالى به للامة افرادا ومجموع.
ان الله عز وجل بين للامة مسارها واحكام مسيرة حياتها في كتاب لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه محفوظا لم يفرط فيه من شيء وامر نبيه سلام الله عليه ببيانه وتبليغه للناس
فقال سبحانه:-((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً))المائدة-3.
وقال عز شانه:- (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّك وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)المائدة-6.
والمستبصر الذي يتتبع التشريع الاسلامي للاعياد يجد ان الاسلام حصر الاعياد للامة في ثلاثة اعياد فقط عيد اسبوعي وهو يوم الجمعة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ: «إِنَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ، فَلاَ تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامِكُمْ، إِلاَّ أَنْ تَصُومُوا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». أخرجه أحمد وابن خزيمة. ويوم الجمعة يتخلله عبادة عظيمة الشان حيث يجتمع المسلمون فيها على امامهم ليخطبهم مبصرا لهم بما جرى ويجري خلال اسبوعهم المنصرم او قادم ايامهم واعظا لهم مبينا لهم حسن التصرف والسلوك وما يجب اتباعه وما يجب اجتنابه. قال الله تعالى:-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10))الجمعة.
وعيد الفطر من رمضان الذي ياتي في الاول من شوال في كل عام بعد ان من الله تعالى على الامة بالتوفيق لصيام رمضان واداء شعيرة عظمى من شعائر الاسلام واقامة ركن من اركانه فيفرحوا بهذا التوفيق والهداية مهللين مكبرين لربهم الذي مكنهم من فعل الهدى والطاعة قال تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة من الآية:185].
فلمَّا ذكر اللهُ تعالى أحكامَ الصيام وفِقْهَه، وعَزائِمَه ورُخَصَه، أمر عبادَه إذا أكملوا عِدَّةَ الشَّهرِ وأتمَّوا صيامَه أن يكبِّروه شُكراً على ما هداهم إليه من الصيام وغيره من الطاعات والقربات.
وكذا عيد الاضحى المبارك الذي يبدا اولى ايامه في 10 ذي الحجة الى 13 منه ال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ . ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة:198-200].
وقال في الْهدّيِ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج:36-37].
وهكذا أمر اللهُ تعالى مَنْ هَدى مِنْ عِباده أن يشكروه على ما هداهم؛ لأَنَّه أعطاهم ما لم يُعْطِ غيرَهم، وفَضَّلهم واختصهم، كما قال تعالى: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:213].والمراد بهذه الهداية التي أمر اللهُ المهتدين بشكرها هدايةُ التَّوفيق التي معناها خَلْقُ قُدْرةِ الطاعة، لأَنَّ الهداية أنواع:
هدايةٌ عامة: وهي هدايةُ المخلوقات كُلِّها لما هي ميسَّرةٌ له كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى . وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى:3].
وهدايةُ البيان والدلالة والإرشاد، والمراد بها دلالةُ الإنسان على طريق الخير والشر، وتعريفُه الحقَّ والباطل، والهُدى والضَّلال، والغيَّ والرَّشاد، كما قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:10]، وقال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان:3].
ولهذه الهداية بعث اللهُ الرُّسلَ وأنزل الكُتُبَ فقال تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد من الآية:7]، وقال في حَقِّ الأنبياء: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء من الآية:73].
وقال في حَقِّ القرآن الكريم: {إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء من الآية:9].
وقال في حَقِّ التوراة: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ . هُدًى وَذِكْرَى لأولِي الأَلْبَابِ} [غافر:53-54]، وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة من الآية:44].
وقال في حَقِّ الإنجيل: {وَقَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَءَاتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} [المائدة من الآية:46].
والنوع الثالث هدايةُ التَّوفيق، وهو خَلْقُ قُدرَةِ الطَّاعةِ والإعانةُ على الاستجابة وهذه هداية خاصة: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:16].
وهذه الهداية لا يملكها إلاَّ اللهُ وحده ولذلك كانت من دلائل الألوهية كما قال موسى عليه السلام: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50]، وقال الخليل إبراهيم: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} [الشعراء:78].
وأمر خليلَه محمداً أن يُقيم الحُجَّة على المشركين بقوله: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس:35].اللهم نسالك الهداية ونعوذبك من الغواية.
اذن نلاحظ اخواني ان اعيادنا الشرعية الثلاث مرتبطة بالهداية والتوفيق للطاعات والعبادات واداء شعائر ومناسك الاسلام واقامة اركانه وفرائضه وهو معنى سامي في غاية السمو ولم يشرع الله تعالى لنا اعيادا نحتفي بها غيرها ونحن متبعون لا مبتدعون. وقد نهينا عن الاحتفاء بغير اعيادنا ودل قوله صلى الله عليه وسلم لأبى بكررضي الله عنه: «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» رواه البخاري وغيره.على أن الشريعة قد جعلت لنا أعيادًا نتميز بها؛ هما عيد الفطر وعيد الأضحى؛ لا يشاركنا فيهما غير المسلمين، ولا يجوز لنا أن نزيد عليهما أعيادًا أخرى؛ لأن الأعياد من المسائل الشرعية التعبدية التي لا يجوز الابتداع فيها، أو إحداث شيء غير ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.وفي حديث أنس قال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ» فكل ما سوى هذين العيدين بدعة.وذلك لاقتضاء عدم اجتماع المبدل مع المبدل عنه فكل عيد هو لغيرنا لايصح لنا الاحتفاء به سوءا كان عيد ام ام عيد زواج ام عيد مولد وميلاد او مناسبة لاي سبب من الاسباب لم يشرع الله تعالى الاحتفاء والاحتفال بها
وإن موافقة غير المسلمين في أعيادهم دليل على ذوبان المسلم وفقدان هويته وضياع شخصيته، وقد أراد له رسوله صلى الله عليه وسلم أن تكون له شخصية متفردة متميزة عن غيره من أهل الملل والنحل، كما أن موافقتهم تكون من البدع المحدثة في ديننا، ولا شك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن البدع صغيرها وكبيرها قليلها وكثيرها فقال صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه). وقال : (( إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) أخرجه بهذا اللفظ النسائي في سننه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الاسلام دين اوحى به الله تعالى للبشرية لتنتظم به حياتهم وافكارهم وقيمهم ومفاهيمهم ضمن قاعدة فكرية عقائدية تقوم على توحيد الله تعالى وافراده بالطاعة والاذعان لتشريعاته عبودية له سبحانه كونه وحده المستحق لذلك على نهج محمد صلى الله عليه وسلم المرسل لهم بذلك فتنطلق منها الافكار وتبنبثق منها المفاهيم والقيم وضمن منظومة تشريعية منبثقة من عقيدته تحكم سلوك المسلم وتنظمه وتوجه مساره في اطارقاعدة الحلال والحرام. اي ماهو مشروع ماذون به من الله تعالى وماليس كذلك وممنوع لم ياذن الله تعالى به للامة افرادا ومجموع.
ان الله عز وجل بين للامة مسارها واحكام مسيرة حياتها في كتاب لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه محفوظا لم يفرط فيه من شيء وامر نبيه سلام الله عليه ببيانه وتبليغه للناس
فقال سبحانه:-((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً))المائدة-3.
وقال عز شانه:- (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّك وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)المائدة-6.
والمستبصر الذي يتتبع التشريع الاسلامي للاعياد يجد ان الاسلام حصر الاعياد للامة في ثلاثة اعياد فقط عيد اسبوعي وهو يوم الجمعة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ: «إِنَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ، فَلاَ تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامِكُمْ، إِلاَّ أَنْ تَصُومُوا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». أخرجه أحمد وابن خزيمة. ويوم الجمعة يتخلله عبادة عظيمة الشان حيث يجتمع المسلمون فيها على امامهم ليخطبهم مبصرا لهم بما جرى ويجري خلال اسبوعهم المنصرم او قادم ايامهم واعظا لهم مبينا لهم حسن التصرف والسلوك وما يجب اتباعه وما يجب اجتنابه. قال الله تعالى:-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10))الجمعة.
وعيد الفطر من رمضان الذي ياتي في الاول من شوال في كل عام بعد ان من الله تعالى على الامة بالتوفيق لصيام رمضان واداء شعيرة عظمى من شعائر الاسلام واقامة ركن من اركانه فيفرحوا بهذا التوفيق والهداية مهللين مكبرين لربهم الذي مكنهم من فعل الهدى والطاعة قال تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة من الآية:185].
فلمَّا ذكر اللهُ تعالى أحكامَ الصيام وفِقْهَه، وعَزائِمَه ورُخَصَه، أمر عبادَه إذا أكملوا عِدَّةَ الشَّهرِ وأتمَّوا صيامَه أن يكبِّروه شُكراً على ما هداهم إليه من الصيام وغيره من الطاعات والقربات.
وكذا عيد الاضحى المبارك الذي يبدا اولى ايامه في 10 ذي الحجة الى 13 منه ال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ . ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة:198-200].
وقال في الْهدّيِ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج:36-37].
وهكذا أمر اللهُ تعالى مَنْ هَدى مِنْ عِباده أن يشكروه على ما هداهم؛ لأَنَّه أعطاهم ما لم يُعْطِ غيرَهم، وفَضَّلهم واختصهم، كما قال تعالى: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:213].والمراد بهذه الهداية التي أمر اللهُ المهتدين بشكرها هدايةُ التَّوفيق التي معناها خَلْقُ قُدْرةِ الطاعة، لأَنَّ الهداية أنواع:
هدايةٌ عامة: وهي هدايةُ المخلوقات كُلِّها لما هي ميسَّرةٌ له كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى . وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى:3].
وهدايةُ البيان والدلالة والإرشاد، والمراد بها دلالةُ الإنسان على طريق الخير والشر، وتعريفُه الحقَّ والباطل، والهُدى والضَّلال، والغيَّ والرَّشاد، كما قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:10]، وقال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان:3].
ولهذه الهداية بعث اللهُ الرُّسلَ وأنزل الكُتُبَ فقال تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد من الآية:7]، وقال في حَقِّ الأنبياء: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء من الآية:73].
وقال في حَقِّ القرآن الكريم: {إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء من الآية:9].
وقال في حَقِّ التوراة: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ . هُدًى وَذِكْرَى لأولِي الأَلْبَابِ} [غافر:53-54]، وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة من الآية:44].
وقال في حَقِّ الإنجيل: {وَقَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَءَاتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} [المائدة من الآية:46].
والنوع الثالث هدايةُ التَّوفيق، وهو خَلْقُ قُدرَةِ الطَّاعةِ والإعانةُ على الاستجابة وهذه هداية خاصة: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:16].
وهذه الهداية لا يملكها إلاَّ اللهُ وحده ولذلك كانت من دلائل الألوهية كما قال موسى عليه السلام: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50]، وقال الخليل إبراهيم: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} [الشعراء:78].
وأمر خليلَه محمداً أن يُقيم الحُجَّة على المشركين بقوله: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس:35].اللهم نسالك الهداية ونعوذبك من الغواية.
اذن نلاحظ اخواني ان اعيادنا الشرعية الثلاث مرتبطة بالهداية والتوفيق للطاعات والعبادات واداء شعائر ومناسك الاسلام واقامة اركانه وفرائضه وهو معنى سامي في غاية السمو ولم يشرع الله تعالى لنا اعيادا نحتفي بها غيرها ونحن متبعون لا مبتدعون. وقد نهينا عن الاحتفاء بغير اعيادنا ودل قوله صلى الله عليه وسلم لأبى بكررضي الله عنه: «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» رواه البخاري وغيره.على أن الشريعة قد جعلت لنا أعيادًا نتميز بها؛ هما عيد الفطر وعيد الأضحى؛ لا يشاركنا فيهما غير المسلمين، ولا يجوز لنا أن نزيد عليهما أعيادًا أخرى؛ لأن الأعياد من المسائل الشرعية التعبدية التي لا يجوز الابتداع فيها، أو إحداث شيء غير ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.وفي حديث أنس قال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ» فكل ما سوى هذين العيدين بدعة.وذلك لاقتضاء عدم اجتماع المبدل مع المبدل عنه فكل عيد هو لغيرنا لايصح لنا الاحتفاء به سوءا كان عيد ام ام عيد زواج ام عيد مولد وميلاد او مناسبة لاي سبب من الاسباب لم يشرع الله تعالى الاحتفاء والاحتفال بها
وإن موافقة غير المسلمين في أعيادهم دليل على ذوبان المسلم وفقدان هويته وضياع شخصيته، وقد أراد له رسوله صلى الله عليه وسلم أن تكون له شخصية متفردة متميزة عن غيره من أهل الملل والنحل، كما أن موافقتهم تكون من البدع المحدثة في ديننا، ولا شك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن البدع صغيرها وكبيرها قليلها وكثيرها فقال صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه). وقال : (( إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) أخرجه بهذا اللفظ النسائي في سننه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.