بسم الله الرحمن الرحيم
= الحلقة الاولى=1 = من سلسلة كيف نعقل ؟
تعريف العقل : العقل من عقل الشئ -اي- قيده بعقال ، ومنع انفلات حركتها وحجزها - ومنه عقل الدابة اي قيدها .
وسمي العقل عقلاَ لأنه يحجز الانسان عن فعل الشر والنقائص ، ويناقضه السفاهة والطيش وعدم الانضباط .
وواقع العقل : انه قوة ادراكية عاملة في الانسان ، تحصل له من خلال عملية يتم بها نقل الاحساس بواسطة الحواس بما تحس به ، او تتأثر من وقائع واحداث وامور الى الدماغ ، الذي يشترط فيه ان يكون صالحاَ للربط والتفسير ، فيفسر الدماغ ما احست به الحواس وتأثرت ونقلت اليه ، بحسب ما عنده من مخزون في ذاكرته من معلومات سابقة ، تم تخزينها للانسان الاول ( ءادم عليه السلام ) من خلال تعليم الله عز وجل له الاسماء ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ) البقرة ، ثم قام هو بدوره عليه السلام : بتعليم ذريته وتلقينهم اسماء الاشياء ومسمياتها وخواصها .
ويعتبر ادراك الواقع بالاحساس به ثم تفسيره بحسب ما عند الانسان من معلومات سابقة هو حكم على الواقع ، وهذه العملية هي التي تسمى ( العقل والتفكير ) ، اي ان التفكير انما هو حكم على واقع محسوس يقع اثره على الحواس ، ثم ينتقل الى الدماغ بواسطة تلك الحواس ، ثم يفسره الدماغ بما عنده من مخزون معلوماتي تسمى المعلومات السابقة .
فالعقل اذا ليجري عملية التفكير الناضجة الطبيعية بحاجة الى الحواس جيدة النقل ، واهمها ( السمع والبصر ) ، خاصة في عملية التفكير الانساني والوجودي على مستوى الكون والانسان والحياة .
اما الشم والذوق واللمس : فانها حواس اهميتها متعلقة بذات الشخص ، وذات وجوده في بيئة معينة ومكان محدد، كأن يشتم رائحة نار ، او حريق ، او رائحة جيفة ، فتأثيرها في الوجود محدود على اشخاص محدودين ، او ان يحس بحاسة اللمس بحرارة فائقة او برودة عالية ، فهو امر متعلق بوجود شخصه وذاته ، واما حاسة الذوق فهي ايضاَ متعلقة بذات الفرد ، كأن يتذوق طعاما او شرابا ، فيدرك مضرته او طيبه من خلال مذاقه ، فان كان فاسدا ترك وان كان نافعاَ اكل واطعم غيره .
فلذلك نجد ان الله تعالى في كتابه العزيز في امور الهداية والضلال قد حمل المسؤولية للسمع والبصر ( ..إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا )الإسراء:36 ) .
اما السمع فهو مقدم على الابصار في النص الكريم لان الانسان يدرك به ما يكون وما هو كائن وما كان ، حين يصاغ هذا الواقع كلاما تخاطب به اذن السامع ، فتدرك به ما لم تبصره ، ومن هنا كان اهتمام الامم والشعوب عبر عصور الحياة في مختلف فتراتها بتدوين الاحداث وتسجيل الاخبار ، لنقلها للافاق وعبر الاجيال ، فبرزت اهمية القلم والكتابة ، وعظم الله هذه الاهمية بقوله تعالى (ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) القلم .
فلذلك نجد امة الاسلام امة الوحي المنزل ، والعيش به وبتوجيهاته قد اعتنت عناية فائقة بالروايات ، وتمحيصها وتدقيقها ، واوجدت لذلك علوما يحكم بها على الكلام والرواية ، فاسموه علم الرواية والدراية ، وتفرع منها علم الرجال والسير والاحوال.
ولعله من لطائف الامور ان نذكر هنا باهمية حاسة السمع للانسان ، فلولا هذه الحاسة ووجودها لانعدم النطق عند بني الانسان ، ولاصبحوا ( بكما ) ، وانظروا الى قوله تعالى ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) ، فقدم الصمم على البكم ، لانه سببه وعلته ، ومعلوم ان ( الابكم ) اي( الاخرس ) لا يكون اخرسا الا لانه فقد حاسة السمع في صغره ، فانعدم عنده تصور الاصوات وتحليلها ، فاصبح ابكما ( اخرسا ) لانه لا واقع للكلام ولا للصوت لا في ذاكرته ولا في مخزونه من المعلومات السابقة ، اما من ولد اعمى او فقد الابصار وهو صغير فيستعيظ بالحواس الاخرى عن حاسة الابصار ، ويبقى مدركا بحاسة السمع لوقائع الوجود الماضي والحاضر.
ولنا لقاء اخر نكمل فيه الحديث ان شاء الله .
والسلام عليكم ورحمة ا لله وبركاته.
= الحلقة الاولى=1 = من سلسلة كيف نعقل ؟
تعريف العقل : العقل من عقل الشئ -اي- قيده بعقال ، ومنع انفلات حركتها وحجزها - ومنه عقل الدابة اي قيدها .
وسمي العقل عقلاَ لأنه يحجز الانسان عن فعل الشر والنقائص ، ويناقضه السفاهة والطيش وعدم الانضباط .
وواقع العقل : انه قوة ادراكية عاملة في الانسان ، تحصل له من خلال عملية يتم بها نقل الاحساس بواسطة الحواس بما تحس به ، او تتأثر من وقائع واحداث وامور الى الدماغ ، الذي يشترط فيه ان يكون صالحاَ للربط والتفسير ، فيفسر الدماغ ما احست به الحواس وتأثرت ونقلت اليه ، بحسب ما عنده من مخزون في ذاكرته من معلومات سابقة ، تم تخزينها للانسان الاول ( ءادم عليه السلام ) من خلال تعليم الله عز وجل له الاسماء ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ) البقرة ، ثم قام هو بدوره عليه السلام : بتعليم ذريته وتلقينهم اسماء الاشياء ومسمياتها وخواصها .
ويعتبر ادراك الواقع بالاحساس به ثم تفسيره بحسب ما عند الانسان من معلومات سابقة هو حكم على الواقع ، وهذه العملية هي التي تسمى ( العقل والتفكير ) ، اي ان التفكير انما هو حكم على واقع محسوس يقع اثره على الحواس ، ثم ينتقل الى الدماغ بواسطة تلك الحواس ، ثم يفسره الدماغ بما عنده من مخزون معلوماتي تسمى المعلومات السابقة .
فالعقل اذا ليجري عملية التفكير الناضجة الطبيعية بحاجة الى الحواس جيدة النقل ، واهمها ( السمع والبصر ) ، خاصة في عملية التفكير الانساني والوجودي على مستوى الكون والانسان والحياة .
اما الشم والذوق واللمس : فانها حواس اهميتها متعلقة بذات الشخص ، وذات وجوده في بيئة معينة ومكان محدد، كأن يشتم رائحة نار ، او حريق ، او رائحة جيفة ، فتأثيرها في الوجود محدود على اشخاص محدودين ، او ان يحس بحاسة اللمس بحرارة فائقة او برودة عالية ، فهو امر متعلق بوجود شخصه وذاته ، واما حاسة الذوق فهي ايضاَ متعلقة بذات الفرد ، كأن يتذوق طعاما او شرابا ، فيدرك مضرته او طيبه من خلال مذاقه ، فان كان فاسدا ترك وان كان نافعاَ اكل واطعم غيره .
فلذلك نجد ان الله تعالى في كتابه العزيز في امور الهداية والضلال قد حمل المسؤولية للسمع والبصر ( ..إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا )الإسراء:36 ) .
اما السمع فهو مقدم على الابصار في النص الكريم لان الانسان يدرك به ما يكون وما هو كائن وما كان ، حين يصاغ هذا الواقع كلاما تخاطب به اذن السامع ، فتدرك به ما لم تبصره ، ومن هنا كان اهتمام الامم والشعوب عبر عصور الحياة في مختلف فتراتها بتدوين الاحداث وتسجيل الاخبار ، لنقلها للافاق وعبر الاجيال ، فبرزت اهمية القلم والكتابة ، وعظم الله هذه الاهمية بقوله تعالى (ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) القلم .
فلذلك نجد امة الاسلام امة الوحي المنزل ، والعيش به وبتوجيهاته قد اعتنت عناية فائقة بالروايات ، وتمحيصها وتدقيقها ، واوجدت لذلك علوما يحكم بها على الكلام والرواية ، فاسموه علم الرواية والدراية ، وتفرع منها علم الرجال والسير والاحوال.
ولعله من لطائف الامور ان نذكر هنا باهمية حاسة السمع للانسان ، فلولا هذه الحاسة ووجودها لانعدم النطق عند بني الانسان ، ولاصبحوا ( بكما ) ، وانظروا الى قوله تعالى ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) ، فقدم الصمم على البكم ، لانه سببه وعلته ، ومعلوم ان ( الابكم ) اي( الاخرس ) لا يكون اخرسا الا لانه فقد حاسة السمع في صغره ، فانعدم عنده تصور الاصوات وتحليلها ، فاصبح ابكما ( اخرسا ) لانه لا واقع للكلام ولا للصوت لا في ذاكرته ولا في مخزونه من المعلومات السابقة ، اما من ولد اعمى او فقد الابصار وهو صغير فيستعيظ بالحواس الاخرى عن حاسة الابصار ، ويبقى مدركا بحاسة السمع لوقائع الوجود الماضي والحاضر.
ولنا لقاء اخر نكمل فيه الحديث ان شاء الله .
والسلام عليكم ورحمة ا لله وبركاته.